الاثنين، 21 يوليو 2008

الحكومة الهولندية تدعو المهاجرين المغاربة إلى التخلي عن جنسيتهم الأصلية

إعلان الحرب على الجنسية المغربية




إن التمتع بالجنسية المغربية يعد حقا من الحقوق التي كفلها القانون لجميع المواطنين بدون استثناء، هذا الحق الذي تم التنصيص عليه في فصول تضمنها قانون الجنسية المغربي ومن خلالها يتمتع العديد من المواطنين بحقوقهم الوطنية والدستورية التي تمنحهم الحق في الإنتخاب وفي الممارسة السياسية التي تعطيهم الأولوية في ممارسة شرعيتهم الوطنية لكن التخلي عن هذه الجنسية لا يتم بسهولة بل لابد أن يتم وفقا لمرسوم تكون نتيجته إسقاط الجنسية المغربية.
غير أن الإشكال المطروح هنا هو ما موقف الحكومة المغربية حينما يفرض على مواطنيها القاطنين ببلدان أجنبية التخلي عن جنسيتهم الأصلية؟ طمعا في أوضاع اجتماعية واقتصادية تلوح بها الحكومات المعادية للوطنية وللتمسك بالهوية الحضارية والثقافية في أفق إنهاء المشكل الذي يؤرقها منذ سنين وهي الجنسية المزدوجة للمغاربة القاطنين على ربوع أراضيها.


ففي الوقت الذي نجد فيه بأن قانون الجنسية المغربي يتضمن مجموعة من النصوص القانونية التي تفرد الحالات التي يمكن فيها للشخص التخلي عن جنسيته الأصلية إما تلقائيا وبناءا على إرادته الشخصية وإما اضطرايا في الحالة التي يشغل فيها وظيفة عمومية في دولة أجنبية وهي الحالات التي نص عليها الفصل 19 من قانون الجنسية المغربي، اليوم تعتزم الحكومة الهولندية الخروج بقانون ديكتاتوري بعض الشئ لأنه يفرض على المغاربة التخلي عن جنسيتهم الأصلية إذا أرادوا الحفاظ على الجنسية الهولندية بمعنى آخر أن لا تكون هناك جنسية مزدوجة لكل شخص يحمل في عروقه الدم والحس المغربي.
ولعل لجوء الدولة الهولندية إلى مثل هذه القرارات التي يتزعمها متطرفين في قبة البرلمان الهولندي هو إسوة بالسياسة التي نهجها السيد ساركوزي للتقليص من عدد المهاجرين في الديار الفرنسية، غير أن هولندا لا تستطيع بحكم مجموعة من العوامل أن تضع قانونا يفرض مثلا على من يريد الهجرة إليها من اللازم عليه إتقان اللغة الهولندية و احترام العادات والتقاليد الهولندية لأننا كما نعرف اللغة الهولندية هي غير متداولة كأختها الفرنسية خاصة من طرف الجالية المغاربية.

ما دافع وراء إسقاط الجنيسية المغربي؟

إن هولندا كبلد أوروبي يعد قطبا استراتيجيا للهجرة من دول المغرب العربي على وجه الخصوص لم تسلم كذلك من موجات العنف وظهور حالات الفقر والبطالة مع العلم أنها بلد أوروبي يندرج ضمن البلدان المتقدمة لكنها للأسف أصبحت كذلك تعاني من موجات الإضطراب الإجتماعي والإقتصادي ولهذا فهي لجأت إلى البحث عن حلول بديلة للتقليص من حدة الهجرة الغير الشرعية معتبرة بان هذا التصعيد الخطير الذي تعرفه مدنها هو ناتج عن استفحال ظاهرة المهاجرين الغير الشرعيين من طرف البلدان المغاربية وبما أن الدول الصديقة ليست لديها أدنى مشكلة فيما يخص تخلي مواطنيها عن جنسيتهم الأصلية فإن المغرب يعد حجر عثرة في وجه الأطماع الهولندية التي تريد إنهاء مشكل الجنسية المزدوجة الذي أتعبها لسنوات ولم تجد له حل يذكر خاصة وأنها تواجه ردود فعل صلبة من الحكومة المغربية التي تعتبر التخلي عن الجنسية المغربية هو تخلي عن الهوية المغربية وعن الثقافة والجدور والثرات أشياء ربما لا تستسيغها هولندا وبرلمانيوها الذين كان آخرهم فيلدرز الذي من الواضح عليه انه يعادي ليس الإسلام فحسب بل حتى ازدواجية الجنسية.
فالمغرب يعد من ضمن البلدان التي تعني لها الجنسية المغربية الشئ الكثير لذا فالتخلي عنها ليس من السهل أن يكون بهذه البساطة التي تتهيئ للحكومة الهولندية .
فقدذكر بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، أنه بتعليمات سامية من الملك محمد السادس، استقبل عبد الواحد الراضي، وزير العدل، والطيب الفاسي الفهري، وزير الشؤون الخارجية والتعاون سجورد لينسترا، سفير هولندا بالرباط، وقد عبر الوزيران للسفير الهولندي " الاندهاش الكبير لحكومة صاحب الجلالة، ورفضها القاطع لكل سياسة، مهما كان مصدرها أو دوافعها أو أهدافها، تفرض على المواطنين المغاربة المقيمين بهولندا، التخلي عن جنسيتهم المغربية الأصلية" وأضاف المصدر ذاته أن الراضي والفاسي الفهري ذكرا بأنه، "بالنظر لبيعة كافة المغاربة الدائمة لجلالة الملك، أمير المؤمنين، ووفقا للتشريع الجاري به العمل، فإنه لا يمكن الترخيص بإسقاط الجنسية المغربية الأصلية، إلا بشكل استثنائي وبمرسوم فقط، حسب معايير ومحددات موضوعية، تقوم على احترام المشروعية الدينية العريقة، والشرعية السياسية والقانونية..
وأكد البلاغ أيضا أنه، "وكما تبرهن على ذلك حالات العديد من البلدان، خاصة الأوروبية، فإن سياسة اندماج ناجحة ومستدامة لا تمر عبر الإكراه على التخلي عن الجذور، والقضاء على الروابط المتعددة مع المملكة المغربية، خاصة منها القانونية والروحية، التي يأمل السكان من أصل مغربي في المحافظة عليها".

الجنسية المزدوجة للمغاربة تؤرق هولندا

جاء في خلاصة بحث أنجزته جامعة "إيراسمس" في روتردام، بهولندا، بأمر من الاستخبارات الهولندية، ونشرت في صحيفة "هت باروول"، وتمحورت حول الأسباب، التي تعرقل اندماج الشباب الأجنبي في المجتمع الهولندي، أن "معظم الشباب من أصل أجنبي (الأتراك والأكراد والمغاربة) يرى أن أكبر عرقلة في طريق اندماجهم هو طريقة تعامل الهولنديين معهم"، وإذا ما تمادت هولندا في إلزام المواطنين من أصول غير هولندية على التخلي عن جنسياتهم عند حملهم الجنسية الهولندية، فإن الفارق سيزداد اتساعا داخل أفراد المجتمع، وسيترتب على ذلك عرقلة إمكانية الاندماج داخل المجتمع الهولندي.
"ففي هولندا يمكن للشخص أن يحمل الجنسية الهولندية بواسطة مختلف الطرق، مثل الولادة والاعتراف والاختيار والتجنيس. وعندما يصبح بحسب القانون هولندي الجنسية، فعندئد يستطيع أن يتمتع بجنسية إضافية..
لكن المسطرة القانونية الرئيسة في هولندا هي أنه بمجرد ما يحمل الشخص الجنسية الهولندية فإنه ملزم بأن يتخلى عن جنسيته القديمة، وهذا ما يسمى ( التخلي عن الجنسية الأصلية). حيث أن كل من يريد أن يصبح هولندي الجنسية مطالب بأن يُعلم بذلك سلطات بلده الأصلي. وعندما لا يقوم بذلك، ومن ثم لا يمارس مبدأ (البعد عن الجنسية الأصلية)، فإنه مهدد بأن تسحب منه الجنسية الهولندية.
ولا يمكن للشخص أن يبتعد عن الجنسية الأصلية إلا إذا كان ذلك ممكنا في تشريع بلده الأصلي، فعلى سبيل المثال لا يسمح القانون اليوناني لمواطنيه بأن يتخلوا عن جنسيتهم اليونانية، وتوجد الآن 17 دولة تسن مثل هذا القانون الذي يمنع مواطنيها الأصليين من التنازل عن جنسياتهم الأصلية
في مقابل ذلك تقرر قوانين بلدان أخرى أنه بمجرد ما يتجنس مواطنيها بجنسيات أخرى، فإنهم يفقدون بشكل تلقائي جنسياتهم الأصلية، كما هو الشأن بالنسبة إلى أندونيسيا.
فموضوع إجبار الحكومة الهولندية المواطنين المغاربة على التخلي عن جنسيتهم الأصلية يثير الكثير من ردود الفعل ليس فقط في الأوساط المغربية، بل أيضا داخل عدد من البلدان، التي تنص دساتيرها وقوانينها على أن مواطنيها يظلون حاملين لجنسياتهم الأصلية، رغم حصولهم على جنسيات دول أخرى، ويبلغ عدد هذه الدول حوالي 17 دولة، منها المغرب، ما يضع الدولة الهولندية أمام إشكالية لا يمكن حلها داخليا، لارتباطها بدول أخرى لها دساتيرها وقوانينها، وبالتالي، فالموضوع يعكس، في جوهره، مساسا بسيادة تلك البلدان، التي يوجد مواطنوها في هولندا، التي يفوق فيها عدد الذين يحملون الجنسية المزدوجة مليون نسمة، ومعظمهم من المغاربة والأتراك والأكراد.
وإذا كانت هولندا تتجه نحو إلزام كل مواطن يحمل جنسيتها على التخلي عن جنسيته الأصلية، من باب التصدي لمشكل الجنسية المزدوجة فإن هذا الإجراء ستواجهه قوانين العديد من الدول، كما هو الشأن بالنسبة للقانون المغربي، الذي لا يسمح لمواطنيه بأن يتخلوا عن جنسيتهم، فالإذن بالتخلي يتطلب مرسوما يأذن فيه للطالب بالتخلي عن الجنسية المغربية.
لهذا فإن الحملة التي تخوضها الحكومة الهولندية من أجل إقناع المهاجرين المغاربة من الجيل الثاني بالتخلي عن جنسيتهم الأصلية مقابل تسوية أوضاعهم هو نوع من التهميش للمغاربة ولجنسيتهم ونوع من محاولات الطمس لهويتهم وثقافتهم التي تعد الجنسية المغربية من أهم رموزها لدعوتهم إلى الذوبان في مجتمعاتهم والإنغماس في حضارة البلدان التي استقبلتهم ووفرت لهم ظروف عيش آمنة عكس بلدانهم الأصلية التي حرمتهم من أبسط حقوقهم وهو الحق في الشغل بمبلغ مالي محترم.
وتبعا لذلك، يجري مسؤولون في وزارة العدل الهولندية اتصالات مكثفة مع عدد من المسؤولين المغاربة من أجل السماح للمهاجرين بالتخلي عن جنسيتهم المغربية، وذلك بعد إقرار الحكومة الهولندية قانونا يطالب أبناء المهاجرين من الجيل الثاني بالتخلي عن جنسيات آبائهم. ويخوض هذه الحملة وزير العدل الهولندي إرنست هيرش بالين، الذي يرغب في وضع حد لمسألة تعدد الجنسية، حيث تمت مناقشة الأمر مع عدد من المسؤولين المغاربة في عدة مناسبات، إلا أن الأمر لم يؤد إلى تغيير في المواقف الرسمية للمغرب في الموضوع.
وقد سبق لمحمد عامر، الوزير المكلف بالجالية المغربية في الخارج، أن أكد على ضرورة أن يبذل المهاجرون المغاربة المزيد من الجهود للحفاظ على لغتهم وثقافتهم. واعتبرت الحكومة الهولندية التصريح الصادر عن وزير الهجرة المغربي بمثابة رد على الطلب الذي تقدمت به من أجل تخلي المهاجرين المغاربة عن جنسية آبائهم. وأثارت هذه التصريحات انتقادات لدى بعض السياسيين الهولنديين، الذين اعتبروا أن هذه الدعوات المغربية تقف على طرف نقيض من المساعي الحكومية الهولندية لتسهيل دمج المغاربة الهولنديين.

ليست هناك تعليقات: