بمناسبة احتفال المغرب باليوم العالمي لحقوق الطفل، معظلة أطفال الشوارع تعود إلى الواجهة
فتيات الشوارع معطى جديد طفى على السطح
إن ازدياد عدد أطفال الشوارع بالمدن الكبرى يوما عن يوم أصبح مثار جدل كبير داخل الأوساط المهتمة بالشأن الطفولي في المغرب، وإذا كان حديثنا عن هذه المعظلة ينصب فقط على الذكور، ففي الآونة الأخيرة ظهر معطى جديد وهو ما يعرف بفتيات الشوارع. قاصرات رمت بهن الأقدار إما كخادمات في البيوت، أو غير ذلك فوجدن أنفسهن في الشارع بين أيدي وحوش ضارية لا ترحم.
إن مصطلح أطفال الشوارع، بات معروفا في أدبيات التنمية البشرية، وهو من أعقد القضايا وأخطرها على الإطلاق، لأنه يمس فئة حساسة من المجتمع، ولأن الظاهرة تتداخل فيها عدة أبعاد،اجتماعية، إنسانية....، لذلك فهي ليست محلية بل عالمية، وتطورت لدرجة أنها أصبحت تستقطب المنظمات المهتمة بالحقل الطفولي، كاليونيسيف التي تعتبر بأن هذه الظاهرة في المغرب هي في تزايد ملفث ورغم غياب إحصاءات دقيقة، فإنه حسب تقارير المنظمة، الفقر والعنف والإهمال داخل الأسرة هو السبب الأولي لخروج الأطفال إلى الشارع. فمرحلة الطفولة تتطلب الرعاية والإهتمام من خلال تلقين الطفل سواء كان ذكرأو أنثى القيم والأخلاقيات التي تقيه شر التأثر بالملوثات الاجتماعية المحيطة به.
أطفال الشوارع يؤثثون فضاءات البيضاء
وأنت تتجول بأي مدينة مغربية، والدار البيضاء كنموذج، تجد أطفالا، لا حول لهم ولا قوة، قرب المطاعم، على أبواب المساجد، وبمواقف السيارات، والحدائق العمومية، يمتهنون التسول في النهار، ويتخذون الأماكن المهجورة مسكنا لهم بالليل، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، وأغلبهم يتعاطى المخدرات،" السيلسيون" كوسيلة للهروب والنسيان. فمعظمهم يعرف طريقه إلى الجريمة من خلال الشارع بدءا من السرقة والنشل إلى حمل السلاح الأبيض وتهديد سلامة المواطنين، وفي حقيقة الأمر لا أحد يستطيع أن يلومهم لأنهم ضحية مجتمع لا يرحم ولأسر لا تفهم معنى التربية السليمة التي ليست المادة هي قوامها، بل عناصر أخرى أكثر أهمية، عناصر تساهم في تكريسها، العائلة، المدرسة، المجتمع.
والشارع المغربي لم يعد مقتصرا فقط على الذكور، بل أصبح أيضا مسكنا للفتيات، قاصرات امتهنوا أقدم حرفة في التاريخ" الدعارة" لتكون هي مصدر عيشهن ، فأصبحن يخالطن المجرمين و"الشماكرية"، وتعاطين للمخدرات والكحول، فليل الدار البيضاء الموحش خير دليل على ذلك.
فظاهرة فتيات الشوارع كانت موجودة، ولكن متخفية، أما اليوم فقد طفت على السطح، الأمر الذي جعل من المسؤولين التربويين بالجمعيات التي تعنى بالشأن الطفولي بالمغرب يتخوفون منها ومن كيفية التعامل معها ويدقون ناقوس الخطر من خطر إستفحالها.
إحصاءات في الموضوع
بحسب إحصاءات وزارة التخطيط والتوقعات الاقتصادية، فعدد الأطفال المشردين بالمغرب و الذين يطلق عليهم مصطلح "الأطفال المتخلَّى عنهم" بنحو (400) ألف. وتزداد مشكلتهم استفحالاً في غياب المؤسسات القادرة على انتشالهم من التشرد والانحراف والضياع وتأهليهم نفسياً واجتماعياً. ويُعزى ارتفاع أعدادهم إلى انتشار ما بات يُعرف في المغرب بـ"الأمهات العازبات"، أي محترفات البغاء أو ضحايا الاغتصاب من الفتيات، وكذلك إلى حالات التسرب أو الإخفاق المدرسي الذي يدفع بآلاف الأطفال سنوياً نحو الشارع أو مجالات العمل اليدويّ
وبحسب دراسة ميدانية صادرة عام 2002 عن أطفال الشوارع، شملت عينة من (711) طفلاً من هؤلاء، فإن التسول يأتي في مقدمة "الأعمال" التي يزاولها هؤلاء الأطفال بنسبة 18%، يأتي بعدها مسح الأحذية، وبيع الأكياس البلاستيكية (15 %)، وغسل السيارات (13 %)، ثم السرقة (6 %).
وحسب دراسة أجريت سنة 1998، فإن الظاهرة تزداد في جل المدن المغربية الكبرى والمتوسطة، حيث بلغ عددهم في العمالات والأقاليم 8780 طفل، ويتعلق الأمر بكل من ولاية مراكش وعمالة آسفي
وتطوان وفاس ومكناس، وعمالةطنجة وأصيلا، وعمالة الجديدة وبني ملال وأخيرا الدارالبيضاء.
الجهود المبذولة للنهوض بأوضاع الطفل في المغرب
لمعالجة أوضاع الأطفال المشردين في المغرب نهجت الدولة عدة إستراتيجيات بتعاون مع المنظمات الدولية والجمعيات المحلية، بحيث تم إحداث برلمان للطفل الذي انطلقت أول دوراته الوطنية سنة1999, والذي يروم المساهمة في ترسيخ التربية على الديمقراطية والتشبع بروح المواطنة الصادقة ونشر ثقافة السلم والتسامح وتنمية السلوك المدني ..
فلإشراك الأطفال في المنهج الديمقراطي، تفعيلا للمادة12 من الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل، تم إحداث مجالس جماعية للأطفال في عدد من مدن المملكة بهدف إثارة اهتمام الأطفال بقضايا الشأن المحلي،وحث المجالس المنتخبة على استحضار اهتمامات الأطفال وانشغالاتهم عند وضع وإعداد البرامج التنموية الخاصة بجماعاتهم
ومن جهة أخرى، ولمواجهة سوء معاملة الأطفال واستغلالهم تم إحداث رقم أخضر و"مركز للاستماع وحماية الأطفال ضحايا سوء المعاملة"، ومركز لاستقبال ورعاية الأطفال ضحايا العنف، ووحدات حماية الطفل، إضافة إلى إعداد دليل مرجعي حول التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف، وإطلاق برنامج "إنقاذ" سنة2007 الرامي إلى الحد من ظاهرة تشغيل الطفلات كخادمات في البيوت.
كما تم في إطار الشراكة التي تربط المرصد الوطني لحقوق الطفل بمختلف الفاعلين الجمعويين العاملين في مجال حماية الطفولة، وضع بوابة انترنت تفاعلية كآلية لتنسيق الجهود بين هذه الأطراف..
غيرأن هذه الجهود ما زالت لم ترقى لدرجة أن تكون قادرة على الحد من ظاهرة أطفال الشوارع، فلابد من نهج مقاربة اجتماعية قانونية تساعد على تفعيل قوانين تكرس فعليا حقوق الطفل، وتكون صارمة في حق الأسر التي تدفع بأبنائها، إما عن طريق العنف الأسري، الذي يكون ضحيته هم الأطفال، ونشير إلى أن هناك مجموعة من الجمعيات تبدل جهدها في هذا الإطار، ولكن دورها يبقى غير كافي،كذلك لا ننسى دور الإعلام الذي يبقى دوره الرئيسي هو التحسيس بخطورة هذه المعظلة التي هي بداية الانحراف بشتى أنواعه، دون نسيان ما يتعرض له هؤلاء الأطفال من إستغلال جنسي وجسدي، يحث علينا أن نعي بضرورة ضمان حق الطفل المغربي داخل الأسرة أولا ثم المدرسة والمجتمع وأخيرا داخل قبة البرلمان.
*******
عبد الرحمان بونعيم : مسؤول تربوي بجمعية" بيتي"
نحن الآن في مرحلة هدفها الضغط على الجهات المسؤولة لتفعيل قوانين أكثر فعالية لمعالجة ظاهرة أطفال الشوارع.
ماذا يمكنك قوله عن ظاهرة أطفال الشوارع ؟
نحن كجمعية" بيتي" نرى بأن ظاهرة أطفال الشوارع هي في نمو متزايد وتفاقم كبير، فنحن تجاوزنا المراحل الأولى المتمثلة في التعريف بهذه الظاهرة التي كانت تعد من الطابوهات، ودخلنا مراحل جديدة تخص الجانب القانوني المتعلق بالضغط على الجهات المسؤولة في الدولة لتفعيل قوانين أكثر جدوى من الأشياء المتداولة حاليا.
ماهي في نظرك أسباب إستفحال ظاهرة أطفال الشوارع وماهية الوسائل التي تنهجها الجمعية لتفاديها؟
نتفق على أن هؤلاء الأطفال هم أبرياء، خرجوا للشارع مضطرين، وبحكم تجربتي فيمكن أن ألخص الأسباب في،( الطلاق، والفشل الدراسي والعنف من جهة الأب، المخدرات، الدعارة، الفقر سبب كذلك ولكن ليس رئيسيا والدليل أن هناك أطفال فقراء ولكن لم يخرجوا إلى الشارع)
وأشير نحن أول جمعية تعمل في هذا المجال، فنحن أول شئ وضعنا نصب أعينا هو تعريف الشارع، فالشارع ليس هو السيارات...، بالنسبة لهؤلاء الأطفال هو مكان للعيش، لهذا نزلنا إلى الشارع وقمنا بربط علاقات صداقة مع المتشردين لكسب ثقتهم، وانطلاقا من هذه العملية اكتشفنا الوسائل التي يمكن من خلالها إعادة الثقة لهم. ومن بين هذه الوسائل ( الحمام والعلاج من الأمراض، النظافة والثياب،حتى يشعر بأن جسمه مسؤول عليه، كذلك عملية الاستماع التي يقوم بها المسؤولين التربويين، والتي تساعد على تفريغ المكبوت، مع تدعيمها بأنشطة الرسم والمسرح. أيضا نحن نشتغل مع مربي الشارع والعائلة والولد المعني بالأمر، فهؤلاء يشكلون شركاء متحدين، أما الجهات الأمنية فنحن نتعاون معهم ولكن تعاملاتنا تكون بشكل خاص مع وكيل الملك أو قاض القاصرين.
هل دور الجمعيات هو كافي للحد من ظاهرة أطفال الشوارع
دور الجمعيات هو غير كافي، لأن هذه الظاهرة هي اجتماعية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وهي لا تخص فئة معينة، فهي تمس المجتمع ككل فالناس يعتقدون أنها تمس فقط الطبقات الفقيرة، والمعوزة ولكن بحكم تجربتي لمدة عشر سنوات، فتعاملاتنا أيضا كانت مع أطفال وشبان من عائلات راقية، ميسورة الحال، والدليل أن أغلى أصناف المخدرات كالهروين والأفيون، مستهلكوها شباب قاصرين ينتمون إلى الطبقات الراقية في المجتمع المغرب، وفي نفس الإطار أقول بأن العائلة هي النواة الأساسية، فهناك أسر مهملة في حق أبنائها، بل أكثر من ذلك هناك أطفال يطالبون بآبائهم ولكن لا قلب لمن تنادي، الشئ الذي سيدفعنا إلى إحالة ملف هؤلاء إلى وكيل الملك ليتدارس الوضع.
في الآونة الأخيرة طفت على السطح ظاهرة فتيات الشوارع، كيف ترى ذلك؟
وضعية فتيات الشوارع هي لا تختلف عن ظاهرة أطفال الشوارع فهذه الظاهرة هي أيضا كانت موجودة ولكن كانت متخفية، الآن طفت على السطح، فهؤلاء الفتيات هم أصلا في وضعية صعبة، تجدهم إما خادمات، قاصرات في المنازل، تم إغتصابهم، أو غرر بهن حتى خرجوا الشارع على شكل عاهرات، فأغلبية ممارسي الدعارة، اليوم بدأو كخادمات في البيوت، كذلك الفتاة التي تربت في عائلة، تتاجر بالمخدرات والدعارة، هي بطبيعة الحال لا تخاف الشارع .
والفرق بين الظاهرتين أن العمل مع الفتيات تكون نسب نجاحه أكثر من التعامل مع الذكور.
فتيات الشوارع معطى جديد طفى على السطح
إن ازدياد عدد أطفال الشوارع بالمدن الكبرى يوما عن يوم أصبح مثار جدل كبير داخل الأوساط المهتمة بالشأن الطفولي في المغرب، وإذا كان حديثنا عن هذه المعظلة ينصب فقط على الذكور، ففي الآونة الأخيرة ظهر معطى جديد وهو ما يعرف بفتيات الشوارع. قاصرات رمت بهن الأقدار إما كخادمات في البيوت، أو غير ذلك فوجدن أنفسهن في الشارع بين أيدي وحوش ضارية لا ترحم.
إن مصطلح أطفال الشوارع، بات معروفا في أدبيات التنمية البشرية، وهو من أعقد القضايا وأخطرها على الإطلاق، لأنه يمس فئة حساسة من المجتمع، ولأن الظاهرة تتداخل فيها عدة أبعاد،اجتماعية، إنسانية....، لذلك فهي ليست محلية بل عالمية، وتطورت لدرجة أنها أصبحت تستقطب المنظمات المهتمة بالحقل الطفولي، كاليونيسيف التي تعتبر بأن هذه الظاهرة في المغرب هي في تزايد ملفث ورغم غياب إحصاءات دقيقة، فإنه حسب تقارير المنظمة، الفقر والعنف والإهمال داخل الأسرة هو السبب الأولي لخروج الأطفال إلى الشارع. فمرحلة الطفولة تتطلب الرعاية والإهتمام من خلال تلقين الطفل سواء كان ذكرأو أنثى القيم والأخلاقيات التي تقيه شر التأثر بالملوثات الاجتماعية المحيطة به.
أطفال الشوارع يؤثثون فضاءات البيضاء
وأنت تتجول بأي مدينة مغربية، والدار البيضاء كنموذج، تجد أطفالا، لا حول لهم ولا قوة، قرب المطاعم، على أبواب المساجد، وبمواقف السيارات، والحدائق العمومية، يمتهنون التسول في النهار، ويتخذون الأماكن المهجورة مسكنا لهم بالليل، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، وأغلبهم يتعاطى المخدرات،" السيلسيون" كوسيلة للهروب والنسيان. فمعظمهم يعرف طريقه إلى الجريمة من خلال الشارع بدءا من السرقة والنشل إلى حمل السلاح الأبيض وتهديد سلامة المواطنين، وفي حقيقة الأمر لا أحد يستطيع أن يلومهم لأنهم ضحية مجتمع لا يرحم ولأسر لا تفهم معنى التربية السليمة التي ليست المادة هي قوامها، بل عناصر أخرى أكثر أهمية، عناصر تساهم في تكريسها، العائلة، المدرسة، المجتمع.
والشارع المغربي لم يعد مقتصرا فقط على الذكور، بل أصبح أيضا مسكنا للفتيات، قاصرات امتهنوا أقدم حرفة في التاريخ" الدعارة" لتكون هي مصدر عيشهن ، فأصبحن يخالطن المجرمين و"الشماكرية"، وتعاطين للمخدرات والكحول، فليل الدار البيضاء الموحش خير دليل على ذلك.
فظاهرة فتيات الشوارع كانت موجودة، ولكن متخفية، أما اليوم فقد طفت على السطح، الأمر الذي جعل من المسؤولين التربويين بالجمعيات التي تعنى بالشأن الطفولي بالمغرب يتخوفون منها ومن كيفية التعامل معها ويدقون ناقوس الخطر من خطر إستفحالها.
إحصاءات في الموضوع
بحسب إحصاءات وزارة التخطيط والتوقعات الاقتصادية، فعدد الأطفال المشردين بالمغرب و الذين يطلق عليهم مصطلح "الأطفال المتخلَّى عنهم" بنحو (400) ألف. وتزداد مشكلتهم استفحالاً في غياب المؤسسات القادرة على انتشالهم من التشرد والانحراف والضياع وتأهليهم نفسياً واجتماعياً. ويُعزى ارتفاع أعدادهم إلى انتشار ما بات يُعرف في المغرب بـ"الأمهات العازبات"، أي محترفات البغاء أو ضحايا الاغتصاب من الفتيات، وكذلك إلى حالات التسرب أو الإخفاق المدرسي الذي يدفع بآلاف الأطفال سنوياً نحو الشارع أو مجالات العمل اليدويّ
وبحسب دراسة ميدانية صادرة عام 2002 عن أطفال الشوارع، شملت عينة من (711) طفلاً من هؤلاء، فإن التسول يأتي في مقدمة "الأعمال" التي يزاولها هؤلاء الأطفال بنسبة 18%، يأتي بعدها مسح الأحذية، وبيع الأكياس البلاستيكية (15 %)، وغسل السيارات (13 %)، ثم السرقة (6 %).
وحسب دراسة أجريت سنة 1998، فإن الظاهرة تزداد في جل المدن المغربية الكبرى والمتوسطة، حيث بلغ عددهم في العمالات والأقاليم 8780 طفل، ويتعلق الأمر بكل من ولاية مراكش وعمالة آسفي
وتطوان وفاس ومكناس، وعمالةطنجة وأصيلا، وعمالة الجديدة وبني ملال وأخيرا الدارالبيضاء.
الجهود المبذولة للنهوض بأوضاع الطفل في المغرب
لمعالجة أوضاع الأطفال المشردين في المغرب نهجت الدولة عدة إستراتيجيات بتعاون مع المنظمات الدولية والجمعيات المحلية، بحيث تم إحداث برلمان للطفل الذي انطلقت أول دوراته الوطنية سنة1999, والذي يروم المساهمة في ترسيخ التربية على الديمقراطية والتشبع بروح المواطنة الصادقة ونشر ثقافة السلم والتسامح وتنمية السلوك المدني ..
فلإشراك الأطفال في المنهج الديمقراطي، تفعيلا للمادة12 من الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل، تم إحداث مجالس جماعية للأطفال في عدد من مدن المملكة بهدف إثارة اهتمام الأطفال بقضايا الشأن المحلي،وحث المجالس المنتخبة على استحضار اهتمامات الأطفال وانشغالاتهم عند وضع وإعداد البرامج التنموية الخاصة بجماعاتهم
ومن جهة أخرى، ولمواجهة سوء معاملة الأطفال واستغلالهم تم إحداث رقم أخضر و"مركز للاستماع وحماية الأطفال ضحايا سوء المعاملة"، ومركز لاستقبال ورعاية الأطفال ضحايا العنف، ووحدات حماية الطفل، إضافة إلى إعداد دليل مرجعي حول التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف، وإطلاق برنامج "إنقاذ" سنة2007 الرامي إلى الحد من ظاهرة تشغيل الطفلات كخادمات في البيوت.
كما تم في إطار الشراكة التي تربط المرصد الوطني لحقوق الطفل بمختلف الفاعلين الجمعويين العاملين في مجال حماية الطفولة، وضع بوابة انترنت تفاعلية كآلية لتنسيق الجهود بين هذه الأطراف..
غيرأن هذه الجهود ما زالت لم ترقى لدرجة أن تكون قادرة على الحد من ظاهرة أطفال الشوارع، فلابد من نهج مقاربة اجتماعية قانونية تساعد على تفعيل قوانين تكرس فعليا حقوق الطفل، وتكون صارمة في حق الأسر التي تدفع بأبنائها، إما عن طريق العنف الأسري، الذي يكون ضحيته هم الأطفال، ونشير إلى أن هناك مجموعة من الجمعيات تبدل جهدها في هذا الإطار، ولكن دورها يبقى غير كافي،كذلك لا ننسى دور الإعلام الذي يبقى دوره الرئيسي هو التحسيس بخطورة هذه المعظلة التي هي بداية الانحراف بشتى أنواعه، دون نسيان ما يتعرض له هؤلاء الأطفال من إستغلال جنسي وجسدي، يحث علينا أن نعي بضرورة ضمان حق الطفل المغربي داخل الأسرة أولا ثم المدرسة والمجتمع وأخيرا داخل قبة البرلمان.
*******
عبد الرحمان بونعيم : مسؤول تربوي بجمعية" بيتي"
نحن الآن في مرحلة هدفها الضغط على الجهات المسؤولة لتفعيل قوانين أكثر فعالية لمعالجة ظاهرة أطفال الشوارع.
ماذا يمكنك قوله عن ظاهرة أطفال الشوارع ؟
نحن كجمعية" بيتي" نرى بأن ظاهرة أطفال الشوارع هي في نمو متزايد وتفاقم كبير، فنحن تجاوزنا المراحل الأولى المتمثلة في التعريف بهذه الظاهرة التي كانت تعد من الطابوهات، ودخلنا مراحل جديدة تخص الجانب القانوني المتعلق بالضغط على الجهات المسؤولة في الدولة لتفعيل قوانين أكثر جدوى من الأشياء المتداولة حاليا.
ماهي في نظرك أسباب إستفحال ظاهرة أطفال الشوارع وماهية الوسائل التي تنهجها الجمعية لتفاديها؟
نتفق على أن هؤلاء الأطفال هم أبرياء، خرجوا للشارع مضطرين، وبحكم تجربتي فيمكن أن ألخص الأسباب في،( الطلاق، والفشل الدراسي والعنف من جهة الأب، المخدرات، الدعارة، الفقر سبب كذلك ولكن ليس رئيسيا والدليل أن هناك أطفال فقراء ولكن لم يخرجوا إلى الشارع)
وأشير نحن أول جمعية تعمل في هذا المجال، فنحن أول شئ وضعنا نصب أعينا هو تعريف الشارع، فالشارع ليس هو السيارات...، بالنسبة لهؤلاء الأطفال هو مكان للعيش، لهذا نزلنا إلى الشارع وقمنا بربط علاقات صداقة مع المتشردين لكسب ثقتهم، وانطلاقا من هذه العملية اكتشفنا الوسائل التي يمكن من خلالها إعادة الثقة لهم. ومن بين هذه الوسائل ( الحمام والعلاج من الأمراض، النظافة والثياب،حتى يشعر بأن جسمه مسؤول عليه، كذلك عملية الاستماع التي يقوم بها المسؤولين التربويين، والتي تساعد على تفريغ المكبوت، مع تدعيمها بأنشطة الرسم والمسرح. أيضا نحن نشتغل مع مربي الشارع والعائلة والولد المعني بالأمر، فهؤلاء يشكلون شركاء متحدين، أما الجهات الأمنية فنحن نتعاون معهم ولكن تعاملاتنا تكون بشكل خاص مع وكيل الملك أو قاض القاصرين.
هل دور الجمعيات هو كافي للحد من ظاهرة أطفال الشوارع
دور الجمعيات هو غير كافي، لأن هذه الظاهرة هي اجتماعية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وهي لا تخص فئة معينة، فهي تمس المجتمع ككل فالناس يعتقدون أنها تمس فقط الطبقات الفقيرة، والمعوزة ولكن بحكم تجربتي لمدة عشر سنوات، فتعاملاتنا أيضا كانت مع أطفال وشبان من عائلات راقية، ميسورة الحال، والدليل أن أغلى أصناف المخدرات كالهروين والأفيون، مستهلكوها شباب قاصرين ينتمون إلى الطبقات الراقية في المجتمع المغرب، وفي نفس الإطار أقول بأن العائلة هي النواة الأساسية، فهناك أسر مهملة في حق أبنائها، بل أكثر من ذلك هناك أطفال يطالبون بآبائهم ولكن لا قلب لمن تنادي، الشئ الذي سيدفعنا إلى إحالة ملف هؤلاء إلى وكيل الملك ليتدارس الوضع.
في الآونة الأخيرة طفت على السطح ظاهرة فتيات الشوارع، كيف ترى ذلك؟
وضعية فتيات الشوارع هي لا تختلف عن ظاهرة أطفال الشوارع فهذه الظاهرة هي أيضا كانت موجودة ولكن كانت متخفية، الآن طفت على السطح، فهؤلاء الفتيات هم أصلا في وضعية صعبة، تجدهم إما خادمات، قاصرات في المنازل، تم إغتصابهم، أو غرر بهن حتى خرجوا الشارع على شكل عاهرات، فأغلبية ممارسي الدعارة، اليوم بدأو كخادمات في البيوت، كذلك الفتاة التي تربت في عائلة، تتاجر بالمخدرات والدعارة، هي بطبيعة الحال لا تخاف الشارع .
والفرق بين الظاهرتين أن العمل مع الفتيات تكون نسب نجاحه أكثر من التعامل مع الذكور.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق