السبت، 28 يونيو 2008

في حوار مع المنتج والناقد الإذاعي مصطفى جناح

المفروض أن تكون هناك جلسة حوار بين وسائل الإعلام وبين الجهات الرسمية لوزارة الإتصال لتفادي التجاوزات التي تمارس في حق الصحفيين.

يجمع الكل على أن تجليات المرحلة الإعلامية الحالية، هي أفضل بكثير من المراحل التي عاشها المغرب في السابق والتي كانت فيها حرية التعبير مقموعة وحرية القلم ممنوعة، والتي كان ينتظر فيها المواطن المغربي بشوق علامات الإنفراج في المجال الإعلامي، هذا الأخير الذي ظهرت بوادره من خلال ما يسمى بالصحافة المستقلة التي عملت جاهدة على كسر كل القيود وإتباع مختلف الوسائل الشرعية وغير الشرعية في الوصول إلى المعلومة التي تعمل الجهات النافذة في المجتمع على تضليلها وفي بعض الأحيان تلجأ إلى طمسها لكي لا يتمكن المواطن المغربي الشغوف من تتبع الأحداث الساخنة والحساسة من الإضطلاع على مايجري حوله من تغيرات.
لكن اليوم ومع هذه الكونية التي يعيشها المشهد الإعلامي العالمي أصبح كل شيء مفضوحا والحقيقة لن تعد تخفى على أحد رغم سياسة الدولة القمعية، التهميشية التي تنظر دائما للصحفي كلص يسرق المعلومة فدائما كانت العلاقة يشوبها نوع من التخوف وعدم الثقة في الإعلاميين المغاربة، هذه العلاقة التي يجب أن تسمو بالصحفي إلى درجة احترامه كوسيط بين المعلومة والمتلقي.
وإذا كان قانون الصحافة الذي وضع أساسا لحماية الصحافيين وتنظيم المهنة بشكلها القانوني، وتحديد حقوق وواجبات طرفي العلاقة التي يبدوا على أنها في المغرب لازالت متشنجة والدليل هو عدد القضايا التي تعرض على المحاكم للبث فيها والتي ينهزم فيها الصحفي في آخر المطاف في غياب أي ضمانات لحماية مصادر خبره وفي الأخير يرضخ للغرامات التي تفرض عليه، وتكون النتيجة إما المنع من الكتابة أو الهروب إلى الخارج أو اعتزال الميدان نهائيا وفي حالات نادرة الإستمرار رغما عن انف الجهات التي من مصلحتها تسكيت أفواه وتجميد أقلام من يقلقوا سكون ليلها ويعكرون صفو وجو حياتها.
لتوضيح نقط الغموض في هذه العلاقة، وكذا لمعرفة أسباب تباطئ الإعلام المغربي في مضاهاة نظيره
العربي قمنا بانجاز هذا الحوار مع المنتج والناقد الإذاعي مصطفى جناح.

ما هو تقييمك للمشهد الإعلامي المغربي؟

إن الإعلام المغربي في السنوات الأخيرة، أضحى أكثر حركية وديناميكية، من خلال تزايد عدد الجرائد والمجلات والإذاعات والقنوات، هذا التطور النوعي والقيمي يدخل في إطار تحرير المشهد السمعي البصري، فالآن نعيش التعدد والتنوع في المجال الإعلامي، هذا التنوع يواكب التطور الذي يعرفه المشهد الإعلامي العالمي، ففي السابق كانت فقط القناة الأولى والقناة الثانية، بالإضافة إلى إذاعة وطنية وتسع إذاعات جهوية.
أما الآن فهناك تطور كمي يجسده عدد القنوات السمعية والبصرية وكذا الجرائد المستقلة التي عززت المشهد الإعلامي في مجموعة من المدن المغربية.

ولكن ليس هناك تطور من الناحية النوعية، بماذا تفسر ذلك؟

من الناحية النوعية ليس هناك تقدم، لأنه بكل بساطة ليست هناك إمكانيات مادية كبيرة، فالوصول إلى مصادر الخبر يتطلب الإعتماد على مراسلين في عين المكان، فلا يمكن لأي قناة أو إذاعة أو أي منشأة إعلامية أن تعتمد على ما يروج في وكالات الأنباء، بل يجب أن يكون هناك مراسلين يتمتعون بجميع الضمانات المهنية المادية منها والمعنوية لمزاولة عملهم وللرقي بالمنشأة الإعلامية التي ينتمون إليها.
فهذا هو السر في تفوق القنوات الخليجية التي تتوفر على إمكانيات مالية كبيرة وتتوفر على مراسلين في عين المكان ينقلون الخبر في حينه.
فبدون مراسلين، بدون إمكانيات متطورة بدون موارد بشرية، مستحيل الحديث عن إعلام متطور.
ففي المغرب للأسف مازلنا نعاني النقص في الإمكانيات، النقص في الكفاءات، حقيقة هناك صحفيين يبذلون مجهود ولكن مع ذلك تنقصهم الإمكانيات المادية والبشرية.

هل غياب الكفاءات راجع إلى نقص في معاهد التكوين، أم إلى غياب استراتيجية حكومية للإهتمام بالمجال الإعلامي المغربي؟
لا يمكننا تحميل المسؤولية لأطراف بعينها، فهناك عدة عوامل شكل تضافرها ما نعانيه من رداءة في إعلامنا ، فليس هناك تكوين مستمر للصحفيين فضلا على أن الأمر يحتاج إلى دعم مادي، فالصحفي الآن هو مجرد موظف، وهذا ما يفسر أن الكفاءات الإعلامية المغربية تفضل الهجرة إلى قنوات أخرى أجنبية توفر لها الدعم المادي الكافي الذي نرى بالملموس نتائجه المتمثلة في تألق هذه الكفاءات المغربية في ديار المهجر، فالأجدى هو الإستفادة من طاقاتنا الإعلامية واستثمارها بدل تصديرها إلى الخارج.

فقط الإمكانيات المادية هي التي تنقصنا، فهناك من يقول بان الصحفي في المغرب حرية تعبيره مقيدة؟

بما أن الصحفي يشتغل في قنوات رسمية فهو مطالب بالإشتغال داخل اطار محدد لا ينبغي عليه تجاوزه، بالنسبة للمنابر الإعلامية المستقلة فهي تتمتع بنوع من الجرأة.

بمعنى المغرب في حاجة إلى قنوات مستقلة؟

القنوات المستقلة ضرورية لأنه عندما نتحدث عن تحرير الإعلام فإنه لا يجب أن يطال فقط المؤسسات الرسمية بل يجب أن يطال حتى المؤسسات الخاصة لكي نشجع المستثمر على الإستثمار في هذا القطاع الذي سيشكل نجاحه وازدهاره تقديم مجموعة من الخدمات للتنمية الإقتصادية والإجتماعية والجهوية للمغرب، فهو مرتبط بالدينامية والحركية التي يشكل الإعلام المستقل احد أقطابها فكلما كانت هناك قنوات واذاعات كثيرة كلما كانت هناك تنافسية وجودة في المنتوج الإعلامي الذي بلا شك سيحصل على إعجاب وتقدير الجمهور المغربي .

هناك من يعاتب الإعلام الرسمي على أنه يمارس التعتيم ولا يظهر الحقيقة كاملة؟

بالنسبة للحقيقة لم تعد تخفى على أحد، في السابق كانت هناك أحداث تقع ولا أحد يعلم بها لكن اليوم في ظل هذا التعدد والتنوع الإعلامي الذي نلمسه في جل وسائل الإعلام العربية والغربية كل الأحداث أصبحت تنقل للعموم .
العتاب يبقى دائما مطروحا ولكن الآن الحقيقة أصبحت تكتشف ويتم إخبار العالم بها لأن مراسلي القنوات الأجنبية الذين يعملون على نشر الصورة متواجدون في أي منطقة من المغرب.

بماذا تفسرالسياسة القمعية التي تنهجها الدولة مع الصحفيين؟

في بعض الأحيان تكون هناك تجاوزات إما من طرف الصحفي أومن طرف الجهات الرسمية التي تتعامل معه بشكل غير لائق، فالمفروض أن لا تكون هناك قطيعة بين الجهاز الإعلامي وبين الجهات الرسمية، فالصحفي مكلف برسالة نبيلة تلقي على عاتقه مسؤوليات احترام أخلاقيات المهنة والبنوذ القانونية المنصوص عليها في قانون الصحافة، في المقابل على الجهات الرسمية أن توفر له كل الضمانات والوسائل التي تمكنه من القيام بعمله بدون تجاوزات .
فالمفروض أن تكون جلسة حوار بين وسائل الإعلام وبين الجهات الرسمية لوزارة الإتصال لتفادي التجاوزات التي تمارس في حق الصحفيين.

ألا ترى بان حق الصحفي هو مهضوم، عندما يصل الأمر إلى القضاء لأنه في تلك الحالة يتعامل مع الصحفي كشخص عادي وليس كرجل إعلام يجب أن توفر له ضمانات المحاكمة العادلة؟
في هذا الإطار يجب أن نعود إلى قانون الصحافة الذي ينبغي تعديله، فالتعامل مع الصحفي يجب أن يمتاز بالمرونة وليس بالشطط في استعمال السلطة.

كيف تنظر لنوعية البرامج التي تقدم مؤخرا في قنواتنا السمعية البصرية؟

حقيقة هناك تطور على مستوى الإذاعة ولكن فيما يخص التلفزيون لا زالت المواضيع متواضعة ولا زالت رديئة فهي لم تتخلص من المستوى الذي كانت عليه في السنوات الماضية.
فبالنسبة للإذاعة هناك تقدم على مستوى المواضيع الاجتماعية والاقتصادية والرياضية والبيئية والسياسية وهناك نوع من الجرأة ولكن بالنسبة لقنواتنا الوطنية فهي لازالت لم ترقى لمستوى طموحات المشاهد المغربي بالمقارنة مع ما يقدم في القنوات الفضائية الأجنبية.

الكل يجمع على أن هذه القنوات لم تشفي غليل المشاهد المغربي لماذا في نظرك؟

لأنها ظلت حبيسة الطريقة التقليدية، فكما قلت لك هناك خطوط حمراء مرسومة للصحفيين وغالبا ما تملى هذه البرامج من طرف المسؤولين فليست هناك حرية للصحفيين في اختيار البرنامج الذي يريد إعداده
وإنجازه فغالبا ماتمنع البرامج التي يجتهد الصحفي في إعدادها من طرف جهات ومسؤولين يتحملون المسؤولية في ذلك وفي كثير من الأحيان هم من يحددون نوعية البرامج التي يجب أن تبث للمشاهد المغربي.
من جهة ثانية البرنامج لا يحتاج إلى التضييق والتقييد بل الى التوجيه كما يحتاج الى الموارد البشرية فهناك قنوات عربية تتوفر على مستشارين يوجهون الصحفي ويسهلون عليه مهمة انجاز واعداد الموضوع ولكن في المغرب يتم التركيز على الصحفي الموسوعي الذي يريد أن يتحدث في جميع المواضيع وهذا خطأ فلا يمكن أن نجد صحفي يعد برامج سياسية واقتصادية واجتماعية... بمعنى أصح ليس هناك إعلام متخصص، فالصحفي لا يمكن أن يلم بجميع المواضيع.

لماذا هذا التكرار في نوعية البرامج؟
هناك مشكل في الإنتاج وفي طريقة اختيار البرامج واختيار الضيوف، فليس من السهل إعداد وإنجاز برنامج لأنه يتطلب أولا الإلمام بالموضوع وثانيا يتطلب عملا جماعيا فضلا عن حوار دقيق وأفكار
وضيوف في المستوى، فاليوم القنوات تتسابق على استضافة ضيوف من العيار الثقيل.

ألا ترى أن مشكل اللهجة المغربية هو مطروح كذلك؟

لا فاللهجة المغربية هي متداولة، فنحن الآن نشاهد أفلام ومسلسلات باللهجة السورية واللهجة الكويتية، فربما اللهجة المغربية هي أكثر تهذيبا وهي تزاوج مابين العربية والدارجة وهي مفهومة، ولكن المشكل
أن المنتوج الذي يقدمه إعلامنا هو لا يرقى إلى أن يروج في الدول أخرى.

هناك من يقول بان المغرب يعاني نقصا حادا في الإنتاج ما ردك ؟

عندما نتكلم عن الدعم المادي، فإننا نقصد أنه عندما تريد إنتاج فيلم مثلا، الأمر يحتاج إلى ميزانية باهضة، وحتى المستثمر لا يستطيع ان يخوض غمار هذه التجربة لأنها من دون شك ستكلفه خسارة فادحة خاصة مع تفشي القرصنة، وحتى القنوات الوصية لا تملك السيولة المالية الكافية لتمويل انتاج هذه الافلام وهذه البرامج فالأمر حقيقة مكلف ويتطلب غلاف مالي كبير.

إذا كيف يمكن الترويج لمنتوجنا الإعلامي؟

القنوات الإعلامية المغربية يجب أن تفرض منتوجها على الآخرين، ففي ظل التنافس الذي تعرفه القنوات من طرف شركات الإنتاج، المغرب يعد في موقف قوة، فمثلا إذا استورد أربع مسلسلات أو أغنيات مصرية يفرض على الطرف الآخر تمرير منتوج مغربي واحد كيفما كانت نوعيته، بمعنى أن تكون هناك عملية مقايضة تمكن من نشر المنتوج المغربي للعالم .

ماهي الإستراتيجية التي ينبغي اتباعها للخروج من قوقعتنا الإعلامية؟
أولا يجب لإعلامنا أن ينصت لنبض المجتمع، وان يقترب من هموم ومشاكل المواطن المغربي من خلال الإستماع الى احتياجاته الإعلامية واشراكه في كل البرامج وفتح المجال له لكي يعبر عن معاناته وتطلعاته من خلال سياسة القرب التي تتجسد في إشراكه في الحوار حتى تكون هناك مصالحة مع الجمهور الذي يريد قنوات قريبة منه، تتواجد إلى جانبه في كل القضايا لتحقيق التفاعل الذي سبقتنا إليه القنوات الفضائية.

الخميس، 26 يونيو 2008

الأربعاء، 25 يونيو 2008

السبت، 14 يونيو 2008















العازف و الملحن والموزع الموسيقي المصري صلاح نصر مصطفى في حواره للمستقل

غياب التربية الموسيقية في مجالات التكوين المغربية هو سبب الجمود الإبداعي الحاصل اليوم


كلمنا عن بداياتك؟

صلاح نصر مصطفى من مواليد 1955، خضت مراحل التعليم كلها من الإبتدائي إلى الجامعة، بدأت العمل وأنا سني لا يتجاوز العشر سنوات وذلك من خلال العزف على آلة وثرية تسمى" الماندولين" كما انضممت إلى فريق المسرح الصغير بتلفزيون جمهورية مصر العربية وعمري عشر سنوات.
ففي هذا السن كنت أعمل كموسيقي وأعيش القصة فعلا كفنان، بعدها بدأت حياتي تعرف تغيرات بفعل كبر سني، فكلما أكبر ويزداد عمري إلا وحياتي يحصل فيها بعض التطورات، كان من بينها عزفي على مجموعة من الآلات الوثرية والإيقاعية. فقد انتقلت من العزف على آلة الماندولين إلى الكمان إلى الكيثار إلى البيانو إلى العزف على ألآلات الإيقاع، كما جربت الغناء ونجحت فيه إلى أن حصلت على الباكلوريا، عندها دخلت معهد التربية الموسيقية" جامعة حلوان" بالقاهرة وحصلت على الإجازة بميزة جيد جدا، كما أنني كنت معيدا في نفس الكلية وأصبحت بعدها أستاذا للموسيقى أقوم بتدريس هذا الفن إلى الطلبة والأساتذة .
أما من ناحية العمل فقد جربت مختلف أنواع الشغل من إحياء أفراح شعبية" بلدية" لأفراح أرستقراطية لإحياء حفلات خاصة وعامة فضلا عن مشاركتي مع مختلف الفرق عربية كانت أم غربية.

كيف جاءت فكرة المجيء إلى المغرب؟

أنا لا أحب التقيد في الحياة، أحب دائما اكتشاف معالم الحياة الجميلة. بمعنى آخر أحب التنويع من أجل الإستفادة وإغناء شخصيتي من خلال اكتشاف ثقافة البلدان الأخرى. من هنا جاءتني فكرة السفر إلى الخارج وكان سني أنذاك 24 سنة.
وفي مصر كان هناك إعلان مشهور يقول" إذا قصدت الرحيل فأقصد بلاد المغرب" وكانت بجانبه صورة لطائرة تحط بمدينة مراكش، مكتوب عليها الطيران المغربي، فهذه الصورة كانت تثيرني وتحرك في الرغبة المفعمة بحب اكتشاف المغرب وثقافته وشعبه....
فالإعلان كان يعجبني جدا، فجاءتني فكرة المجيئ إلى المغرب، وبالفعل حصل نصيب وزرت المغرب عام 1979 .

هل بنية عمل أم فقط بنية الإكتشاف؟

بنية كل شيء، فبما أنني أحب السفر فأنا أريد العيش والعمل وغير ذلك، فالسياحة لوحدها لا تكفي لإكتشاف كل شيء ولكن يجب على المكتشف أن يعيش الواقع، بإستمراريته من خلال مدة طويلة يفهم من خلالها الأجواء المحيطة به.
بعدها بدأت رحلة البحث عن نفسي من خلال عمل أعيش منه، وفي الحقيقة كانت البداية صعبة جدا، لأنني كنت لا أعرف أحدا خلال تلك الفترة.

هل فكرت في الرجوع إلى مصربسبب الصعوبات التي اعترضت طريقك في البداية؟

صراحة لا فأنا أرفض فكرة الإنهزام، لأنه ضروري من التسلح بالصبر والله لن يتخلى على عبده مهما حصل، لذا تشبتث بالأمل والعزيمة القوية والحمد لله بعد الضيق جاء الفرج.
فأنا لا أحب الضعف، " شوية صبر"، شوية أمل" و"المركب تمشي" ولكن الإستسلام من أول وهلة هذا هو الأصعب.
كيف وجدت المغرب عام 1979 ؟

في الواقع كان الفرق كبيرا بين المغرب ومصر، فأنا جئت من بلد مشحون بالبشرية وبالضغط وبأشياء أخرى، وصلت إلى بلد هادئ، " شوية ناس"، " شوية سيارات"، ليس هناك ضوضاء ولا ضجيج فضلا على أن الناس يشتغلون فقط من السابعة صباحا إلى التاسعة أو العاشرة ليلا وليس أربعة وعشرون ساعة كما هو الحال في مصر، فالصراحة أعجبتني الحياة في المغرب.

كيف بدأت مشوارك الفني في المغرب؟

كان قراري الصائب هو الإشتغال لوحدي كعازف، فكان أول فندق اشتغلت فيه هو فندق" ماربيان" في مدينة المحمدية، بعدها انتقلت للإشتغال في عدة فنادق في مختلف المدن المغربية، هذه المسيرة لم تتغير وظل هذا هو عملي إلى الآن .

هذا يعني أنك تخليت عن اشتغالك كأستاذ للتربية الموسيقية؟

في تلك الفترة ذهبت إلى المعهد الموسيقي بنية الإشتغال ولكن لم يعجبني القدر المالي الذي كنت سأحصل عليه، ولم تعجبني طبيعة المواد المدرسة فكما قلت لك هناك اختلاف كبير في تدريس الموسيقى بين مصر والمغرب
ففي مصر درسنا زخما من المواد ولكن هنا في المغرب الموسيقى مهمشة زيادة على أنه ليس هناك أفق فكري في هذا الجانب ومن تم لم أعد أطيق فكرة التدريس لأنه سبق لي واشتغلت في التدريس في مصر لهذا قررت الإستمرار في العزف والغناء .

لم تجد صعوبة في الإنتقال من مصرالمشهورة باحتضانها للفن والفنانين إلى المغرب الذي كما تقول ليس لديه أفق فني؟
العمل كفنان موسيقي، ليس مشكل فلو ذهبت إلى أي بلد سأعمل نفس المهنة لأن مهنتي هي الفن.
لكن استقريت في المغرب لأنني أحببته و أحببت طبيعته وهدوءه الذي يجعلني أحس باسترخاء وببرود أعصاب، رغم القفزة عمرانية، والتكدس السكاني ومواصلاتي الذي عرفه المغرب في السنوات الأخيرة، فهذا بالنسبة لي لا يضاهي أبدا الإنقلاب البشري الذي تعيشه القاهرة، مثلا فنحن في جمهورية مصر العربية سبقنا المغرب في الإزدحام وفي اللآلام، فالمغرب بالنسبة لي أرحم لهذا لم تراودني فكرة الرجوع والإستقرار بمسقط رأسي وقررت البقاء في المغرب مع العلم أنني قمت بزيارات لبلدي الذي يعيش في القلب والروح.

كيف جاءت فكرة الإنتقال إلى التدريس؟

جاءت صدفة وبطريقة اختيارية، فأحببت الفكرة، والصراحة استقراري في المغرب لمدة ثلاثين سنة، جعلني أتفاعل مع الناس فترة من العمر، هذه الفترة أعطتني فكرة عن طبيعة النقائص التي تحتاجها التربية والتعليم في المغرب، خاصة التربية الموسيقية، فوجدت نفسي مطالبا بتقديم الخبرة التي املكها إلى الطلبة حتى يتداركوا بعض الأخطاء التي سقط فيها غيرهم.

ماهي هذه النقائص؟

من بين النقائص التي أراها مغيبة في المغرب هي الإهتمام بصناعة الفن عامة، فالمثل يقول" إذا أردت أن تحكم على حضارة شعب فاحكم عليها من خلال موسيقاه".
ففعلا الفن يظهر قيمة البلد فمن غير فن لا يمكن أن تشعر بأي شئ، فالتلفزيون لماذا ابتكر؟ ابتكر لكي يرى العالم معالم حضارات وثقافات متعددة الأقطاب والإتجاهات، ليكتشف أشياء تبدوا لنا نحن عادية ولا تستحق الإهتمام، فلأسف في المغرب ليس هناك استغلال حقيقي لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة، فمدة 30 سنة وأنا أعيش في المغرب ما زلت أسمع نفس الأغاني نفس الوجوه الإعلامية نفس القالب الإعلامي وكان المغرب يحمل لافتة معلق عليها" لا تغيير".
فالجزء الدعائي لهذا الفن يلعب دورا كبيرا في تسويق صورة المغرب إلى الخارج هذا التسويق الذي يشمل الفن، الإعلام، الطبيعة...

من المسؤول عن تغييب هذا الجانب الدعائي؟

التلفزيون، ووزارة الثقافة والإعلام تعد مطالبة بالتسويق لصورة المغرب من خلال مؤسساتها الإعلامية لكي تعرف العالم بحضارة المغاربة التي يجهلونها، فالسؤال الذي يجب طرحه هنا، هل أنت كإعلام لك وجود يشد الناس، فكما قلت لك مدة 30 سنة وأنا أعيش في المغرب وأشاهد التلفزيون المغربي ونفس القصة تتكرر، نفس الأفلام، نفس الأغاني نفس المواد الشعبية، لا تغيير فمنذ زيارتي إلى المغرب وأنا أسمع أغنية " أش داني وعلاش مشيت"، وأغنية " ياناسي"، وأغنية" قطار الحياة" إلى الآن.
فالمغاربة لم يستطيعوا أن يبدعوا أغاني في مثل قوة ومغربية وبساطة الأغاني التي اشتهرت في السبعينات.

هل هذا يعني أن المغرب عنده نقص في المواهب والطاقات الفنية؟

لا أعتقد، فأنا بحكم عملي تعرفت على الكثير من الفنانين المغاربة وهم أصدقائي جدا، ولكن المشكلة أن الفنان لوحده لا يكفي، فلابد للملعب الذي يلعب فيه أن يكون المسؤول عليه أناس يقدرون الفن.
فالفن أولا وقبل كل شئ هو صناعة، تصرف عليها الملايين، فيجب أن تكون هناك شركات إنتاج تتكلف بهذا المجال بشكل عام.

هل في نظرك أن شركات الإنتاج هي متخوفة من الإستثمار في المغرب؟

شيء طبيعي أن يكون هناك تخوف نظرا للقرصنة المتفشية والتي تكلف شركات الإنتاج خسائر بالجملة، ففي البداية كانت هناك شركات إنتاج في المغرب و كنت أتعامل معها من خلال عملية البيع والشراء، ولكن الآن لا.
فالفن عمل مكلف، فلكي تصنع دقيقة فن يجب أن تقدم رؤوس أموال للدعاية والتسويق وغير ذلك
ففي مصر رغم أن القرصنة موجودة بسبب الأنترنت وتطور الوسائل التكنولوجية غير أن شركات الإنتاج ما زالت تنتج وتحقق أرباحا ولكن في المغرب الأمر مغاير تماما.

بماذا تفسر هجرة الفنانين إلى المشرق؟

بشكل عام وبالنسبة للعرب فمصر هي الرائدة في إنتاج الفن، فكل ماهو عربي يصب في مصر بمعنى آخر رؤوس الأموال العربية لها أصول وجدور في مصر، فمن خلالها الفن الخليجي واللبناني والمغربي عرف وسوق بشكل أكثر حرفية ، فكل الشركات المسؤولة على الفن في المنطقة العربية تشتغل بيد عاملة مصرية وبعقول ومبدعين واستديوهات مصرية، فأي فنان تعرف عليه الجمهور وأحبه تكون انطلاقته من مصر فهذه شهادة لا احد يستطيع ان ينكرها
لكن للأسف في المغرب لم يحن الوقت بعد لكي يكون هناك استثمار في صناعة النجوم سواء في مجال الإعلام، الموسيقى، الرسم، السينما، المسرح...

هناك من يقول بأن سبب تأخر الفن المغربي على مضاهاة الفن المصري مثلا هو مشكل اللهجة المغربية؟

أنا ضد هذا الكلام جملة وتفصيلا، فأنا مصري أفهم نشرة الأخبار، ولكن المشكل يكمن في أن المغاربة لا يشرحون كلامهم فنحن المصريين سبقناكم في هذه المسألة لهذا أصبحت اللغة المصرية محفوظة في أذهان أي دولة، فالمغاربة ليست عندهم مقدرة على الشرح بشكل يجعل الآخر يفهم لهجتهم الدارجة، فمثلا كلمة " بزاف" لو قلتها بصمت لا أحد سيفهمها، ولكن لو قلتها وشرحت بيديك فالجميع سيفهمها وهكذا
فلابد أن اشرح نفسي، واجتهد لكي أشد انتباه العقلية العربية اتجاهي، لأن هذه الدعاية ستصب على مصلحتي بالخير.

كيف ترى تدريس الموسيقى في المغرب؟

التربية الموسيقية اعتبرها من المواد الأساسية لتنمية الحس والفكر عند الأطفال. يجب تدريسها للطفل منذ صغره حتى تتنمى عنده روح الإبداع.
فالموسيقى وظيفتها هي تنمية الإحساس والشعور بكل شيء، وإذا كان تغييب هذه التربية في المدارس ودور التربية فمن الطبيعي أن تظهر هناك أجيال جافة لا تقدر الفن ولا تعطي القيمة للفنانين.

كيف تقارن الفن في المغرب بين سنة 1979 واليوم؟

في البداية كانت صناعة الفن ضعيفة، بحيث لم تكن هناك استديوهات كثيرة ولم تكن هناك تقنيات حديثة كيف ماهو الحال اليوم، فقد تغير الوضع وأصبح لدينا وسائل تكنولوجية أكثر حداثة وفي متناول الجميع، فضلا على ان الشباب أتقن استعمالها " فشوية نظام" "شوية اجتهاد" " القضاء على القرصنة" " تشجيع الإستثمار في هذا المجال " والأمور تتحسن ولكن الحمد لله لحد الساعة ولا خطوة إلى الأمام فما زلت اسمع "العلوة" و" واش داني" ....

أكثر فنان مغربي تحب سماع أغانيه؟

أنا احب كل الفنانين وكل المطربين، ولكن الذي أرى ان أغنانيه تركت بصمة وصدى عند الناس هو المرحوم ابراهيم العلمي، فهو قدم أغاني جميلة خفيفة" ساندويتش" أحبها الناس ولا زالوا يرددونها حتى الآن، هناك أيضا حسين السلاوي، اسماعيل أحمد وعندليب المغرب محمد الحياني الذي لم يأخد حقه، ومن الأصوات التي تعجبني أيضا نعيمة سميح وعبد الهادي بلخياط فهذه أغاني مغربية حقة ولكن للأسف لم يستطع المغاربة أن يبدعوا مثلها.

السبت، 7 يونيو 2008



في حوار مع إلهام الكنيار، طبيبة إختصاصية في الحجامة

الحجامة أفضل علاج لأمراض الروماتيزم، السكري ، العجز الجنسي..





في ظل تصاعد حدة الأمراض الخبيثة التي تفتك بصحة الإنسان، بسبب كثرة الضغوط التي يصادفها في حياته، ازدادت موجة البحث عن حلول وعلاجات بديلة تغني المرضى عن تكاليف الدواء الباهظة
وذلك من خلال ما يسمى بالطب البديل، وضمن خارطة هذا الطب تندرج الحجامة كوسيلة للشفاء من الأمراض التي عجز الطب الكيماوي على معالجتها، هذه الحجامة التي للأسف تمارس في مغرب بدون تقنين يذكر وبدون رقابة ، من طرف أناس امتهنوها لمدة طويلة، ويمارسونها بشكلها التقليدي الخالي من طرق الوقاية والتعقيم الذي يعرض حياة المواطنين لخطرالإصابة بالأمراض المعدية.
و الحجامة هي سنة عن الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد تبث عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فيما رواه الإمام البخاري عن أنس بن مالك قوله :" إِنَّ أَمْثَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ الْحِجَامَةُ " و روى البخاري في صحيحه عن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ "الشِّفَاءُ فِي ثَلاثَةٍ شَرْبَةِ عَسَلٍ وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ وَكَيَّةِ نَارٍ وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الْكَيِّ "، فهذه أحاديث نبوية صحيحة، تؤكد فعالية الحجامة التي أثبت العلماء جدواها في علاج مجموعة من الأمراض وهي اليوم تمارس بشكلها العلمي الوقائي من قبل أطباء متخصصين في الحجامة.
ولإطلاع القارئ على هذا النوع من العلاجات البديلة، أجرينا حوارا مع الدكتورة إلهام الكنيار طبيبة واختصاصية في الحجامة .


ماهي الحجامة


الحجامة هي تخليص الدم من الشوائب، بمعنى سحب الدم الفاسد من جسم الإنسان، هذا الدم الذي قد يكون سببا في الإصابة بمجموعة من الأمراض في المستقبل، فالكريات الحمراء تتراكم في مناطق معينة من الجسم، خاصة في منطقة ما بين الكتفين، وهي كريات حمراء ضعيفة فاسدة، لأنها لم تعد صالحة للقيام بالأدوار المنوطة بها لهذا من الأحسن أن تخرج من الجسم عن طريق الحجامة.
و الحجامة هي علاج بديل طبيعي، يعد من أقدم الطرق العلاجية التي أثبتت فعاليتها، وهي سنة عن الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد روي عنه أنه احتجم بعد أن أصابه ألم في رأسه، وفي الصحيحين، أن النبي قال" خير ما تداويتم به الحجامة"، فحتى العلماء عندما قاموا بدراستها وجدوا بأنها مفيدة للإنسان، فعندما يتخلص الجسم من هذه الشوائب، تلقائيا تنشط الحركة الدموية وتتقوى مناعة الإنسان بحيث يصبح من الصعب إصابته ببعض الأمراض فضلا عن شعوره بخفة وراحة جسمية ونفسية، تنسيه التعب والغضب والعياء، فأكثرية الناس الذين جربوا الحجامة عند أطباء متخصصين تماثلوا للشفاء، فمؤخرا صادفت رجلا يعاني من العجز الجنسي، وجرب الحجامة عندي بعد أن جرب جميع الأدوية ووسائل علاجية أخرى، والحمد لله شوفي من عجزه.

كيف تتم عملية الحجامة؟

كما ذكرت في السابق فإن الحجامة هي تخليص الدم من الشوائب، وهي تتم بسحب الدم من مناطق في الجسم عن طريق تشريط خفيف للمنطقة التي لها علاقة بموضع الألم، غير أنه هنا يجب التمييز بين الطريقة التقليدية التي يزاولها" الحجامة" في الأسواق وفي بيوتهم، دون أدنى رقابة، وبين الحجامة التي تمارس في العيادات عند أطباء لهم دراية بجسم الإنسان وبكيفية التعامل مع كل أعضائه.
فالحجامة التقليدية تعتمد بالدرجة الأولى على تشريط المنطقة بآلة حادة وبشكل عميق، ثم توضع فوقها الوسيلة المنتقاة لسحب الدم وهي في الغالب عبارة عن كاسات تستعمل لغرض الحجامة، وقد تصادفها عملية إفراغ الكأس من الهواء وهنا الخطورة فهذا الإفراغ يكون عن طريق وضع قطعة مشتعلة من الورق بداخل الكأس بغرض إخراج الأوكسجين ثم بعدها توضع على الجلد المجروح، وهنا أتساءل هل هذه الطريقة صحية؟ فضلا عن أن معظم الحجامين التقليدين، لا يعقمون بتاتا وسائل عملهم، الأمر الذي يجعل جسم المريض عرضة للفيروسات والميكروبات، دون إغفال جانب العدوى الذي قد يتعرض لها الشخص بسبب غياب التعقيم، الشيء الذي قد يودي بحياة العديد من المغاربة الذين للأسف يقبلون على هؤلاء التقليديين دون إدراك للعواقب.
أما الطريقة التي أعمل بها فهي تعتمد بالأساس على تشريط خفيف للمنطقة المعنية، بعدها أقوم بعملية سحب الدم بوسيلة خاصة ترمى بعد ذلك في سلة المهملات، أو يحملها المريض في آخر الحصة العلاجية، والأساسي في عملية الحجامة ليس سحب الدم بكثرة كما يفعل التقليديون، فالدم قد يكون في هذه الحالة صالح، ولكن الأساسي هو خروج الدم الفاسد المعرقل لنشاط الدورة الدموية، لهذا فعملية الحجامة يجب أن تمارس بتقنية عالية ، حتى لا تبقى أثارها على الجلد، أما إذا كانت بشكلها التقليدي فأثار الجرح ستبقى مدة طويلة، فالتشريط يجب أن يكون عموديا و بعد 10 أيام ينمحي أثره نهائيا.

ما هي مواضع الحجامة؟

لكل مرض مواضع معينة للحجامة، وأهم هذه المواضع نجد منطقة مابين الكتفين التي تتحكم في مجموعة من المناطق كالأعصاب والتي يطلق عليها اسم " الكاهل" وهي المنطقة المتواجدة في مستوى الكتف وأسفل الرقبة. وفي حالة إذا كان الشخص يعاني من شد عضلي في عموده الفقري، فعملية الحجامة ستكون في موضع الألم، إذا كان الأمر يتعلق بمرض الروماتيزم فسوف تكون في منطقة أسفل الفخض وهكذا دواليك فكل مرض يتميز بمنطقة خاصة لعلاجه، هذه المنطقة التي لا يتمكن من معرفتها سوى الطبيب الدارس لخريطة جسم الإنسان .

ماهي الحالات التي تفيد فيها الحجامة

تفيد الحجامة في علاج العديد من الأمراض، وذلك طبقا لنتائج الخبرة العلمية التي سجلها الممارسون، وطبقا لتجربتي في الميدان وأذكر على سبيل المثال: الروماتيزم، البواسير، البروستات، الضعف الجنسي، ارتفاع الضغط الدموي، التبول اللاإرادي عند الأطفال ، اختلال الدورة الدموية، انقطاع الطمث، مرض السكري وغيرها من الأمراض .
وفي المقابل هناك أمراض يصعب علينا نحن كأطباء، القيام بالحجامة للمصاب بها واذكر على سبيل المثال، القصور الكلوي، فقر الدم ...فالحجامة هنا تكون خطر على صحة المريض.
فالحجامة نظرا لكونها وسيلة طبيعية في العلاج، تعتمد على إخراج الدم الفاسد من الجسم ، الذي يساعد بدوره في تكون كريات حمراء جديدة، تعيد النشاط والحيوية للدورة الدموية، ولمختلف الخلايا والغدد اللمفاوية، وهي وسيلة مضمونة للعلاج بدون آثار جانبية، فالأدوية الكيماوية مثلا قد تكون لها أثار غير صحية على عكس الحجامة فهي إذا لم تنفع الإنسان فهي مستحيل أن تؤديه ما عدا في الحالة التي يذهب فيها عند حجام تقليدي، فهنا يطرح مشكل الإصابة بالأمراض المعدية، وللأسف الكل يعلم بوجود
ممارسي الحجامة في المغرب بشكلها الغير مقنن والغير وقائي نهائيا ولا أحد يتكلم عنهم.

ما هي الفئات التي يمكنها أن تقوم بالحجامة؟

منذ سن البلوغ فما فوق، هناك حالات تخص الأطفال مثل التبول اللاإرادي عند الأطفال، ولكن على العموم، عند البلوغ يمكن لأي شخص أن يقوم بها، وهي صالحة لجميع الفئات رجالا ونساءا، وهي تحظى بإقبال شديد من قبل النساء، نظرا لكثرة الضغوط النفسية والعصبية، التي قد تسبب اضطرابات في الدورة الدموية، وارتفاع في الضغط ...
والشباب أيضا أصبح واعي بأهمية الحجامة، بحيث أستقبل شباب في العشرينات يأتون للقيام بالحجامة رغم خلوهم من الأمراض، والسبب أنهم يحبون الإقتداء بسنة الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام، ولأنهم تأكدوا من كون الحجامة مفيدة للجسم، والغريب في الأمر أننا نحن في المغرب ليس لدينا أي وسيلة للإعلام والإشهار تنبه المواطنين بجدوى الحجامة، وبأنها تمارس من قبل أطباء مختصين، حتى نشجع الناس على هذا النوع من العلاج الذي يجمع غالبية العلماء مشارقة ومغاربة بنجاعته، فحتى الدول الغربية تمكنت من استغلال الحجامة ولكن تحت تسميات أخرى.

هل هناك في المغرب إختصاص يعنى بالحجامة؟

لا يوجد أي اختصاص في المغرب له علاقة بهذه الوسيلة العلاجية، التي كانت معروفة عند أجدادنا ولا زالت لحد الآن ولكن بشكلها التقليدي، أما بالشكل العلمي الحديث فلا يوجد أي تخصص يعنى بتدريسها، فبالنسبة لي سنحت لي الفرصة لدراستها في مصر، أما في المغرب فالناس عرفوا هذا العلم عن طريق القنوات العربية خاصة المصرية، التي اهتمت بهذا العلم الذي يشكل ثورة في العلاج البديل، وليس كل الأطباء المغاربة يؤمنون به وبمدا فعاليته. مع العلم أن دولا أوروبية تعمل بهذا العلم، كفرنسا مثلا ولكن تحت اسم
****** ولكن في الآونة الأخيرة بدأ بعض الأطباء المغاربة يتعاطون للحجامة غير أن المشكل الذي يعترض هؤلاء الأطباء هو أنهم يتعرضون لمنافسة الناس التقليدين، الذين يزاولونها بنفس ثمن الطبيب تقريبا " 100 درهم"، وبدون أي تقنين أو رقابة تذكر.

كيف تقيمين ظاهرة الحجامة التقليدية؟

الحجامة بشكلها العشوائي هي خطر على صحة المواطنين، الذين يقبلون عليها بشكل ملحوظ ربما لجهلهم بوجود أطباء مختصين في إجرائها، فهؤلاء الناس المنتشرين في بقاع المغرب، يجب أن تسلط عليهم الأضواء لكشف خفايا ما يفعلونه، فهناك غياب للرقابة من قبل الدولة التي لم تقنن هذا المجال لحد الآن، وهناك تقصير من طرف المختصين في نشر الوعي في وسائل الإعلام للإهتمام بالحجامة كوسيلة للعلاج، وبتوعية "الحجامين" التقليدين بتعقيم آليات عملهم، حتى لا يكونوا سببا في نقل الأمراض للعديد من المغاربة، كمرض التهاب الكبد الفيروسي الذي بحسب تجربتي بدأ ينتشر بشكل خطير، بحيث يظهر لك الشخص في كامل صحته ولكنه للأسف حامل للفيروس، فما بالك إذا قام بعملية الحجامة عند هؤلاء الأشخاص الذين لا تتوفر في أوساطهم شروط الصحة والسلامة فأكيد سينشر المرض إلى أشخاص آخرين.
فكيف سيتمكن هؤلاء الحجامة التقليدين الذين تناقلوها بشكل عشوائي بدون دراسة وبدون تقنين وبدون رقابة من معرفة جسم الإنسان، وسوابقه المرضية، زيادة أننا نحن في المغرب لم نصل بعد إلى درجة الوعي بضرورة القيام بالتحاليل مرة في السنة، فمن أين سيعرف الشخص بأنه مصاب بمرض معدي ومن أين سيعرف "الحجام" المرض لتفادي نقله إلى الآخرين؟

فمن سيمنع هؤلاء التقليدين الذين يمارسون هذه المهنة لمدة طويلة ؟

لا أحد بطبيعة الحال.

هل الحجامة التقليدية لها نفس نتيجة الحجامة الطبية؟

إنما الأعمال بالنيات، فالشخص الذي يقبل على الحجامة عامة، يكون مهيأ نفسيا، ف70 بالمائة من نتيجة الحجامة تعود للعامل النفسي، فهو يجري الحجامة وهو متيقن من نجاعتها، لأنها سنة عن الرسول عليه الصلاة والسلام، ولأن عددا من الناس قاموا بها وحصلوا في نهاية المطاف على نتائج ايجابية، فأكيد سيكون لذلك أثر في علاجه نظرا لصدق نيته.
وكذلك أن " كل واحد وعلى حساب يدوا"، هناك أشخاص يتقنون الحجامة التقليدية، غير أنه ما أركز عليه هو التعقيم والتشريط يكون خفيف وليس عميقا.

كيف تتعاملين مع عامل الخوف الذي قد يواكب الحجامة؟

تواجهني في حقيقة الأمر حالات كثيرة يصاب فيها الشخص بخوف من الحجامة، ولكن هنا يكمن دور الطبيب، الذي يتمثل في التعامل مع الشخص برفق وبتوعية، ويهيئه نفسيا للحجامة من خلال شرح بسيط لمعناها وكيفية القيام بها، فهي لا تعطي أكلها إلا إذا كان الشخص مرتاحا نفسيا ومعنويا، مع معرفة السوابق المرضية للشخص مثلا هل سبق له أن قام بعملية جراحية، هل تناول دواء قبل الحجامة إلى غير ذلك.
وللتذكير فعملية الحجامة يجب أن تتم " على الريق" ومن بعدها يشعر الشخص بارتخاء عضلي و راحة نفسية كبيرة، تبقى فقط مسألة التوعية عن طريق وسائل الإعلام وعن طريق المتعاطين لهذا النوع من الطب البديل الذي يجب أن يدعم في المغرب ويجب أن نستفيد من خبرة من سبقونا في المجال لأنه بالفعل يستحق التشجيع ويستحق التنويه.