الجمعة، 31 أغسطس 2007





نلمسه في مختلف المحطات الانتخابية

ما هي أسباب عزوف المرأة على التصويت لبنات جنسها؟


إن التطور التصاعدي في عدد المرشحات والمنتخبات الذي نلمسه في إنتخابات السابع من شتنبر لا يوازيه تطور على مستوى تصويت المرأة المغربية على أختها في مختلف المحطات الانتخابية ، وهذا يرجعه البعض إلى أن مستوى الأمية الذي مازالت تعاني منه النساء سواء في القرى أو المدن ،إضافة إلى التهميش والحيف الذي يسقطهن في شراك سماسرة المتاجرة في الضمير الوطني ، هو السبب الرئيسي لتقهقر التمثيلية الفعالة للنساء المغربيات ، هذه الأسباب وغيرها سنحاول ملامستها من خلال الورقة التالية :


تخوض الأحزاب السياسية هذه الأيام حربا ضروسا أسلحتها الوعود والشعارات الرنانة ، آملة الخروج من المعركة الإنتخابية بأقل الخسائر ، غير أن الملفت هو أن الحملات الإنتخابية بمختلف أنواعها يغلب عليها الطابع الرجالي ، وكأن التلويح بمشاركة النساء في هذه الإنتخابات هو فقط لتلميع صورة الأحزاب التي تعتبر نفسها ديمقراطية ، وأن همهاهو تحقيق تمثيلية مشرفة للنساء في البرلمان .
فمشاركة المرأة المغربية في الإنتخابات التشريعية ، حق يكفله لها الدستور المغربي ، وكذا الإتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب ، والتي تمتع المرأة المغربية بحقوق مهمة ، تضمن لها الحق في الإنتخاب والتصويت ، حيث نجد أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ينص في مادته (21) الفقرة (1,3)أن " لكل شخص حق المشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلده إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون بنزاهة وحرية " كما أن الدستور المغربي يشير في فصله الخامس" أن الرجل والمرأة متساويان في التمتع بالحقوق السياسية " ، فموضوع المرأة والإنتخابات ، يكتسي أهمية قصوى وذلك راجع إلى الحضور الوازن للمرأة المغربية في التجارب الإنتخابية السابقة .
غير أن الحضور الهزيل للمرأة على مستوى المؤسسات التمثيلية ، جعل التطبيل بإدخال النساء إلى قبة البرلمان لا يعدوا أن يكون سوى وسيلة لتأتيث المجال السياسي الغارق في الأزمات ، لهذا نجد أنه من بين المواضيع المطروحة للنقاش حاليا هي التمثيلية النسائية في ظل القوانين الإنتخابية الحالية ، فرغم الإيمان بأن الديمقراطية الفعالة لا يمكن الوصول إليها في أي مجتمع ، بدون مشاركة المرأة سواء كمرشحة في الإنتخابات أو كمصوتة ، فإننا نلاحظ ظآلة هذه المشاركة على كافة المستويات ، إذا ما قورنت بدور المرأة الحقيقي داخل المجتمع .
فهناك عدة عقبات وعراقيل تقف حاجزا أمام تفعيل دور المرأة في تدبير الشأن السياسي ، ومن بين هذه العقبات المرأة نفسها ، بحيث جل النساء اللواتي قمن بالحديث معهن ، رغم تباين وظائفهن ومستوياتهن الدراسية والفكرية إلا أنهن يحملن نفس الأفكار ، فهن يقاطعن الإنتخاب بشدة سواء كان المنتخب إمرأة أو رجل ،إلا قلة قليلة هي التي تشيد بضرورة الإنتخاب .
فمثلا سمية 35 سنة موظفة ، لا تملك بطاقة الناخب ولم تذهب يوما إلى مكاتب التصويت ، الأحزاب في نظرها لا يستحقون ثقة المواطنين لأن همهم الأول والأخير هو الجري وراء المصالح الشخصية وهي لا تميز بين التصويت للمرأة أو الرجل ، فالمهم بالنسبة لها هو الوفاء بالوعود وخدمة مصالح الشعب ، وهذه المميزات تعتقد بأنها متوفرة في حزب رفاق العثماني ، فبحسب رأيها برنامج الحزب يتوفر على الجديد خاصة على المستوى الديني .
نفس الرأي عبرت عنه سعيدة ، حيث جربت التصويت مرة واحدة فقط ولم تستسغ فكرة تكراره ، لأن من منحتهم صوتها لم يلتزموا ببرنامجهم الإنتخابي الذي لوحوا به في بداية الإنتخابات.

أما المقاولة وفاء ، فلا تعني لها الإنتخابات شيئا يذكر ، تقول " المرشحون اللي تنصوتوا عليهم يزيدون غنا على غنا ، أنظروا إلى زوجاتهم ، وأولادهم ، يعيشون مبرعين على ظهورنا ، من أين لك هذا ؟ هذا هو السؤال المحرج لهؤلاء خلال هذه الفترة الإنتخابية ، الإنتخابات بالنسبة لي ضحك على عقول المواطنين ، مثلا ما يجري في الجمارك ، تصوري أن القانون يفرض تقريبا 8,25 بالمائة كضريبة على السلع المستوردة ، وتقولي لي أن أوافق على الإنتخابات ، أنا أثق فقط بالملكية ، أما الشفارة اللي تينهبوا المال العام فأنا مستحيل أن أمنحهم صوتي ، إذا قمت بالتصويت ، هذا يعني أنني متواطئة مع هؤلاء اللصوص" .
والطامة الكبرى ليست هي مقاطعة التصويت في الإنتخابات ، إذا كان مبني على قناعات وحجج منطقية ، ولكن الإشكال يكمن في أن نسبة كبيرة من النساء لا تبالين بجدوى الإنتخاب ، والدليل أن جملة من النساء اللواتي حاولنا إستقاء أقوالهن ،إنتابتهن موجة من الضحك وكأننا نستعرض أمامهن مسرحية هزلية .
وإذا عدنا إلى اللائحة الوطنية ، فالمراهنة على الرفع من عدد المقاعد النسائية في البرلمان إلى 30 مقعدا ، لا يعد حتما ضمان لإثراء العمل البرلماني ، وإن كانت مجموعة من الدول قد جربت آليات الكوطا ، وكان من نتائجها تقوية تمثيلية النساء ، كفرنسا مثلا التي إعتمدت أخيرا مبدأ المناصفة الذي يلزم الأحزاب السياسية بتقديم ترشيحات متساوية للنساء والرجال في الترشيح وتدبير الشأن الحزبي .
وبالرغم من أن مبدأ الكوطا مكن من إدخال 30 إمرأة إلى قبة البرلمان ، إلا أن الفعاليات النسائية المغربية ينتظرن توسيع هذه التمثيلية في ظل مشروع قانون 22-06 المتعلق بالقانون التنظيمي بمجلس النواب.
وفي هذا الصدد أوضحت المرأة الأولى في الحزب الوطني الديمقراطي، في جملة من اللقاءات الصحفية، "أن هناك نظام إنتخابي في مفهومه النظري ومضمونه القانوني ، يضمن تمثيلية منصفة للنساء خارج أسلوب الكوطا ، أو التمييز الإيجابي ، وبأن المشاركة السياسية والتباري على المناصب النيابية حق مشروع ولو أنه لا يخلوا من مواجهة الإكراهات المفتعلة من لدن الأوساط التي تؤمن بالهيمنة الذكورية" .
وهنا لابد أن نشيد بالمجهودات التي بذلتها الفعاليات النسائية التي تجندت من أجل الدفاع عن التحرر القانوني والسياسي ، بحيث تبلورت أولى صيغ مقترحات التمييز الإيجابي في منتصف عقد التسعينات ثم تمظهرت عام 2000 في شكل مقترحات تمحورت حول فكرة الكوطا وفي سنة 2002 حصل تحول مهم في طريقة الإنتخاب بحيث تحول من نمط الإقتراع الإسمي إلى الإقتراع باللائحة ، هذا التطور أسفر على فوز 127 مرشحة لسنة 2003.
والآمال اليوم معلقة على إستحقاقات السابع شتنبر ، والتي تواكبها حملة إعلامية مهمة تستعرض فيها الفعاليات السياسية النسائية عضلاتهن ، حالمات بمقاعد مريحة داخل قبة البرلمان
.

الاثنين، 27 أغسطس 2007


نجاة الكص رئيسة الجمعية المغربية لتنمية أسرة الألفية الثالثة "هناك نوع من الإستخفاف بدور الأسرة في المجتمع المغربي

ترى الدكتورة نجاة الكص أن الجمعية المغربية لتنمية أسرة الألفية الثالثة، تعتزم النهوض بواقع الأسرة المغربية وحل مشاكلها، لدورها الخطير في بناء شخصية الإنسان، وذلك من خلال إعتبارها شأنا وطنيا يقتضي من الدولة التدخل لدعمه ماديا ومعنويا. وأكدت، في الحوار الذي أجرته مع "المستقل"، على ضرورة تخويل الأسرة الإمكانيات اللازمة للقيام بمسؤوليتها في تربية وتكوين الفرد وصيانة كرامته داخل الأسرة والمجتمع... وفي ما يلي نص الحوار:


كيف جاءت فكرة تأسيس الجمعية المغربية لتنمية أسرة الألفية الثالثة ؟
هذه الفكرة ليست وليدة اليوم، وإنما سطرتها في جدول أعمال حياتي منذ 15 سنة، كغيرها من الطموحات التي حققتها بفضل الله عز وجل، كإختياري لممارسة مهنة المحاماة وحصولي على شهادة الدكتوراه والمساهمة في الكتابة والنشر... وفكرة إنشاء هذه الجمعية مرتبطة أيضا بكوني مارست العمل الجمعوي لمدة 15 سنة في العديد من الجمعيات النسائية والحقوقية، إلى أن رأت النور هذه الجمعية في 25 / 4 / 2006 وقد قمنا بعقد ندوة صحفية بغرفة التجارة والصناعة والخدمات بالدار البيضاء، يوم السبت 09 /06 / 2007، بغية التعريف بالجمعية.

ماهو الهدف من إنشاء هذه الجمعية ؟
يسعى المكتب التنفيذي الذي حظيت بشرف رئاسته، إلى تحقيق أهذاف بعيدة المدى، غايتها الدفاع على الإنسان لأنه هو الركيزة الأساسية للتنمية البشرية، وبالتالي نحن نطرح التساؤل الكبير، هذا الإنسان، من يتولى صنعه وتكوينه ؟ فالأسرة بنظرنا هي صانعة الإنسان الأولى، لدورها المحوري في الإنشاء والتكوين والتربية وبناء الشخصية.
لهذا ترى الجمعية، ضرورة تخويل الأسرة الإمكانيات اللازمة للقيام بمسؤوليتها في تربية وتكوين الفرد وصيانة كرامته داخل الأسرة والمجتمع، فالجمعية تعتزم المطالبة بإقرار حقوق خاصة للأسرة المغربية كخلية من أجل تحصينها وذلك داخل إطار تشريعي محكم، إستنادا على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وعلى العهود و الصكوك والإتفاقيات الدولية التي خصصت حيزا هاما للأسرة كمكون أساسي للمجتمع وأيضا إستنادا على مصادقة المغرب على مجموعة من الإتفاقيات التي أصبح ملتزما بإحترامها، كما تعهد بذلك الدستور المغربي لسنة 1996 وإستنادا كذلك على الخطاب الملكي المتعلق بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

ماهي الإستراتيجية التي تنوي الجمعية نهجها للنهوض بواقع الأسرة المغربية ؟
نحن نعتبر بأن مسألة الأسرة ومشاكلها، لا يجب أن تعتبر شأنا خاصا بل هي شأن وطني، لهذا سنطالب الدولة بإيلاء الإهتمام والعناية الفائقة بالأسر الفقيرة أو المحدودة الدخل، لمساعدتها على الإضطلاع بمسؤوليتها الخطيرة في تربية الإنسان وتكوينه وتأهيله، فالدولة يجب عليها أن تحارب الفقر الذي تعاني منه أغلب الأسر المغربية عن طريق تقديم الدعم المادي، من خلال تخصيص صندوق أو إعانة شهرية تساعد تلك الأسر على حل مشاكلها التي هي السبب في إنتشار عدة أمراض إجتماعية كالتسول والدعارة هذه الأمراض الناتجة أساسا عن التفكك الأسري والفقر.

كيف ستقوم الجمعية بتأهيل الأسرة المغربية لولوج الألفية الثالثة؟
بالنسبة إلينا، الإندماج في العولمة هو ضرورة ملحة، لأنه أمام شراسة العولمة، يجب علينا أن نهيئ الإنسان ونربيه على القيم والأخلاق الفاضلة، من خلال إعطائه كافة حقوقه الأساسية إجتماعية ، إقتصادية ، فكرية إضافة إلى مناعة قيمية لكي لا يدوب في وحشية العولمة ، حتى تبقى له هوية تميزه وهنا يبقى الدور الأساسي للتعليم .

بصفتك محامية، ماهي القيمة المضافة لمدونة الأسرة وللجمعية المغربية لتنمية أسرة الألفية الثالثة في حل مشاكل الأسرة؟
ما جاءت به مدونة الأسرة، هو إطار تشريعي لإنشاء الأسرة، عن طريق الزواج والحضانة وتنظيم طرق حل العلاقة الزوجية عن طريق الطلاق أو التطليق ولكنها لا تنص على مقتضيات حمائية خاصة كما هي متعارف عليها دوليا ومنصوص عليها في الإتفاقيات الدولية.
لهذا فالغرض من الجمعية، هو الدفاع عن مكونات الأسرة سواء كان المعني بالأمر رجلا أو إمرأة أو طفلا، إدراكا منا بأن الإنسان هو المحور الحيوي للتنمية البشرية في جميع تجلياتها الروحية، نفسية وجسدية وتربوية... فالجمعية تنطلق من مساءلة الواقع والقانون.
كما أن الجمعية لا تملك الحل، ولكنها تريد أن تشق الطريق بالمساهمة في إقتراح الحلول والبدائل لإخراج الأسرة المغربية من المشاكل اليومية التي تعيشها وإلزام الدولة بحماية الأسرة حتى لا نترك الأمر فقط مقتصرا على المحسنين، فالدولة عليها أن تقدم الدعم المادي والمعنوي. وفي هذا الصدد طالبنا بإنشاء صندوق للنفقة، ينفق على الأسرة المغربية في حالة الطلاق ولحد الآن لم ير النور، لأن هناك إستخفافا بدور الأسرة في المجتمع ، ومع ذلك كلنا طموح لخدمة هذا البلد وخدمة الأسرة المغربية ، وسنعمل على صياغة إقتراحات لإقرار حقوق الإنسان بشراكة مع الجهات المعنية وجميع المتدخلين الذين يمكن أن ننسق معهم في إطار مقاربة تشاركية تقدم البديل لمساعدة الأسرة المغربية وتمكينها من العيش الكريم .




الخيانة الزوجية الطابو المسكوت عنه
بالرغم من أن الخيانة الزوجية
يحرمها الدين ويجرمها القانون، إلا أن الواقع يثبت عكس ذلك، فالمحاكم المغربية تعج بقضايا الخيانة الزوجية، وفي الغالب يكون الطلاق هو الحل الأمثل لها.. لكن ماهي ردة الفعل التي تنتاب أحد الزوجين حين يكتشف بأن شريكه في الحياة يخونه، هل يصمت ويفكر جليا في الأسباب التي دفعت به إلى إرتكاب هذا الجرم في حقه، أم يشن حربا ضروسا تكون نهايتها كارثية على مستقبل الأسرة خاصة في حالة وجود أطفال؟ أسئلة حاولنا ملامستها من خلال بعض الشهادات التي إستقيناها في هذا الباب والتي إن عبرت على شيء فإنما تعبر الرفض المجتمعي لهذه الآفة التي تتشابك خيوطها لكثرة أسبابها.

لم تكن السيدة فاطمة 27 عاما تعتقد بأنه سيأتي يوم وتكتشف فيه خيانة زوجها، الذي جمعتها به قصة حب كان ثمرتها إنجابها لطفلين، سيخونها في يوم من الأيام، تقول فاطمة " أصبح زوجي يدخل ثملا إلى المنزل وفي وقت متأخر من الليل كما أن تعامله معي تغير، بحيث أصبحت أحس بأنني لم أعد أعني له شيئا وتأكدت بأنه يخونني،
فمرة ضبطته يتكلم في الهاتف ويقهقه من كثرة الضحك ولم يكترت بي فلم أستطع مواجهته وتحملت إلى أن فاض بي فصارحته بحقيقة شعوري فإنتفض ولم يلبث ثانية حتى قال لي هزي حويجك ويلله لداركم وأنا اللآن أريد الطلاق فلم أعد أتحمل العيش معه على سقف واحد خاصة بعد محاولاته لضربي أكثر من مرة ولشكه الذي زاد في السنتين الأخيرتين " .
أما ردة الفعل التي تنتاب الزوجة حين يخونها زوجها فهي تختلف بحسب شخصية المرأة فهناك سيدات لا تعيرن إهتماما للأمر، في حين نجد أخريات يقمن الدنيا ولا يقعدنها إذا إكتشفوا بأن الزوج يخونهن، تقول السيدة عزيزة 37 سنة أم لطفلين، " في السنوات الأولى من الزواج تكون المرأة محبة لتملك الزوج خاصة وان الحب يكون متأججا في تلك المرحلة، ولكن مع المدة وخاصة بعد الولادة يصبح إهتمام المرأة الرئيسي هو الأطفال، فهنا حدة الصدمة تختلف عن الأولى، وفي كلتا الحالتين الزوجة إذا إكتشفت خيانة زوجها من الأحسن أن لا تواجهه لأن في ذلك إعطاؤه فرصة للتمادي ولكن في نفس الوقت تحاول إصلاح ما يمكن إصلاحه، أما فيما يخص خيانة المرأة، فأنا أتقبل الرجل الذي يخون ولا أتقبل المرأة التي تخون زوجها لأن المرأة تحمل الحياة في أحشائها، ولأن الرجل عنده ميول طبيعي للتعدد، فهناك رجال مؤهلين للخيانة بالرغم أنهم يمتلكون زوجات آية في الجمال ومع ذلك يمارسون الخيانة، ففي هذه الحالة المرأة يجب أن تكون ذكية إذا أرادت الحفاظ على بيتها وعلى زوجها وذلك من خلال تقليلها من الذاتية المفرطة والإهتمام بنفسها أكثر داخل المنزل.
أما حميد فيقول بأن الشعور الذي ينتاب الزوج حين يتعرض للخيانة ، يتمثل في أنه يحس بعدم الثقة في نفسه وفي الآخرين إضافة إلى إحساسه بالضياع أو بالأصح الشمتة ، لأنه تعرض للغدر من أقرب الناس إليه وقد يصل به الأمر إلى حد الإنتحار أو الدخول في أزمة نفسية يكره فيها جميع النساء ، أما ردة الفعل فتختلف، فهناك فلسفتين ، الأولى : " تيقول الراجل نقتلها هي وياه ونمشي الحبس ، وهذه فلسفة قديمة ، أما الفلسفة الثانية :تيقول الراجل بأنها" في جميع الأحوال شارفة وكاينين ما صغر منها ، وفي الأخير هي الخاسرة ، في هذه الحالة يصبر ويبلغ الشرطة لضبطها في حالة تلبس

هذا ويؤكد الإخصائيون النفسيون، بأن الخيانة الزوجية شعور نابع من أعماق الأنا وهي حالة ناتجة عن الإستياء أو النقص في الحنان ، كما قد تأتي نتيجة التهميش ، وقد تكون محاولة لإثبات الوجود أو رد الإعتبار ومحركها الأساسي المكبوتات الجنسية .
فالخيانة الزوجية من الناحية النفسية كالشراب والقمار من السهل ممارستها والإعتياد عليها ولكن من الصعب جدا الإقلاع عنها فلا الرجل ولا المرأة يعلمان عواقب الفعل إلا بعد فوات الأوان، وذلك يرجعه البعض إلى ضعف الوازع الديني وعدم إستحضار مراقبة الله عند
الإقدام على الخيانة .
أما المجتمع المغربي فهو يميز بين خيانة الرجل وخيانة المرأة وذلك راجع إلى القيم الذكورية السائدة والتي تعترف بأحقية ممارسة الرجل لرغباته ونزواته من منطلق الرجولة والفحولة ، لهذا نجد العديد من الرجال يتباهون بعدد عشيقاتهم ، ففي ظل الفوضى الأخلاقية التي نعيشها ، أصبحت الخيانة الزوجية أمرا متعارف عليه وفي نفس الوقت طابوا ليس من السهل الحديث فيه .
وإذا كانت غالبية الشرائح الإجتماعية في المغرب تنظر إلى الخيانة الزوجية كوصمة عار على جبين مرتكبها، بحيث أن نظرة المجتمع للمرأة الخائنة تختلف عن الرجل، فالمرأة التي إقترفت جرم الخيانة الزوجبة لا يرحمها المجتمع،وإذا خانها زوجها تتهم بأن إهمالها له هو الدافع الذي جعله يخونها ،فإن هناك إتجاه آخر بدأ يطفوا على السطح ، ينطلق من فكرة الحرية الشخصية وبأن الإنسان حر في جسمه ، بحيث أن مثل هاته النزوات هي بمثابة متنفس يضمن للعلاقة الزوجية إستمرارها ، وهذا الرأي تتبناه بعض الجمعيات الغربية لكن يبدوا أن رياحه بدأت تهب على المغرب حيث أصبحنا نسمع عن حكايات البرجوازية الجديدة التي أضحت تعتبر الخيانة الزوجية موضة العصر
والخيانة الزوجية لم تعد مقتصرة على الزوج بل أصبحت الزوجة كذلك ضليعة في ممارستها بحيث تعج المحاكم المغربية بقضايا
لأزواج يتهمون زوجاتهم بالخيانة الزوجية بل أكثر من ذلك فهناك حالات ضبطت فيها الزوجات في حالة تلبس، فبتاريخ 09 يوليوز 2007 أصدرت المحكمة الإبتدائية بالدار البيضاء في جلستها العلنية وهي تبث في القضايا الجنحية الحكم على الزوجة وشريكها اللذان كان على متن سيارة أجرة وقد أكدا لهيئة المحكمة أنهما كان على علاقة غير شرعية، حيث إتضح عند الإستماع إلى الظنينة الأولى أنها كانت على علاقة غير شرعية مع الظنين الثاني، وأنها سبق لها أن مارست معه الفساد وهو يعلم بأنها متزوجة، وحيث أن المشتكي ( الزوج) أدلى بتنازل عن شكايته لفائدة الزوجة الظنينة، مما يضع حدا للمتابعة حسب الفصل 492 من القانون الجنائي وبالتالي سقوط الدعوى العمومية، فيما يتعلق بالخيانة الزوجية ومعاقبة الظنين الثاني بستة أشهر حبسا نافدا مع الصائر. أما الحالة الثانية، فتتلخص في إصدار المحكمة الإبتدائية بالدار البيضاء في جلستها العلنية حكما يقضي بإدانة الظنينة ( الزوجة ) بالخيانة الزوجية والظنين الثاني بالمشاركة في الخيانة، حيث أنه بناءا على الشكاية التي تقدم بها الزوج ومفادها ضبط الزوجة وهي برفقة الشريك بشقته يتبادلان القبل ومنهمكين في ممارسة الجنس، وبعد إعتراف الظنينين بالمنسوب إليهما، أصدرت المحكمة حكما يقضي بالحكم على الظنينة بثمانية أشهر حبسا نافدا وعلى الشريك بستة أشهر حبسا نافدا مع تحميلهما الصائر والإجبار في الأدنى

وفي نفس السياق، تقول الصحافية جميلة:
" بالنسبة لي سواء المرأة أوالرجل اللذان يتعاطيان للخيانة الزوجية، يكون عندهم نقص في جانب من الجوانب الجنسية أو العاطفية، فالمرآة التي تخون زوجها، تكون قد أجبرت على ذلك كأن يكون الزوج غير مهتم بها ، فالمرأة بطبيعتها لابد للزوج أن يهتم بها معنويا وماديا ، أو أنها غصبت في زواجها من رجل لا تحبه بحكم التقاليد والعادات ، فأي رجل يهتم بها في هذه اللحظة سترتمي في أحضانه ، وبصفتي صحافية فقد صادفت حالات بهذا الخصوص ، ومنها واقعة تتلخص في أن أب الزوج المهاجر خارج أرض الوطن شك في خطوات زوجة إبنه وتأكد بأنها تخونه مع صاحب الدكان فقام بإشعار الشرطة التي حضرت وضبطتهما في حالة تلبس ، وبعد الإستماع للظنينة ، قالت بأنها لاتراه إلا بعد أربع سنوات إضافة إلى أنها تزوجت به رغما عن إرادتها .
والمغرب ليس وحده الذي يعاني من هذه الظاهرة، فالإحصائيات التي قام بها مركز الدراسات الإجتماعية الخاص بالإتحاد الأروبي بأن 80 بالمائة من المتزوجين قد مارسوا الخيانة الزوجية مرة واحدة في حياتهم .
وفي هذا الصدد يقول كارلوس مالو ، مدير معهد علم الإجتماع سيغما 2 في كتابه ( كيف تخون دون أن يفتضح أمرك ) أن معظم الخيانات تحدث بين سن 30 و49 أما الأسباب فتختلف بإختلاف الجنسين ، فالرجل يعلل ذلك بالرغبة في خوض تجربة جديدة يكتشف من خلالها عوالم مختلفة ، أما المرأة فتبرر خيانتها برغبتها في الحب والحنان ، هذه العوامل وغيرها هي التي تجعل المرأة ترتمي في حضن أي رجل يبدي إهتمامه بها . أما علماء البيولوجيا فيقولون بأن الرغبة الجنسية مرتبطة بشكل مباشر بمعدلات التستوستيرون أو الهرمون الذكري، هذا المعدل يكون أكبر بإحدى عشر مرة عن النسبة الموجودة في جسم المرأة، والرجل عندما يمارس الجنس يفرز كمية من الحيوانات المنوية قد تصل إلى 600 مليون حيوان منوي الشيء الذي يجعله غير قادر على كبح جماح شهواته الجنسية .



الأستاذ محمد السالك محام بهيئة الدار البيضاء : المشرع المغربي تشدد في إثبات جريمة الخيانة الزوجية

ماذا يقول رجل القانون في الخيانة الزوجية؟
يجرم المشرع المغربي الخيانة الزوجية بمقتضى الفصلين 491 و 492 ، حيث عاقب مرتكب هذا الفعل بالحبس من سنة إلى سنتين ، غير أنه إشترط إقامة المتابعة على الشكوى من طرف الزوج أو الزوجة المجني عليهما .
وفي حالة ما إذا كان أحد الزوجين غائبا خارج الوطن أجاز للنيابة العامة أن تقوم بصفة تلقائية بمتابعة الزوج الآخر الذي يتعاطى للخيانة الزوجية بصفة ظاهرة
وبمجرد تنازل أحد الزوجين عن شكايته ، تسقط المتابعة في حق الزوج أو الزوجة المشتكى بهما ، كما أنه إذا صدر في حق أحدهما حكم غير قابل للطعن فإن التنازل الذي يأتي بعد هذا الحكم يضع حدا لآثار الحكم السابق القاضي بالمؤاخدة .
هذا بخصوص الزوج أو الزوجة المقترفة للفعل ، أما بالنسبة للشريك فهو لا يستفيد من التنازل مطلقا ما لم يكن بدوره متزوجا ، وحصل على تنازل من الطرف الآخر .
والمشرع المغربي تشدد في إثبات جريمة الخيانة الزوجية حيث إشترط لإثباتها ، أن تكون بناءا على محضر رسمي ، تحرره الضابطة القضائية في حالة التلبس أو إعتراف كتابي ، أو إعتراف قضائي .


لماذا تشدد العقوبة على الزوجة المرتكبة للخيانة الزوجية وتخفف على الزوج ؟
ليس هناك أي تشدد ، لأن القانون الجنائي يساوي بين الرجل والمرأة المتزوجان والمقترفان لفعل الخيانة الزوجية ، بل أكثر من ذلك الفصل 490 لم يميز بين إرتكاب فعل الخيانة الزوجية من طرف الزوج أو الزوجة في حال غياب الطرف الآخر خارج أرض الوطن وإذا كان النص القديم يعطي الحق للنيابة العامة بتحريك أو متابعة الزوجة التي تتعاطى الخيانة الزوجية بصفة ظاهرة والتي يكون زوجها خارج أرض الوطن إذ أن النص الجديد أعطى للنيابة العامة حق المتابعة بخصوص الزوج أو الزوجة معا في حالة غياب الزوج الآخر .
إلا أن خيانة المرأة لزوجها يكون لها وقع إجتماعي أكثر من خيانة الزوج لزوجته ، نظرا للعقلية المغربية ، وكذلك الأخد بعين الإعتبار الأثار الخطيرة التي يمكن أن تنتج عن خيانة المرأة لزوجها خاصة إختلاط الأنساب ونسب أطفال لآباء قد يكونون غير آبائهم الطبيعيين

العنوسة بين مطرقة التقاليد وسندان الحداثة

فيما تقبع فتيات وراء جدران المنازل، معانقات حلمهن الوردي، بحيث ماتلبث الواحدة منهن أن تسمع صوت "الطبالة والغياطة " حتى تقفز من مكانها مهرولة إلى النافذة تندب حظها العكر الذي جعلها تبقى عانسا وهي قد تجاوزت عقدها الثالث ، تجلس أخريات أمام شاشة الكمبيوتر ، بكامل أناقتهن وبصدور شبه عارية في جلسات حميمية مع رجال في الغالب من دول النفطية، حيث تجد الفتاة تتكلم اللهجة الخليجية وكأنها خليجية .
فلقد أصبح تأخر سن الزواج عند الجنسين كارثة إجتماعية، فالعانس لغة هي المرأة التي طال مكثها في البيت ولم تتزوج قط، ويصح أن يقال للرجل عانس ولكن الشائع هو أن هذا المصطلح يطلق على المرأة، وفي اللهجة المغربية يقال للفتاة "بايرة " وهي مشتقة من اللفظة العربية بارت الأرض، بمعنى فسدت ولم تعد صالحة للزراعة، وتختلف محددات العنوسة من منطقة لأخرى ففي القرية المغربية، إذا تجاوزت الفتاة سن العشرين تعد عانسا، أما المدينة فعمر العنوسة يحدده البعض في سن الثلاثين فما فوق، نظرا لخصوصية الفتاة المدنية المرتبطة بالدار والوظيفة.
فالإحصائيات المتوفرة تؤكد بأن ظاهرة العنوسة في المغرب في تزايد مستمر وبالرغم من ذلك، نجد بأن هناك صمت من قبل الهيئات المتخصصة في البحث عن علاج لهذه الآفة الإجتماعية هل هذا مقصود أم حقيقة لا داعي للحديث عن العنوسة في المغرب.
فقد أوضحت المندوبية السامية للتخطيط أن نسبة العزاب الذكور بالمغرب تصل إلى 45,5 بالمائة بينما تنحصر في 26,3 بالمائة في صفوف الفتيات ، كما أعلن أحمد الحلمي المندوب السامي للتخطيط خلال ندوة عقدت مؤخرا بمدينة النخيل ، مراكش ، أن العنوسة في المغرب في تزايد ، مستندا على الإحصاء الأخير الذي أنجزه المغرب في سبتمبر 2004 ، حيث أوضح أن نسبة العازبات والعزاب في الفئة العمرية 15-19 سنة و20-24 سنة أصبح يناهز المائة بالمائة .
ووفقا لدراسة أعدت بمدينة الدار البيضاء، من طرف الأمم المتحدة ومنظمات مغربية غير حكومية، توصلت إلى أن متوسط أعمار الأمهات العازبات يبلغ 26 عاما وفي أربع من خمس حالات كانوا مولودات وناشئات في بيئة مدنية وينتمين إلى طبقة معدومة أو متوسطة.
فالمشكل في تفشي العنوسة، هو معقد، تتشابك خيوطه كلما حاولنا فكها، يقول الأستاذ محمد ( 45) عاما، عازب ، أن العنوسة إذا كانت إختيارا فهذا يعتبر مرضا وسلوكا غير عادي ، بالمعنى الإجتماعي ، فالرجل في نظره يختار العنوسة في حالتين : الأولى ، عندما تكون حالته الجسدية والعضوية عادية ولكنه يعاني من إضطرابات نفسية ، هي التي تجعله غير قادر على إختيار الشريك وعلى تحمل المسؤولية .

الثانية، هي عندما يكون الشخص عاجزجنسيا وغير قادر على تلبية رغبات زوجته، فهذه المسألة إختيارية وإضطرارية في نفس الوقت ، لأن هناك رجال عاجزين جنسيا ولكن متزوجين .
أما إذا كانت العنوسة إضطرارا فهنا تتدخل جملة من العوامل الإجتماعية والإقتصادية والتقافية تجعل الرجل والمرأة غير قادرين على الزواج، إضافة إلى الجانب النفسي في إختيار شريكة الحياة, فمسألة الإنفتاح الذي تعرفه العلاقات الجنسية، حيث أن الرجل يقول "خصني ندوزها " بمعنى نتصاحب مع 100 وحدة ونتبرع مع راسي وبعد ذلك أفكر في الزواج.
أما عن السبب الذي جعلني لم أتزوج لحد الآن هو أن ظروفي لم تسمح لي، فأنا إبن أسرة فقيرة، وبعد حصولي على الدبلوم كان لابد من إجتياز مرحلة التدريب التي دامت 3 سنوات, بعد ذلك أصبح همي هو إعالة أسرتي، والآن إذا وجدت "بنت الحلال " وفيها كل المواصفات من جمال وثقافة وأخلاق فعلاش اللا .
وهناك من الرجال من يضربون على الزواج كسعيد الذي يقول " لماذا أتزوج وأنا أتزوج في الليل وأطلق في الصباح ".
وإذا كان هذا نموذج لتفكير شريحة من الرجال، فالآنسة أمال لها وجهة نظر مغايرة، حيث تقول، إن الزواج لم يعد يعني لي شيئا، فلم تعد له أية قيمة مضافة بالنسبة إلي، فبحسب نظرها العنوسة إختيار، بحيث أصبحت هناك أسبقيات في الحياة أهم من الزواج، كالدراسة والعمل، فدور الزوج إنمحى، بحيث أصبحت المرأة قادرة على حماية نفسها ماديا، أما الأمومة، فيمكن أن أمارسها من دون ولادة، من خلال الإعتناء بأقرب الناس إلي ( أمي، أبي، إخوة )، فهناك أمهات حقيقة لكن بدون أمومة.
وفيما يخص الأسباب التي تدفع الرجال والنساء إلى العزوف عن الزواج تقول حنان، السبب الأول، مادي، بحيث الظروف أصبحت صعبة ولم يعد الرجل قادر على فتح بيت وتحمل مسؤولية تكوين أسرة، أما السبب الثاني، فيكمن في الإنفتاح الذي يعرفه المغرب، فقد أصبح كل شخص يسعى فقط إلى إسعاد نفسه، فالرجل لم يعد يريد المرأة التي تتحكم فيه، والمرأة كذلك أصبحت تبحث على الماديات والكماليات ونسيت الضروريات التي تتمثل في إنشاء أسرة، كذلك من بين الأسباب التي جعلت الرجال يكرهوا الزواج هو مدونة الأسرة، فالشروط التي جاءت بها جعلت الناس يتخوفون من الإقدام على خطوة الزواج.
وفي هذا الصدد أوضح الأستاذ محمد السالك، محام بهيئة الدار البيضاء، أنه بعد صدور مدونة الأسرة فعلا كان هناك تخوف في السنتين و3 سنوات الأولى وذلك راجع إلى النظرة المغلوطة التي صاحبت صدور المدونة، فيما يتعلق بإقتسام الثروة بعد الطلاق، مع العلم أن المشرع المغربي لم ينص على ذلك وإنما ترك الإختيار للزوجين في الإتفاق على تدبير أموال الأسرة المكتسبة أثناء الزواج في وثيقة مستقلة، ولكن بعد مدة تبين للناس أن إقتسام الممتلكات بعد الزواج، فكرة مخالفة للحقيقة، وبالتالي بدأت نسبة الزواج ترتفع شيئا فشيئا.
وكانت التعديلات التي تضمنتها مدونة الأسرة حول السن القانونية للزواج قد وحدت هذا السن في 18 سنة عبد الرجل والمرأة مع تخويل القاضي إمكانية تخفيضه في الحالات المبررة وفي هذا الإطار أكد مركز الإعلام والرصد للنساء المغربيات أن عدد الطلبات المقدمة أمام ثمانية محاكم إعتبارا من بداية تطبيق المدونة لغاية متم سنة 2004، بلغ 3703، طلبا جرى الترخيص و الإذن بشأن 3603 طلبا، أما مقرر الرفض فقد إنحصر في 127 طلب.
فلقد باتت فئة من الشابات ترفض الزواج المبكر، وتعتبره عائقا نحو تحقيق طموحاتهن، وحاجزا يعيق تحقيق الإستقلال الإقتصادي ويساعد هذه الفئة إنتشار التعليم وإنفتاح الأفق على مناصب عليا في الإدارة، بحيث أصبح الرجل المغربي خاصة يفضل المرأة المتعلمة والموظفة وهذا راجع بحسب البعض إلى تزايد متطلبات الحياة وتغير نمط عيش المجتمع، تقول وفاء " مابقاوش رجالة " لقد أصبح الرجال ماديين " بغاواالمرا تخلص عليهم كلشي، فقد أصبحوا شادين التيار الأوروبي وإنسلخوا على هويتهم الأصلية، ولا الراجل باغي المرا ديال الدار وباغيها أوروبية، يعني باغيها جنية تطير، مع الخمسة ديال الصباح تطيب وتجفف وتمشي بحال الجفافة لخدمة, وترجع في الليل مهلوكة وتزوق وتقاد بحال العروسة، أنا ما بقيت باغا راجل، وردا على سؤالي لها ، هل أنت مع التعدد ، أجابت ببرودة نعم ، شنو غيحل هاذ المشكل من غير التعدد .
وفي إتجاه آخر تحدتث مع فاطمة، 25 عاما، صادفها الزمن بشخص إفتض بكارتها وأنجبت منه إبنة، فإنغلقت أبواب الزواج في وجهها فكان البديل هو ممارسة الدعارة، بحيث تخرج كل مرة مع بون يقضي حاجته منها مقابل مبلغ من النقود، تقول فاطمة وهي تبكي " حتى واحد مابغا يسترني ويتزوج بي، أنا وحق الله العظيم حتى طيبة ، وما بغيتش نبقى في هاذ الوضع ، ودابا راني تنعيش شخص بدون زواج ، وعدني به لكن أخلف بوعده ، ومازلت أخرج مع رجال آخرين ويعلم بذلك ولكن لا يهمه المهم هو الفلوس "
وقد إقترح الشيخ عبد المجيد الزنداني، العالم والمفكر اليمني حل شرعي للعنوسة وتيسير الزواج وذلك من خلال خلق صلة زواجية جديدة تحتى إسم زواج فريند، بحيث يمكن لشباب والشابات أن يرتبطوا بعقد زواج شرعي ، دون أن يمتلكا بيتا يأويان إليه غير أن هذا الحل يبقى مثار جدل ويطرح جملة من التساؤلات تجعل الشباب يتخوف ويلجأ إلى طرق أخرى كالزواج عبر الأنترنت كما أن الفضائيات العربية أعدت برامج تشجع على الزواج كلالة "العروسة" الذي
تقدمه القناة الأولى وقسمة ونصيب الذي تقدمه القناة اللبنانية كمحاولة لتقليل من نسبة العنوسة في العالم العربي







بني ملال تعيش تحت وطأة الفقر والتهميش ولا تبتسم إلا في فترة الصيف

كل خطوة نخطوها ونحن في طريقنا إلى إقليم بني ملال ، نستشعر دفء المكان وجاذبيته ، المنسجمة مع جمال طبيعته ونقاء جوه ، وهدوءه الملفت ، رغم كثرة الزائرين ، هدوء أنسانا تعب السفر وعناء المسافة التي قطعناها للوصول إلى جوهرة الأطلس .
جبال شامخة وشلالات عذبة وأراضي خصبة وطبيعة خضراء تنتعش من مياه العين الشهيرة " عين أسردون " .
إذا كانت مدينة بني ملال ، قد تربعت على عرش الجمال بوصفها جوهرة الأطلس ، المتلألئة في أعين زوارها وكل من حالفه الحظ وإستمتع بجوها وشرب من مائها ونام تحت ظلال أشجارها وبساتينها ، فإن الواقع الذي تعيشه المدينة والذي يتخبط فيه جل سكانها يدق ناقوس الخطر الذي يهدد هذه المدينة العريقة ، التي يشهد التاريخ بصمودها في وجه من حاول إستغلال ثرواتها.
فبني ملال ، مدينة مغربية تقع في الوسط الغربي للمملكة بين الأطلس المتوسط وسهل تادلة وهي عاصمة إقليم بني ملال وجهة تادلة أزيلال ، تبعد عن الدار البيضاء بحوالي 250 كيلو متر ، وعن العاصمة الرباط ب 340 كيلو متر .
ومصطلح بني ملال يدخل ضمن قائمة المصطلحات التي تعكس التنوع اللسني في المغرب بحيث أن مصطلح بني ملال هو مركب من لفظتين ، الأولى عربية وتفيد آل أو (أولاد أو أبناء الثانية أمازيغية وتعني الشديد البياض ( أملال
ويبلغ عدد سكان المنطقة بحسب إحصاء 2004 بحوالي 248 163 نسمة ، وهي تعتمد بشكل كبير على الفلاحة والسياحة الجبلية التي تشكل العمود الفقري لبني ملال ، بحيث تنتعش إقتصاديا في فصل الصيف وهذا الإنتعاش يبلغ ذروته في شهر غشت ، نظرا لأنه شهر عودة المغاربة من ديار المهجر بإمتياز ، بحيث تعم شوارع بني ملال والنواحي بالسيارات المسجلة بأوربا ، الشىء الذي يفسر إزدهار التجارة بمختلف أنواعها ، مقاهي لبيع المأكولات ( الطواجن) ، بيع الفطائر والحساء ( المسمن والحريرة ) ، بحيث لا تكاد ترى متسولا يجوب الشارع ، فالكل منهك في عمله حتى ولو كان بسيطا .
كما تشتهر المنطقة ، كما أسلفت بعين أسردون وهي كلمة أمازيغية وتعني الحصان وهي تعد ثروة مائية بإمتياز ، فخيرات مياهها يستفيد منها الجميع ، بحيث يبلغ متوسط الصبيب 80 لتر في الثانية ، الشىء الذي ينعكس إيجابا على الأراضي السقوية التي تشكل40 بالمائة من مجموع المساحة الصالحة للزراعة ، دون نسيان تربية المواشي وتأتي تربية الماعز في المرتبة الأولى ، غير أنه بالرغم من الخيرات التي تزخر بها لبني ملال ، من طبيعة ساحرة وأنهار جارية وجبال عالية ، فإنها تشكوا واقعا جغرافيا صعبا , يقوم على تضاريس وعرة وعلى مسالك جبلية خطرة ، تجعل من الصعب على الآهالي المنطقة الحصول على نصيبهم من المياه الصالحة للشرب بسهولة فالعالم القروي في هذه المناطق يعاني من نذرة هذه المادة الحيوية حيث لا زالت الدواوير تعتمد على الآبار المنزلية الغير معالجة إضافة إلى إفتقار المنطقة لمستشفيات ووسائل التطبيب والعلاج بحيث يوجد بجهة تادلة أزيلال أربع مستشفيات و150مستوصفا ، من بينها المستشفى الجهوي الموجود بمدينة بني ملال والذي يعاني نقصا على مستوى االتجهيزات والأطباء خاصة الإختصاصيين ، كذلك تعاني المستعجلات من ضعف الخدمات الإستعجالية وقلة الأدوية إضافة إلى أن سكان القرى والنواحي لا يستفيدون من محاولات الدولة للنهوض بالقطاع التعليمي ، فيما يتعلق بتمدرس الفتيات على وجه الخصوص ، فالمدارس موجودة ولكنها بعيدة ، الشىء الذي يقف عائقا أمام تحقيق تنمية فعالة للمنطقة ، التي لا يبدوا على ساكنتها مظهر من مظاهر الرخاء فهم غارقون في وابل من التهميش والبطالة ، الأمر الذي يدفع أبنائها للتفكير في خوض غمار الهجرة السرية ، رغم إدراك خطورة الفعل، يقول يوسف 29 عاما " لا أحد ينكر أن بني ملال مدينة فلاحية ، ولكن الفلاحة لوحدها لاتكفي ، فليست هناك معامل لتشغيل اليد العاملة ، اللهم بعض الضيعات التي تستغل النسوة أبشع إستغلال ، يضيف يوسف حنا عايشين في بلادنا محكورين و مقهورين ، لأنه هناك من يستغل نفوذه وسلطته ، ولكن المخزن لا يأخد لك حقك كمواطن ، فتفكر في الهجرة لكي تشتري السلطة بالمال .
والغريب في الأمر أن الغالبية العظمى تفكر في الحصول على المال ولكن دون السؤال على مصدره ، فليس مهما ان يكون المصدر هو المخدرات أو الدعارة ، المهم هو أن تشتري القوة بالمال وأن تركب سيارة فاخرة تغري أعين الناظرين وتوهمهم بأن الحياة سهلة للغاية وبأن أوربا هي منجم السعادة وهي في الحقيقة مقبرة التعاسة ، فيوسف في كلامي معه لم يرد أن يعود عن قراره ، فهو عازم كل العزم على الهجرة طال الزمن أم قصر وقدوته في ذلك أخاه الذي هاجر إلى الديار الإيطالية وبعد عام عاد إلى أرض الوطن وإشترى منزلا وسيارة وفي المغرب إشتغل 10 سنوات " وما طفروش " ، أما فيما يخص مدخول يوسف من بيع الطواجن والمأكولات فهو يصل إلى 100 درهم في اليوم الواحد ، فقط في شهر غشت أما باقي الأيام فالحركة ضعيفة .
وفي طريقنا إلى عين أسردون إلتقينا بخديجة ، 19 سنة قاطنة بمنطقة تفردين ، التي تبعد عن العين بحوالي 4 كلم ، تمثل هذه الفتاة نموذجا للبنت القروية البسيطة التي قست عليها الحياة عندما إفترقا والديها ، وتركوها في حضن الجد والجدة ، دون أن تتمكن من دخول المدرسة
ومع ذلك فهي راضية كل الرضى على الوضع الذي تعيشه تحكي خديجة " نحن من منطقة سوس ، أتينا إلى بني ملال ، وإتخدنا قشلة للعسكر الإستعماري منزلا لنا ، أنا الآن مخطوبة لشخص من المدينة ، ولا أقبل بصحاب الطاليان وخا يعطيني مال الدنيا ، حيث تيضحكوا على البنات ديال الدوار وتيرجعوا مطلقات بعد شهر تقريبا ".
ففي غياب الوعي يبقى مصير فتيات هذه المناطق بين كف عفريت ، بحيث تكثر في بني ملال وغيرها من المناطق ظاهرة المتاجرة بفلذات الأكباد ، بحيث صادفنا حالات لفتيات تزوجن من ( أصحاب الخارج) وفي آخر المطاف كان ثمرة الزواج الإنفصال بعد أسبوع أو شهر على الأكثر ، وإن كان البعض يلوم في بعض الأحيان الزوجة التي قد تخون زوجها وهو خارج أرض الوطن كفاطمة التي ضبطتها حماتها تتكلم مع شخص غريب في الهاتف الذي إشتراه لها الزوج قبل سفره .
ومن الحكايات التي روتها لنا خديجة ، ما يجري في منطقة سيدي بوعقوب أو سيدي بوعشوش ، بحيث أخبرتنا بأنه هناك مجموعة من الأشخاص يقطنون ( البرارك) في تلك المنطقة التي جاءت بالقرب من بئر يستعمله الناس لجلب المياه ، بحيث تسرد خديجة منظر فتيات يحتسون الخمر مع هؤلاء ( الشماكرية) أمام أعين الناظرين ، ولا يقف الأمر عند ذلك بل تعداه إلى حد التطاول على فتيات القرى ، بحيث سجلت العديد من حالات الإغتصاب ، لفتيات لا يتجاوز سنهن الحادية عشر سنة ، وهي نفسها راودها أحدهم وقال لها ( حيدي حوايجك ولا نقتلك).
وإذا كانت خديجة راضية على وضعها ، وستجد الزوج الذي قد ينسيها الحرمان الذي عاشته فإن فوزية 31 عاما ، أرملة وأم لولدين وبنت، تقطن بدوار آيت فالحة ، إنغلقت أمامها كل الأبواب بعد وفاة معيل الأسرة غرقا في مياه البحر بعد محاولة للهجرة كانت عواقبها وخيمة على الأم التي لم تعد قادرة على العمل بسبب المرض ، وكحل للأزمة فإن إبنتها البالغة من العمر 12 ربيعا تحترف النقش في موسم الصيف ، لإعالة أسرتها وشراء لوازم العام الدراسي المقبل.
لم تعد الهجرة حكرا على الرجال فقط بل حتى الفتيات في بني ملال أصبح حلم الهجرة يراودهن ، فسعاد من مواليد 1987 ، تحترف مهنة النقش ، مستواها الدراسي ، الرابعة إعدادي تقول " أنا ما عاجبانيش هاذ الخدمة ، النقش طلع لي في الراس ، أنا بغا نمشي للخارج ، مشيت حاركة ولكن السيد اللي عولت عليه تشد ودا لي 4000 درهم ، حقيقة ندمت ولكن دابا بغا نمشي بكونطرا " .
ومن بين المشاكل التي يعاني منها الإقليم والتي تؤرق الساكنة إستفحال الفساد الأخلاقي الذي أصبح ظاهرا للعيان بحيث أن المساومة على الجسد تكون أمام أعين المارة ، وهذا بحسب البعض هو راجع إلى الظروف القاسية التي تعاني منها المنطقة إضافة إلى توافد فتيات من مناطق أخرى للإستقرار ببني ملال إما هربا من فضيحة أو خوفا من العار.
هذا وتكثر في فصل الصيف الأعراس بشكل لا مثيل له ، بحيث على الساعة التاسعة مساءا تتراءى لك سيارات العرسان وهم يلتقطون الصور بجانب شلالات عين سردون، منظر يشعر الناس بالبهجة والسرور ولكن يخفي وراءه جرحا دفينا ، لا تنكشف خفاياه إلا بعد مدة
وبحسب جل الساكنة فالمجهودات تبقى غير كافية ، والمنطقة تحتاج إالى مزيد من التأهيل على جميع المستويات .
كذلك من بين الصعوبات ، مشكل النقل الحضري الذي يساهم في تعميق الهوة بين القرية والمدينة ، بحيث تمثل سيارات الأجرة وسيلة النقل الرئيسية في الإقليم ، الأمر الذي يرجعه البعض إلى ضعف الشبكة الطرقية التي تساهم في تعميق عزلة الجهة خاصة المناطق الجبلية. فالكثافة الطرقية بالجهة لا تتعدى 14 كلم في 100 كلم2 .هذا بالإضافة إلى أن
الجهة لا تتوفر على شبكة الطرق الحديدية والجوية.
أما فيما يخص البنيات السياحية والترفيهية ، فالمنطقة تفتقر للفنادق ودور الضيافة ، الشىء الذي يقف حاجزا أمام تشجيع السياحة بصنفيها الداخلية والخارجية ، الأمر الذي يدفعنا للتساؤل هل مدينة لا تدخل في إطار الإستراتيجية التي تنهجها الدولة لجلب 10 ملايين سائح في أفق 2010