الأربعاء، 31 أكتوبر 2007

الباعة المتجولون يحتلون الشوارع العمومية بمدينة الدار البيضاء

يعتبر إحلال الباعة المتجولون للشوارع العمومية بعدد من شوارع البيضاء إشكال أصبح يؤرق السلطة و المواطنين القاطنين بهذه الأحياء، سواء كان ذلك بحي البرنوصي، أو حي سيدي مومن، وغيرها من الأحياء الشعبية الأخرى التي أصبح الإزدحام هو سمتها خاصة في أيام نهاية الأسبوع ، وكذا في المناسبات والأعياد.
هذا وقد خلفت هذه الظاهرة موجة إستنكارشديدة خاصة في صفوف الساكنة، وسائقي السيارات، الذين يصفون هذا العمل بالغير منظم نظرا لما يحدثه من عرقلة لحركة السير وما يخلفه من حوادث خطيرة، دون إهمال المشاجرات التي تكون بشكل مكثف بين الباعة المتجولين، والتي لا تأخد بعين الإعتبار لا المارة ولا السيارات، الشئ الذي يسئ لسمعة الحي ويشوهها .صحيح أن هذا المجال هو يحظى بإقبال شعبي كثيف نظرا لكونه يناسب الدخل المحدود للشريحة المتوسطة في المغرب، ولكن بحسب المواطنين فسلبياته تبقى أكثر من إيجابياته، فهؤلاء الباعة لا يترددون في تأثيث الشارع بمعروضاتهم من أدوات منزلية وأثاث وغيره وكأن الأمر مرخص له من طرف السلطات المحلية.
الأمر الذي يستدعي الوقوف وقفة متأنية أمام هذه المشكلة الإجتماعية التي خلقتها قلة فرص الشغل، وزيادة نسبة الفقر في المجتمع المغربي، إضافة إلى عدم تخصيص الدولة اماكن للممارسة التجارة تكون خاضعة لقانون ينظم مهنة الباعة المتجولين من خلال أسواق نموذجية تشجع البيع والشراء وتحقق إنتعاشا إقتصاديا وتقي الناس شرهذه الفوضى، فالقطاع هو غير منظم بتاتا، ويحتاج إلى تضافر الجهود للنهوض به، فهذه الظاهرة لن تحل مادامت آفة البطالة في تزايد ومادام الشباب المغربي يجتهد لينال الشهادات وبعد ذلك يجد نفسه في الشارع يتعرض لسب والشتم والضرب من طرف رجال الأمن، وهو لا يفعل شيئا غير أنه يصطاد قوت يومه وهو خائف من أن تنتزع منه سلعته بين الفينة والأخرى لأن في هذا المجال لا لاأحد يضمن العواقب مادام هذا التسيب لم يضع له حدا يقي هؤلاء مر البطالة، فإن هذه الظاهرة ستتفشى وستزيد معاناة ساكنة البيضاء.

تقاعد أم تعاقد مع الموت البطيء

المتقاعدون بين نيران المعاش الهزيل والإحباط النفسي والفراغ القاتل



تعتبر مرحلة التقاعد من أهم المراحل وأصعبها على حياة الإنسان، ففي هذه المرحلة يشعر الإنسان بأنه يحتاج إلى قسط من الراحة ، يعوضه عن سنوات التعب التي قضاها وهو يكد من أجل ضمان قوت يومه، وفي نفس الوقت غير راضي لأن قدرته العطائية تقلصت لدرجة أصبح يشعر معها بالعجز، عجز تزداد حدته، بالمعاشات الهزيلة التي يتقاضاها جل المتقاعدين، والتي تعمق الشعور بالحيف والتهميش.
لهذا فموضوع التقاعد بشكل عام هو يحتاج إلى وقفة متأنية، لأنه يمس شريحة مهمة داخل المجتمع المغربي، فهو من أشد المواضيع حساسية لأن تأثيراته تمس الجانب المادي والمعنوي، وتخلف مشاكل جمة خاصة على الصعيد الإقتصادي، والإجتماعي والنفسي. وهذا ما سنحاول ملامسته:

إن شريحة واسعة من المتقاعدين يصنفون ضمن الطبقات الفقيرة، أو ما يعرف بحسب المصطلحات المتعارف عليها بالطبقات الكادحة، بحيث يتقاضون معاشا في الغالب لا تتعدى قيمته 750 درهما شهريا، فجل المعاشات هي هزيلة جدا، ولا تضمن العيش الكريم لهؤلاء ولا تحفظ ماء وجههم أمام أفراد الأسرة، إلا من رحم ربي، فالمتقاعدين من كبار السن هم في تزايد ملفت ، صحيح أن مجتمعنا تغلب عليه الفئة الشابة، ولكن هذا لا يمنع من أنه مهدد كغيره من الدول بشبح شيخوخة هرمه السكاني.
وإذا كانت الفئة الأولى تعاني في صمت فإننا نجد بأن الفئة المتوسطة، من المتقاعدين، يوصف معاشهم بالمتوسط، وبالكاد يساعدهم على تلبية حاجياتهم الضرورية، أما الفئة الثالثة التي تتلقى معاشا مريحا يمكنها من إستثماره في مشاريع مربحة، فهي قليلة، بحيث أن معاشها يصل إلى 10 آلاف درهم إلى ما فوق شهريا ،الأمر الذي يخلق نوع من الطبقية الخفية تفسر الوضعية الصعبة التي تعيشها هذه الشريحة المنسية ، التي قضت حياتها في العمل في مختلف القطاعات، هناك من ساعفهم الحظ وإستطاعو التأقلم مع الوضع الجديد، وهم يعيشون في سعادة مع أحفادهم ، وهناك من يندبون حظهم العكر وينتظرون الموت بفارغ الصبر لأنهم فقدوا الأمل في تحسين أوضاعهم المادية والصحية، فبالرغم من أن اتحاد جمعيات المتقاعدين وكبار السن بالمغرب، قدم للحكومات المتعاقبة ملفات مطلبية، من أجل تسوية الأوضاع المالية والمعنوية، لهذه الفئة، إلا أن هذه الطلبات والمراسلات ظلت دون جواب يذكر.
وفي هذا السياق أكد محمد إدريس بن أحمد المدير العام للصندوق المغربي للتقاعد أن نظام المعاشات المدنية، مهدد بالتدهور في أفق 2012 إذ ستفوق نفقاته مداخيله مما ينذر بآفة إجتماعية خطيرة، إذا لم تتدخل الدولة وتتخد الإجراءات اللازمة ، كما أوضح بأن العامل الديمغرافي عرف إنخفاضا مستمرا حيث إنتقل من 12 منخرط مقابل متقاعد واحد سنة 1983 إلى 3,62منخرطين مقابل متقاعد واحد سنة 2005 متوقعا أن تنخفض هذه السنة إلى 1,25 منخرط لكل متقاعد في أفق 2020، ونشير بأن مصالح الصندوق المغربي للتقاعد أنجزت خلال سنة 2005 حصيلة إستباقية لتوقع العجز قبل حصوله وأفادت الدراسة أن موارد الصندوق لن تكفي لتغطية النفقات المرتقبة في المستقبل، وحتى يتمكن من الوفاء بإلتزماته عليه البحث عن موارد إضافية.
وبالإضافة إلى المشاكل المالية التي يتخبط فيها جل المتاقعدين، نجد مشاكل من صنف آخر، كالمشاكل الصحية، فأغلبهم يعاني من أمراض مزمنة تجعل المتقاعد أكثر احتياجا لزيارة الطبيب بصفة مستمرة كالسكري والروماتيزم، الربو وبالتالي المعاش الذي يتقاضوه لا يكفل لهم مصاريف العلاج، إضافة إلى كونهم لا يستفيدون من التغطية الصحية ، الأمر الذي أثر بشكل سلبي على نفسية المتقاعد المغربي الذي يعيش بين نار الإقصاء والتهميش، ومشاعر التذمر من الوضع المؤسف الذي آل إليه، ونار خيبة الأمل لتفرقة الحاصلة، والتفاضل بين المتقاعدين، فمتقاعدين أصناف وأشكال هناك من يتقاضون معاشات مهمة، وهذه الأخيرة لا تبالي بالإنخراط في جمعيات المتقاعدين للدفاع عن حقوقهم، ومنهم مكن أصبح على على أسرته بعدما كان هو المعيل،من جهة ثانية نجد بأنه في الأحياء الشعبية، تكثر ظاهرة لعب " الكارطا" أو الضاما واللاعبون من كبار السن ، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل هل مصير كل متقاعد هو العودة إلى مرحلة الطفولة، بعدما كان يجري مع الأصدقاء هو الآن يكرر نفس المشهد ولكن هذه المرة في شكل حلقات، في الأزقة والدروب الشعبية، تضييعا للوقت وتكسيرا للروتين وهربا من جحيم المشاكل المنزلية، فللأسف المغرب لا يتوفر على نوادي خاصة بالمتقاعدين، أو فضاءات للقاء وتجادب أطراف الحديث، يلتقون فيها للنقاش وتقاسم الهموم والمشاكل، تساهم بشكل كبير في الحفاظ على كرامة المتقاعد وتقيه شر الجلوس في الشوارع والفضاءات العمومية، في منظر مخجل، وهم يقتلون الوقت في لعب الكارطة أو الضامة، وفي هذا الصدد توصل أستاذ الطب النفسي بمركز الدراسات الأسرة بجامعة روك بأمريكا، إلى أن الفرد عندما يتوقف عن العمل فإن كميات الطاقة الكبيرة التي كان يبذلها يوميا تتعطل ولا تجد مخرجا لها وهي في الوقت نفسه لا تتوارى، فإذا عجز الإنسان عن إستثمار هذه الطاقة المعطلة، فإن ذلك سيؤدي إلى إضطربات عصبية ونفسية وكذلك إلى خلافات إجتماعية جمة، كما تحصل إضطربات عاطفية، تجعل الفرد المتقاعد يشعر بعدم الفائدة ، و في المقابل نجد بعض المتقاعدين والمحالين على المعاش، يعيشون حياة سعيدة بحيث يقومون بأنشطة تمكنهم من تجديد حياتهم بصفة دائمة ويفعلون كل ما يروق لهم في حدود قدراتهم العضلية والجسدية.
فالمرء جرى تطبيعه اجتماعيا ولسنوات عدة على سلوك يومي متكرر، فكيف يكون التخلي الفجائي عنه، إنه لن يتكيف مع الأمر بسهولة، و الزوجة بدورها لن تسعفها الظروف مباشرة للتكيف مع مكوث الزوج بالبيت، وهي التي تعودت لمسافة زمنية ليست بالقصيرة على امتلاكها الكلي للفضاء، وهو اليوم صار بجانبها لا يبرح البيت إلا قليلا، وحتى وإن خرج، فهو لن يتجاوز حدود "الحومة" برفقة آل الضامة والكارطة، فهو حاضر في نفس المجال الذي تعتبره الزوجة مملكتها التي لا تقبل أن يشاركها في تسييرها أي إنسان حتى ولو كان زوجها.
من هنا تنطلق شرارة المشاكل النفسية والاجتماعية، ويصير الاندماج المعطوب أفقا محتملا لكثير من المتقاعدين، الذين ينتمون أساسا إلى السلاليم الدنيا والمتوسطة، فالقبول الإجتماعي بوضعية المتقاعد يشوبه نوع من الغموض فإنسان يسعى من أجل الراحة، ولكن في نفس الوقت يتشبت ويقدس العمل مهما كان بسيطا، كذلك إذا كان يظهر لنا أن هذه الظاهرة تبدوا عادية في عيون أفراد المجتمع، فإن الإنسان بمجرد ما يصل إلى هذه المرحلة، يتذكر مرحلة الشيخوخة، ويتأزم نفسيا لأن هذه المرحلة لا تشبه غيرها من المراحل التي مرة بها فهي مفتوحة على نهايات غير مقبولة إجتماعيا.
أما الذين يختارون توديع الإدارة لأسباب موضوعية وذاتية، فغالبا ما يكون العامل إما صحيا أو من أجل التفرغ للعائلة، وإما إستثماريا، فالصورة النمطية التي ترسخت في الوعي المجتمعي عن المتقاعدين، تؤكد على صعوبة إندماج هذه الفئة وتأقلمها مع الوضع الجديد، فالمتقاعد ينظر إليه كشخص انتهت صلاحيته وإنتاجيته، بعدما لم يعد له منصب مالي في الإدارة، التي كان يعمل بها، بل إن التقاعد يؤشر في كثير من الأحيان على كل ما هو سلبي، فالتقاعد، يدل مغربيا على اللاجدوى والهشاشة وعدم الفعالية والإنتاجية، لهذا لا تبعث مرحلة التقاعد عموما على الارتياح، وذلك راجع بحسب المحللين الإجتماعيين إلى أسباب كثيرة ، يتداخل في صوغها الإداري والثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي، فمن الناحية الإدارية، ما زال نظام التقاعد، بالرغم من كل الإصلاحات، التي عرفها، ما زال دون المأمول والمقبول، كما أن الإدارة المغربية لا تعمل لحد الآن بمنطق التحفيز وهندسة الكفايات والموارد البشرية، فهي تلفظ المحالين على التقاعد دون أن تنتبه لهم أو تكافئهم على سنوات عمرهم، التي أفنوها في خدمة الإدارة، بل إنها لا تكلف نفسها عناء تدبيرملفاتهم المالية في أقرب مدة ممكنة، وهو ما ينتج عنه جملة من الأعطاب الإجتماعية، كذلك ماهو إجتماعي ، فالقبول المجتمعي بالمتقاعد في كثير من الأسر المغربية يظل محدودا، ذلك أن التقاعد يعني، فيما يعنيه، نهاية مشواره العملي وهذا يقود مباشرة إلى إختلالات بنيوية على مستوى الأسرة وآليات تدبير اليومي، كذلك المتقاعد يشعر بالإحباط لما يرى أن شبح البطالة يطارد الطاقة الشابة ببلاد فبالأحرى هو الذي فاق سنه 65
.

الاثنين، 15 أكتوبر 2007


الفضاءات الترفيهية بالمدينة الإقتصادية، طالها الإهمال والتهميش

حدائق الدارالبيضاء تحتضر






بعد أداء صلاة عيد الفطر، وزيارة الأقارب والأحباب تعمد غالبية الأسر المغربية إلى الترفيه عن أبنائها بإرتياد حدائق عمومية للألعاب أو للحيوانات لتكسيرالروتين وللتنفيس عن أطفالها.
غير أن الملفت في الأمر هو أن أغلب الحدائق طالها الإهمال أو بالأحرى النسيان من قبل المسؤولين، فلا حديقة عين السبع أو ياسمينة أو لارميتاج أو سندباد ...أصبحت تلبي متطلبات ساكنة المدينة نظرا للتآكل الذي تعرضت له أغلب ألعابها.
*****

تعتبر مدينة الدار البيضاء من المدن المغربية التي تعرف كثافة سكانية مهمة بسبب الهجرة الداخلية نظرا لكونها قطبا إقتصاديا بإمتياز، وفي ظل الإهتمام المتنامي بمجال الإسكان والتعمير، فإنه لم يعد هناك مجال لخلق فضاءات خضراء ومنتزهات ترفيهية، تسلي أبناء المواطنين بعد أسبوع شاق من العمل، بإستثناء حدائق طالها الإهمال وأصبحت مهجورة، إما نظرا لبعدها أو لعدم إيلاء الإهتمام بها.

إذا كان أولاد الأغنياء تسنح لهم أموالهم بالتمتع بأحلى الأوقات في ما كدونالدز أو غيرها من أماكن الترفيه فإن أبناء الطبقة الكادحة لا يساعفهم الحظ إلا في التوجه قبلة أقرب حديقة ، توجد بضواحي سكناهم ، وسأعطي مثالا حديقة عين السبع ، هذه الأخيرة التي قمت بزيارتها وشاهدت بأم عيني ما آلت إليه، وهي التي كانت منذ زمن في رعيان حيويتها وتألقها هي الآن تحتضر وغيرها كثير، فلا حديقة الألعاب ولا حديقة الحيوان أمرهما يفرح فهم سيان.
شحوب وذبول وذباب وروائح كريهة تزكم الأنوف وأشجارفقدت بريقها بسبب الثلوت ،أزبال وأوساخ متناثرة هنا وهناك، ألعاب تآكلت، حيوانات شاخت وهي تتجرع مرارة الجوع والحرمان من أبسط الحقوق وهو الحق في النظافة، برك ملوثة مليئة بالحشرات ، فبمجرد أن تفكر في خوض غمار تجربة الدخول للتنزه ولمداعبة الحيوانات الأليفة أو مشاكسة الحيوانات الشرسة . فإنك ستصطدم برائحة مقرفة تجعلك تعود للخلف بدل التقدم للأمام.
تقول إحدى المواطنات المتدمرات من الوضع " والله حتى حشومة عليهم ، واش عباد الله الماء ماكينش في البلاد، أنا بعد آخر مرة نرجع لهاذ المكان المقزز، أنا عد بالي جايا نرفه على راسي وعلى وليداتي ساعة صدقت مريضة في صحتي.
تضيف أخرى ، " هذا هو المكان الوحيد الذي أقصده كل نهاية أسبوع لتمضية بعض الوقت مع الأطفال خارج أسوار المنزل، فبالرغم من كوني غير راضية على الوضع الذي تعيشه الحديقة ولكن الله غالب، فأنا أشتغل بالحي الصناعي، وراتبي لا يسعفني في تحمل مصاريف التنقل إلى حدائق أخرى كسندباد مثلا."
فقد أصبح آباء وأولياء الأطفال يشعرون بتدمر شديد في الخصاص الذي تعاني منه أحياؤهم من قلة الفضاءات الخضراء واالأماكن الترفيهية ، التي وبالرغم من التزايد الذي تعرفه المدينة في عدد سكانها خاصة بفعل الهجرة الداخلية فإننا نجد بأن الدولة لا تخطط لإحداث فضاءات خاصة بالأطفال تمكنهم من اللعب أوقات الفراغ وأيام العطل بإستثناء حدائق تعد على رؤوس الأصابع واوضاعها لا تبشر بالخير نظرا لعدم الإهتمام بها .
تحكي إحدى الوظفات،" في الدار البيضاء نسجل تقهقر وضعف تجهيز الحدائق وعدم الإهتمام بالمواقع الترفيهية التي أصبحت شبه مهجورة مثلا سندباد كان تيتضرب بيه المثل ولكن اليوم أغلب ألعابه لم تعد صالحة للإشتغال ، إضافة إلى أنه في أيام العيد يكون هناك إكتظاظ على نفس اللعبة مما يفسح المجال للمشادات الكلامية بين الزوار وقد تنقلب إلى شجار حقيقي، غير أن ما أريد الإشارة إليه هو أن هناك تمييز طبقي فيما يخص هذه الناحية، ففي الوقت الذي نجد فيه الطبقات الغنية توفر لأبنائها وسائل الترفيه التي تجعلهم أكثر نشاطا ، بالمقابل نجد الطبقات الفقيرة أبناؤها تلعب في أزقة والدروب وبالتالي يصبحوا عرضة للإنحراف وللفساد الأخلاقي، فعلى مسؤولي الجماعات المحلية ومجلس المدينة أن يهتموا قليلا بهذه الفضاءات" .
أما أحد الآباء الساخطين على الوضع فيقول" أنا ماعنديش فين ندي بنتي لأنه ببساطة ليست هناك فضاءات مناسبة ، كاين سندباد ولكن بعيدعلي، كذلك الأثمنة غالية في الحدائق المجهزة."
ففي خضم هذا الوضع المحرج الذي تتخبط فيه اغلب الحدائق بالبيضاء، من غياب للصيانة والنظافة و الحراسة بحيث أصبحنا نرى أن هذه الحدائق أضحت قبلة للعاشقين الذين وجدوا في جنباتها مرتعا خصبا للإختلاء، إضافة إلى أن المنحرفين ومدمني المخدرات أصبحوا يسكنون بزواياها مع الكلاب الظالة.
يجعل من الجماعات المحلية و مجلس مدينة الدار البيضاء يتحملان المسؤولية، لانه لم يقم بوظيفته على أحسن وجه، بحيث حراس هذه الحدائق والعاملون على النظافة يعانون من وضع صعب بحيث لا تتجاوز رواتبهم 1000حتى 1500 درهم ، الأمر الذي يفسر عدم الإهتمام بنظافة الحدائق إلا من رحم ربي.
فأين مجلس المدينة من هذا الكلام ؟ وماهو دور المسؤولين الذين تعاقبوا على تسيير وإدارة مدينة الدارالبيضاء؟ في العناية بهذه الفضاءات التي تشكل قطبا حيويا للتسلية والترفيه عن أطفالنا، الذي يعتبرالحق في اللعب من الحقوق التي يكفلها لهم الميثاق الدولي لحقوق الإنسان
أين هي الدولة ؟ التي لا تولي على ما يبدوا ضمن مخططاتها الإهتمام بالمجال الترفيهي ، المتمثل في توفير فضاءات خضراء لساكنة البيضاء الذين خنق التلوث أنفاسهم...، لماذا لا تشجع الدولة الإستثمار في هذا المجال؟ فمثلا نجد أن دولا شقيقة قد سبقتنا في هذا المجال كديزني لاند في فرنسا، الذي يحقق أرباحا خيالية.
نشيرإلا أنه خلال أيام الأعياد والعطل تنشط أمام هذه الفضاءات ظاهرة الباعة المتجولين الذين يقتنصون الفرص للربح المادي .

*******
في تصريح لجريدة المستقل، عمارحمداش يؤكد: الفضاءات المشتركة تغيب بقوة من المجالات الحضرية المغربية.
يمكن القول بداية أن الفضاء العام هو ما يميز بشكل كبير الإطار الحضري للحياة، الفضاء العام بما هو مجال للإستقبال والإتصال والترفيه أو التعبير، عن الإحتفالات بما يرتبط بشؤون الحياة الحضرية ولكن للأسف مثل هذه وذلك راجع إلى كون هذه المجالات الحضرية قد صارت مجالات للإستقرارالسكني أكثر منها لتصريف قيم الحياة الحضرية.
لأن الحياة الحضرية دون عيش ملائم ودون مواصفات البيئة الحضرية الحقة لا يمكنها أن تشكل تلك الصفة إلا بإحتضان هذه الفضاءات المشتركة والعامة التي يمكن أن تشكل ليس فقط متنفسا لإستقبال الكبار والصغار، وإنما أساسا إطارا لتنشئة على قيم الجمال والتربية على المواطنة والسلوك النظامي والجماعي المتوافق مع المعايير النظامية والقانونية،فهذه الفضاءات لها دور مهم في التأطير والتوجيه والتربية، إضافة إلى الوظائف المباشرة من ترفيه عن النفس والتربية على العيش المشترك
.