الجمعة، 28 ديسمبر 2007


.

هل المغاربة يقلدون؟ أم هم واعون بما يفعلون؟ أم هم جاهلون؟

الهجرة العمياء إلى احتفالات أعياد الميلاد


يقبل بعض المغاربة خلال نهاية السنة الميلادية على الاحتفال بما يسمى بـ"رأس العام" شأنهم في ذلك شأن العديد من الدول الغربية والعربية، فتستعد محلات بيع الحلويات لاستقبال الزبائن بعد أن زينت واجهاتها بالألوان، وبأروع حلويات أعياد الميلاد.
محلات الألعاب والهدايا ومتاجر الألبسة والأواني المنزلية…، و صناع الحلويات في أوج نشاطهم لتصنيع "شجرة الأرز" (كعكة خاصة بهذه الاحتفالات) التي يفتخر الكثير بشرائها وحملها ليتباه بها أمام الناس.. كل هذا استعدادا ل"رأس العام "، فعند بعض الأسر المغربية أصبح الأمرعادة تعارفوا عليها منذ الوجود الإستعماري الفرنسي بالمغرب، وهذه العادة لم تقطع بل تم الترويج لها بكل الوسائل حتى أصبحت عادية وجل المغاربة يألفونها، لكن الخارج عن المألوف هو كيف أن أغلبية المغاربة لا يحتفلون برأس السنة الهجرية، ولكن يمجدون للرأس السنة الميلادية؟ لماذا يشاركون المسيحيين عيدهم في حين لا أحد منهم يشاركنا أعيادنا؟
شهادات حية
للخوض في غمار هذا الموضوع، التقت" المستقل" بعض الناس، من أجل معرفة رأيهم، البعض اعتبر بأن الاحتفال برأس السنة لا يعدوا أن يكون مجرد عادة، فيما رأى البعض الآخر أن الإحتفال بهذا اليوم حرام شرعا، ولاينبغي للمغاربة المسلمين الإحتفال به.
فبالنسبة لكثير من المغاربة الذين تعودوا على الإحتفال بهذا اليوم فالأمر جد عادي، فهناك من يحتفل وهو واعي بأن هذا الاحتفال هو تقليد أعمى لمظاهر حضارة سمعنا عنها، وهناك من يحتفل بدون وعي فالمهم عنده هو كلمة احتفال، وأكل الحلوة والكعك، والنشاط مع الرفقة والأصدقاء.
تقول إحدى الموظفات بمدينة الدار البيضاء،" اعتدت على الإحتفال بهذا اليوم كوسيلة للترفيه عن النفس، والإلتقاء بالعائلة ، لا أقل ولا أكثر، أما فيما يخص الحلوة فكنت أشتريها إرضاءا لأبنائي.".
إذا كان البعض يحبد الإحتفال بنهاية السنة الميلادية ولا يجد حرجا في ذلك فإن البعض الآخر يرفض تماما فكرة الاعتراف بهذا اليوم ويعتبر الإحتفال برأس السنة حرام وتشبه بالمسيحيين، يقول عثمان طالب، أستغرب كثيرا كيف للمغاربة أن يولون الإهتمام لرأس السنة الميلادية ولا يعرفون تاريخ اليوم بالسنة الهجرية".
فالشريحة الكبرى من المجتمع ترفض الإحتفال بهذا اليوم جملة وتفصيلا، ولكن المفارقة الغريبة أن البعض عندما تسأله هل يحتفل برأس السنة يقول لك لا، ولكن عند حلول الأجل تجده أول الواقفين في طوابير الإنتظار أمام محلات بيع الحلويات، التي يصبح الإقبال عليها كبيرا خلال هذا اليوم بالضبط.

أجواء ساخنة

إن ما تعود عليه جل المغاربة ليس الإحتفال بعيد المسيح، وإنما الاحتفال برأس السنة الميلادية، أي يوم 31 ديسمبر، من كل عام، والتحول من آخر ليلة في السنة الماضية، إلى أول لحظة في العام الجديد، بحيث تطفأ الأنوار، وتسخن الأجواء بهجة وسرورا بحلول العام الجديد، وهناك من يستغل الفرصة للإرتكاب الموبقات، بحيث في المغرب تستهلك كمية كبيرة من الكحول، وتفتح البارات أبوابها للعاشقين للسهر في أجواء نهاية السنة الماضية بأحزانها وأفراحها، وينشط الرقص، وتفتح الزجاجات بكافة أنواعها وألوانها وكلما ازداد التغريب في المجتمع، والتقليد لعادات الغرب خارجه زاد الاحتفال، فقد أصبح عيد رأس السنة الميلادية هو عيد الجميع، ومن يقول عكس ذلك يصنف ضمن خانة "المتخلفين أعداء التحضر والتقدم"، وتشجيعا لهذه الأجواء الساخنة تجتهد المحلات التجارية بكافة أنواعها في استقطاب الزبائن، مقدمة لهم عروض مغرية لشراء الهدايا، محلات زينت واجهاتها بشرائط متنوعة ومصابيح ملونة كتبت عليها عبارات، " عام سعيد"، تخفيضات في الأسعار توديعا للعام الماضي واستقبالا للعام الجديد، وتتراوح قيم التخفيضات من محل إلى آخر بين 20 بالمائة و30 بالمائة تقليدا للدول الغربية التي تعمد على فعل ذلك مراعاة منها لقدرات الفقراء والمعوزين، أما في المغرب فالكل يسعى للربح الوفير وضرب القدرة الشرائية للمواطن المغربي المقهور، الذي قد خرج للتو من أزمة شراء كبش العيد، فاصطدم بعيد لا ينم لنا بصلة، ويكلف بدوره جيب المواطن مصاريف هو في غنى عنها، بحيث يتراوح ثمن حلوة عيد الميلاد بين 150 درهم و200درهم.

اختلاف آراء المختصين

اختلفت آراء المختصين حول ظاهرة الاحتفال برأس السنة حيث استنكرها علماء الدين وهوّن منها المختصون الاجتماعيون باعتبارها لا تدخل في إطار البعد الديني وإنما وسيلة للترفيه واللهو خاصة بالنسبة للأطفال والشباب لما يميز أعيادنا الدينية من جدية. ويعتبر مختصو علم الاجتماع أن الظاهرة باتت تنتشر في المدن ووسط الفئات الوسطى المتعلمة أكثر منها بالمناطق الداخلية إلا أنها تبقى محدودة، وأن الكثير يمارس هذه الطقوس الدخيلة بدافع اجتماعي أي الاحتفال بانقضاء سنة وحلول سنة جديدة إضافة إلى الاحتفال بالعطل المدرسية والمهنية، أكثر من دخولها في إطارها وطابعها الديني .
أما عن الظاهرة فيرى المختصون أنها مرتبطة بانفتاح المدن على وسائل الإعلام وثقافة الغير، أما عن الأسباب في انتشار هذه الظاهرة فيعود للاستعمار وطول مدة احتلاله للبلاد، والأهم هو غياب الوازع الديني أي الفراغ الروحي الذي يعاني منه الكثير خاصة الشباب.
أما علماء الدين المسلمين فيؤكدون بأن شراء الحلويات والورود والشموع والشكولاطة، تشبه بغير المسلمين واستدلوا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم" من تشبه بقوم فهو منهم".

في تصريح" للمستقل" يونس برادة، باحث في العلوم الاجتماعية

إن النظر إلى ظاهرة الإحتفال برأس السنة يجب أن يتجاوز القراءة الأخلاقية الصرفة، ليعانق قراءة أشمل تجد سندها في تعدد خلفيات المجتمع و مرجعياته .

إن ظاهرة الإحتفال برأس السنة الميلادية، هي ظاهرة معقدة، يمكن أن تجد تفسيرها في جوانب متعددة، وفي مقدمتها جانب المثاقفة، أو الإحتكاك بين الثقافات الذي يكون بموجبه، ثقافة غالبة وثقافة مغلوبة.
في هذا السياق، هناك من ينظر إلى الإحتفال برأس السنة الميلادية، على أنه مسخ حضاري وتداعي ثقافي، وتبعية نفسية، وتبعية فكرية، لا تجد أي مسوغ لها أو تبرير ثقافي، لترسيخها، وهناك في الطرف المقابل ، من يتجه برأيه إلى أن هذا الإحتفال متصل بالإنفتاح على باقي الثقافات، وتعبير منطقي على الإنخراط في سيرورة زمنية تهم جميع المجتمعات بقطع النظر عن خصوصيتها الثقافية، أوتميزها الحضاري.
وبغض النظر عن هذا الموقف أو ذاك تبدو مسألة الإحتفال حمالة لعدة أوجه فهي بالنسبة لشريحة مجتمعية معينة تترجم كسلوك تبعي قائم على التماهي مع الآخر دون وعي بالحمولة الثقافية لهذا السلوك، فغياب الوعي، قد يؤول بكونه مؤشر على إنخراط تلقائي بناءا على تحول المجتمع وترسخ صور نمطية حول الآخر.
وهناك شريحة أخرى تتخد من الإحتفال محددا أساسيا لتميزها، الإجتماعي والثقافي، وتكون بالتالي حريصة على محاكاة الطقوس الإحتفالية السائدة لذا الآخر.
وفي رأيي يجب التعامل مع مسألة الإحتفال ضمن بعد إشكالي، لا يقف عند حدود البهرجة، بأبعادها التضخيمية، بل يتجاوز ذلك ليحاول ملامسة الأبعاد المتشابكة، لهذا السلوك في سياق سوسيو ثقافي، بل وحضاري إنطلاقا من رؤية متكاملة وشاملة تستقرء الظاهرة وأسبابها، وتنشد فهم بل وإستنطاق طبيعة المجتمع ونطاق تحوله
الإشكالية إذا يجب أن تقارب، في اعتقادي إنطلاقا من مسألة الهوية ومدا وجود شخصية جماعية، داخل الجسم الإجتماعي المغربي، فالدفع بأن هناك تناغم في الإنتماء هو قول مردود، لأن الطبيعة المجتمعية تكتسي بعدا تعدديا واضح المعالم، كما أن الإنتماء لمنظومة مرجعية معينة، يمكن أن يوصف أيضا بالإنتماء التعددي، والتعددية قد تكون مؤشرا إيجابيا، كما قد تكون تعبيرا عن إسفاف مفاهيمي وضبابية في الأفق وغياب مشروع مجتمعي متكامل وواضح واستراتيجي.

الجمعة، 14 ديسمبر 2007


إرتفاع درجة التأهب في الأوساط المغربية لشراء أضاحي العيد

الكبش الذي يغري والجيب الذي يدمي

كلما حل عيد الأضحى المبارك، إلا وارتفعت درجة التأهب لدى الأسر المغربية التي يصبح شغلها الشاغل هو متابعة التقلبات التي تعرفها أسعار الأغنام بالأسواق في البوادي والمدن، غير أن ما يطبع الموسم الفلاحي الحالي هو غلاء أثمان الأضاحي الراجع إلى موجة الجفاف التي أسفرت عن إرتفاع أسعار الأعلاف الأمر الذي نجم عنه تخوف لذا المواطنين والكسابة من غطرسة الشناقة.


يكتسي عيد الأضحى المبارك أهمية خاصة عند المغاربة، فالاستعداد لهذه المناسبة الدينية لا يخلو من مظاهر الفرح والبهجة التي تظهر جليا على وجوه الطبقات الاجتماعية بمختلف شرائحها، غير أنه كلما حلت هذه المناسبة إلا ووضع أصحاب الدخل المحدود على المحك، كيف لا وقدرتهم الشرائية لا تستطيع أن توفي لهم ثمن "خروف " يكفيهم شر القيل والقال، فالعقلية المغربية لازالت رهينة أفكارمجتمعية خطيرة، فالله تعالى شرع الأضحية للتقرب منه عز وجل، ولإحياء أواصر صلة الرحم، ولمقاسمة الفقراء والمحتاجين فرحتهم بهذا العيد، وليس للتفاخر وبيع الغالي والنفيس من أجل شراء أضحية يتباهى بها الأقارب والجيران على بعضهم البعض، فأهمية كبش الأضحية لذا الأسر المغربية تضع الموظف في مأزق كبير، يدفعه في الغالب إلى الاقتراض من الأبناك، ومؤسسات القروض.

الخروف بالتقسيط

تصبح شعارات "الحولي غير ب300 درهم في الشهر" وسيلة من وسائل الإشهار للدعاية لهذه المؤسسات التي إعلاناتها تؤثت مختلف الفضاءات والشوارع استعدادا لإستقبال عدد مهم من الزبناء
فمنذ حوالي خمس سنوات تقريبا اهتدت مجموعة من البنوك إلى وسيلة «مساعدة» لموظفين محدودي الدخل، وفي الغالب تكون العروض جد مغرية، إذ يجد المستهلك نفسه أمام خيارات متنوعة مثل إقتراض 3000 درهم وأداء 300 درهم شهريا، أو إقتراض 5000 درهم في الشهر و أداء 250 درهم في الشهر. وبقدر ما تسهل الأبناك المهمة على أصحاب القدرة الشرائية المحدودة الذين لا يتجاوز دخلهم 2000 درهم فما فوق، بقدرما تكرس المديونية، وأغلب المواطنين الذين إستقينا أقوالهم يرفضون الإقراض لشراء أضحية العيد بكل بساطة لأنها سنة مؤكدة شرعها الله بدون أن تكون ملطخة بالربا، يقول محمد "موظف" " أنا ضد فكرة الاقتراض من البنك، أولا لأن عيد الأضحى هو ليس فرضا، وثانيا لأن الله تعالى يريد بنا اليسر وليس العسر، وثالثا لأن البنوك يغتنمون هذه الفرصة لكي يدفعوا الناس إلى الغرق في الديون. أما سميرة موظفة بإحدى المؤسسات الخاصة،فهي تعبر عن رفضها القاطع للفوائد ففي نظرها عيد الأضحى عيد إسلامي، لا يجب أن تشوبه ملامح الربا المحرمة في ديننا الحنيف، أما عائشة ربت بيت، فتقول" أنا لا أوافق أن يقترض زوجي من البنك من أجل شراء أضحية العيد، لأن الأضحية موجهة لله تعالى، فالله شرع العيد ليس من أجل إثقال كاهل الناس بالديون، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولكن شرعه من أجل مشاركة الفقراء وتقاسم الأضاحي معهم للتحقيق التكافل الإجتماعي، أما النساء اللي تيفرضوا على أزواجهم شراء أضحية لغرض التفاخر فهن في نظري تهم فقط المظاهر،"وباغين يعمروا بالدارجة كروشهم، فالإنسان خصوا يحسن بخوه الفقير اللي ملاقيش باش يعيد".
وبحسب معطيات المركز المغربي للظرفية الاقتصادية، فإن فئة الموظفين تمثل شريحة الأكثر استهدافا من قبل المؤسسات المانحة لهذه القروض، خاصة الأشخاص الذين يتقاضون أقل من 4 آلاف درهم، إذ تمثل هذه الشريحة 62 بالمائة من 54 بالمائة من حجم القروض الممنوحة من قبل مؤسسات القروض.
فالملفات المقدمة من طرف الأشخاص الذين تقل مداخيلهم عن 3000 درهم تشكل 41 بالمائة من الملفات المعالجة، بينما تنحدر 3 بالمائة بالنسبة لأصحاب الدخل المحدود أقل من 2000.
وإذا كان جل المواطنين يرفضون الاقتراض من البنك، للإحتفال بهذه المناسبة فإن البعض الآخر يفضل الاقتراض كوسيلة لتخفيف الضغط على ميزانيته المحدودة، خوفا من الفضيحة، والدليل هو المعاملات البنكية التي تصل خلال هذه الفترة إلى حوالي 20بالمائة من الإجمالي السنوي.

جيب المواطن المغربي على المحك

وإذا كان الإحتفال بمناسبة عيد الأضحى يشكل مأزقا حقيقيا لأصحاب الدخل المحدود، فإن خصوصيته هذا العام جد معقدة، أخدا بعين الإعتبار موجة الجفاف التي ضربت معظم المناطق خلال الموسم الفلاحي الماضي، والذي أثر بشكل سلبي على جودة الأضاحي، وكذا على نسبة العلف التي عرفت ارتفاعا ملحوظا، جعل جل الفلاحين يطالبون بحلول لإيجاد الكلأ لأغنامهم التي بفضل المضاربين والسماسرة لم يجدوا طعاما يشبع جوعها، حتى اضطر بعضهم إلى بيعها بأقل الأثمان خوفا من موتها جوعا.
وبهطول الأمطار الأخيرة تحسنت الوضعية نسبيا واستبشر الكسابة والمواطنين خيرا، فعيد الأضحى تفصلنا عنه أياما قليلة، والكل ينتظر هذا اليوم بفارغ الصبر كبارا وصغارا لما يمثله بالنسبة للأسر المغربية، لكن الأضاحي ثمنها مرتفع وجل المواطنين متخوفين من جودتها، بحيث أصبح شغلهم الشاغل هو الحديث عن " الخروف" " شريتي الحولي ولا باقي" وغيرها من العبارات التي تتداول في جل الأوساط المغربية، التي تفكر كم سيكلفها ثمن العيد من ميزانيتها التي ترصدها لتدريس أبنائها، وتحمل مصاريف النقل وغيرها من المصاريف التي تكبد الأسر المغربية ملايين الدراهم سنويا فلما يأتي العيد حتى تسود وجوه المكلومين في جيوبهم.
وفي هذا الصدد يؤكد الكسابة أن مستوى الأسعار في إرتفاع قد تصل نسبته في غضون الأيام القليلة القادمة، إلى 10بالمائة.
أما وزارة الفلاحة فترى أن أسعار الأغنام ستتحدد كما هو معمول به وفق قاعدة العرض والطلب مشيرة إلى أنها ستختلف حسب جودة وصنف الأضحية، وكذلك بحسب المناطق والأيام المقبلة التي تفصلنا عن العيد.
هذا واعتبرت أن ذبح الأضحية سيخفف من الضغط الحاصل على الموارد العلفية الطبيعية، مما سيساهم في الحد من تدهور المراعي، موضحة أن ذلك سيكون له أثر جد إيجابي على العالم القروي الذي سيستفيد من 7 ملايير درهم خلال هذه المناسبة.
ومن المنتظر أن يصل العرض من الأغنام هذه السنة إلى حوالي 7, 1 ملايين رأس، في الوقت الذي سيبلغ فيه الطلب 4, 9 ملايين منها 4,5 ملايين رأس من الأغنام و400 ألف رأس من الماعز.أما أوزان الخرفان المعروضة حاليا بالأسواق فتتراوح مابين 41 كيلوغرام حتى 44 كيلوغرام بحسب تصريحات بعض الكسابة بمدينة الدار البيضاء.
***************************************


غلاء العلف يهدد بارتفاع أسعار الأضاحي

من5 إلى13 درهما تكلفة تربية الخروف


طيلة الأسبوع الماضي، ساد الخوف بين المواطنين ذوي الدخل المحدود، بسبب ارتفاع أسعار الأضاحي، وفي جولة بسوق الهراويين بالدار البيضاء، صرح السيد العربي الدلالي من أولاد فرج لأسبوعية المستقل قائلا: " ارتفاع أسعار الأضاحي يعود إلى تكلفة تربية المواشي خلال هذه السنة، والتي ارتفعت من من 5 دراهم للخروف في اليوم الواحد إلى 13 درهما، وهذه التكلفة بطبيعة الحال أدت إلى الزيادة في ثمن الخروف الذي قد يصل إلى 50 درهما للكيلوغرام" .
و أضاف نفس المصرح قائلا أن ثمن الأضحية يتراوح بين 2000 و 4500 درهم. مؤكدا أن سبب هذا الارتفاع يعود إلى الجفاف الذي عرفه المغرب وإلى قلة الكلأ، ورغم أن التساقطات الأخيرة أطفأت يأس الفلاحين، وأعطتهم أمل توفير العلف في المراعي، إلا أن العلف ظل يعرف زيادة صاروخية، وهذا يعود بطبيعة الحال إلى الغياب التام للمراقبة، ومعاقبة أولئك الذين يغتنمون الفرص من أجل الاصطياد في الماء العكر.
من جهة أخرى أفادت وزارة الفلاحة والصيد البحري أن العرض المرتقب من الأغنام يقدر بـ 4.6 ملايين رأس من الذكور، و2.5 مليون رأس من الإناث، فيما يناهز الطلب المتوقع 4.9 ملايين رأس، منها 4.5 ملايين رأس من الأغنام و 400 ألف رأس من الماعز. وأوضح البلاغ، أن العرض من الأغنام والماعز، المنتظر طرحه في الأسواق قريبا، سيمكن من تغطية الطلب، إلا أن جودة الأضاحي المرتقب عرضها ستكون نسبيا أقل من السنة الماضية، بسبب الموجة الحادة من الجفاف التي عرفها المغرب، وكذا ارتفاع أسعار الأعلاف في السوق الوطنية، تحت تأثير ارتفاعها في الأسواق العالمية

.






الاثنين، 10 ديسمبر 2007


قطاع النظافة في المغرب على كف عفريت

عمال النظافة يعانون الفاقة والعوز في ظل ظروف عمل صعبة و غير صحية




يعد قطاع النظافة بالمغرب من أضعف القطاعات على الإطلاق، لأنه لحد الآن لم يقنن بالشكل الذي يجعل منه قطاعا حيويا يحفظ لعمال النظافة في المغرب ماء وجههم، ويكفل لهم حقوقهم المادية والمعنوية، فرغم تفويته لشركات خاصة والتي يبلغ عددها بالدار البيضاء ثلاث شركات، فإن الساهرين على جمع الأزبال بهذه المدينة الصناعية، يتجرعون المرارة والألم لعدم كفاية الأجر الذي يتقاضونه، ولعدم العناية بصحتهم الجسدية التي تقتلها الروائح السامة التي يستنشقونها أثناء مزوالتهم لعملهم، الذي امتهنوه إما اختيارا أو إنصياعا لظروف الفقر والبطالة.

النظافة من الإيمان

إذا كان المرء قد تعود على رمي الأزبال في أقرب مطرح يصادفه، فليقف لوهلة في حياته ويتمعن الدور المهم الذي يقوم به عمال النظافة وهم يتجولون في الشوارع، و يهرولون وراء شاحنة جمع الأزبال التي لما تمر من جانبك حتى تكاد تتغاشى من شدة الروائح الكريهة المنبعثة منها، فبلكاد هؤلاء الغارقين في زخم الأزبال، حتى تعودوا على روائحها، فعامل النظافة يقوم بدور مهم ولولاه لا فاحت روائح شوارعنا،
التي ومع وجود هذه الشركات الخاصة، مازال تراكم الأزبال هو صورتها التي تلوث الحي وتشوه سمعته.
يقول أحد عمال النظافة بمدينة الدار البيضاء، والذي رفض الكشف عن اسمه مخافة طرده من العمل، "أنا في بدايتي كنت أعمل مع الجماعة الحضرية، وكنت مهتما بالنظافة،و بعد ذلك أصبحت أعمل مع الشركة الإسبانية ، ففي الحقيقة الظروف التي يعيشها عامل النظافة هي جد صعبة، فلابد أن يكون متحليا بالصبر، فأنا صبرت في هذا العمل لمدة أربع سنوات من أجل إعالة إخوتي اليتامى، فأنا كاري ب1500 درهم شهريا وراتبي لا يتعدى 1800 درهم، فهذا لا يكفي بتاتا حتى لتغطية مصاريف النقل فبلكاد أن تفكر في إستقرار بحالك بحال الناس."
ويضيف آخر من مستخدمي مصلحة النظافة أن مدينة الدار البيضاء، نسبة أزبالها تزداد بشكل كبير نظرا لتزايد عدد الساكنة الذي يبلغ حوالي خمسة ملايين نسمة، ويوجد بها تقريبا 30 ألف عامل نظافة يجمعون يوميا ما يقارب 6700 طن من الأزبال وبهذا الكم الهائل يزداد الثقل على هؤلاء العمال الذين ورغم كونهم يعملون ليلاو نهارا، ويتحملون التعب والإرهاق فدورهم يبقى بنظر الساكنة غير كافي،نظرا لتراكمات الأزبال في بعض الأحياء خاصة في فترات الأعياد وبالأخص عيد الأضحى، الذي يتعب فيه عمال النظافة بشكل كبير.
فالعقلية المغربية مازالت لم تعي جيدا أن النظافة من الإيمان، وأن أي إنسان هو في حياته منظف سواء كان في البيت أو الشارع، فلماذا هذه النظرة الدونية لعمال النظافة؟

عمال النظافة يشتكون

إن قطاع النظافة بالمغرب ينهض على كاهل فئة يصل عددها إلى حوالي 140 ألف شخص، تقع عليهم مهمة النظافة اليومية لصالح 30 مليون مواطن مغربي، وبحكم تزايد نسبة الساكنة في المدينة بسبب الهجرة القروية، بدأ هؤلاء العمال يكثرون من شكاويهم بسبب ضخامة المسؤولية الملقاة على عاتقهم، ومع تزايد نسبة التلوث البيئي وعدم إيلاء النظافة ما تستحق من اهتمام يجعل هؤلاء العمال خارج المنظومة المقننة في البلاد، فهم يعانون من مشاكل جمة، مادية كانت أو اجتماعية أو صحية أو حتى نفسية.
فصعوبة عملهم لا تقتصر فقط في طول المسافة التي يضطرون لكنسها، أو جمع الأزبال منها وإنما كذلك في طبيعة وسائل العمل المتآكلة والمعطوبة سواء كانت عربات تفتقر لمكانس أو شاحنات لا تتوفر على أدنى وسائل لجمع الأزبال بطريقة أكثر حمائية للعامل كالقفازات مثلا، خاصة إذا علمنا بأن الأزبال قد تحتوي على مواد سامة وأدوية منتهية الصلاحية، وحقن مستعملة ومواد كيماوية، وتدبيرها يتم بدون أن توفر للعمال أدنى وسائل الوقاية مثل الكمامات وغيرها من وسائل الوقاية، الأمر الذي يجعل العامل عرضة للإصابة بأمراض الحساسية والربو، والعيون وأمراض الجلد، ومع ذلك لا ينعمون بأية تغطية صحية، ماعدا في بعض الشركات التي أصبحت مؤخرا تهتم بهذا الجانب، إضافة إلى أن كل المشاكل التي ذكرناها تبقى العوامل النفسية أشد أثرا من غيرها، فقد تحدثنا مع أحد العمال الذين يقومون بكنس الأزقة والشوارع، فأطلعنا على أن المنظف الواحد يقوم يوميا بكنس وتنظيف ما بين 8 و12 كيلو متر من الشوارع في شتى الظروف سواء كان الصيف والشمس تتحرق ولا كان البرد وشتا تتصب، كما أضاف بأن هذه المهنة من أحقر المهن في مجتمعنا، فنظرة الناس للعمال النظافة ما زالت دونية، مع العلم أننا بحالها بحال المهن الأخرى، وحتى حنا عندنا أسر وأولاد تيحترمونا وزوجات تيخافوا علينا ولكن، دائما تنحسوا بنقص خاصة لما نسأل عن طبيعة العمل الذي نقوم به ففي غالب الأحيان البعض يفضل الكذب على قول الصراحة، أما أنا فلا أخجل من مهنتي، لأني اخترتها وأنا لست نادما، فقط أريد أن تعدل وضعيتنا ماديا وصحيا، وأن يصبح القطاع منظما وتكون لدينا حماية قانونية تقينا بطش الأقوياء .
في نفس الصدد تقول إحدى السيدات بأنها لا تقبل الزواج بهذا النوع من العمال، لا لشئ سوى أنها ستتخيله دائما في تلك الوضعية المقرفة التي لا يمكن أن تقبلها، حتى ولو كانت أخلاقه عالية،أما أخرى فاعتبرت هذا العمل شريفا ولا تجد حرجا في الزواج من أي شخص شريطة أن يكون عمله شريف، حتى ولو كان" زبال" بالمفهوم الدارجي الذي تتداوله الأوساط الشعبية، فالعمل كيفما كان هو عبادة، ودورهؤلاء يؤجرون عليه كثيرا لأنهم يجاهدون في سبيل تنظيف شوارعنا من الأزبال فنجازيهم بتحقير والإستهزاء هذا في نظري لا يليق بمجتمع يعد من الدول السائرة في طريق النمو، فمن الضروري أن نغير فكرنا حتى نستطيع أن نساير ركب التحضر والتنمية.
وإذا كانت هذه المهنة تبقى مثار جدل في الأوساط الاجتماعية التي ما زالت لم ترقى لتقديس مهنة عمال النظافة،فإن استفحال ظاهرة البطالة في المغرب تؤدي ببعض العاطلين إلى ممارسة هذه المهنة بسبب العوز والحاجة والدخل البائس الذي يضطر الكثيرين إلى البحث في القمامات عن قطعة حذاء، أو قطع غيار قصد بيعها لعل بذلك يسد بعض النفقات التي لا يستطيع راتبه الشهري أن يسدها.
ومن جهة ثانية نشير إلى أن المغرب قد رصد 4.3 مليار دولار على فترة 15 سنة لتطبيق برنامج وطني خاص بالنفايات الصلبة حسب تصريح وزير إعداد التراب الوطني والمياه والبيئة في حكومة جطوالسابقة
ونص البرنامج على إطلاق مشاريع لمعالجة مشاكل تدبير النفايات التي تضاعفت بسبب النمو الديمغرافي والهجرة القروية والتوسع العمراني، وتكليف الجماعات المحلية بمضاعفة الجهود من أجل وضع مشاريع متكاملة للحد من النفايات، من خلال إصدار مراسيم لتطبيق قوانين جديدة لتأسيس مركز وطني لمعالجة النفايات الخطيرة والذي سيعالج إلى 120 ألف طن من النفايات الصناعية والطبية سنويا
وبحسب الإحصائيات الحكومية فإن المغرب ينتج حوالي 7.5 مليون طن من النفايات الصلبة كل سنة، منها 6.5 مليون طن نفايات المنازل.
وحوالي 70% من هذه النفايات متركزة في المناطق الحضرية. وبخصوص النفايات الصناعية، ينتج المغرب حوالي 975 ألف طن من النفايات الصلبة كل سنة. وتنتج المؤسسات الصحية الخاصة والعامة في المغرب حوالي 11.910 طن من النفايات الطبية كل سنة.
غير أنه بالنسبة لوضعية عمال النظافة في المغرب فهي مازالت بين شد وجدب أطرافه الجماعة الحضرية وشركات النظافة الخاصة
.