إخفاقات قطاع التعليم بالمغرب
إصلاح التعليم يستدعي خريطة طريق جديدة
يشكل قطاع التعليم بالمغرب ثاني أولوية بعد قضية الصحراء المغربية، نظرا للأهمية التي يكتسيها كقطاع مسؤول عن تفريخ شباب يافع، قادر على تحمل عبء النهوض بالمغرب على كافة المستويات .
وإذا كانت حكومة جطو المنسية قد وضعت خطة للنهوض بالتعليم باركها الحبيب المالكي، وزيرالتربية الوطنية السابق، من خلال ما يعرف بالميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي كانت نتيجته هو تسجيل جملة من الإخفاقات في إصلاح المنظومة التربوية، فإن مخلفاته اليوم تتحمل عبئها وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر برئاسة وزيرها أحمد أخشيشن.
فأية إستراتيجية ستتبع لإصلاح التعليم بالمغرب؟
إن الأزمة التي يعيشها قطاع التعليم بالمغرب هي نتاج لمجموعة من الإختلالات التي عرفها التدبير العمومي لسنوات، وفق برامج حكومية صادق عليها البرلمان بغرفتيه، وكبداية لتحقيق الإصلاح عمد احمد اخشيشن على تشخيص الداء في سبيل إيجاد الدواء، من خلال رصد هذه الإختلالات والتعبير عنها بالأرقام.
************************************************************
أهم الإختلالات كما رصدها وزير التربية الوطنية
نسبة الاكتظاظ (ما يفوق 41 تلميذا(
- التعليم الابتدائي: 8 % (عدد الأقسام 9787 )
- التعليم الثانوي الإعدادي : 30 % (عدد الأقسام 10844)
-التعليم الثانوي التأهيلي: 22،7 % (عدد الأقسام 4036 )
نسبة التكرار (2005/5006) :
التعليم الابتدائي: 12،7 %
التعليم الثانوي الإعدادي : 16،5 %
-التعليم الثانوي التأهيلي: 16،9 %
الانقطاع المدرسي (2005/5006 )
التعليم الابتدائي: 5،98 % أي ما يعادل 218568 تلميذا
التعليم الثانوي الإعدادي : 13،17 % أي ما يعادل 167929 تلميذا
-التعليم الثانوي التأهيلي: 12،23 % أي ما يعادل 75861 تلميذا
الخصاص في المدرسين
-خلال الفترة ما بين 1996و2002، بلغ متوسط السنوي لعدد المناصب المالية المحدثة 7442، ليتراجع إلى متوسط 3600 منصبا في السنة خلال الفترة ما بين 2003و2007 في حين أن عدد التلاميذ يتطور بمعدل 100 ألف تلميذ سنويا.
-انطلقت السنة الدراسية الحالية بخصاص قدر بما يناهز 2900 مدرس (1450 بالتعليم الابتدائي،700 بالتعليم الثانوي الإعدادي،750 بالتعليم الثانوي التأهيلي).
الخصاص من الموظفين الإداريين والأعوان:
التعليم الابتدائي: 15640 (دون احتساب الخصاص في 13381 فرعية)
التعليم الثانوي الإعدادي : 2220
-التعليم الثانوي التأهيلي: 680
التعليم الخصوصي:
-لم يعرف التعليم الخصوصي النسبة المنتظرة المتمثلة في 20 %، حيث لم تتجاوز نسبة مساهمته نسبة 6 % من مجموع التلاميذ الممدرسين بالتعليم الابتدائي والثانوي بشكليه.- تمركز مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي في كبريات المدن المغربية، وعلى مستوى مؤسسات التعليم الأولي والتعليم الابتدائي.
- نقص في مجال تكوين المدرسين بمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي.الخصاص في الموارد البشرية البيداغوجية والإدارية:
-ارتفاع عدد الطلبة لكل أستاذ.
-ضعف نسبة التأطير في عدد من لمؤسسات الجامعية نتيجة العجز المتراكم في التأطير منذ انطلاق الإصلاح الذي بلغ زهاء 2000 أستاذ سنة 2006.
- عجز بنيوي أدى إلى ضعف عدد المناصب المالية المحدثة منذ الشروع في تطبيق الإصلاح البيداغوجي.
ضعف الميزانية:
- انطلاق الإصلاح بدون وسائل مالية إضافية باستثناء الزيادة في كلتة الأجور.
- انخفاض ميزانية الاستثمار حتى سنة 2006.
- انخفاض ميزانية التسيير دون احتساب الأجور حتى سنة 2007 رغم ازدياد عدد الطلبة وعدد المؤسسات
- تراكم العجز الحاصل في الاعتمادات المخصصة للقطاع مقارنة مع الاعتمادات الأزمة لتوفير حد أدنى من الشروط الإصلاح، حيث نجد أنه خلال سنة 2007 الاعتمادات الأزمة هي 2400 مليون درهم في حين ن الاعتمادات المتاحة هي 1832 مليون درهم مما مثل عجز قدره 568 مليون درهم.
المصدر: عرض وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي حول مشروع ميزانية 2008
الانقطاع المؤقت لأطفال العالم القروي
تبلغ نسبة الانقطاع في التعليم الابتدائي نسبة 6 في المائة، أي وجود ما يقارب 300 ألف طفل خارج أسوار المؤسسات التعليمية، ولا تتعدى نسبة الأطفال بالتعليم الأولي 60 %رغم أن الهدف المسطر في الميثاق الوطني لتربية والتكوين بنسبة 100 %.
*************************
هذه بعض الأرقام التي أعلن عنها أحمد اخشيشن وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي أثناء تقديمه عرض حول مشروع ميزانية 2008 أمام لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، كما أشار في لقاء نظم مؤخرا بمدينة الدار البيضاء، أن نسب التمدرس تسير في اتجاه الإنخفاظ لأسباب مختلفة، مادية واجتماعية واقتصادية، خاصة على مستوى الفئات العمرية من 12 إلى 14 سنة و 15 إلى 17 و19 إلى 23 سنة.
****
الميثاق الوطني للتربية والتكوين يتربع على عرش الإخفاق
إن الميثاق الوطني للتربية والتكوين يشكل وثيقة مرجعية للتعليم ببلادنا، وهو نتاج لسلسلة من التوافقات السياسية والحزبية الفاعلة في الميدان التعليمي، والذي كانت غايتة الأولى هي السعي وراء الجودة
من قبيل تعميم التعليم، وإعادة النظر في البرامج والمناهج التعليمية و تحسين تدريس اللغات وإدخال تغييرات في النظام البيداغوجي، وإشراك مكونات المنظومة التربوية في الإصلاح.
غير أن كل هذا كان فقط حبرا على ورق، فالميثاق رغم مرور أزيد من 8 سنوات على تطبيقه، مازال لم يتجاوز ربيعه الأول، والدليل هو أن مجمل الأهداف التي سطرت لم تتحقق لعدة أسباب أهمها، قلة الإمكانيات، وغياب روح المسؤولية، فكل حكومة تسطر ما يحلو لها من تنظير إصلاحي، يكلف الدولة مصاريف مالية، تكون نهايتها التربع على عرش الإخفاق.
فالأرقام تشير إلى أن ما يقارب 24 بالمائة من ميزانية الدولة، تخصص لهذا القطاع الحيوي ، فسوء التدبير معناه هدر للمال العام، وإفساد للتعليم بذل إصلاحه.
لهذا فخطاب وزير التربية الوطنية، جاء أكثر جرأة وصراحة، من خلال رصده لحقيقة الإختلالات التي لم تظهر مع حكومة جطو السابقة، ولكن يبقى الوزير قد وضع فقط اليد على الجرح، ولكن العلاج يستدعي وصفة سحرية، تنتشل واقع تعليمنا من السبات الغارق فيه، فالمتتبعون للملف التربوي يعتبرون أن نفس الأمر ستعمل على تكريسه حكومة عباس الفاسي، فلا مجال للإصلاح في ظل غياب إستراتيجية واضحة المعالم للنهوض بقطاع التعليم.
وفي هذا الصدد يرى إدريس قصوري أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، في تصريحه لإحدى الصحف الوطنية أن '' المعطيات التي قدمها وزير التربية الوطنية الجديد، لا تعدو أن تكون مجرد اعتراف باختلال واقع يتحدث عن نفسه'' ويضيف القصوري أن ''الوزير لحد الساعة لم يظهر الجدية الكافية في التعاطي مع إشكالات التعليم، بل هناك بطء وتعثر وتراجع في معالجة بعض الملفات، وعلى سبيل المثال المذكرتين بشأن ترقية أساتذة التعليم العالي والتعامل مع النقابات، ولا أدري هل الأمر يتعلق بجهل الوزير للقطاع أم هو عدم قدرة على الاستوزار أم شيء أخر".
خطة طريق لإصلاح التعليم
أكد السيد أحمد اخشيشن وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي في لقاء بالقنيطرة أن تعزيز موقع المؤسسة التعليمية يعد حلقة أساسية في إصلاح المنظومة التربوية وعبر من خلال ترؤسه أشغال الدورة السادسة للمجلس الإداري للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الغرب الشراردة بني احسن عن الأمل في أن يجد هذا الإصلاح امتداده الطبيعي ووقعه الحقيقي والملموس داخل كل مؤسسة تربوية وتكوينية، وبالمقابل لاحظ الوزير أن تمدرس الأطفال في التعليم الأولي لم يحقق ما كان متوقعا منه حيث لم يتجاوز7,59 بالمائة.
وفي مجال المناهج التربوية والإصلاح البيداغوجي، ذكر اخشيشين أن الوزارة انخرطت في مسلسل إصلاح بيداغوجي شامل هم أساسا إعادة النظر في الهندسة البيداغوجية بمختلف الأسلاك التربوية مع اكتمال مراجعة المناهج والبرامج التعليمية ، ومراجعة أنظمة الامتحانات المدرسية الإشهادية للأسلاك التعليمية الثلاث، فضلا عن تشجيع التوجيه إلى الشعب العلمية والتكنولوجيا.
وبخصوص الحكامة، فقد أوضح أن الوزارة اعتمدت توجها ديمقراطيا يتأسس على الجهوية و اللامركزية واللاتمركز، وكذا النهج التعاقدي في تدبير الشأن التربوي، مبرزا في هذا السياق أن الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين تعد سلطات جهوية تتبوأ موقعا متميزا كفاعل أساسي في مجال تدبير الشأن التربوي والمحلي.
أما في أشغال الدورة السادسة للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباط- سلا- زمور زعير، وتحت شعار "الأسرة والمدرسة، معا لترسيخ السلوك المدني.
فقد عبرأحمد اخشيشن على أن المغرب حقق إنجازات مهمة في مجال تعميم التمدرس،إذ بلغت نسبته 94 في المائة في التعليم الابتدائي، و74.5 في المائة في التعليم الثانوي الإعدادي، و48.1 في المائة في التعليم الثانوي والتأهيلي، مع تقليص ملموس للفوارق بين الجنسين
وأضاف أن الوزارة انخرطت في مسلسل إصلاح بيداغوجي شامل، هم أساسا إعادة النظر في الهندسة البيداغوجية بمختلف الأسلاك التربوية، مع اكتمال مراجعة المناهج التربوية والبرامج التعليمية ومراجعة أنظمة الامتحانات المدرسية للأسلاك التعليمية الثلاثة، وتشجيع توجيه التلاميذ إلى العلوم التكنولوجية، وتعزيز مبادئ حقوق الإنسان والتربية على المواطنة.
وأشار إلى أن الميزانية المخصصة لقطاع التعليم المدرسي لسنة 2008، عرفت زيادة مهمة مقارنة مع السنة الماضية، إذ حرصت الوزارة على توفير شروط تثبيت المكتسبات المحققة، وتأمين الدعم المادي لمختلف الأوراش والبرامج المندرجة في سياق أولويات المرحلة المقبلة، منها تحفيز هيأة الإدارة التربوية ودعم مشاريع المؤسسات التعليمية، وتفعيل مجالس التدبير وتأهيل وتعزيز الدعم الاجتماعي والنهوض بالأقسام التحضيرية، ومحاربة الهدر المدرسي، والنهوض بالتأطير التربوي وبالتكوين المستمر.
لكن هل فعلا ستستطيع الوزارة الجديدة إصلاح الإخفاقات التي يتخبط فيها الميثاق الذي لم تتم أجرأة جزء كبير من أهدافه التي سطرت ورصد لها غلاف مالي وزمني مهم، أم كان لزاما على المغرب أن ينتظر الرجة التي حملها التقرير الأممي حول التنمية البشرية ليعترف، على أعلى مستوى، بأن التعليم ببلادنا يعيش، مرة أخرى (ورغم الإصلاح)، أزمة حقيقية؟
في هذا الصدد أوضح المستشار الملكي ومهندس ميثاق التربية والتكوين ورئيس المجلس الأعلى للتعليم، محمد مزيان بلفقيه، أن الطريق للخروج من الأزمة مازال صعبا، وأن أول خطوة ينبغي القيام بها هي الوصول إلى نسبة تمدرس تصل إلى 95 بالمائة في أفق 2014، ورفع سن إجبارية التمدرس إلى حدود 15 سنة، إضافة إلى الاهتمام بالبنيات التحتية وتقوية الشبكة المدرسية، وهذا معناه أن عدد المؤسسات التعليمية مازال عاجزا عن استقبال الأطفال الذين هم في سن التمدرس، إضافة إلى أن رهان الدولة على التعليم الخصوصي ليتحمل 20 بالمائة من مجهودات التمدرس على المستوى الوطني، مازالت تعترضه مجموعة من العراقيل، لعل أبرزها، حسب بعض الفاعلين في القطاع، مشكل الديون وإفلاس بعض مؤسسات التعليم الحر ووقوع أخرى تحت طائلة الحجز والإفلاس.
وقد كشف مزيان بلفقيه عن إجراء بحث رسمي يستهدف 2000 مدرس، في الابتدائي والإعدادي والثانوي، للتعرف على المشاكل التي تتخبط فيها هذه الفئة، وعلى انتظاراتها وتطلعاتها، ورؤيتها لتطوير القطاع.
لكن المهتمين يرون أن الأزمة أكبر من بحث يهم فئة دون الأخرى،فهم يعتبرون أن المسؤولين عن القطاع، رغم النوايا والأرقام والإحصاءات المعلنة، سيظلون يختفون، مثل السابق، وراء العوامل الاقتصادية الضاغطة، وسيظل العجز على مستوى القطاع التعليمي قائما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق