الثلاثاء، 15 يناير 2008




النتائج مخيبة للتوقعات وجل الأساتذة يطالبون بإعادة تطبيق النظام القديم

إصلاح التعليم العالي بين ضياء الأمل و مرارة الألم

إن العالم يعيش في إطار كوني جديد يؤسس لشروط جديدة تكرس لقيم ومفاهيم العولمة، والشراكة، والإنفتاح والمنافسة، وبهدف تحقيق إنخراط إيجابي وفعال في رهانات هذه المظومة المعولمة، باتت بلادنا مقتنعة تمام الإقتناع بأهمية تجديد بنيات وهياكل المؤسسات وإصلاحها وترشيدها والتسريع بوثيرة إنتقالها الديمقراطي والتنموي الشامل، وفي هذا الإطار يفرض النظام التعليمي الحداثي نفسه على الدولة كأول معطى يجب الإهتمام به وجعله يواكب الظروف الجديدة، بإعتباره القلب النابض للمنظومة التربوية، وذلك من خلال فتح باب الإصلاح على مصراعيه، فكانت الجامعة من بين الأولويات التي خططتها الحكومة ضمن إهتماماتها، لكن الإصلاح طرح جملة مشاكل كان ضحيتها الطالب المغربي.

تدمر الطالب المغربي من النظام الجديد

إن الإشكال لا يكمن في مفهوم الإصلاح ، فهذه اللفظة لا أحد يمكن له أن يجادل في مدا جدواها وفاعليتها، غير أن العقلية المغربية ظلت لسنوات ولا زالت، حبيسة فكرة إستيراد الثقافات دون محاولة التفكير في ما يناسب الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية فحسب جل الطلبة الذين إستقينا أقوالهم ( كلية المحمدية كنموذج)، فالوضع لا يبشر بتاتا بالخير، فقد عبروا عن تدمرهم من النظام الجديد لدرجة نعته بالنظام الفاشل خاصة على صعيد كلية الحقوق المحمدية فيؤكد الطلبة أن المشاكل لا حصر لها بداية من إكتظاظ المدرجات بالطلبة، مرورا بإثقال الطالب بكم من المواد ، لا يستطيعون تهيئها خلال فترة الامتحان، الشئ الذي يجعل ظاهرة الغش تنتشر في صفوف الطلبة، دون أن ننسى أن الأساتذة لا زالوا لحد الآن لم يتأقلموا مع جو الإصلاح، إلا قلة قليلة تبدل ما في وسعها لإنجاح مخطط أحبط طاقات شبابنا، وكبل قدراتهم الفكرية، فكل الأساتذة يجمعون أن النظام القديم أعطى أكله أفضل من النظام الجديد.
يقول عبد العزيزل طالب في الفصل الخامس بكلية الحقوق المحمدية، " أن القاسم المشترك الذي يجمع هذا الإصلاح بباقي الإصلاحات التعليمية هو فشل في تحقيق الأهداف المعلنة نظرا لسيادة القرار السياسي، واستيراد بيداغوجيات ومحتويات جاهزة وعدم تكييفها مع الخصوصيات الوطنية لذلك لا نتفاجأ للنتيجة التي خلفها منذ أجرأته على أرض الواقع من ندم وإستياء في صفوف الطلاب، ليفرض عليهم عدم استكمال الدراسة وعزوف الكثير من ولوج الجامعة"

أي إصلاح نتحدث عنه

فعندما نتكلم عن الإصلاح الجامعي نصطدم بعدة إشكالات، كل إشكال هو بحد ذاته يقتضي زاوية معينة لمعالجته، أولا، كيف نصل إلى جامعة مفعمة بالحياة، متحولة من منطق التمدرس إلى منطق التكوين، ونحن لا زلنا نلمس طابع العمل الفردي وغياب التأطير الفعال، الذي ينمي الطاقة الذاتية والقدرة على التفاعل مع المحيط الإجتماعي والإقتصادي، فجل الطلبة يطالعون ويبحثون ويعيشون في عالم المثل، ولكن عند الحصول على الشهادة، والخروج لسوق الشغل، يصطدمون بخيبة أمل كبيرة، وأن ما كانوا يسهرون الليل لنيله لا يتلاءم مع متطلبات المحيط المهني.
ثانيا، إذا كانت الجامعة مجالا منفتحا، وقبلة للباحثين ومختبرا للتجارب ومرصدا للتقدم العلمي والتقني والأدبي، فهي لسوء الحظ لا تضمن التكوين الفعال خاصة في ظل هذا الإصلاح الذي يتأسف له جل المراقبين، فبعدما كانت الجامعة، سببا في الإزدهار التنموي وفي الإنماء الثقافي بالمغرب، هي الآن سبب في تفريخ طلبة لا يجدون مناصب شغل تعيلهم بعد المنح التي كان بعضهم يتقاضاها.
فالجامعة لم تعد تستجيب لتطلعات الطلبة فمكامن ضعفها أصبحت تطغى على مكامن قوتها وبدون تعداد المشاكل التي تعاني منها الجامعة بدءا من الإستقلال، والوصاية المالية، وغياب التأطير وتوفير المناخ والجو لإصلاح فعال وديناميكي، فالإصلاح يسير بوثيرة بطيئة، ومتباينة في جميع مؤسسات التعليم العالي
وتفيد إحصائيات مختصة إلى أن الجامعة تبقى المنفذ الأخير لنسبة عديدة من الطلبة لإمكانية إستكمال التعليم العالي، أمام إرتفاع تكاليف المعاهد العليا الخاصة، ما يؤدي إلى اكتظاظها هذا الاكتظاظ الذي يزداد حدة مع الزيادة في سبب الرسوب المرتفعة التي كانت سائدة في مجموعة من المسالك والشعب، وهو ما يجد ترجمته في أن الجامعة تستقبل سنويا 80 إلى 100 ألف طالب ولا يحصل على شهادات التخرج إلا 30 ألف طالب في المتوسط، وقد كان الوزير السابق الحبيب المالكي، وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، قد أكد على أن الجامعة المغربية أصبحت تختلف عما كان عليه، موضحا أن الإصلاح نجح في تحديد مهام ووظائف جديدة للجامعات، وذلك في إتجاه المساهمة في بناء مجتمع حداثي.
لكن على أرض الواقع لا أحد يتفاءل بهذا الإصلاح، والحكومة عباس الفاسي تواجهها صعوبة كبيرة وهي التدخل في مشروع إصلاحي للتعليم سطرته حكومة جطو، الأمر الذي سيجعل الحال على ماهو عليه، والطالب يبقى دائما هو الضحية لهذا الاستهتار بهذا الحقل الحيوي الذي نقيس من خلاله تطور الشعوب وتقدمها.

********


مصطفى شنضيض، أستاذ قانون الشغل بكلية الحقوق المحمدية
نحن مع الإصلاح، ولكن ضمن مقاربة ترمي إلى الرجوع إلى اعتماد النظام القديم في حجمه الزمني

بعد أربع سنوات من الإصلاح الجامعي ، هل النتائج فعلا إيجابية؟
أول نقطة يجب أن نطرحها في هذا الإطار هو أنه على مستوى كلية الحقوق المحمدية، سلبيات النظام الجديد أكثرمن إيجابياته، وذلك من عدة جوانب، الجانب الأول، مادي: بمعنى أن الإصلاح يتطلب إمكانيات مادية مهمة لإنجاح الإصلاح بالشكل المسطر له، لا نروم إصلاحا يعتمد التسميات والهياكل البعيدة عن الواقع، الغير المؤدية إلى النتائج الإيجابية، فليس هناك ميزانية موصدة تستجيب لروح الإصلاح، وكذلك ليس هناك بنية تحتية جيدة تواكب نظام المجموعات الصغيرة، الذي يجب أن تخصص لها قاعات متعددة لم يتم إحداثها، الشئ الذي يخلق مشكل الاكتظاظ،، أيضا مواد التفتح وكمثال على ذلك المعلوميات، تحتم تهيئ عدة قاعات خاصة بهذه المادة الجديدة، وهو ما لم يتحقق لحد الساعة، هناك عدة ماسترات تعاني من عدم وجود أساتذة للمعلوميات واللغات الأجنبية، لا أنسى مشكل العدد الذي تعاني منه كلية المحمدية على وجه الخصوص، نشير أنه تم إحداث كلية بعين السبع ولكن هل ستقوى على امتصاص هذه المشاكل؟ يصعب التكهن بذلك فهي تتوفر لحد الساعة على ثلاث أو أربع مدرجات فقط.
الجانب الثاني، يعنى بطبيعة المواد القانونية المدرسة، فهي لا تتناسب كليا مع الحجم الزمني المخصص( نظام السداسيات)، فرصد أشهر قليلة لا تتجاوز ثلاثة أشهر لا تساعد على استيعاب بعض المواد كالمسطرة المدنية، والمسطرة الجنائية، وتقسيم هذه المواد أو غيرها يطرح عدد الحصص على مستوى مسلك الإجازة المحدد في ثلاث سنوات، فالطالب مطالب بالإلمام بمجموعة مهمة من المواد القانونية داخل حيز زمني قصير مدة ثلاث سنوات وعبر ست سداسيات.
فنحن مع الإصلاح، ولكن ضمن مقاربة ترمي إلى الرجوع إلى اعتماد النظام القديم في حجمه الزمني، مع الأخذ بمواد التفتح ضمن هذا النظام.
كذلك من بين السلبيات ما أفرزته أنظمة المراقبة والامتحانات والذي يؤشر على تدهور المستوى التعليمي للطلبة وهزالة مضمون الإصلاح، على مستوى كلية الحقوق المحمدية، وكذا في باقي الكليات فكل الأساتذة خلال إجتماعتنا معهم يؤكدون نفس التوجه
أما دور الطالب في هذا النظام، هو الاعتماد على نفسه في التحصيل وفي تلقي التداريب، خاصة خارج فترات التدريس، وهذا يعود لعدد الطلبة المتواجدين في الكلية، وهذا قد تحقق على مستوى الماستر، فهناك نوع من المتابعة، والتأطيرمكننا من استدعاء مؤ طرين خارجيين، كالقضاة والمحامين، باعتبار العدد، وكذا نظرا للدعم المادي الذي خصص للماستر، فقد شجعنا، ولكن هذا لا يمنع من تعويض المشرفين، وتخصيص دعم مادي يغطي مصاريف المشرفين على الماستر.
هل في نظرك الحكومة الجديدة ستأتي بالجديد لإصلاح التعليم
المؤشرات الحالية لن تأتي بالجديد لأسباب مادية محضة، الوضع الاقتصادي الحالي لا يبشر بتحسن الوضع التعليمي، وتجدر الإشارة إلى ما صرح به الوزير الأول هو اعتراف ضمني بعدم نجاح الإصلاح كذلك فلا يبدوا لي أن يكون هناك اهتمام بالمجال التعليمي في الظروف الحالية فالأوضاع الاقتصادية التي يعرفها المغرب، نذكر بالخصوص، الانعكاسات السلبية لإرتفاع أسعار البترول على ميزانية المغرب، وتوالي سنوات الجفاف، هذان المؤشران إن إستمرا سيتركان ظلالهما السلبية على الإهتمام بالوضع التعليمي بالمغرب
.

ليست هناك تعليقات: