إرتفاع معدل ظاهرة العقم يهدد التوازن العائلي
النساء أكثر تأثرا بالمشكل، وأشد إقبالا على العلاج
يعد العقم في مجتمعنا المغربي مشكلة كبيرة تهدد بناء الحياة الزوجية، وتقلق التوازن
النساء أكثر تأثرا بالمشكل، وأشد إقبالا على العلاج
يعد العقم في مجتمعنا المغربي مشكلة كبيرة تهدد بناء الحياة الزوجية، وتقلق التوازن
العائلي، وإذا كانت المرأة فيه هي الحلقة الأضعف، لأن أصابع الإتهام ستشير إليها بالدرجة الأولى كسبب رئيسي في المشكل، رغم أن العلم قد أثبت عكس ذلك، فإن العقم عند أحد الزوجين قد يصبح دافعا لإرتكاب جرائم خطيرة إذا لم يكن هناك وعي فكري، وإيمان بقضاء الله وقدره، كواقعة اختطاف طفلين من حضن أمهما الأول بمدينة المحمدية، والثاني بمدينة طنجة.
وإذا كانت وسائل العلاج الحديثة ك " التخصيب الاصطناعي"هي ليست في متناول الجميع، نظرا لغلاء تكلفتها، واقتصارها على الطبقات الميسورة، فإن هناك أسر تلجأ للتبني كحل وسط يقيها ألم العيش بدون أطفال، ويجعلها تواجه مساطر قانونية وإدارية معقدة.
العقم هو عدم القدرة على الحمل بعد سن الزواج، وهو مشكل العصر بامتياز، فما إن تمضي السنة الأولى أو الثانية من الزواج من دون أن يرزق الزوجان بمولود، حتى تتوتر أعصاب الزوجين والأهل والأقارب، وتكثر الأسئلة وعلامات الإستفهام، وتصبح الأسرة غارقة في دوامة القلق والخوف من عدم الضفربمولود يملأ البيت دفئا ويقوي أواصر العلاقة بين الزوجين، وإذاكان الله تعالى يقول في كتابه العزيز" لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء ويهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور- أو يزوجهم ذكرانا أو إناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير"( الشورى: 49/50).
ورغم كون المغرب من بين البلدان المعروفة باتساع قاعدة هرمها الديمغرافي، فإن هذه الظاهرة أصبحت مقلقة، وذلك راجع بحكم المتخصصين إلى عدة عوامل قد تكون بيولوجية، وقد تكون نفسية، وقد تكون وراثية، وبيئية...
فالإضطرابات الانفعالية بسبب الضغوط الاجتماعية والنفسية التي قد يتعرض لها الزوجان قد تحول دون الحصول على أطفال لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل هناك سعادة زوجية من غير أطفال؟
قد تكون هناك سعادة زوجية من غير أطفال إذا بنيت حياة الزوجين على مبدأ التفاهم، ولكن الحياة الزوجية لا تخلو من المشاكل والعقبات، وإذا لم يكن هناك أطفال فمن الممكن أن تنهار الحياة الزوجية بسرعة عند مواجهتها لهذه العقبات، ولكن وجود الأطفال يجعل الأب والأم يفكران ألف مرة قبل اتخاذ قرار الطلاق.
لهذا فالأبحاث العلمية انكبت على إيجاد حلول علمية وعملية للعقم، فإذا كان هذا الأخير بلوى مخيفة يخشاها المتزوجون، إلى حد الرعب خصوصا المرأة، فهي التي تحمل بين أحشائها الرحم، ومجتمعات عدة ربطت عملية الحمل والولادة بالمرأة، فحتى يومنا هذا كثير من الرجال يرفضون الخضوع لفحوص طبية أو إجراء تحاليل، لأنها في اعتقادهم مساس وخدش للرجولة، وعوض أن يلجأ الواحد من هؤلاء إلى الطب يتزوج بالثانية والثالثة، إما بإرادته الشخصية، أو خضوعا لرغبة الأهل.
وفي المغرب تشير الإحصائيات إلى أن 50 بالمائة من حالات العقم سببها النساء، و30 بالمائة سببها الرجال، أما 20 بالمائة فالعائق يكون عند كلا الزوجين.
مشكل العصر
تعد المرأة في نظر الفكر المجتمعي التقليدي، هي المسؤولة عن إنجاب الأولاد، لهذا فبمجرد مرور السنة أو السنتين أو أكثر بحسب إتفاق الزوجين، إذا كانوا من مناصري تحديد النسل، ولم يحصل حمل، أصابع الإتهام تتجه مباشرة إلى الزوجة، مع إن الطب قد أثبت أنه في أحيان كثيرة يكون الزوج هو سبب العقم.
ولهذا فإن كثير من النساء وخوفا من أن يلجأ الزوج إلى الزواج بأخرى متذرعا بعدم قدرة زوجته على الإنجاب قد يفعلن المستحيل لردعه عن ذلك.
ولعل حادثتي إختطاف طفلين الأول بالمحمدية والثاني بطنجة خير دليل على هذا الخوف، فالزوجة بفرط حبها لزوجها، وعدم قبولها أن تشاركها فيه إمرأة أخرى، قد ترتكب أفعالا هي لا نفسها لا تدرك مدا خطورتها إلا بعد فوات الأوان، كما قد تكون تعلم تمام العلم أن العقم سببه زوجها ومع ذلك تريد أن تعيش معه دفء الأمومة ولكن في بعض الأحيان على حساب شقاء أناس آخرين.
وكمثال على ذلك، قضت الغرفة الجنحية التلبسية بالمحكمة الإبتدائية بمدينة طنجة، يوم الخميس 24 يناير بأربعة أشهر حبسا نافذا في حق امرأة اختطفت رضيعا حديث الولادة قصد تربيته، وبالرغم من تنازل عائلة الرضيع المزداد في فاتح يناير، قررت النيابة العامة بصفتها ممثلا للحق العام، متابعة المتهمة حبيبة بجنح " نقل طفل وإخفائه وتغييبه وانتحال صفة حددت السلطة العامة شروط اكتسابها".
وتعود فصول القضية إلى أشهرمضت حينما إدعت المتهمة أنها حامل وتمكنت من خداع زوجها الذي يجهل أنه غير قادر على الإنجاب، وطيلة فترة الحمل الوهمي، طرقت الظنينة أبواب إحدى الجمعيات التي من بين الشروط التي وضعتها هي ضرورة الحصول على موافقة الزوج الراغب في التبني، مما جعل الظنينة تتخوف من اكتشاف زوجها لخدعتها التي انطلت علية، فبدأت تتصيد الفرص لإختطاف طفل من دويه، من مستشفى محمد الخامس بطنجة، وقد تمكنت بالفعل من تنفيد خطتها قبل أن تتمكن عناصر الشرطة من إلقاء القبض عليها.
فالعقم قد يصبح مسببا للجريمة، إذا لم يكن هناك دعم أسري وتضامن عائلي، يشجع الزوجين على الرضا والبحث عن حلول بديلة، تمكن الزوجين من الحفاظ على الانسجام والإستقرارالنفسي والاجتماعي.
لا حياة مع اليأس
ففي خضم العواقب الوخيمة التي قد تنتج عن إصابة أحد الزوجين بالعقم، كالأمراض النفسية من إكتئاب، وانعزال عن الوسط العائلي، وقد تتطور في بعض الأحيان إلى الشعور بالكراهية نحو الأطفال، عمل العلم على تطوير تقنيات العلاج، وخلال الخمسين عاما الماضية حدثت ثورة في هذا الموضوع وبدأنا نتعرف على فسيولوجية الخصوبة، وكيف يحدث العقم وماهي أسبابه، وحتى النظرة الإسلامية لم تتشدد في بعض العلاجات، فمثلا أطفال الأنابيب، تؤخد البويضة من الزوجة والنطفة من الزوج ويحدث التخصيب ولا تبقى البويضة خارج جسم الإنسان أكثر من 48 ساعة ومن ثم تعاد إلى الجسم، فليست هناك أي معارضة للشريعة الإسلامية، ولكن هناك علاجات أخرى يبقى حولها التحفظ كاستئجار الرحم، ولكن الفكر التقليدي المغربي، مازال رهين الحمل بالطريقة العادية، أو استعمال طرق أخرى كالتداوي بالأعشاب، خاصة وأن هناك قنوات اليوم أصبحت تتاجرفي هذا المجال وتحقق مبالغ طائلة من خلال إيهامها المرضى أن هذا الدواء يعالج العقم، وكذلك في الظل التكنولوجيا الحديثة وتطور وسائل الاتصال، فقد نشطت مواقع على شبكة الانترنت، تشجع على الطب الطبيعي، أو ما يعرف بالطب البديل، وهناك من ذهب بعيدا وذلك في نطاق ما يسمى بالعلاج الروحاني للعقم، على أي حال فالكل يبحث على حلول بديلة تدخل البهجة إلى قلوب المتزوجين الذين لم يرزقوا بأطفال، والطب كذلك لم يقصر، فالتطور في علاج العقم أصبح ملحوظا، وإن كان يكتسي طابع السرية عند المعالجين منه.
التخصيب الإصطناعي يحظى بقبول المغاربة
يعد التخصيب الإصطناعي خارج الرحم، والتخصيب المجهري تقنيات جديدة اعتبرت انتصارا على بعض أنواع العقم، وبحسب الإحصائيات فقد ولد بواسطة التخصيب المجهري أكثر من 50 ألف طفل فيما يتجاوز عدد أطفال الأنابيب أكثر من مليوني طفل حول العالم. ويوجد في المغرب اختصاصيون وأكثر من 14 مركزا خاصا بالتخصيب الاصطناعي، وقد نجحوا في اخصاب اجنة خارج الرحم، ونقلها إليه وإتمام الحمل إلى نهايته، لكن هناك من يفضل الهرب إلى الخارج للقيام بهذه العملية، وهذا ليس من باب فقد الثقة بالطب المغربي، بل بسبب طغيان العقلية التقليدية التي ترفض أن يعرف المجتمع أن فلانا أو فلانة التجأ إلى تقنية «أطفال الأنابيب» لتجاوز عدم القدرة على الإنجاب الطبيعي.
وتوجد عوامل عديدة قد تؤثر في نجاح عمليات أطفال الأنابيب ومن أهم هذه العوامل عمر المرأة فنسبة النجاح تتناقص مع ارتفاع سن المرأة وفي مراكز عديدة لا يتم إجراء هذه الطريقة إذا تجاوزت المرأة سن الأربعين عاماً إلا في نطاق محدود جداً. كما أن زيادة وزن المرأة على المعدل الطبيعي يؤثر على استجابة المرأة لمحرضات التبويض وكذلك انغراس الجنين ببطانة الرحم، ولذلك ينصح الأطباء مريضات العقم بتنقيص الوزن ولكن للأسف فان معظم محاولات إنقاص الوزن تكون عديمة الفائدة. كما يجب التأكد من خلو الرحم من أي مشاكل مرضية كوجود الأورام الليفية أو الالتصاقات داخل بطانة الرحم وان تكون بطانة الرحم طبيعية، كما يجب التأكد من عدم وجود التهابات وأمراض تناسلية، وكذلك التأكد من عدم وجود أمراض مزمنة مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم الشرياني ومشاكل الكلى والقلب والغدة الدرقية ومعالجتها والتحكم بمستوياتها الطبيعية قبل إجراء عملية أطفال الأنابيب، هذا و يستوجب على الطبيب المعالج إعطاء الوقت الكافي لمناقشة العملية بالتفصيل مع الزوجين وذكر نسب النجاح والفشل بوضوح بالإضافة إلى المضاعفات الجانبية التي قد تكون خطيرة في بعض الحالات.
وإذا كان التخصيب الإصطناعي، مكلف نوعا ما، فثمن الدواء يصل إلى 25000 درهم، حسب رأي المختصين، فإن أسرا قد تلجأ إلى التبني كوسيلة تمكنهم من الحصول على أطفال يملأن البيت حبا وحنانا، ولكن غالبية الأسر تصطدم بتعقيد المساطر والإجراءات الإدارية التي تجعلها تفكر ألف مرة قبل أن تتبنى طفلا، إضافة إلى مجموعة من الإرهاصات التي قد تشوش على الراغبين في التبني سواء كانت إجتماعية، كيفية تأقلم الطفل المتبنى مع الوسط العائلي، والأخطر هو أن كل من يرغب في تبني طفل هو لا يريد أن يصارحه بالحقيقة خوفا من فقدانه.
لهذا فإذا حرم الإنسان من نعمة الأطفال، فالأمل يبقى موجودا، والسعادة يمكن البحث عنها، من خلال توثيق الروابط العائلية، وزيارة الأقارب، والقيام بالأعمال الخير التي تحث على تقوية روح التضامن المجتمعي.
الدكتور رشيد السلاوي اختصاصي في الولادة وأمراض النساء
تعرف عمليات التخصيب الإصطناعي، إقبالا كبيرا رغم ارتفاع التكاليف.
العقم هو مرض يهم الزوجين الرجل والمرأة، وله أسباب متعددة تحتاج لشرح طويل، ولكن أهمها الأسباب العضوية كإنعدام صنع الحيوانات المنوية، وتشوهات الرحم وأسباب هرمونية عند الزوجين وهي التي تحول دون وقوع الحمل، ولكن يبقى السبب الرئيسي هو تعفن الأعضاء المسؤولة عن الحمل عند كلا الزوجين، مما ينتج عنه نقص في الحيوانات المنوية عند الرجل و إنسداد قناة فالوب والأعضاء الحوضية الأخرى، عند المرأة.
أما تأثيرات الجو والبيئة فهي تبقى مسببات غير مضبوطة ولا يمكن الاحتكام إليها.
ويضيف الدكتور رشيد، بأن حالات العقم التي تتردد على المستشفيات هي كثيرة، فحوالي 10 بالمائة من المتزوجين يعانون من العقم سواء كان ذلك عند الزوج أو عند الزوجة، غير أن الملاحظ أن النساء هن أكثر إقبالا على القيام بالفحوصات والتحاليل، على عكس الرجال، فهنا المسألة مرتبطة بعقلية بعض المغاربة، مع العلم أن الكشف على العقم عند الزوج عملية سهلة، بالمقارنة مع كم الفحوصات والتحاليل التي تقوم بها الزوجة، حيث يكتفي بالقيام بتحليلة واحدة تخص الحيوانات المنوية.
أما فيما يخص العلاج ومدى فعالية التخصيب الإصطناعي، فإن هناك علاجات كثيرة وتختلف باختلاف طبيعة الحالة، ولكن يبقى التخصيب أهمها، وهو يحظى بإقبال كبيرمن طرف المصابين بالعقم، رغم أن ثمن الأدوية مكلف إذ يبلغ 25000 درهم، ونسبة نجاحه هي تقريبا 20بالمائة.
غير أن نجاح التخصيب هو مرتبط أكثربالخصوبة عند المرأة فهذه الأخيرة تتغير مع السن، فكلما كانت شابة وأقل من 35 عام تكون معدلات النجاح مرتفعة، أما المرأة التي تجاوزت الأربعين فالمبيض يصبح ضعيفا وأكثر عرضة للتشوهات، لذلك نركز كثيرا على عامل السن.
خلافا للاعتقاد السائد بأن وسائل منع الحمل تؤثر سلبا على عملية الإخصاب وانتشار العقم، فإن هاته النظرة خاطئة ولا أساس لها من الصحة، فإذا -كانت نسبة الولادات قد تقلصت فهذا مرتبط بالدرجة الأولى، بالتنظيم الأسري.
وإذا كانت وسائل العلاج الحديثة ك " التخصيب الاصطناعي"هي ليست في متناول الجميع، نظرا لغلاء تكلفتها، واقتصارها على الطبقات الميسورة، فإن هناك أسر تلجأ للتبني كحل وسط يقيها ألم العيش بدون أطفال، ويجعلها تواجه مساطر قانونية وإدارية معقدة.
العقم هو عدم القدرة على الحمل بعد سن الزواج، وهو مشكل العصر بامتياز، فما إن تمضي السنة الأولى أو الثانية من الزواج من دون أن يرزق الزوجان بمولود، حتى تتوتر أعصاب الزوجين والأهل والأقارب، وتكثر الأسئلة وعلامات الإستفهام، وتصبح الأسرة غارقة في دوامة القلق والخوف من عدم الضفربمولود يملأ البيت دفئا ويقوي أواصر العلاقة بين الزوجين، وإذاكان الله تعالى يقول في كتابه العزيز" لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء ويهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور- أو يزوجهم ذكرانا أو إناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير"( الشورى: 49/50).
ورغم كون المغرب من بين البلدان المعروفة باتساع قاعدة هرمها الديمغرافي، فإن هذه الظاهرة أصبحت مقلقة، وذلك راجع بحكم المتخصصين إلى عدة عوامل قد تكون بيولوجية، وقد تكون نفسية، وقد تكون وراثية، وبيئية...
فالإضطرابات الانفعالية بسبب الضغوط الاجتماعية والنفسية التي قد يتعرض لها الزوجان قد تحول دون الحصول على أطفال لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل هناك سعادة زوجية من غير أطفال؟
قد تكون هناك سعادة زوجية من غير أطفال إذا بنيت حياة الزوجين على مبدأ التفاهم، ولكن الحياة الزوجية لا تخلو من المشاكل والعقبات، وإذا لم يكن هناك أطفال فمن الممكن أن تنهار الحياة الزوجية بسرعة عند مواجهتها لهذه العقبات، ولكن وجود الأطفال يجعل الأب والأم يفكران ألف مرة قبل اتخاذ قرار الطلاق.
لهذا فالأبحاث العلمية انكبت على إيجاد حلول علمية وعملية للعقم، فإذا كان هذا الأخير بلوى مخيفة يخشاها المتزوجون، إلى حد الرعب خصوصا المرأة، فهي التي تحمل بين أحشائها الرحم، ومجتمعات عدة ربطت عملية الحمل والولادة بالمرأة، فحتى يومنا هذا كثير من الرجال يرفضون الخضوع لفحوص طبية أو إجراء تحاليل، لأنها في اعتقادهم مساس وخدش للرجولة، وعوض أن يلجأ الواحد من هؤلاء إلى الطب يتزوج بالثانية والثالثة، إما بإرادته الشخصية، أو خضوعا لرغبة الأهل.
وفي المغرب تشير الإحصائيات إلى أن 50 بالمائة من حالات العقم سببها النساء، و30 بالمائة سببها الرجال، أما 20 بالمائة فالعائق يكون عند كلا الزوجين.
مشكل العصر
تعد المرأة في نظر الفكر المجتمعي التقليدي، هي المسؤولة عن إنجاب الأولاد، لهذا فبمجرد مرور السنة أو السنتين أو أكثر بحسب إتفاق الزوجين، إذا كانوا من مناصري تحديد النسل، ولم يحصل حمل، أصابع الإتهام تتجه مباشرة إلى الزوجة، مع إن الطب قد أثبت أنه في أحيان كثيرة يكون الزوج هو سبب العقم.
ولهذا فإن كثير من النساء وخوفا من أن يلجأ الزوج إلى الزواج بأخرى متذرعا بعدم قدرة زوجته على الإنجاب قد يفعلن المستحيل لردعه عن ذلك.
ولعل حادثتي إختطاف طفلين الأول بالمحمدية والثاني بطنجة خير دليل على هذا الخوف، فالزوجة بفرط حبها لزوجها، وعدم قبولها أن تشاركها فيه إمرأة أخرى، قد ترتكب أفعالا هي لا نفسها لا تدرك مدا خطورتها إلا بعد فوات الأوان، كما قد تكون تعلم تمام العلم أن العقم سببه زوجها ومع ذلك تريد أن تعيش معه دفء الأمومة ولكن في بعض الأحيان على حساب شقاء أناس آخرين.
وكمثال على ذلك، قضت الغرفة الجنحية التلبسية بالمحكمة الإبتدائية بمدينة طنجة، يوم الخميس 24 يناير بأربعة أشهر حبسا نافذا في حق امرأة اختطفت رضيعا حديث الولادة قصد تربيته، وبالرغم من تنازل عائلة الرضيع المزداد في فاتح يناير، قررت النيابة العامة بصفتها ممثلا للحق العام، متابعة المتهمة حبيبة بجنح " نقل طفل وإخفائه وتغييبه وانتحال صفة حددت السلطة العامة شروط اكتسابها".
وتعود فصول القضية إلى أشهرمضت حينما إدعت المتهمة أنها حامل وتمكنت من خداع زوجها الذي يجهل أنه غير قادر على الإنجاب، وطيلة فترة الحمل الوهمي، طرقت الظنينة أبواب إحدى الجمعيات التي من بين الشروط التي وضعتها هي ضرورة الحصول على موافقة الزوج الراغب في التبني، مما جعل الظنينة تتخوف من اكتشاف زوجها لخدعتها التي انطلت علية، فبدأت تتصيد الفرص لإختطاف طفل من دويه، من مستشفى محمد الخامس بطنجة، وقد تمكنت بالفعل من تنفيد خطتها قبل أن تتمكن عناصر الشرطة من إلقاء القبض عليها.
فالعقم قد يصبح مسببا للجريمة، إذا لم يكن هناك دعم أسري وتضامن عائلي، يشجع الزوجين على الرضا والبحث عن حلول بديلة، تمكن الزوجين من الحفاظ على الانسجام والإستقرارالنفسي والاجتماعي.
لا حياة مع اليأس
ففي خضم العواقب الوخيمة التي قد تنتج عن إصابة أحد الزوجين بالعقم، كالأمراض النفسية من إكتئاب، وانعزال عن الوسط العائلي، وقد تتطور في بعض الأحيان إلى الشعور بالكراهية نحو الأطفال، عمل العلم على تطوير تقنيات العلاج، وخلال الخمسين عاما الماضية حدثت ثورة في هذا الموضوع وبدأنا نتعرف على فسيولوجية الخصوبة، وكيف يحدث العقم وماهي أسبابه، وحتى النظرة الإسلامية لم تتشدد في بعض العلاجات، فمثلا أطفال الأنابيب، تؤخد البويضة من الزوجة والنطفة من الزوج ويحدث التخصيب ولا تبقى البويضة خارج جسم الإنسان أكثر من 48 ساعة ومن ثم تعاد إلى الجسم، فليست هناك أي معارضة للشريعة الإسلامية، ولكن هناك علاجات أخرى يبقى حولها التحفظ كاستئجار الرحم، ولكن الفكر التقليدي المغربي، مازال رهين الحمل بالطريقة العادية، أو استعمال طرق أخرى كالتداوي بالأعشاب، خاصة وأن هناك قنوات اليوم أصبحت تتاجرفي هذا المجال وتحقق مبالغ طائلة من خلال إيهامها المرضى أن هذا الدواء يعالج العقم، وكذلك في الظل التكنولوجيا الحديثة وتطور وسائل الاتصال، فقد نشطت مواقع على شبكة الانترنت، تشجع على الطب الطبيعي، أو ما يعرف بالطب البديل، وهناك من ذهب بعيدا وذلك في نطاق ما يسمى بالعلاج الروحاني للعقم، على أي حال فالكل يبحث على حلول بديلة تدخل البهجة إلى قلوب المتزوجين الذين لم يرزقوا بأطفال، والطب كذلك لم يقصر، فالتطور في علاج العقم أصبح ملحوظا، وإن كان يكتسي طابع السرية عند المعالجين منه.
التخصيب الإصطناعي يحظى بقبول المغاربة
يعد التخصيب الإصطناعي خارج الرحم، والتخصيب المجهري تقنيات جديدة اعتبرت انتصارا على بعض أنواع العقم، وبحسب الإحصائيات فقد ولد بواسطة التخصيب المجهري أكثر من 50 ألف طفل فيما يتجاوز عدد أطفال الأنابيب أكثر من مليوني طفل حول العالم. ويوجد في المغرب اختصاصيون وأكثر من 14 مركزا خاصا بالتخصيب الاصطناعي، وقد نجحوا في اخصاب اجنة خارج الرحم، ونقلها إليه وإتمام الحمل إلى نهايته، لكن هناك من يفضل الهرب إلى الخارج للقيام بهذه العملية، وهذا ليس من باب فقد الثقة بالطب المغربي، بل بسبب طغيان العقلية التقليدية التي ترفض أن يعرف المجتمع أن فلانا أو فلانة التجأ إلى تقنية «أطفال الأنابيب» لتجاوز عدم القدرة على الإنجاب الطبيعي.
وتوجد عوامل عديدة قد تؤثر في نجاح عمليات أطفال الأنابيب ومن أهم هذه العوامل عمر المرأة فنسبة النجاح تتناقص مع ارتفاع سن المرأة وفي مراكز عديدة لا يتم إجراء هذه الطريقة إذا تجاوزت المرأة سن الأربعين عاماً إلا في نطاق محدود جداً. كما أن زيادة وزن المرأة على المعدل الطبيعي يؤثر على استجابة المرأة لمحرضات التبويض وكذلك انغراس الجنين ببطانة الرحم، ولذلك ينصح الأطباء مريضات العقم بتنقيص الوزن ولكن للأسف فان معظم محاولات إنقاص الوزن تكون عديمة الفائدة. كما يجب التأكد من خلو الرحم من أي مشاكل مرضية كوجود الأورام الليفية أو الالتصاقات داخل بطانة الرحم وان تكون بطانة الرحم طبيعية، كما يجب التأكد من عدم وجود التهابات وأمراض تناسلية، وكذلك التأكد من عدم وجود أمراض مزمنة مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم الشرياني ومشاكل الكلى والقلب والغدة الدرقية ومعالجتها والتحكم بمستوياتها الطبيعية قبل إجراء عملية أطفال الأنابيب، هذا و يستوجب على الطبيب المعالج إعطاء الوقت الكافي لمناقشة العملية بالتفصيل مع الزوجين وذكر نسب النجاح والفشل بوضوح بالإضافة إلى المضاعفات الجانبية التي قد تكون خطيرة في بعض الحالات.
وإذا كان التخصيب الإصطناعي، مكلف نوعا ما، فثمن الدواء يصل إلى 25000 درهم، حسب رأي المختصين، فإن أسرا قد تلجأ إلى التبني كوسيلة تمكنهم من الحصول على أطفال يملأن البيت حبا وحنانا، ولكن غالبية الأسر تصطدم بتعقيد المساطر والإجراءات الإدارية التي تجعلها تفكر ألف مرة قبل أن تتبنى طفلا، إضافة إلى مجموعة من الإرهاصات التي قد تشوش على الراغبين في التبني سواء كانت إجتماعية، كيفية تأقلم الطفل المتبنى مع الوسط العائلي، والأخطر هو أن كل من يرغب في تبني طفل هو لا يريد أن يصارحه بالحقيقة خوفا من فقدانه.
لهذا فإذا حرم الإنسان من نعمة الأطفال، فالأمل يبقى موجودا، والسعادة يمكن البحث عنها، من خلال توثيق الروابط العائلية، وزيارة الأقارب، والقيام بالأعمال الخير التي تحث على تقوية روح التضامن المجتمعي.
الدكتور رشيد السلاوي اختصاصي في الولادة وأمراض النساء
تعرف عمليات التخصيب الإصطناعي، إقبالا كبيرا رغم ارتفاع التكاليف.
العقم هو مرض يهم الزوجين الرجل والمرأة، وله أسباب متعددة تحتاج لشرح طويل، ولكن أهمها الأسباب العضوية كإنعدام صنع الحيوانات المنوية، وتشوهات الرحم وأسباب هرمونية عند الزوجين وهي التي تحول دون وقوع الحمل، ولكن يبقى السبب الرئيسي هو تعفن الأعضاء المسؤولة عن الحمل عند كلا الزوجين، مما ينتج عنه نقص في الحيوانات المنوية عند الرجل و إنسداد قناة فالوب والأعضاء الحوضية الأخرى، عند المرأة.
أما تأثيرات الجو والبيئة فهي تبقى مسببات غير مضبوطة ولا يمكن الاحتكام إليها.
ويضيف الدكتور رشيد، بأن حالات العقم التي تتردد على المستشفيات هي كثيرة، فحوالي 10 بالمائة من المتزوجين يعانون من العقم سواء كان ذلك عند الزوج أو عند الزوجة، غير أن الملاحظ أن النساء هن أكثر إقبالا على القيام بالفحوصات والتحاليل، على عكس الرجال، فهنا المسألة مرتبطة بعقلية بعض المغاربة، مع العلم أن الكشف على العقم عند الزوج عملية سهلة، بالمقارنة مع كم الفحوصات والتحاليل التي تقوم بها الزوجة، حيث يكتفي بالقيام بتحليلة واحدة تخص الحيوانات المنوية.
أما فيما يخص العلاج ومدى فعالية التخصيب الإصطناعي، فإن هناك علاجات كثيرة وتختلف باختلاف طبيعة الحالة، ولكن يبقى التخصيب أهمها، وهو يحظى بإقبال كبيرمن طرف المصابين بالعقم، رغم أن ثمن الأدوية مكلف إذ يبلغ 25000 درهم، ونسبة نجاحه هي تقريبا 20بالمائة.
غير أن نجاح التخصيب هو مرتبط أكثربالخصوبة عند المرأة فهذه الأخيرة تتغير مع السن، فكلما كانت شابة وأقل من 35 عام تكون معدلات النجاح مرتفعة، أما المرأة التي تجاوزت الأربعين فالمبيض يصبح ضعيفا وأكثر عرضة للتشوهات، لذلك نركز كثيرا على عامل السن.
خلافا للاعتقاد السائد بأن وسائل منع الحمل تؤثر سلبا على عملية الإخصاب وانتشار العقم، فإن هاته النظرة خاطئة ولا أساس لها من الصحة، فإذا -كانت نسبة الولادات قد تقلصت فهذا مرتبط بالدرجة الأولى، بالتنظيم الأسري.