الاثنين، 31 مارس 2008




إجماع رجال ونساء القانون

المدونة فشلت في تحقيق الاستقرار للأسرة

تعد الأسرة هي النواة الصلبة للمجتمع وضمان استقرارها أضحى من بين الركائز الأساسية التي تعمل الحكومات وكافة التشريعات والقوانين على تكريسها، من خلال سن جملة من التشريعات غايتها الأولى تحقيق التوازن العائلي.
ولهذه الغاية عملت الجمعية المغربية لتنمية أسرة الألفية الثالثة على تنظيم ندوة يوم الثلاثاء 25 مارس، بدار المحامي، تحت شعار استقرار الأسرة ومدونة الأسرة أية مساهمة؟
وفي هذا الصدد أوضحت رئيسة الجمعية نجاة الكص، بأنه بعد مرور أربع سنوات من سريان مدونة الأسرة ودخولها حيز التطبيق، المغاربة مازالوا يجهلون تمام الجهل مضامينها، التي وضعت لجميع الناس، خاصة في البوادي والقرى وأضافت بأن القانون لوحده لا يكفي لتغيير الواقع، وأن القانون مهما كان جيدا فهو رهين بالتطبيق السليم، مشيرة إلى أنه بالرجوع إلى مدونة الأسرة فهي تعتمد على فلسفة استقرار الأسرة وتوازنها الذي يتطلب مقومات اجتماعية وثقافية واقتصادية، وبأن المشرع إذا كان قد أراد من سن المدونة تحقيق الإستقرار للأسرة فإن الواقع العملي يثبت العكس، فنسبة الطلاق هي في ارتفاع، والمشاكل الأسرية ازدادت بعد تطبيق مدونة الأسرة.
واستطردت قائلة بأن المغرب صادق على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية حقوق الطفل وحاول ملائمة القوانين مع الاتفاقيات العالمية لتحقيق الدعم للأسرة كعنصر جوهري ينبني عليه النهوض بالمجتمع.
كما ناقشت الكص جملة من الأسباب التي جعلت نتيجة التطبيق القانوني لنصوص المدونة سلبيا، بحيث اعتبرت بأن نسبة الأمية التي تبلغ حوالي 50 بالمائة جعلت قلة الوعي المجتمعي بنصوص المدونة يستمر أخدا بعين الاعتبار أن نسبة من المثقفين لا يضطلعون على المستجدات القانونية، كذلك من بين الأسباب التي طرحتها ، دور وسائل الإعلام الذي اعتبرته مقصرا في هذا الجانب خاصة وسائل الإعلام المرئية وطالبت خلال تدخلها بانشاء قناة تتعلق بالأسرة تعطي الحق للمختصين في نشرالمضامين القانونية لنصوص المدونة لخلق نوع من الوعي المجتمعي ولتحقيق نهضة أسرية تكون نتائجها فاعلة في تغيير المجتمع.
أما فيما يتعلق بالقضاء كمؤسسة، فقد اعتبرت الكص أن القضاء المغربي يفتقر للوسائل اللوجيستيكية، والمالية والموارد البشرية، بحيث أن المغرب يتوفر فقط
على 60 قسم لقضاء الأسرة في المغرب، وهذه الأقسام هي غير مستقلة فهي تابعة للمحكمة الإبتدائية ذات الولاية العامة، بالإضافة إلى أن هذه المحاكم لا تتوفر على الوسائل والفضاءات المطلوبة.
أما الدكتورمحمد الكشبور( أستاذ جامعي) فتطرق في مداخلته لموضوع دعوى اثبات الزوجية واثبات النسب بحيث أكد على أنه قبل مدونة الأحوال الشخصية لسنة 1957 لم يكن هناك ما ينص على توثيق عقد الزواج إلا بعد صدور المدونة المذكورة التي نصت على ضرورة توثيق عقد الزواج لما فيه من مصلحة للزوجة على وجه الخصوص، موضحا أن المشرع المغربي عندما يتحدث عن الكتابة في الزواج يتحدث عنها كوسيلة للإثبات، و هذه الكتابة في الفقه ليست شرطا لكنها تعتبر وسيلة للإثبات وتطرق إلى كيفية تعامل القضاء مع الاستثناء الوارد على هذه القاعدة الذي يقصد به وجود عقبة حالت دون توثيق العقد مثل وجود الزوج خارج المغرب ووفاة العدل ...
كما تحدث عن دعوى اتباث النسب وأكد على أنها مستقلة عن دعوى اتباث الزوجية وأضاف، بان مدونة الأسرة جاءت بالجديد في المادة 16 وأكد على انه منذ دخول المدونة حيز التطبيق، الفصل نص على ضرورة إثبات النسب، غير أن هذا الفصل قد طرح إشكالا خطيرا، وفتح الباب أمام التحايل.
وخلال الندوة، تطرق الأستاذ ضريضر( قاض بمحكمة الإستئناف) إلى صلاحيات القاضي في مدونة الأسرة، التي خولت القاضي مجموعة من الصلاحيات هدفها الحفاظ على الأسرة، فمن خلال موادها أوضح ضريضر بأن المدونة عملت على تكريس المراقبة القضائية لإنهاء العلاقة الزوجية، وكذا تفعيل مسطرة الصلح، وتحديد واجبات النفقة، ومن بين ما كرسته أيضا، أنها جعلت الطلاق تحت سلطة القاضي، من استدعاء الزوجة بصفة رسمية قبل الإذن بالطلاق، واتخاذ القاضي لتدابير مناسبة في حالة النزاع، كما أعطى المشرع القضاء الحق في اختيار مؤسسة اصلاح ذات البين وضمان النفقة للأبناء، وعدم وجوب الإذن بالتعدد إلا إذا كانت هناك دواعي موضوعية أو استثنائية.
أما عائشة لخماس( محامية) فقد قدمت عرضا عن تدبير أموال الزوجية، وأبرزت خلاله بأن العديد من النساء لا يعرفن رواتب أزواجهم، وبالتالي ترى لخماس أنه ليست هناك شفافية في مسألة التصريح بالأموال بين الزوجين، الأمر الذي يحتاج إلى تدخل المشرع. وأضافت بأن جزء من عمل المرأة غير معترف به، ليس فقط العمل المنزلي بل حتى العمل الظاهر، فهناك نساء يشتغلن في القرى ولكن لا يستفدن من الدخل إلا نادرا.
وقد اختتمت اللقاء الأستاذة ليلى البوفاريسي (محامي) التي ناقشت مسألة الطلاق والتطليق وأثره على استقرار الأسرة، حيث قدمت إحصائيات تشير إلى ارتفاع نسبة الطلاق خاصة الطلاق للشقاق.
وبهذا فقد أجمع رجال القانون وجميع المتدخلون، الذين استضيفوا في هذه الندوة على أن مدونة الأسرة غداة صدورها سنة 2003 واجهتها صعوبات وتعثرات، نظرا العقلية المغربية التي بحكم مجموعة من العوامل وعلى رأسها الأمية لم تتقبل مضامين مدونة الأسرة، التي بدلا من أن تصاغ بشكل يلائم الشريحة الكبرى من المجتمع، عملت على إغراق الناس في دوامة من التساؤلات، الذين لم يعرفوا الإجابة الصحيحة عنها.
فبعد أربع سنوات من التطبيق لا زالت هناك تعثرات فعلية يلمسها رجال القانون، والباحثون في مجال الأسرة، ولا زالت ردهات المحاكم تعاني من تكدس القضايا والملفات و يأمل الجميع بأن يعاد النظر في بعض الفصول التي خلقت بلبلة وفتحت الباب أمام التحايل كفصل 16، الذي يتطرق لموضوع إثبات النسب وأن تتضافر جميع الجهود من دولة ومجتمع مدني ووسائل إعلام للنهوض بقضايا الأسرة في المجتمع المغربي.




ليست هناك تعليقات: