.
الجمعة، 28 ديسمبر 2007
هل المغاربة يقلدون؟ أم هم واعون بما يفعلون؟ أم هم جاهلون؟
الهجرة العمياء إلى احتفالات أعياد الميلاد
يقبل بعض المغاربة خلال نهاية السنة الميلادية على الاحتفال بما يسمى بـ"رأس العام" شأنهم في ذلك شأن العديد من الدول الغربية والعربية، فتستعد محلات بيع الحلويات لاستقبال الزبائن بعد أن زينت واجهاتها بالألوان، وبأروع حلويات أعياد الميلاد.
محلات الألعاب والهدايا ومتاجر الألبسة والأواني المنزلية…، و صناع الحلويات في أوج نشاطهم لتصنيع "شجرة الأرز" (كعكة خاصة بهذه الاحتفالات) التي يفتخر الكثير بشرائها وحملها ليتباه بها أمام الناس.. كل هذا استعدادا ل"رأس العام "، فعند بعض الأسر المغربية أصبح الأمرعادة تعارفوا عليها منذ الوجود الإستعماري الفرنسي بالمغرب، وهذه العادة لم تقطع بل تم الترويج لها بكل الوسائل حتى أصبحت عادية وجل المغاربة يألفونها، لكن الخارج عن المألوف هو كيف أن أغلبية المغاربة لا يحتفلون برأس السنة الهجرية، ولكن يمجدون للرأس السنة الميلادية؟ لماذا يشاركون المسيحيين عيدهم في حين لا أحد منهم يشاركنا أعيادنا؟
شهادات حية
للخوض في غمار هذا الموضوع، التقت" المستقل" بعض الناس، من أجل معرفة رأيهم، البعض اعتبر بأن الاحتفال برأس السنة لا يعدوا أن يكون مجرد عادة، فيما رأى البعض الآخر أن الإحتفال بهذا اليوم حرام شرعا، ولاينبغي للمغاربة المسلمين الإحتفال به.
فبالنسبة لكثير من المغاربة الذين تعودوا على الإحتفال بهذا اليوم فالأمر جد عادي، فهناك من يحتفل وهو واعي بأن هذا الاحتفال هو تقليد أعمى لمظاهر حضارة سمعنا عنها، وهناك من يحتفل بدون وعي فالمهم عنده هو كلمة احتفال، وأكل الحلوة والكعك، والنشاط مع الرفقة والأصدقاء.
تقول إحدى الموظفات بمدينة الدار البيضاء،" اعتدت على الإحتفال بهذا اليوم كوسيلة للترفيه عن النفس، والإلتقاء بالعائلة ، لا أقل ولا أكثر، أما فيما يخص الحلوة فكنت أشتريها إرضاءا لأبنائي.".
إذا كان البعض يحبد الإحتفال بنهاية السنة الميلادية ولا يجد حرجا في ذلك فإن البعض الآخر يرفض تماما فكرة الاعتراف بهذا اليوم ويعتبر الإحتفال برأس السنة حرام وتشبه بالمسيحيين، يقول عثمان طالب، أستغرب كثيرا كيف للمغاربة أن يولون الإهتمام لرأس السنة الميلادية ولا يعرفون تاريخ اليوم بالسنة الهجرية".
فالشريحة الكبرى من المجتمع ترفض الإحتفال بهذا اليوم جملة وتفصيلا، ولكن المفارقة الغريبة أن البعض عندما تسأله هل يحتفل برأس السنة يقول لك لا، ولكن عند حلول الأجل تجده أول الواقفين في طوابير الإنتظار أمام محلات بيع الحلويات، التي يصبح الإقبال عليها كبيرا خلال هذا اليوم بالضبط.
أجواء ساخنة
إن ما تعود عليه جل المغاربة ليس الإحتفال بعيد المسيح، وإنما الاحتفال برأس السنة الميلادية، أي يوم 31 ديسمبر، من كل عام، والتحول من آخر ليلة في السنة الماضية، إلى أول لحظة في العام الجديد، بحيث تطفأ الأنوار، وتسخن الأجواء بهجة وسرورا بحلول العام الجديد، وهناك من يستغل الفرصة للإرتكاب الموبقات، بحيث في المغرب تستهلك كمية كبيرة من الكحول، وتفتح البارات أبوابها للعاشقين للسهر في أجواء نهاية السنة الماضية بأحزانها وأفراحها، وينشط الرقص، وتفتح الزجاجات بكافة أنواعها وألوانها وكلما ازداد التغريب في المجتمع، والتقليد لعادات الغرب خارجه زاد الاحتفال، فقد أصبح عيد رأس السنة الميلادية هو عيد الجميع، ومن يقول عكس ذلك يصنف ضمن خانة "المتخلفين أعداء التحضر والتقدم"، وتشجيعا لهذه الأجواء الساخنة تجتهد المحلات التجارية بكافة أنواعها في استقطاب الزبائن، مقدمة لهم عروض مغرية لشراء الهدايا، محلات زينت واجهاتها بشرائط متنوعة ومصابيح ملونة كتبت عليها عبارات، " عام سعيد"، تخفيضات في الأسعار توديعا للعام الماضي واستقبالا للعام الجديد، وتتراوح قيم التخفيضات من محل إلى آخر بين 20 بالمائة و30 بالمائة تقليدا للدول الغربية التي تعمد على فعل ذلك مراعاة منها لقدرات الفقراء والمعوزين، أما في المغرب فالكل يسعى للربح الوفير وضرب القدرة الشرائية للمواطن المغربي المقهور، الذي قد خرج للتو من أزمة شراء كبش العيد، فاصطدم بعيد لا ينم لنا بصلة، ويكلف بدوره جيب المواطن مصاريف هو في غنى عنها، بحيث يتراوح ثمن حلوة عيد الميلاد بين 150 درهم و200درهم.
اختلاف آراء المختصين
اختلفت آراء المختصين حول ظاهرة الاحتفال برأس السنة حيث استنكرها علماء الدين وهوّن منها المختصون الاجتماعيون باعتبارها لا تدخل في إطار البعد الديني وإنما وسيلة للترفيه واللهو خاصة بالنسبة للأطفال والشباب لما يميز أعيادنا الدينية من جدية. ويعتبر مختصو علم الاجتماع أن الظاهرة باتت تنتشر في المدن ووسط الفئات الوسطى المتعلمة أكثر منها بالمناطق الداخلية إلا أنها تبقى محدودة، وأن الكثير يمارس هذه الطقوس الدخيلة بدافع اجتماعي أي الاحتفال بانقضاء سنة وحلول سنة جديدة إضافة إلى الاحتفال بالعطل المدرسية والمهنية، أكثر من دخولها في إطارها وطابعها الديني .
أما عن الظاهرة فيرى المختصون أنها مرتبطة بانفتاح المدن على وسائل الإعلام وثقافة الغير، أما عن الأسباب في انتشار هذه الظاهرة فيعود للاستعمار وطول مدة احتلاله للبلاد، والأهم هو غياب الوازع الديني أي الفراغ الروحي الذي يعاني منه الكثير خاصة الشباب.
أما علماء الدين المسلمين فيؤكدون بأن شراء الحلويات والورود والشموع والشكولاطة، تشبه بغير المسلمين واستدلوا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم" من تشبه بقوم فهو منهم".
في تصريح" للمستقل" يونس برادة، باحث في العلوم الاجتماعية
إن النظر إلى ظاهرة الإحتفال برأس السنة يجب أن يتجاوز القراءة الأخلاقية الصرفة، ليعانق قراءة أشمل تجد سندها في تعدد خلفيات المجتمع و مرجعياته .
إن ظاهرة الإحتفال برأس السنة الميلادية، هي ظاهرة معقدة، يمكن أن تجد تفسيرها في جوانب متعددة، وفي مقدمتها جانب المثاقفة، أو الإحتكاك بين الثقافات الذي يكون بموجبه، ثقافة غالبة وثقافة مغلوبة.
في هذا السياق، هناك من ينظر إلى الإحتفال برأس السنة الميلادية، على أنه مسخ حضاري وتداعي ثقافي، وتبعية نفسية، وتبعية فكرية، لا تجد أي مسوغ لها أو تبرير ثقافي، لترسيخها، وهناك في الطرف المقابل ، من يتجه برأيه إلى أن هذا الإحتفال متصل بالإنفتاح على باقي الثقافات، وتعبير منطقي على الإنخراط في سيرورة زمنية تهم جميع المجتمعات بقطع النظر عن خصوصيتها الثقافية، أوتميزها الحضاري.
وبغض النظر عن هذا الموقف أو ذاك تبدو مسألة الإحتفال حمالة لعدة أوجه فهي بالنسبة لشريحة مجتمعية معينة تترجم كسلوك تبعي قائم على التماهي مع الآخر دون وعي بالحمولة الثقافية لهذا السلوك، فغياب الوعي، قد يؤول بكونه مؤشر على إنخراط تلقائي بناءا على تحول المجتمع وترسخ صور نمطية حول الآخر.
وهناك شريحة أخرى تتخد من الإحتفال محددا أساسيا لتميزها، الإجتماعي والثقافي، وتكون بالتالي حريصة على محاكاة الطقوس الإحتفالية السائدة لذا الآخر.
وفي رأيي يجب التعامل مع مسألة الإحتفال ضمن بعد إشكالي، لا يقف عند حدود البهرجة، بأبعادها التضخيمية، بل يتجاوز ذلك ليحاول ملامسة الأبعاد المتشابكة، لهذا السلوك في سياق سوسيو ثقافي، بل وحضاري إنطلاقا من رؤية متكاملة وشاملة تستقرء الظاهرة وأسبابها، وتنشد فهم بل وإستنطاق طبيعة المجتمع ونطاق تحوله
الإشكالية إذا يجب أن تقارب، في اعتقادي إنطلاقا من مسألة الهوية ومدا وجود شخصية جماعية، داخل الجسم الإجتماعي المغربي، فالدفع بأن هناك تناغم في الإنتماء هو قول مردود، لأن الطبيعة المجتمعية تكتسي بعدا تعدديا واضح المعالم، كما أن الإنتماء لمنظومة مرجعية معينة، يمكن أن يوصف أيضا بالإنتماء التعددي، والتعددية قد تكون مؤشرا إيجابيا، كما قد تكون تعبيرا عن إسفاف مفاهيمي وضبابية في الأفق وغياب مشروع مجتمعي متكامل وواضح واستراتيجي.
الهجرة العمياء إلى احتفالات أعياد الميلاد
يقبل بعض المغاربة خلال نهاية السنة الميلادية على الاحتفال بما يسمى بـ"رأس العام" شأنهم في ذلك شأن العديد من الدول الغربية والعربية، فتستعد محلات بيع الحلويات لاستقبال الزبائن بعد أن زينت واجهاتها بالألوان، وبأروع حلويات أعياد الميلاد.
محلات الألعاب والهدايا ومتاجر الألبسة والأواني المنزلية…، و صناع الحلويات في أوج نشاطهم لتصنيع "شجرة الأرز" (كعكة خاصة بهذه الاحتفالات) التي يفتخر الكثير بشرائها وحملها ليتباه بها أمام الناس.. كل هذا استعدادا ل"رأس العام "، فعند بعض الأسر المغربية أصبح الأمرعادة تعارفوا عليها منذ الوجود الإستعماري الفرنسي بالمغرب، وهذه العادة لم تقطع بل تم الترويج لها بكل الوسائل حتى أصبحت عادية وجل المغاربة يألفونها، لكن الخارج عن المألوف هو كيف أن أغلبية المغاربة لا يحتفلون برأس السنة الهجرية، ولكن يمجدون للرأس السنة الميلادية؟ لماذا يشاركون المسيحيين عيدهم في حين لا أحد منهم يشاركنا أعيادنا؟
شهادات حية
للخوض في غمار هذا الموضوع، التقت" المستقل" بعض الناس، من أجل معرفة رأيهم، البعض اعتبر بأن الاحتفال برأس السنة لا يعدوا أن يكون مجرد عادة، فيما رأى البعض الآخر أن الإحتفال بهذا اليوم حرام شرعا، ولاينبغي للمغاربة المسلمين الإحتفال به.
فبالنسبة لكثير من المغاربة الذين تعودوا على الإحتفال بهذا اليوم فالأمر جد عادي، فهناك من يحتفل وهو واعي بأن هذا الاحتفال هو تقليد أعمى لمظاهر حضارة سمعنا عنها، وهناك من يحتفل بدون وعي فالمهم عنده هو كلمة احتفال، وأكل الحلوة والكعك، والنشاط مع الرفقة والأصدقاء.
تقول إحدى الموظفات بمدينة الدار البيضاء،" اعتدت على الإحتفال بهذا اليوم كوسيلة للترفيه عن النفس، والإلتقاء بالعائلة ، لا أقل ولا أكثر، أما فيما يخص الحلوة فكنت أشتريها إرضاءا لأبنائي.".
إذا كان البعض يحبد الإحتفال بنهاية السنة الميلادية ولا يجد حرجا في ذلك فإن البعض الآخر يرفض تماما فكرة الاعتراف بهذا اليوم ويعتبر الإحتفال برأس السنة حرام وتشبه بالمسيحيين، يقول عثمان طالب، أستغرب كثيرا كيف للمغاربة أن يولون الإهتمام لرأس السنة الميلادية ولا يعرفون تاريخ اليوم بالسنة الهجرية".
فالشريحة الكبرى من المجتمع ترفض الإحتفال بهذا اليوم جملة وتفصيلا، ولكن المفارقة الغريبة أن البعض عندما تسأله هل يحتفل برأس السنة يقول لك لا، ولكن عند حلول الأجل تجده أول الواقفين في طوابير الإنتظار أمام محلات بيع الحلويات، التي يصبح الإقبال عليها كبيرا خلال هذا اليوم بالضبط.
أجواء ساخنة
إن ما تعود عليه جل المغاربة ليس الإحتفال بعيد المسيح، وإنما الاحتفال برأس السنة الميلادية، أي يوم 31 ديسمبر، من كل عام، والتحول من آخر ليلة في السنة الماضية، إلى أول لحظة في العام الجديد، بحيث تطفأ الأنوار، وتسخن الأجواء بهجة وسرورا بحلول العام الجديد، وهناك من يستغل الفرصة للإرتكاب الموبقات، بحيث في المغرب تستهلك كمية كبيرة من الكحول، وتفتح البارات أبوابها للعاشقين للسهر في أجواء نهاية السنة الماضية بأحزانها وأفراحها، وينشط الرقص، وتفتح الزجاجات بكافة أنواعها وألوانها وكلما ازداد التغريب في المجتمع، والتقليد لعادات الغرب خارجه زاد الاحتفال، فقد أصبح عيد رأس السنة الميلادية هو عيد الجميع، ومن يقول عكس ذلك يصنف ضمن خانة "المتخلفين أعداء التحضر والتقدم"، وتشجيعا لهذه الأجواء الساخنة تجتهد المحلات التجارية بكافة أنواعها في استقطاب الزبائن، مقدمة لهم عروض مغرية لشراء الهدايا، محلات زينت واجهاتها بشرائط متنوعة ومصابيح ملونة كتبت عليها عبارات، " عام سعيد"، تخفيضات في الأسعار توديعا للعام الماضي واستقبالا للعام الجديد، وتتراوح قيم التخفيضات من محل إلى آخر بين 20 بالمائة و30 بالمائة تقليدا للدول الغربية التي تعمد على فعل ذلك مراعاة منها لقدرات الفقراء والمعوزين، أما في المغرب فالكل يسعى للربح الوفير وضرب القدرة الشرائية للمواطن المغربي المقهور، الذي قد خرج للتو من أزمة شراء كبش العيد، فاصطدم بعيد لا ينم لنا بصلة، ويكلف بدوره جيب المواطن مصاريف هو في غنى عنها، بحيث يتراوح ثمن حلوة عيد الميلاد بين 150 درهم و200درهم.
اختلاف آراء المختصين
اختلفت آراء المختصين حول ظاهرة الاحتفال برأس السنة حيث استنكرها علماء الدين وهوّن منها المختصون الاجتماعيون باعتبارها لا تدخل في إطار البعد الديني وإنما وسيلة للترفيه واللهو خاصة بالنسبة للأطفال والشباب لما يميز أعيادنا الدينية من جدية. ويعتبر مختصو علم الاجتماع أن الظاهرة باتت تنتشر في المدن ووسط الفئات الوسطى المتعلمة أكثر منها بالمناطق الداخلية إلا أنها تبقى محدودة، وأن الكثير يمارس هذه الطقوس الدخيلة بدافع اجتماعي أي الاحتفال بانقضاء سنة وحلول سنة جديدة إضافة إلى الاحتفال بالعطل المدرسية والمهنية، أكثر من دخولها في إطارها وطابعها الديني .
أما عن الظاهرة فيرى المختصون أنها مرتبطة بانفتاح المدن على وسائل الإعلام وثقافة الغير، أما عن الأسباب في انتشار هذه الظاهرة فيعود للاستعمار وطول مدة احتلاله للبلاد، والأهم هو غياب الوازع الديني أي الفراغ الروحي الذي يعاني منه الكثير خاصة الشباب.
أما علماء الدين المسلمين فيؤكدون بأن شراء الحلويات والورود والشموع والشكولاطة، تشبه بغير المسلمين واستدلوا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم" من تشبه بقوم فهو منهم".
في تصريح" للمستقل" يونس برادة، باحث في العلوم الاجتماعية
إن النظر إلى ظاهرة الإحتفال برأس السنة يجب أن يتجاوز القراءة الأخلاقية الصرفة، ليعانق قراءة أشمل تجد سندها في تعدد خلفيات المجتمع و مرجعياته .
إن ظاهرة الإحتفال برأس السنة الميلادية، هي ظاهرة معقدة، يمكن أن تجد تفسيرها في جوانب متعددة، وفي مقدمتها جانب المثاقفة، أو الإحتكاك بين الثقافات الذي يكون بموجبه، ثقافة غالبة وثقافة مغلوبة.
في هذا السياق، هناك من ينظر إلى الإحتفال برأس السنة الميلادية، على أنه مسخ حضاري وتداعي ثقافي، وتبعية نفسية، وتبعية فكرية، لا تجد أي مسوغ لها أو تبرير ثقافي، لترسيخها، وهناك في الطرف المقابل ، من يتجه برأيه إلى أن هذا الإحتفال متصل بالإنفتاح على باقي الثقافات، وتعبير منطقي على الإنخراط في سيرورة زمنية تهم جميع المجتمعات بقطع النظر عن خصوصيتها الثقافية، أوتميزها الحضاري.
وبغض النظر عن هذا الموقف أو ذاك تبدو مسألة الإحتفال حمالة لعدة أوجه فهي بالنسبة لشريحة مجتمعية معينة تترجم كسلوك تبعي قائم على التماهي مع الآخر دون وعي بالحمولة الثقافية لهذا السلوك، فغياب الوعي، قد يؤول بكونه مؤشر على إنخراط تلقائي بناءا على تحول المجتمع وترسخ صور نمطية حول الآخر.
وهناك شريحة أخرى تتخد من الإحتفال محددا أساسيا لتميزها، الإجتماعي والثقافي، وتكون بالتالي حريصة على محاكاة الطقوس الإحتفالية السائدة لذا الآخر.
وفي رأيي يجب التعامل مع مسألة الإحتفال ضمن بعد إشكالي، لا يقف عند حدود البهرجة، بأبعادها التضخيمية، بل يتجاوز ذلك ليحاول ملامسة الأبعاد المتشابكة، لهذا السلوك في سياق سوسيو ثقافي، بل وحضاري إنطلاقا من رؤية متكاملة وشاملة تستقرء الظاهرة وأسبابها، وتنشد فهم بل وإستنطاق طبيعة المجتمع ونطاق تحوله
الإشكالية إذا يجب أن تقارب، في اعتقادي إنطلاقا من مسألة الهوية ومدا وجود شخصية جماعية، داخل الجسم الإجتماعي المغربي، فالدفع بأن هناك تناغم في الإنتماء هو قول مردود، لأن الطبيعة المجتمعية تكتسي بعدا تعدديا واضح المعالم، كما أن الإنتماء لمنظومة مرجعية معينة، يمكن أن يوصف أيضا بالإنتماء التعددي، والتعددية قد تكون مؤشرا إيجابيا، كما قد تكون تعبيرا عن إسفاف مفاهيمي وضبابية في الأفق وغياب مشروع مجتمعي متكامل وواضح واستراتيجي.
الجمعة، 14 ديسمبر 2007
إرتفاع درجة التأهب في الأوساط المغربية لشراء أضاحي العيد
الكبش الذي يغري والجيب الذي يدمي
كلما حل عيد الأضحى المبارك، إلا وارتفعت درجة التأهب لدى الأسر المغربية التي يصبح شغلها الشاغل هو متابعة التقلبات التي تعرفها أسعار الأغنام بالأسواق في البوادي والمدن، غير أن ما يطبع الموسم الفلاحي الحالي هو غلاء أثمان الأضاحي الراجع إلى موجة الجفاف التي أسفرت عن إرتفاع أسعار الأعلاف الأمر الذي نجم عنه تخوف لذا المواطنين والكسابة من غطرسة الشناقة.
يكتسي عيد الأضحى المبارك أهمية خاصة عند المغاربة، فالاستعداد لهذه المناسبة الدينية لا يخلو من مظاهر الفرح والبهجة التي تظهر جليا على وجوه الطبقات الاجتماعية بمختلف شرائحها، غير أنه كلما حلت هذه المناسبة إلا ووضع أصحاب الدخل المحدود على المحك، كيف لا وقدرتهم الشرائية لا تستطيع أن توفي لهم ثمن "خروف " يكفيهم شر القيل والقال، فالعقلية المغربية لازالت رهينة أفكارمجتمعية خطيرة، فالله تعالى شرع الأضحية للتقرب منه عز وجل، ولإحياء أواصر صلة الرحم، ولمقاسمة الفقراء والمحتاجين فرحتهم بهذا العيد، وليس للتفاخر وبيع الغالي والنفيس من أجل شراء أضحية يتباهى بها الأقارب والجيران على بعضهم البعض، فأهمية كبش الأضحية لذا الأسر المغربية تضع الموظف في مأزق كبير، يدفعه في الغالب إلى الاقتراض من الأبناك، ومؤسسات القروض.
الخروف بالتقسيط
تصبح شعارات "الحولي غير ب300 درهم في الشهر" وسيلة من وسائل الإشهار للدعاية لهذه المؤسسات التي إعلاناتها تؤثت مختلف الفضاءات والشوارع استعدادا لإستقبال عدد مهم من الزبناء
فمنذ حوالي خمس سنوات تقريبا اهتدت مجموعة من البنوك إلى وسيلة «مساعدة» لموظفين محدودي الدخل، وفي الغالب تكون العروض جد مغرية، إذ يجد المستهلك نفسه أمام خيارات متنوعة مثل إقتراض 3000 درهم وأداء 300 درهم شهريا، أو إقتراض 5000 درهم في الشهر و أداء 250 درهم في الشهر. وبقدر ما تسهل الأبناك المهمة على أصحاب القدرة الشرائية المحدودة الذين لا يتجاوز دخلهم 2000 درهم فما فوق، بقدرما تكرس المديونية، وأغلب المواطنين الذين إستقينا أقوالهم يرفضون الإقراض لشراء أضحية العيد بكل بساطة لأنها سنة مؤكدة شرعها الله بدون أن تكون ملطخة بالربا، يقول محمد "موظف" " أنا ضد فكرة الاقتراض من البنك، أولا لأن عيد الأضحى هو ليس فرضا، وثانيا لأن الله تعالى يريد بنا اليسر وليس العسر، وثالثا لأن البنوك يغتنمون هذه الفرصة لكي يدفعوا الناس إلى الغرق في الديون. أما سميرة موظفة بإحدى المؤسسات الخاصة،فهي تعبر عن رفضها القاطع للفوائد ففي نظرها عيد الأضحى عيد إسلامي، لا يجب أن تشوبه ملامح الربا المحرمة في ديننا الحنيف، أما عائشة ربت بيت، فتقول" أنا لا أوافق أن يقترض زوجي من البنك من أجل شراء أضحية العيد، لأن الأضحية موجهة لله تعالى، فالله شرع العيد ليس من أجل إثقال كاهل الناس بالديون، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولكن شرعه من أجل مشاركة الفقراء وتقاسم الأضاحي معهم للتحقيق التكافل الإجتماعي، أما النساء اللي تيفرضوا على أزواجهم شراء أضحية لغرض التفاخر فهن في نظري تهم فقط المظاهر،"وباغين يعمروا بالدارجة كروشهم، فالإنسان خصوا يحسن بخوه الفقير اللي ملاقيش باش يعيد".
وبحسب معطيات المركز المغربي للظرفية الاقتصادية، فإن فئة الموظفين تمثل شريحة الأكثر استهدافا من قبل المؤسسات المانحة لهذه القروض، خاصة الأشخاص الذين يتقاضون أقل من 4 آلاف درهم، إذ تمثل هذه الشريحة 62 بالمائة من 54 بالمائة من حجم القروض الممنوحة من قبل مؤسسات القروض.
فالملفات المقدمة من طرف الأشخاص الذين تقل مداخيلهم عن 3000 درهم تشكل 41 بالمائة من الملفات المعالجة، بينما تنحدر 3 بالمائة بالنسبة لأصحاب الدخل المحدود أقل من 2000.
وإذا كان جل المواطنين يرفضون الاقتراض من البنك، للإحتفال بهذه المناسبة فإن البعض الآخر يفضل الاقتراض كوسيلة لتخفيف الضغط على ميزانيته المحدودة، خوفا من الفضيحة، والدليل هو المعاملات البنكية التي تصل خلال هذه الفترة إلى حوالي 20بالمائة من الإجمالي السنوي.
جيب المواطن المغربي على المحك
وإذا كان الإحتفال بمناسبة عيد الأضحى يشكل مأزقا حقيقيا لأصحاب الدخل المحدود، فإن خصوصيته هذا العام جد معقدة، أخدا بعين الإعتبار موجة الجفاف التي ضربت معظم المناطق خلال الموسم الفلاحي الماضي، والذي أثر بشكل سلبي على جودة الأضاحي، وكذا على نسبة العلف التي عرفت ارتفاعا ملحوظا، جعل جل الفلاحين يطالبون بحلول لإيجاد الكلأ لأغنامهم التي بفضل المضاربين والسماسرة لم يجدوا طعاما يشبع جوعها، حتى اضطر بعضهم إلى بيعها بأقل الأثمان خوفا من موتها جوعا.
وبهطول الأمطار الأخيرة تحسنت الوضعية نسبيا واستبشر الكسابة والمواطنين خيرا، فعيد الأضحى تفصلنا عنه أياما قليلة، والكل ينتظر هذا اليوم بفارغ الصبر كبارا وصغارا لما يمثله بالنسبة للأسر المغربية، لكن الأضاحي ثمنها مرتفع وجل المواطنين متخوفين من جودتها، بحيث أصبح شغلهم الشاغل هو الحديث عن " الخروف" " شريتي الحولي ولا باقي" وغيرها من العبارات التي تتداول في جل الأوساط المغربية، التي تفكر كم سيكلفها ثمن العيد من ميزانيتها التي ترصدها لتدريس أبنائها، وتحمل مصاريف النقل وغيرها من المصاريف التي تكبد الأسر المغربية ملايين الدراهم سنويا فلما يأتي العيد حتى تسود وجوه المكلومين في جيوبهم.
وفي هذا الصدد يؤكد الكسابة أن مستوى الأسعار في إرتفاع قد تصل نسبته في غضون الأيام القليلة القادمة، إلى 10بالمائة.
أما وزارة الفلاحة فترى أن أسعار الأغنام ستتحدد كما هو معمول به وفق قاعدة العرض والطلب مشيرة إلى أنها ستختلف حسب جودة وصنف الأضحية، وكذلك بحسب المناطق والأيام المقبلة التي تفصلنا عن العيد.
هذا واعتبرت أن ذبح الأضحية سيخفف من الضغط الحاصل على الموارد العلفية الطبيعية، مما سيساهم في الحد من تدهور المراعي، موضحة أن ذلك سيكون له أثر جد إيجابي على العالم القروي الذي سيستفيد من 7 ملايير درهم خلال هذه المناسبة.
ومن المنتظر أن يصل العرض من الأغنام هذه السنة إلى حوالي 7, 1 ملايين رأس، في الوقت الذي سيبلغ فيه الطلب 4, 9 ملايين منها 4,5 ملايين رأس من الأغنام و400 ألف رأس من الماعز.أما أوزان الخرفان المعروضة حاليا بالأسواق فتتراوح مابين 41 كيلوغرام حتى 44 كيلوغرام بحسب تصريحات بعض الكسابة بمدينة الدار البيضاء.
***************************************
غلاء العلف يهدد بارتفاع أسعار الأضاحي
من5 إلى13 درهما تكلفة تربية الخروف
طيلة الأسبوع الماضي، ساد الخوف بين المواطنين ذوي الدخل المحدود، بسبب ارتفاع أسعار الأضاحي، وفي جولة بسوق الهراويين بالدار البيضاء، صرح السيد العربي الدلالي من أولاد فرج لأسبوعية المستقل قائلا: " ارتفاع أسعار الأضاحي يعود إلى تكلفة تربية المواشي خلال هذه السنة، والتي ارتفعت من من 5 دراهم للخروف في اليوم الواحد إلى 13 درهما، وهذه التكلفة بطبيعة الحال أدت إلى الزيادة في ثمن الخروف الذي قد يصل إلى 50 درهما للكيلوغرام" .
و أضاف نفس المصرح قائلا أن ثمن الأضحية يتراوح بين 2000 و 4500 درهم. مؤكدا أن سبب هذا الارتفاع يعود إلى الجفاف الذي عرفه المغرب وإلى قلة الكلأ، ورغم أن التساقطات الأخيرة أطفأت يأس الفلاحين، وأعطتهم أمل توفير العلف في المراعي، إلا أن العلف ظل يعرف زيادة صاروخية، وهذا يعود بطبيعة الحال إلى الغياب التام للمراقبة، ومعاقبة أولئك الذين يغتنمون الفرص من أجل الاصطياد في الماء العكر.
من جهة أخرى أفادت وزارة الفلاحة والصيد البحري أن العرض المرتقب من الأغنام يقدر بـ 4.6 ملايين رأس من الذكور، و2.5 مليون رأس من الإناث، فيما يناهز الطلب المتوقع 4.9 ملايين رأس، منها 4.5 ملايين رأس من الأغنام و 400 ألف رأس من الماعز. وأوضح البلاغ، أن العرض من الأغنام والماعز، المنتظر طرحه في الأسواق قريبا، سيمكن من تغطية الطلب، إلا أن جودة الأضاحي المرتقب عرضها ستكون نسبيا أقل من السنة الماضية، بسبب الموجة الحادة من الجفاف التي عرفها المغرب، وكذا ارتفاع أسعار الأعلاف في السوق الوطنية، تحت تأثير ارتفاعها في الأسواق العالمية
.
الكبش الذي يغري والجيب الذي يدمي
كلما حل عيد الأضحى المبارك، إلا وارتفعت درجة التأهب لدى الأسر المغربية التي يصبح شغلها الشاغل هو متابعة التقلبات التي تعرفها أسعار الأغنام بالأسواق في البوادي والمدن، غير أن ما يطبع الموسم الفلاحي الحالي هو غلاء أثمان الأضاحي الراجع إلى موجة الجفاف التي أسفرت عن إرتفاع أسعار الأعلاف الأمر الذي نجم عنه تخوف لذا المواطنين والكسابة من غطرسة الشناقة.
يكتسي عيد الأضحى المبارك أهمية خاصة عند المغاربة، فالاستعداد لهذه المناسبة الدينية لا يخلو من مظاهر الفرح والبهجة التي تظهر جليا على وجوه الطبقات الاجتماعية بمختلف شرائحها، غير أنه كلما حلت هذه المناسبة إلا ووضع أصحاب الدخل المحدود على المحك، كيف لا وقدرتهم الشرائية لا تستطيع أن توفي لهم ثمن "خروف " يكفيهم شر القيل والقال، فالعقلية المغربية لازالت رهينة أفكارمجتمعية خطيرة، فالله تعالى شرع الأضحية للتقرب منه عز وجل، ولإحياء أواصر صلة الرحم، ولمقاسمة الفقراء والمحتاجين فرحتهم بهذا العيد، وليس للتفاخر وبيع الغالي والنفيس من أجل شراء أضحية يتباهى بها الأقارب والجيران على بعضهم البعض، فأهمية كبش الأضحية لذا الأسر المغربية تضع الموظف في مأزق كبير، يدفعه في الغالب إلى الاقتراض من الأبناك، ومؤسسات القروض.
الخروف بالتقسيط
تصبح شعارات "الحولي غير ب300 درهم في الشهر" وسيلة من وسائل الإشهار للدعاية لهذه المؤسسات التي إعلاناتها تؤثت مختلف الفضاءات والشوارع استعدادا لإستقبال عدد مهم من الزبناء
فمنذ حوالي خمس سنوات تقريبا اهتدت مجموعة من البنوك إلى وسيلة «مساعدة» لموظفين محدودي الدخل، وفي الغالب تكون العروض جد مغرية، إذ يجد المستهلك نفسه أمام خيارات متنوعة مثل إقتراض 3000 درهم وأداء 300 درهم شهريا، أو إقتراض 5000 درهم في الشهر و أداء 250 درهم في الشهر. وبقدر ما تسهل الأبناك المهمة على أصحاب القدرة الشرائية المحدودة الذين لا يتجاوز دخلهم 2000 درهم فما فوق، بقدرما تكرس المديونية، وأغلب المواطنين الذين إستقينا أقوالهم يرفضون الإقراض لشراء أضحية العيد بكل بساطة لأنها سنة مؤكدة شرعها الله بدون أن تكون ملطخة بالربا، يقول محمد "موظف" " أنا ضد فكرة الاقتراض من البنك، أولا لأن عيد الأضحى هو ليس فرضا، وثانيا لأن الله تعالى يريد بنا اليسر وليس العسر، وثالثا لأن البنوك يغتنمون هذه الفرصة لكي يدفعوا الناس إلى الغرق في الديون. أما سميرة موظفة بإحدى المؤسسات الخاصة،فهي تعبر عن رفضها القاطع للفوائد ففي نظرها عيد الأضحى عيد إسلامي، لا يجب أن تشوبه ملامح الربا المحرمة في ديننا الحنيف، أما عائشة ربت بيت، فتقول" أنا لا أوافق أن يقترض زوجي من البنك من أجل شراء أضحية العيد، لأن الأضحية موجهة لله تعالى، فالله شرع العيد ليس من أجل إثقال كاهل الناس بالديون، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولكن شرعه من أجل مشاركة الفقراء وتقاسم الأضاحي معهم للتحقيق التكافل الإجتماعي، أما النساء اللي تيفرضوا على أزواجهم شراء أضحية لغرض التفاخر فهن في نظري تهم فقط المظاهر،"وباغين يعمروا بالدارجة كروشهم، فالإنسان خصوا يحسن بخوه الفقير اللي ملاقيش باش يعيد".
وبحسب معطيات المركز المغربي للظرفية الاقتصادية، فإن فئة الموظفين تمثل شريحة الأكثر استهدافا من قبل المؤسسات المانحة لهذه القروض، خاصة الأشخاص الذين يتقاضون أقل من 4 آلاف درهم، إذ تمثل هذه الشريحة 62 بالمائة من 54 بالمائة من حجم القروض الممنوحة من قبل مؤسسات القروض.
فالملفات المقدمة من طرف الأشخاص الذين تقل مداخيلهم عن 3000 درهم تشكل 41 بالمائة من الملفات المعالجة، بينما تنحدر 3 بالمائة بالنسبة لأصحاب الدخل المحدود أقل من 2000.
وإذا كان جل المواطنين يرفضون الاقتراض من البنك، للإحتفال بهذه المناسبة فإن البعض الآخر يفضل الاقتراض كوسيلة لتخفيف الضغط على ميزانيته المحدودة، خوفا من الفضيحة، والدليل هو المعاملات البنكية التي تصل خلال هذه الفترة إلى حوالي 20بالمائة من الإجمالي السنوي.
جيب المواطن المغربي على المحك
وإذا كان الإحتفال بمناسبة عيد الأضحى يشكل مأزقا حقيقيا لأصحاب الدخل المحدود، فإن خصوصيته هذا العام جد معقدة، أخدا بعين الإعتبار موجة الجفاف التي ضربت معظم المناطق خلال الموسم الفلاحي الماضي، والذي أثر بشكل سلبي على جودة الأضاحي، وكذا على نسبة العلف التي عرفت ارتفاعا ملحوظا، جعل جل الفلاحين يطالبون بحلول لإيجاد الكلأ لأغنامهم التي بفضل المضاربين والسماسرة لم يجدوا طعاما يشبع جوعها، حتى اضطر بعضهم إلى بيعها بأقل الأثمان خوفا من موتها جوعا.
وبهطول الأمطار الأخيرة تحسنت الوضعية نسبيا واستبشر الكسابة والمواطنين خيرا، فعيد الأضحى تفصلنا عنه أياما قليلة، والكل ينتظر هذا اليوم بفارغ الصبر كبارا وصغارا لما يمثله بالنسبة للأسر المغربية، لكن الأضاحي ثمنها مرتفع وجل المواطنين متخوفين من جودتها، بحيث أصبح شغلهم الشاغل هو الحديث عن " الخروف" " شريتي الحولي ولا باقي" وغيرها من العبارات التي تتداول في جل الأوساط المغربية، التي تفكر كم سيكلفها ثمن العيد من ميزانيتها التي ترصدها لتدريس أبنائها، وتحمل مصاريف النقل وغيرها من المصاريف التي تكبد الأسر المغربية ملايين الدراهم سنويا فلما يأتي العيد حتى تسود وجوه المكلومين في جيوبهم.
وفي هذا الصدد يؤكد الكسابة أن مستوى الأسعار في إرتفاع قد تصل نسبته في غضون الأيام القليلة القادمة، إلى 10بالمائة.
أما وزارة الفلاحة فترى أن أسعار الأغنام ستتحدد كما هو معمول به وفق قاعدة العرض والطلب مشيرة إلى أنها ستختلف حسب جودة وصنف الأضحية، وكذلك بحسب المناطق والأيام المقبلة التي تفصلنا عن العيد.
هذا واعتبرت أن ذبح الأضحية سيخفف من الضغط الحاصل على الموارد العلفية الطبيعية، مما سيساهم في الحد من تدهور المراعي، موضحة أن ذلك سيكون له أثر جد إيجابي على العالم القروي الذي سيستفيد من 7 ملايير درهم خلال هذه المناسبة.
ومن المنتظر أن يصل العرض من الأغنام هذه السنة إلى حوالي 7, 1 ملايين رأس، في الوقت الذي سيبلغ فيه الطلب 4, 9 ملايين منها 4,5 ملايين رأس من الأغنام و400 ألف رأس من الماعز.أما أوزان الخرفان المعروضة حاليا بالأسواق فتتراوح مابين 41 كيلوغرام حتى 44 كيلوغرام بحسب تصريحات بعض الكسابة بمدينة الدار البيضاء.
***************************************
غلاء العلف يهدد بارتفاع أسعار الأضاحي
من5 إلى13 درهما تكلفة تربية الخروف
طيلة الأسبوع الماضي، ساد الخوف بين المواطنين ذوي الدخل المحدود، بسبب ارتفاع أسعار الأضاحي، وفي جولة بسوق الهراويين بالدار البيضاء، صرح السيد العربي الدلالي من أولاد فرج لأسبوعية المستقل قائلا: " ارتفاع أسعار الأضاحي يعود إلى تكلفة تربية المواشي خلال هذه السنة، والتي ارتفعت من من 5 دراهم للخروف في اليوم الواحد إلى 13 درهما، وهذه التكلفة بطبيعة الحال أدت إلى الزيادة في ثمن الخروف الذي قد يصل إلى 50 درهما للكيلوغرام" .
و أضاف نفس المصرح قائلا أن ثمن الأضحية يتراوح بين 2000 و 4500 درهم. مؤكدا أن سبب هذا الارتفاع يعود إلى الجفاف الذي عرفه المغرب وإلى قلة الكلأ، ورغم أن التساقطات الأخيرة أطفأت يأس الفلاحين، وأعطتهم أمل توفير العلف في المراعي، إلا أن العلف ظل يعرف زيادة صاروخية، وهذا يعود بطبيعة الحال إلى الغياب التام للمراقبة، ومعاقبة أولئك الذين يغتنمون الفرص من أجل الاصطياد في الماء العكر.
من جهة أخرى أفادت وزارة الفلاحة والصيد البحري أن العرض المرتقب من الأغنام يقدر بـ 4.6 ملايين رأس من الذكور، و2.5 مليون رأس من الإناث، فيما يناهز الطلب المتوقع 4.9 ملايين رأس، منها 4.5 ملايين رأس من الأغنام و 400 ألف رأس من الماعز. وأوضح البلاغ، أن العرض من الأغنام والماعز، المنتظر طرحه في الأسواق قريبا، سيمكن من تغطية الطلب، إلا أن جودة الأضاحي المرتقب عرضها ستكون نسبيا أقل من السنة الماضية، بسبب الموجة الحادة من الجفاف التي عرفها المغرب، وكذا ارتفاع أسعار الأعلاف في السوق الوطنية، تحت تأثير ارتفاعها في الأسواق العالمية
.
الاثنين، 10 ديسمبر 2007
قطاع النظافة في المغرب على كف عفريت
عمال النظافة يعانون الفاقة والعوز في ظل ظروف عمل صعبة و غير صحية
يعد قطاع النظافة بالمغرب من أضعف القطاعات على الإطلاق، لأنه لحد الآن لم يقنن بالشكل الذي يجعل منه قطاعا حيويا يحفظ لعمال النظافة في المغرب ماء وجههم، ويكفل لهم حقوقهم المادية والمعنوية، فرغم تفويته لشركات خاصة والتي يبلغ عددها بالدار البيضاء ثلاث شركات، فإن الساهرين على جمع الأزبال بهذه المدينة الصناعية، يتجرعون المرارة والألم لعدم كفاية الأجر الذي يتقاضونه، ولعدم العناية بصحتهم الجسدية التي تقتلها الروائح السامة التي يستنشقونها أثناء مزوالتهم لعملهم، الذي امتهنوه إما اختيارا أو إنصياعا لظروف الفقر والبطالة.
النظافة من الإيمان
إذا كان المرء قد تعود على رمي الأزبال في أقرب مطرح يصادفه، فليقف لوهلة في حياته ويتمعن الدور المهم الذي يقوم به عمال النظافة وهم يتجولون في الشوارع، و يهرولون وراء شاحنة جمع الأزبال التي لما تمر من جانبك حتى تكاد تتغاشى من شدة الروائح الكريهة المنبعثة منها، فبلكاد هؤلاء الغارقين في زخم الأزبال، حتى تعودوا على روائحها، فعامل النظافة يقوم بدور مهم ولولاه لا فاحت روائح شوارعنا،
التي ومع وجود هذه الشركات الخاصة، مازال تراكم الأزبال هو صورتها التي تلوث الحي وتشوه سمعته.
يقول أحد عمال النظافة بمدينة الدار البيضاء، والذي رفض الكشف عن اسمه مخافة طرده من العمل، "أنا في بدايتي كنت أعمل مع الجماعة الحضرية، وكنت مهتما بالنظافة،و بعد ذلك أصبحت أعمل مع الشركة الإسبانية ، ففي الحقيقة الظروف التي يعيشها عامل النظافة هي جد صعبة، فلابد أن يكون متحليا بالصبر، فأنا صبرت في هذا العمل لمدة أربع سنوات من أجل إعالة إخوتي اليتامى، فأنا كاري ب1500 درهم شهريا وراتبي لا يتعدى 1800 درهم، فهذا لا يكفي بتاتا حتى لتغطية مصاريف النقل فبلكاد أن تفكر في إستقرار بحالك بحال الناس."
ويضيف آخر من مستخدمي مصلحة النظافة أن مدينة الدار البيضاء، نسبة أزبالها تزداد بشكل كبير نظرا لتزايد عدد الساكنة الذي يبلغ حوالي خمسة ملايين نسمة، ويوجد بها تقريبا 30 ألف عامل نظافة يجمعون يوميا ما يقارب 6700 طن من الأزبال وبهذا الكم الهائل يزداد الثقل على هؤلاء العمال الذين ورغم كونهم يعملون ليلاو نهارا، ويتحملون التعب والإرهاق فدورهم يبقى بنظر الساكنة غير كافي،نظرا لتراكمات الأزبال في بعض الأحياء خاصة في فترات الأعياد وبالأخص عيد الأضحى، الذي يتعب فيه عمال النظافة بشكل كبير.
فالعقلية المغربية مازالت لم تعي جيدا أن النظافة من الإيمان، وأن أي إنسان هو في حياته منظف سواء كان في البيت أو الشارع، فلماذا هذه النظرة الدونية لعمال النظافة؟
عمال النظافة يشتكون
إن قطاع النظافة بالمغرب ينهض على كاهل فئة يصل عددها إلى حوالي 140 ألف شخص، تقع عليهم مهمة النظافة اليومية لصالح 30 مليون مواطن مغربي، وبحكم تزايد نسبة الساكنة في المدينة بسبب الهجرة القروية، بدأ هؤلاء العمال يكثرون من شكاويهم بسبب ضخامة المسؤولية الملقاة على عاتقهم، ومع تزايد نسبة التلوث البيئي وعدم إيلاء النظافة ما تستحق من اهتمام يجعل هؤلاء العمال خارج المنظومة المقننة في البلاد، فهم يعانون من مشاكل جمة، مادية كانت أو اجتماعية أو صحية أو حتى نفسية.
فصعوبة عملهم لا تقتصر فقط في طول المسافة التي يضطرون لكنسها، أو جمع الأزبال منها وإنما كذلك في طبيعة وسائل العمل المتآكلة والمعطوبة سواء كانت عربات تفتقر لمكانس أو شاحنات لا تتوفر على أدنى وسائل لجمع الأزبال بطريقة أكثر حمائية للعامل كالقفازات مثلا، خاصة إذا علمنا بأن الأزبال قد تحتوي على مواد سامة وأدوية منتهية الصلاحية، وحقن مستعملة ومواد كيماوية، وتدبيرها يتم بدون أن توفر للعمال أدنى وسائل الوقاية مثل الكمامات وغيرها من وسائل الوقاية، الأمر الذي يجعل العامل عرضة للإصابة بأمراض الحساسية والربو، والعيون وأمراض الجلد، ومع ذلك لا ينعمون بأية تغطية صحية، ماعدا في بعض الشركات التي أصبحت مؤخرا تهتم بهذا الجانب، إضافة إلى أن كل المشاكل التي ذكرناها تبقى العوامل النفسية أشد أثرا من غيرها، فقد تحدثنا مع أحد العمال الذين يقومون بكنس الأزقة والشوارع، فأطلعنا على أن المنظف الواحد يقوم يوميا بكنس وتنظيف ما بين 8 و12 كيلو متر من الشوارع في شتى الظروف سواء كان الصيف والشمس تتحرق ولا كان البرد وشتا تتصب، كما أضاف بأن هذه المهنة من أحقر المهن في مجتمعنا، فنظرة الناس للعمال النظافة ما زالت دونية، مع العلم أننا بحالها بحال المهن الأخرى، وحتى حنا عندنا أسر وأولاد تيحترمونا وزوجات تيخافوا علينا ولكن، دائما تنحسوا بنقص خاصة لما نسأل عن طبيعة العمل الذي نقوم به ففي غالب الأحيان البعض يفضل الكذب على قول الصراحة، أما أنا فلا أخجل من مهنتي، لأني اخترتها وأنا لست نادما، فقط أريد أن تعدل وضعيتنا ماديا وصحيا، وأن يصبح القطاع منظما وتكون لدينا حماية قانونية تقينا بطش الأقوياء .
في نفس الصدد تقول إحدى السيدات بأنها لا تقبل الزواج بهذا النوع من العمال، لا لشئ سوى أنها ستتخيله دائما في تلك الوضعية المقرفة التي لا يمكن أن تقبلها، حتى ولو كانت أخلاقه عالية،أما أخرى فاعتبرت هذا العمل شريفا ولا تجد حرجا في الزواج من أي شخص شريطة أن يكون عمله شريف، حتى ولو كان" زبال" بالمفهوم الدارجي الذي تتداوله الأوساط الشعبية، فالعمل كيفما كان هو عبادة، ودورهؤلاء يؤجرون عليه كثيرا لأنهم يجاهدون في سبيل تنظيف شوارعنا من الأزبال فنجازيهم بتحقير والإستهزاء هذا في نظري لا يليق بمجتمع يعد من الدول السائرة في طريق النمو، فمن الضروري أن نغير فكرنا حتى نستطيع أن نساير ركب التحضر والتنمية.
وإذا كانت هذه المهنة تبقى مثار جدل في الأوساط الاجتماعية التي ما زالت لم ترقى لتقديس مهنة عمال النظافة،فإن استفحال ظاهرة البطالة في المغرب تؤدي ببعض العاطلين إلى ممارسة هذه المهنة بسبب العوز والحاجة والدخل البائس الذي يضطر الكثيرين إلى البحث في القمامات عن قطعة حذاء، أو قطع غيار قصد بيعها لعل بذلك يسد بعض النفقات التي لا يستطيع راتبه الشهري أن يسدها.
ومن جهة ثانية نشير إلى أن المغرب قد رصد 4.3 مليار دولار على فترة 15 سنة لتطبيق برنامج وطني خاص بالنفايات الصلبة حسب تصريح وزير إعداد التراب الوطني والمياه والبيئة في حكومة جطوالسابقة
ونص البرنامج على إطلاق مشاريع لمعالجة مشاكل تدبير النفايات التي تضاعفت بسبب النمو الديمغرافي والهجرة القروية والتوسع العمراني، وتكليف الجماعات المحلية بمضاعفة الجهود من أجل وضع مشاريع متكاملة للحد من النفايات، من خلال إصدار مراسيم لتطبيق قوانين جديدة لتأسيس مركز وطني لمعالجة النفايات الخطيرة والذي سيعالج إلى 120 ألف طن من النفايات الصناعية والطبية سنويا
وبحسب الإحصائيات الحكومية فإن المغرب ينتج حوالي 7.5 مليون طن من النفايات الصلبة كل سنة، منها 6.5 مليون طن نفايات المنازل.
وحوالي 70% من هذه النفايات متركزة في المناطق الحضرية. وبخصوص النفايات الصناعية، ينتج المغرب حوالي 975 ألف طن من النفايات الصلبة كل سنة. وتنتج المؤسسات الصحية الخاصة والعامة في المغرب حوالي 11.910 طن من النفايات الطبية كل سنة.
غير أنه بالنسبة لوضعية عمال النظافة في المغرب فهي مازالت بين شد وجدب أطرافه الجماعة الحضرية وشركات النظافة الخاصة.
عمال النظافة يعانون الفاقة والعوز في ظل ظروف عمل صعبة و غير صحية
يعد قطاع النظافة بالمغرب من أضعف القطاعات على الإطلاق، لأنه لحد الآن لم يقنن بالشكل الذي يجعل منه قطاعا حيويا يحفظ لعمال النظافة في المغرب ماء وجههم، ويكفل لهم حقوقهم المادية والمعنوية، فرغم تفويته لشركات خاصة والتي يبلغ عددها بالدار البيضاء ثلاث شركات، فإن الساهرين على جمع الأزبال بهذه المدينة الصناعية، يتجرعون المرارة والألم لعدم كفاية الأجر الذي يتقاضونه، ولعدم العناية بصحتهم الجسدية التي تقتلها الروائح السامة التي يستنشقونها أثناء مزوالتهم لعملهم، الذي امتهنوه إما اختيارا أو إنصياعا لظروف الفقر والبطالة.
النظافة من الإيمان
إذا كان المرء قد تعود على رمي الأزبال في أقرب مطرح يصادفه، فليقف لوهلة في حياته ويتمعن الدور المهم الذي يقوم به عمال النظافة وهم يتجولون في الشوارع، و يهرولون وراء شاحنة جمع الأزبال التي لما تمر من جانبك حتى تكاد تتغاشى من شدة الروائح الكريهة المنبعثة منها، فبلكاد هؤلاء الغارقين في زخم الأزبال، حتى تعودوا على روائحها، فعامل النظافة يقوم بدور مهم ولولاه لا فاحت روائح شوارعنا،
التي ومع وجود هذه الشركات الخاصة، مازال تراكم الأزبال هو صورتها التي تلوث الحي وتشوه سمعته.
يقول أحد عمال النظافة بمدينة الدار البيضاء، والذي رفض الكشف عن اسمه مخافة طرده من العمل، "أنا في بدايتي كنت أعمل مع الجماعة الحضرية، وكنت مهتما بالنظافة،و بعد ذلك أصبحت أعمل مع الشركة الإسبانية ، ففي الحقيقة الظروف التي يعيشها عامل النظافة هي جد صعبة، فلابد أن يكون متحليا بالصبر، فأنا صبرت في هذا العمل لمدة أربع سنوات من أجل إعالة إخوتي اليتامى، فأنا كاري ب1500 درهم شهريا وراتبي لا يتعدى 1800 درهم، فهذا لا يكفي بتاتا حتى لتغطية مصاريف النقل فبلكاد أن تفكر في إستقرار بحالك بحال الناس."
ويضيف آخر من مستخدمي مصلحة النظافة أن مدينة الدار البيضاء، نسبة أزبالها تزداد بشكل كبير نظرا لتزايد عدد الساكنة الذي يبلغ حوالي خمسة ملايين نسمة، ويوجد بها تقريبا 30 ألف عامل نظافة يجمعون يوميا ما يقارب 6700 طن من الأزبال وبهذا الكم الهائل يزداد الثقل على هؤلاء العمال الذين ورغم كونهم يعملون ليلاو نهارا، ويتحملون التعب والإرهاق فدورهم يبقى بنظر الساكنة غير كافي،نظرا لتراكمات الأزبال في بعض الأحياء خاصة في فترات الأعياد وبالأخص عيد الأضحى، الذي يتعب فيه عمال النظافة بشكل كبير.
فالعقلية المغربية مازالت لم تعي جيدا أن النظافة من الإيمان، وأن أي إنسان هو في حياته منظف سواء كان في البيت أو الشارع، فلماذا هذه النظرة الدونية لعمال النظافة؟
عمال النظافة يشتكون
إن قطاع النظافة بالمغرب ينهض على كاهل فئة يصل عددها إلى حوالي 140 ألف شخص، تقع عليهم مهمة النظافة اليومية لصالح 30 مليون مواطن مغربي، وبحكم تزايد نسبة الساكنة في المدينة بسبب الهجرة القروية، بدأ هؤلاء العمال يكثرون من شكاويهم بسبب ضخامة المسؤولية الملقاة على عاتقهم، ومع تزايد نسبة التلوث البيئي وعدم إيلاء النظافة ما تستحق من اهتمام يجعل هؤلاء العمال خارج المنظومة المقننة في البلاد، فهم يعانون من مشاكل جمة، مادية كانت أو اجتماعية أو صحية أو حتى نفسية.
فصعوبة عملهم لا تقتصر فقط في طول المسافة التي يضطرون لكنسها، أو جمع الأزبال منها وإنما كذلك في طبيعة وسائل العمل المتآكلة والمعطوبة سواء كانت عربات تفتقر لمكانس أو شاحنات لا تتوفر على أدنى وسائل لجمع الأزبال بطريقة أكثر حمائية للعامل كالقفازات مثلا، خاصة إذا علمنا بأن الأزبال قد تحتوي على مواد سامة وأدوية منتهية الصلاحية، وحقن مستعملة ومواد كيماوية، وتدبيرها يتم بدون أن توفر للعمال أدنى وسائل الوقاية مثل الكمامات وغيرها من وسائل الوقاية، الأمر الذي يجعل العامل عرضة للإصابة بأمراض الحساسية والربو، والعيون وأمراض الجلد، ومع ذلك لا ينعمون بأية تغطية صحية، ماعدا في بعض الشركات التي أصبحت مؤخرا تهتم بهذا الجانب، إضافة إلى أن كل المشاكل التي ذكرناها تبقى العوامل النفسية أشد أثرا من غيرها، فقد تحدثنا مع أحد العمال الذين يقومون بكنس الأزقة والشوارع، فأطلعنا على أن المنظف الواحد يقوم يوميا بكنس وتنظيف ما بين 8 و12 كيلو متر من الشوارع في شتى الظروف سواء كان الصيف والشمس تتحرق ولا كان البرد وشتا تتصب، كما أضاف بأن هذه المهنة من أحقر المهن في مجتمعنا، فنظرة الناس للعمال النظافة ما زالت دونية، مع العلم أننا بحالها بحال المهن الأخرى، وحتى حنا عندنا أسر وأولاد تيحترمونا وزوجات تيخافوا علينا ولكن، دائما تنحسوا بنقص خاصة لما نسأل عن طبيعة العمل الذي نقوم به ففي غالب الأحيان البعض يفضل الكذب على قول الصراحة، أما أنا فلا أخجل من مهنتي، لأني اخترتها وأنا لست نادما، فقط أريد أن تعدل وضعيتنا ماديا وصحيا، وأن يصبح القطاع منظما وتكون لدينا حماية قانونية تقينا بطش الأقوياء .
في نفس الصدد تقول إحدى السيدات بأنها لا تقبل الزواج بهذا النوع من العمال، لا لشئ سوى أنها ستتخيله دائما في تلك الوضعية المقرفة التي لا يمكن أن تقبلها، حتى ولو كانت أخلاقه عالية،أما أخرى فاعتبرت هذا العمل شريفا ولا تجد حرجا في الزواج من أي شخص شريطة أن يكون عمله شريف، حتى ولو كان" زبال" بالمفهوم الدارجي الذي تتداوله الأوساط الشعبية، فالعمل كيفما كان هو عبادة، ودورهؤلاء يؤجرون عليه كثيرا لأنهم يجاهدون في سبيل تنظيف شوارعنا من الأزبال فنجازيهم بتحقير والإستهزاء هذا في نظري لا يليق بمجتمع يعد من الدول السائرة في طريق النمو، فمن الضروري أن نغير فكرنا حتى نستطيع أن نساير ركب التحضر والتنمية.
وإذا كانت هذه المهنة تبقى مثار جدل في الأوساط الاجتماعية التي ما زالت لم ترقى لتقديس مهنة عمال النظافة،فإن استفحال ظاهرة البطالة في المغرب تؤدي ببعض العاطلين إلى ممارسة هذه المهنة بسبب العوز والحاجة والدخل البائس الذي يضطر الكثيرين إلى البحث في القمامات عن قطعة حذاء، أو قطع غيار قصد بيعها لعل بذلك يسد بعض النفقات التي لا يستطيع راتبه الشهري أن يسدها.
ومن جهة ثانية نشير إلى أن المغرب قد رصد 4.3 مليار دولار على فترة 15 سنة لتطبيق برنامج وطني خاص بالنفايات الصلبة حسب تصريح وزير إعداد التراب الوطني والمياه والبيئة في حكومة جطوالسابقة
ونص البرنامج على إطلاق مشاريع لمعالجة مشاكل تدبير النفايات التي تضاعفت بسبب النمو الديمغرافي والهجرة القروية والتوسع العمراني، وتكليف الجماعات المحلية بمضاعفة الجهود من أجل وضع مشاريع متكاملة للحد من النفايات، من خلال إصدار مراسيم لتطبيق قوانين جديدة لتأسيس مركز وطني لمعالجة النفايات الخطيرة والذي سيعالج إلى 120 ألف طن من النفايات الصناعية والطبية سنويا
وبحسب الإحصائيات الحكومية فإن المغرب ينتج حوالي 7.5 مليون طن من النفايات الصلبة كل سنة، منها 6.5 مليون طن نفايات المنازل.
وحوالي 70% من هذه النفايات متركزة في المناطق الحضرية. وبخصوص النفايات الصناعية، ينتج المغرب حوالي 975 ألف طن من النفايات الصلبة كل سنة. وتنتج المؤسسات الصحية الخاصة والعامة في المغرب حوالي 11.910 طن من النفايات الطبية كل سنة.
غير أنه بالنسبة لوضعية عمال النظافة في المغرب فهي مازالت بين شد وجدب أطرافه الجماعة الحضرية وشركات النظافة الخاصة.
الاثنين، 19 نوفمبر 2007
الفراغ الثقافي يغتال الكتب، المسرح، الفن الأصيل، ويدفع بالشباب إلى الإنحراف
كيف قيدت الثقافة وحررت السخافة
إن المشهد الثقافي اليوم يعيش فراغا قاتلا، تتمظهر سماته في العزوف عن ممارسة مختلف الأنشطة ذات الإرتباط الوثيق بإزدهار الثقافة، بحيث أن الفكر عموما أصبح خارج إهتمامات غالبية الشباب، الذي أثبت عزوفه عن المشاركة في الإنتخابات الأخيرة، أنه فعلا لم يعد يهمه
سوا الإهتمام بالقشور، في ظل سياسة تهميشية خانقة، كبلت قدراته ، وعمقت أزمة الفراغ الثقافي، وفي ظل التكهنات السائدة حاليا بخصوص تشكيل حكومة، مزمع الإعلان عنها قريبا، يبقى السؤال العريض، ما هو البرنامج الحكومي الجديد الذي سيحد من ظاهرة الفراغ الثقافي.
فالمشهد الثقافي لأي مجتمع ينبغي أن يكون مرآة تعكس تطلعات الشريحة المهمة فيه، وبما أن المغرب يتميزبإتساع قاعدة هرمه السكاني، فإن الفئة التي ينبغي إعطاؤها الأولوية بالإهتمام هي الفئة الشابة، لقدرتها على التغيير والبناء،هذا إذا وفرنا لها الظروف والأجواء المناسبة لجعلها قادرة على تحمل موجات وصدمات الحياة سواء كانت إجتماعية، أو إقتصادية ...
لهذا فالظلمة الثقافية التي نلمسها الآن ، هي ليست وليدة اللحظة، بل راكمتها مجموعة من العوامل، تتأرجح بين عوامل ذاتية مرتبطة بالمثقف وأخرى موضوعية يفرضها المحيط الأسري والمجتمعي ، بمعنى هل مثقف اليوم هو فقط في غيبوبة مؤقتة، فرضتها عليه سياسة اللامبالاة من طرف الأسرة ، المجتمع، الدولة ، أم أن دوره في الخلق والإبداع يحتضرلأنه فشل في تحقيق الأهداف التي رسمها والتي لم يجد من ينميها ويمد لها المساعدة
من خلال التأطير، التوجيه،بل وجد فقط من يكبلها بالتنكيل والتهميش.
العزوف عن القراءة هل هو إختيار؟
الكتاب هو المنبع الحقيقي للثقافة، فمنه نستخلص الأفكار ونعالجها ،نكتسب القناعات وننميها، نستقي الأجوبة ونناقشها. غير أنه في ظل المنظومة المعلوماتية والتطور التقني والتكنولوجي الذي نعرفه حاليا، أصبح من الصعب على الإنسان أن يشتري كتابا، فالأنترنت ببرامجه المتنوعة وفر الوقت والمال على من يريد أن يختصر الوقت في ظل عصر السرعة، فيمكن للشخص أن يطالع خلاصة الكتاب في بضع دقائق .
فالعزوف على القراءة وعلى شراء الكتب هو راجع بالأساس إلى أن غالبية الأسر لم تعود أبناءها على القراءة، إلا من رحم ربي ، فجل الآباء يطالعون فقط الجرائد في المقاهي برفقة الأصدقاء، ولا يبالون بضرورة تشجيع أبنائهم على المطالعة ظنا منهم أن المدرسة ستتكفل بتثقيفهم.فقد أكد لنا جملة من الآباء أن ليس هناك دعم من قبل الأسر لأبنائها لتحبيبهم في المطالعة، وذلك راجع بحسب قولهم إلى أن الظروف الحالية جعلت الغالبية العظمى من الآباء تولي الإهتمام للجانب المعلوماتي أكثر.
وإذا كانت معارض الكتاب التي تنظمها وزارة الثقافة، هدفها الأول هو الرفع من نسبة القراء، وتشجيع المثقفين على إقتناء الكتب، فإن محمد يِؤكد على أن إرتفاع ثمن بعض الكتب، في ظل قدرة شرائية متوسطة لا يخدم الشباب المثقف ولا يشجع على المطالعة ، ولا يخدم الغاية الحقيقية لمعارض الكتاب، ويجعلها تسعى فقط من أجل الربح المادي.
أما الغالبية الشابة اليوم، فهي تعتبر القراءة مضيعة للوقت والمال.
وإذا كان البعض يتحدث بتفاؤل كبير عن تطور الشأن الثقافي بالمغرب قياسا على تزايد المنشورات والجرائد ...، فالواقع أثبت أن أهمية الشأن الثقافي لبلد معين يقاس بمدى ملامسته لهموم ومشاكل الناس و بمدى وصول المنتجات الثقافية للقارئ.
وفي هذا الإطارودعما منها للمشهد الثقافي بالمغرب،نجد بأن الوزارة الوصية عملت على إنجاز برامج لدعم القراءة والمطالعة، غيرأنها تبقى بنظر المتتبعين غير كافية.
فرغم المجهودات التي تبذلها الجهات المعنية بالكتاب بدءا من وزارة الثقافة ودعمها الكبير للكتاب من خلال ترويجه، بداية من طبعه ونشره وتوزيعه وتشجيع المؤلفين والكتاب على إنجاز أعمالهم، وأيضا من خلال إقامة المعارض التي تحتفي بالكتاب على المستوى الوطني، وذات البعد الدولي كالمعرض الدار البيضاء، وأيضا العملية التي أطلقتها كتابة الدولة للشباب للتشجيع القراءة تحت عنوان القراءة للجميع، فإنه مع ذلك مازال الكتاب يعاني من عدة مشاكل في نشره وتوزيعه.
الفراغ الثقافي من المسؤول عنه؟
هذا الفراغ الثقافي الذي ينخر في جسد شبابنا المبلي بحب الظهور وبالإهتمام فقط بالقشور، دون إعطاء الأولوية لجوهر الأشياء، فحب التسلية وتضييع الوقت في التفاهات قد سيطرعلى عقول غالبية الشباب المغربي ، الذي يضيع وقته في معاكسة الفتيات، وفي الشات،والتلفظ بأبشع الألفاظ التي تعكس ثقافة بديئة لا تمس بقيم التربية ولا بمبادئ التعليم.
هذا الوضع المخجل، من المسؤول عنه، هل نلوم الأسرة لأنها لم تقم بدورها في تفريخ شباب صالح، واع بمسؤولية المواطنة المبنية على مرجعية ثقافية،قادرة على مواكبة المتغيرات والإحباطات و لم تربي أبنائها على قيم إحترام الآخر، وعلى التشبع بروح الثقافة الفكرية التي تنمي الشخصية، وتجعلها في غنى عن كل قبيح،هل التفكك الأسري الذي اًضحت تعيشه غالبية الأسرالمغربية، والذي إزدادت حدته في السنوات الأخيرة، بسبب إرتفاع نسبة الطلاق،أم التهميش الذي يتخبط فيه الشباب والذي كان حافزا لتعميق أزمات ، البطالة ، الهجرة السرية، المخدرات...، أم نلوم الدولة لأنها لم توفر الفضاءات الكفيلة بتشجيع الشباب، على الخلق والإبداع، فلا دور الشباب التي تعد على رأس الأصابع إستطاعت أن تكبح جماح الفوضى الشبابية، ولا الفضاءات الرياضية، ولا المعاهد الموسيقية والمسرحية إستطاعت أن تهذب أرواح ونفوس شباب ضاعت أحلامه ، وأصبح يفكر فقط كيف يعيش حياته على هواه.
صحيح أن المغرب يتوفر على 13 جامعة و65 معهد وكلية وعشرات الالاف من الطلبة والباحثين، لكن يبقى عدد المبدعين والمفكرين يعد على رأس الأصابع، فأغلب المتخرجين إما يوظفوا عبثا وتحبط آمالهم بعمل يرهق كاهل تفكيرهم ، وإما يصطدموا بشبح البطالة، وينتهي بهم الأمر أمام أبواب البرلمان ، متظاهرين لنيل حقهم الدستوري بعد أن قضوا سنوات وهم قابعين وراء جدران البيوت أو بين أزقة الشوارع .
فإذا عدنا إلى المشهد الثقافي المغربي في سنوات تضييق الخناق خلال مرحلة السبعينات والثمانينات، نجد بأنه عرف حركة ثقافية جد مهمة، بحيث أنجبت لنا مفكرين وأدباء ومبدعيين مسرحيين وفنيين أغنوا الساحة الثقافية المغربية، على جميع الأصعدة نضالية، سياسية، ثقافية،... بحيث كان هناك تفاعل قوي بين الفكر والمجتمع، مما أسهم في بلوة وعي مجتمعي ناضج، لم يستمر في الوقت الحالي، إذا إستثنينا بعض الأصوات التي تقاوم وتناضل من أجل إيصال فكرها وإبداعها رغم كل الإكراهات، فإن المثقف المغربي، يبدو وكأنه قد إبتعد وغيب عن قضايا وتطلعات مجتمعه، وتخلى عن دوره المحوري في التغيير والتأطير، وتوعية مجتمعه بأهمية قضاياه ، خاصة وان من أتـيحت لهم شروط موضوعية وافرة في هذا الميدان، يكرسون ثقافة التعتيم تارة والتجميل تارة أخرى .
طبعا لا يمكن نكران الطفرة الثقافية التي شهدتها الساحة الثقافية في العقدين الآخيرين، على مستوى توسيع هامش الحريات، الذي ظهرت معه عدة أطياف إبداعية، وبرزت معه طاقات فكرية يافعة، ولكن هذا لا يعكس بضرورة تطورا ثقافيا مهما، لأن الممارسة الميدانية أكدت أن الإهتمام بهذا الميدان هو مقتصر فقط، على فئة ساعدها الحظ، أو طورت
هي نفسها بالبحث الدؤوب إيمانا منها بأهمية الوعي الفكري ، الأدبي، الفني، السياسي ...
فللنهوض بالمشهد الثقافي يجب أن تكون هناك إستراتيجية ثقافية محددة المعالم تتضافر فيها مختلف الجهود، فقنوات التنشئة الأجتماعية من أسرة، مدرسة، جامعة، وسائل الإعلام، حكومة....، تتحمل المسؤولية فيما وصل إليه الشأن الثقافي في المغرب.
ماهي أسباب الفراغ الثقافي بالمغرب؟
مسببات الفراغ الثقافي في المغرب متعددة ومتنوعة وربما كان في مقدمتها غياب بنيات ثقافية، كالمكتبات، ودور الثقافة المنتظر أن تكون رهن إشارة شبابنا القراء والقارئات، إذا البنية التحتية للقراءة غير متوفرة على الخصوص في المدن الصغيرة والقرى النائية.
أما العنصر الثاني فهو بيداغوجي أو تربوي، يتمثل في تقاعس المعلمين والأساتذة في أطوار التعليم على تعويد التلاميذ، على القراءة خارج الحصص الدراسية ، فلأمر ما إرتبطت القراءة دائما بالمذاكرة والمراجعة و إجتياز الإمتحانات، وقلما يتجه التلاميد والطلاب إلى القراءات الحرة في الوقت الثالث، وذلك راجع في المقام الأول إلى غياب هذه العادات القرائية التي من شأنها أن تخلق لنا قارئا دائما .
العنصر الثالت هو إقتصادي يتجلى في غلاء الكتاب في المغرب وضعف القدرة الشرائية لذا الفئات الشعبية، يؤدي إلى عدم الإقبال على إقتناء الكتب، لذا فالجهات الثقافية في الحكومة مدعوة إلى المزيد من دعم الكتاب وجعله في متناول القراء بأثمنة معقولة وزهيدة.
ماهي إنتظاراتك من الحكومة الجديدة ؟
فيما يخصنا نحن بحاجة إلى المزيد من تأهيل المؤسسة الثقافية الرسمية عن طريق مضاعفة أو على الأقل الزيادة في مخصصات الميزانية، قياسا على الإحتياجات المتزايدة المطلوب أيضا ترشيد هذه اليزانية على نحو يجعلها تغطي الإحتياجات الكثيرة التي يعانيها المجال الثقافي في المغرب .
من المسؤول في نظرك عن هذا الفراغ الثقافي؟
الثقافة تدخل في إطار التنمية المستدامة، وينبغي أن لا تتوقف عن النمو طالما هناك طلب على الوسائل الثقافية بكل ألوانها وأطيافها. لنكن صرحاء ما تحقق في المجال الثقافي في الحكومتين السابقتين هو شئ إيجابي ونأمل ان يتضاعف هذا العطاء وأن ترشد الوسائل المرصودة للصرف مخصصات و ميزانيات ذات صلة بالثقافة وتطوير الممارسة الثقافية بشكل نجعلها فاعلية في المجتمع يتحرك ويتطور بإستمرار.
لماذا في نظرك لم يعد شباب اليوم يهتم بالميدان الثقافي؟
لأنه شباب غير مؤطر ولا يجد الحوافز الضرورية لحمله على ملأ أوقات فراغه بوسائل ثقافية وفنية ورياضية ، فنحن أمام موجات متتالية للتطرف وللفكر الغيبي، تستدعي التحسيس بخطورة هذا الفراغ الثقافي، وبأهمية الإنفتاح على العالم .
في تصريح لأسبوعية المستقل، الفنان الخياري : الميدان الفني في المغرب مازال مثله مثل الطفل الصغير ما زال يتعلم المشي ومازال في طور البناء وتنتظره أشواط كثيرة لكي يقف على قدميه
إن إفتقادنا للمسارح وللقاعات السينمائية، هو راجع بشكل أساسي للدولة، لأنه لا يمكن للفنان أن يبني مسرحا لكي يشاهده الجمهور، كما هو الحال في دولة مصر.
فالميدان الفني في المغرب مازال مثله مثل الطفل الصغير ما زال يتعلم المشي ومازال في طور البناء وتنتظره أشواط كثيرة لكي يقف على قدميه.
من ججة ثانية إعتبر بأن المعاهد التي تخص التكوين المسرحي والموسيقي هي ليست وسيلة الوصول الوحيدة، فالمعهد يقول الخياري" بحالوا بحال الطوبيس يحطك في بلاكة وتكمل على رجليك.فشاب أو طالب المعهد لابد له ان يتمم مشواره بأي طريقة ولو بالمعاناة، فنحن مثلا دخلنا المعاهد ودور الشباب وإلتحقنا بفرق كانت توب في زمننا كفرقة البدوي وفرقة الطيب الصديقي والحمد لله هناك من وصل وهناك من حصل.
وإذا كان الإنسان تيخرج الزكاة على المال وعلى الزرع والذهب كذلك فالفنان لابد له أن يخرج الزكاة على نجوميته، فزكاة علمك تعليم غيرك".
أما بخصوص المسؤولية فيضيف الفنان الخياري، بأنها مسؤولية الجميع ، ولكي نخرج من هذه الأزمة الثقافية يجب تحسين وضعية الفنان والإكثار من المعاهد لتشجيع الطاقات الشابة والواعدة، تيقول المثل "شوية من الحنة وشوية من رطوبية اللدين"،
كيف قيدت الثقافة وحررت السخافة
إن المشهد الثقافي اليوم يعيش فراغا قاتلا، تتمظهر سماته في العزوف عن ممارسة مختلف الأنشطة ذات الإرتباط الوثيق بإزدهار الثقافة، بحيث أن الفكر عموما أصبح خارج إهتمامات غالبية الشباب، الذي أثبت عزوفه عن المشاركة في الإنتخابات الأخيرة، أنه فعلا لم يعد يهمه
سوا الإهتمام بالقشور، في ظل سياسة تهميشية خانقة، كبلت قدراته ، وعمقت أزمة الفراغ الثقافي، وفي ظل التكهنات السائدة حاليا بخصوص تشكيل حكومة، مزمع الإعلان عنها قريبا، يبقى السؤال العريض، ما هو البرنامج الحكومي الجديد الذي سيحد من ظاهرة الفراغ الثقافي.
فالمشهد الثقافي لأي مجتمع ينبغي أن يكون مرآة تعكس تطلعات الشريحة المهمة فيه، وبما أن المغرب يتميزبإتساع قاعدة هرمه السكاني، فإن الفئة التي ينبغي إعطاؤها الأولوية بالإهتمام هي الفئة الشابة، لقدرتها على التغيير والبناء،هذا إذا وفرنا لها الظروف والأجواء المناسبة لجعلها قادرة على تحمل موجات وصدمات الحياة سواء كانت إجتماعية، أو إقتصادية ...
لهذا فالظلمة الثقافية التي نلمسها الآن ، هي ليست وليدة اللحظة، بل راكمتها مجموعة من العوامل، تتأرجح بين عوامل ذاتية مرتبطة بالمثقف وأخرى موضوعية يفرضها المحيط الأسري والمجتمعي ، بمعنى هل مثقف اليوم هو فقط في غيبوبة مؤقتة، فرضتها عليه سياسة اللامبالاة من طرف الأسرة ، المجتمع، الدولة ، أم أن دوره في الخلق والإبداع يحتضرلأنه فشل في تحقيق الأهداف التي رسمها والتي لم يجد من ينميها ويمد لها المساعدة
من خلال التأطير، التوجيه،بل وجد فقط من يكبلها بالتنكيل والتهميش.
العزوف عن القراءة هل هو إختيار؟
الكتاب هو المنبع الحقيقي للثقافة، فمنه نستخلص الأفكار ونعالجها ،نكتسب القناعات وننميها، نستقي الأجوبة ونناقشها. غير أنه في ظل المنظومة المعلوماتية والتطور التقني والتكنولوجي الذي نعرفه حاليا، أصبح من الصعب على الإنسان أن يشتري كتابا، فالأنترنت ببرامجه المتنوعة وفر الوقت والمال على من يريد أن يختصر الوقت في ظل عصر السرعة، فيمكن للشخص أن يطالع خلاصة الكتاب في بضع دقائق .
فالعزوف على القراءة وعلى شراء الكتب هو راجع بالأساس إلى أن غالبية الأسر لم تعود أبناءها على القراءة، إلا من رحم ربي ، فجل الآباء يطالعون فقط الجرائد في المقاهي برفقة الأصدقاء، ولا يبالون بضرورة تشجيع أبنائهم على المطالعة ظنا منهم أن المدرسة ستتكفل بتثقيفهم.فقد أكد لنا جملة من الآباء أن ليس هناك دعم من قبل الأسر لأبنائها لتحبيبهم في المطالعة، وذلك راجع بحسب قولهم إلى أن الظروف الحالية جعلت الغالبية العظمى من الآباء تولي الإهتمام للجانب المعلوماتي أكثر.
وإذا كانت معارض الكتاب التي تنظمها وزارة الثقافة، هدفها الأول هو الرفع من نسبة القراء، وتشجيع المثقفين على إقتناء الكتب، فإن محمد يِؤكد على أن إرتفاع ثمن بعض الكتب، في ظل قدرة شرائية متوسطة لا يخدم الشباب المثقف ولا يشجع على المطالعة ، ولا يخدم الغاية الحقيقية لمعارض الكتاب، ويجعلها تسعى فقط من أجل الربح المادي.
أما الغالبية الشابة اليوم، فهي تعتبر القراءة مضيعة للوقت والمال.
وإذا كان البعض يتحدث بتفاؤل كبير عن تطور الشأن الثقافي بالمغرب قياسا على تزايد المنشورات والجرائد ...، فالواقع أثبت أن أهمية الشأن الثقافي لبلد معين يقاس بمدى ملامسته لهموم ومشاكل الناس و بمدى وصول المنتجات الثقافية للقارئ.
وفي هذا الإطارودعما منها للمشهد الثقافي بالمغرب،نجد بأن الوزارة الوصية عملت على إنجاز برامج لدعم القراءة والمطالعة، غيرأنها تبقى بنظر المتتبعين غير كافية.
فرغم المجهودات التي تبذلها الجهات المعنية بالكتاب بدءا من وزارة الثقافة ودعمها الكبير للكتاب من خلال ترويجه، بداية من طبعه ونشره وتوزيعه وتشجيع المؤلفين والكتاب على إنجاز أعمالهم، وأيضا من خلال إقامة المعارض التي تحتفي بالكتاب على المستوى الوطني، وذات البعد الدولي كالمعرض الدار البيضاء، وأيضا العملية التي أطلقتها كتابة الدولة للشباب للتشجيع القراءة تحت عنوان القراءة للجميع، فإنه مع ذلك مازال الكتاب يعاني من عدة مشاكل في نشره وتوزيعه.
الفراغ الثقافي من المسؤول عنه؟
هذا الفراغ الثقافي الذي ينخر في جسد شبابنا المبلي بحب الظهور وبالإهتمام فقط بالقشور، دون إعطاء الأولوية لجوهر الأشياء، فحب التسلية وتضييع الوقت في التفاهات قد سيطرعلى عقول غالبية الشباب المغربي ، الذي يضيع وقته في معاكسة الفتيات، وفي الشات،والتلفظ بأبشع الألفاظ التي تعكس ثقافة بديئة لا تمس بقيم التربية ولا بمبادئ التعليم.
هذا الوضع المخجل، من المسؤول عنه، هل نلوم الأسرة لأنها لم تقم بدورها في تفريخ شباب صالح، واع بمسؤولية المواطنة المبنية على مرجعية ثقافية،قادرة على مواكبة المتغيرات والإحباطات و لم تربي أبنائها على قيم إحترام الآخر، وعلى التشبع بروح الثقافة الفكرية التي تنمي الشخصية، وتجعلها في غنى عن كل قبيح،هل التفكك الأسري الذي اًضحت تعيشه غالبية الأسرالمغربية، والذي إزدادت حدته في السنوات الأخيرة، بسبب إرتفاع نسبة الطلاق،أم التهميش الذي يتخبط فيه الشباب والذي كان حافزا لتعميق أزمات ، البطالة ، الهجرة السرية، المخدرات...، أم نلوم الدولة لأنها لم توفر الفضاءات الكفيلة بتشجيع الشباب، على الخلق والإبداع، فلا دور الشباب التي تعد على رأس الأصابع إستطاعت أن تكبح جماح الفوضى الشبابية، ولا الفضاءات الرياضية، ولا المعاهد الموسيقية والمسرحية إستطاعت أن تهذب أرواح ونفوس شباب ضاعت أحلامه ، وأصبح يفكر فقط كيف يعيش حياته على هواه.
صحيح أن المغرب يتوفر على 13 جامعة و65 معهد وكلية وعشرات الالاف من الطلبة والباحثين، لكن يبقى عدد المبدعين والمفكرين يعد على رأس الأصابع، فأغلب المتخرجين إما يوظفوا عبثا وتحبط آمالهم بعمل يرهق كاهل تفكيرهم ، وإما يصطدموا بشبح البطالة، وينتهي بهم الأمر أمام أبواب البرلمان ، متظاهرين لنيل حقهم الدستوري بعد أن قضوا سنوات وهم قابعين وراء جدران البيوت أو بين أزقة الشوارع .
فإذا عدنا إلى المشهد الثقافي المغربي في سنوات تضييق الخناق خلال مرحلة السبعينات والثمانينات، نجد بأنه عرف حركة ثقافية جد مهمة، بحيث أنجبت لنا مفكرين وأدباء ومبدعيين مسرحيين وفنيين أغنوا الساحة الثقافية المغربية، على جميع الأصعدة نضالية، سياسية، ثقافية،... بحيث كان هناك تفاعل قوي بين الفكر والمجتمع، مما أسهم في بلوة وعي مجتمعي ناضج، لم يستمر في الوقت الحالي، إذا إستثنينا بعض الأصوات التي تقاوم وتناضل من أجل إيصال فكرها وإبداعها رغم كل الإكراهات، فإن المثقف المغربي، يبدو وكأنه قد إبتعد وغيب عن قضايا وتطلعات مجتمعه، وتخلى عن دوره المحوري في التغيير والتأطير، وتوعية مجتمعه بأهمية قضاياه ، خاصة وان من أتـيحت لهم شروط موضوعية وافرة في هذا الميدان، يكرسون ثقافة التعتيم تارة والتجميل تارة أخرى .
طبعا لا يمكن نكران الطفرة الثقافية التي شهدتها الساحة الثقافية في العقدين الآخيرين، على مستوى توسيع هامش الحريات، الذي ظهرت معه عدة أطياف إبداعية، وبرزت معه طاقات فكرية يافعة، ولكن هذا لا يعكس بضرورة تطورا ثقافيا مهما، لأن الممارسة الميدانية أكدت أن الإهتمام بهذا الميدان هو مقتصر فقط، على فئة ساعدها الحظ، أو طورت
هي نفسها بالبحث الدؤوب إيمانا منها بأهمية الوعي الفكري ، الأدبي، الفني، السياسي ...
فللنهوض بالمشهد الثقافي يجب أن تكون هناك إستراتيجية ثقافية محددة المعالم تتضافر فيها مختلف الجهود، فقنوات التنشئة الأجتماعية من أسرة، مدرسة، جامعة، وسائل الإعلام، حكومة....، تتحمل المسؤولية فيما وصل إليه الشأن الثقافي في المغرب.
ماهي أسباب الفراغ الثقافي بالمغرب؟
مسببات الفراغ الثقافي في المغرب متعددة ومتنوعة وربما كان في مقدمتها غياب بنيات ثقافية، كالمكتبات، ودور الثقافة المنتظر أن تكون رهن إشارة شبابنا القراء والقارئات، إذا البنية التحتية للقراءة غير متوفرة على الخصوص في المدن الصغيرة والقرى النائية.
أما العنصر الثاني فهو بيداغوجي أو تربوي، يتمثل في تقاعس المعلمين والأساتذة في أطوار التعليم على تعويد التلاميذ، على القراءة خارج الحصص الدراسية ، فلأمر ما إرتبطت القراءة دائما بالمذاكرة والمراجعة و إجتياز الإمتحانات، وقلما يتجه التلاميد والطلاب إلى القراءات الحرة في الوقت الثالث، وذلك راجع في المقام الأول إلى غياب هذه العادات القرائية التي من شأنها أن تخلق لنا قارئا دائما .
العنصر الثالت هو إقتصادي يتجلى في غلاء الكتاب في المغرب وضعف القدرة الشرائية لذا الفئات الشعبية، يؤدي إلى عدم الإقبال على إقتناء الكتب، لذا فالجهات الثقافية في الحكومة مدعوة إلى المزيد من دعم الكتاب وجعله في متناول القراء بأثمنة معقولة وزهيدة.
ماهي إنتظاراتك من الحكومة الجديدة ؟
فيما يخصنا نحن بحاجة إلى المزيد من تأهيل المؤسسة الثقافية الرسمية عن طريق مضاعفة أو على الأقل الزيادة في مخصصات الميزانية، قياسا على الإحتياجات المتزايدة المطلوب أيضا ترشيد هذه اليزانية على نحو يجعلها تغطي الإحتياجات الكثيرة التي يعانيها المجال الثقافي في المغرب .
من المسؤول في نظرك عن هذا الفراغ الثقافي؟
الثقافة تدخل في إطار التنمية المستدامة، وينبغي أن لا تتوقف عن النمو طالما هناك طلب على الوسائل الثقافية بكل ألوانها وأطيافها. لنكن صرحاء ما تحقق في المجال الثقافي في الحكومتين السابقتين هو شئ إيجابي ونأمل ان يتضاعف هذا العطاء وأن ترشد الوسائل المرصودة للصرف مخصصات و ميزانيات ذات صلة بالثقافة وتطوير الممارسة الثقافية بشكل نجعلها فاعلية في المجتمع يتحرك ويتطور بإستمرار.
لماذا في نظرك لم يعد شباب اليوم يهتم بالميدان الثقافي؟
لأنه شباب غير مؤطر ولا يجد الحوافز الضرورية لحمله على ملأ أوقات فراغه بوسائل ثقافية وفنية ورياضية ، فنحن أمام موجات متتالية للتطرف وللفكر الغيبي، تستدعي التحسيس بخطورة هذا الفراغ الثقافي، وبأهمية الإنفتاح على العالم .
في تصريح لأسبوعية المستقل، الفنان الخياري : الميدان الفني في المغرب مازال مثله مثل الطفل الصغير ما زال يتعلم المشي ومازال في طور البناء وتنتظره أشواط كثيرة لكي يقف على قدميه
إن إفتقادنا للمسارح وللقاعات السينمائية، هو راجع بشكل أساسي للدولة، لأنه لا يمكن للفنان أن يبني مسرحا لكي يشاهده الجمهور، كما هو الحال في دولة مصر.
فالميدان الفني في المغرب مازال مثله مثل الطفل الصغير ما زال يتعلم المشي ومازال في طور البناء وتنتظره أشواط كثيرة لكي يقف على قدميه.
من ججة ثانية إعتبر بأن المعاهد التي تخص التكوين المسرحي والموسيقي هي ليست وسيلة الوصول الوحيدة، فالمعهد يقول الخياري" بحالوا بحال الطوبيس يحطك في بلاكة وتكمل على رجليك.فشاب أو طالب المعهد لابد له ان يتمم مشواره بأي طريقة ولو بالمعاناة، فنحن مثلا دخلنا المعاهد ودور الشباب وإلتحقنا بفرق كانت توب في زمننا كفرقة البدوي وفرقة الطيب الصديقي والحمد لله هناك من وصل وهناك من حصل.
وإذا كان الإنسان تيخرج الزكاة على المال وعلى الزرع والذهب كذلك فالفنان لابد له أن يخرج الزكاة على نجوميته، فزكاة علمك تعليم غيرك".
أما بخصوص المسؤولية فيضيف الفنان الخياري، بأنها مسؤولية الجميع ، ولكي نخرج من هذه الأزمة الثقافية يجب تحسين وضعية الفنان والإكثار من المعاهد لتشجيع الطاقات الشابة والواعدة، تيقول المثل "شوية من الحنة وشوية من رطوبية اللدين"،
الأربعاء، 31 أكتوبر 2007
الباعة المتجولون يحتلون الشوارع العمومية بمدينة الدار البيضاء
يعتبر إحلال الباعة المتجولون للشوارع العمومية بعدد من شوارع البيضاء إشكال أصبح يؤرق السلطة و المواطنين القاطنين بهذه الأحياء، سواء كان ذلك بحي البرنوصي، أو حي سيدي مومن، وغيرها من الأحياء الشعبية الأخرى التي أصبح الإزدحام هو سمتها خاصة في أيام نهاية الأسبوع ، وكذا في المناسبات والأعياد.
هذا وقد خلفت هذه الظاهرة موجة إستنكارشديدة خاصة في صفوف الساكنة، وسائقي السيارات، الذين يصفون هذا العمل بالغير منظم نظرا لما يحدثه من عرقلة لحركة السير وما يخلفه من حوادث خطيرة، دون إهمال المشاجرات التي تكون بشكل مكثف بين الباعة المتجولين، والتي لا تأخد بعين الإعتبار لا المارة ولا السيارات، الشئ الذي يسئ لسمعة الحي ويشوهها .صحيح أن هذا المجال هو يحظى بإقبال شعبي كثيف نظرا لكونه يناسب الدخل المحدود للشريحة المتوسطة في المغرب، ولكن بحسب المواطنين فسلبياته تبقى أكثر من إيجابياته، فهؤلاء الباعة لا يترددون في تأثيث الشارع بمعروضاتهم من أدوات منزلية وأثاث وغيره وكأن الأمر مرخص له من طرف السلطات المحلية.
الأمر الذي يستدعي الوقوف وقفة متأنية أمام هذه المشكلة الإجتماعية التي خلقتها قلة فرص الشغل، وزيادة نسبة الفقر في المجتمع المغربي، إضافة إلى عدم تخصيص الدولة اماكن للممارسة التجارة تكون خاضعة لقانون ينظم مهنة الباعة المتجولين من خلال أسواق نموذجية تشجع البيع والشراء وتحقق إنتعاشا إقتصاديا وتقي الناس شرهذه الفوضى، فالقطاع هو غير منظم بتاتا، ويحتاج إلى تضافر الجهود للنهوض به، فهذه الظاهرة لن تحل مادامت آفة البطالة في تزايد ومادام الشباب المغربي يجتهد لينال الشهادات وبعد ذلك يجد نفسه في الشارع يتعرض لسب والشتم والضرب من طرف رجال الأمن، وهو لا يفعل شيئا غير أنه يصطاد قوت يومه وهو خائف من أن تنتزع منه سلعته بين الفينة والأخرى لأن في هذا المجال لا لاأحد يضمن العواقب مادام هذا التسيب لم يضع له حدا يقي هؤلاء مر البطالة، فإن هذه الظاهرة ستتفشى وستزيد معاناة ساكنة البيضاء.
يعتبر إحلال الباعة المتجولون للشوارع العمومية بعدد من شوارع البيضاء إشكال أصبح يؤرق السلطة و المواطنين القاطنين بهذه الأحياء، سواء كان ذلك بحي البرنوصي، أو حي سيدي مومن، وغيرها من الأحياء الشعبية الأخرى التي أصبح الإزدحام هو سمتها خاصة في أيام نهاية الأسبوع ، وكذا في المناسبات والأعياد.
هذا وقد خلفت هذه الظاهرة موجة إستنكارشديدة خاصة في صفوف الساكنة، وسائقي السيارات، الذين يصفون هذا العمل بالغير منظم نظرا لما يحدثه من عرقلة لحركة السير وما يخلفه من حوادث خطيرة، دون إهمال المشاجرات التي تكون بشكل مكثف بين الباعة المتجولين، والتي لا تأخد بعين الإعتبار لا المارة ولا السيارات، الشئ الذي يسئ لسمعة الحي ويشوهها .صحيح أن هذا المجال هو يحظى بإقبال شعبي كثيف نظرا لكونه يناسب الدخل المحدود للشريحة المتوسطة في المغرب، ولكن بحسب المواطنين فسلبياته تبقى أكثر من إيجابياته، فهؤلاء الباعة لا يترددون في تأثيث الشارع بمعروضاتهم من أدوات منزلية وأثاث وغيره وكأن الأمر مرخص له من طرف السلطات المحلية.
الأمر الذي يستدعي الوقوف وقفة متأنية أمام هذه المشكلة الإجتماعية التي خلقتها قلة فرص الشغل، وزيادة نسبة الفقر في المجتمع المغربي، إضافة إلى عدم تخصيص الدولة اماكن للممارسة التجارة تكون خاضعة لقانون ينظم مهنة الباعة المتجولين من خلال أسواق نموذجية تشجع البيع والشراء وتحقق إنتعاشا إقتصاديا وتقي الناس شرهذه الفوضى، فالقطاع هو غير منظم بتاتا، ويحتاج إلى تضافر الجهود للنهوض به، فهذه الظاهرة لن تحل مادامت آفة البطالة في تزايد ومادام الشباب المغربي يجتهد لينال الشهادات وبعد ذلك يجد نفسه في الشارع يتعرض لسب والشتم والضرب من طرف رجال الأمن، وهو لا يفعل شيئا غير أنه يصطاد قوت يومه وهو خائف من أن تنتزع منه سلعته بين الفينة والأخرى لأن في هذا المجال لا لاأحد يضمن العواقب مادام هذا التسيب لم يضع له حدا يقي هؤلاء مر البطالة، فإن هذه الظاهرة ستتفشى وستزيد معاناة ساكنة البيضاء.
تقاعد أم تعاقد مع الموت البطيء
المتقاعدون بين نيران المعاش الهزيل والإحباط النفسي والفراغ القاتل
تعتبر مرحلة التقاعد من أهم المراحل وأصعبها على حياة الإنسان، ففي هذه المرحلة يشعر الإنسان بأنه يحتاج إلى قسط من الراحة ، يعوضه عن سنوات التعب التي قضاها وهو يكد من أجل ضمان قوت يومه، وفي نفس الوقت غير راضي لأن قدرته العطائية تقلصت لدرجة أصبح يشعر معها بالعجز، عجز تزداد حدته، بالمعاشات الهزيلة التي يتقاضاها جل المتقاعدين، والتي تعمق الشعور بالحيف والتهميش.
لهذا فموضوع التقاعد بشكل عام هو يحتاج إلى وقفة متأنية، لأنه يمس شريحة مهمة داخل المجتمع المغربي، فهو من أشد المواضيع حساسية لأن تأثيراته تمس الجانب المادي والمعنوي، وتخلف مشاكل جمة خاصة على الصعيد الإقتصادي، والإجتماعي والنفسي. وهذا ما سنحاول ملامسته:
إن شريحة واسعة من المتقاعدين يصنفون ضمن الطبقات الفقيرة، أو ما يعرف بحسب المصطلحات المتعارف عليها بالطبقات الكادحة، بحيث يتقاضون معاشا في الغالب لا تتعدى قيمته 750 درهما شهريا، فجل المعاشات هي هزيلة جدا، ولا تضمن العيش الكريم لهؤلاء ولا تحفظ ماء وجههم أمام أفراد الأسرة، إلا من رحم ربي، فالمتقاعدين من كبار السن هم في تزايد ملفت ، صحيح أن مجتمعنا تغلب عليه الفئة الشابة، ولكن هذا لا يمنع من أنه مهدد كغيره من الدول بشبح شيخوخة هرمه السكاني.
وإذا كانت الفئة الأولى تعاني في صمت فإننا نجد بأن الفئة المتوسطة، من المتقاعدين، يوصف معاشهم بالمتوسط، وبالكاد يساعدهم على تلبية حاجياتهم الضرورية، أما الفئة الثالثة التي تتلقى معاشا مريحا يمكنها من إستثماره في مشاريع مربحة، فهي قليلة، بحيث أن معاشها يصل إلى 10 آلاف درهم إلى ما فوق شهريا ،الأمر الذي يخلق نوع من الطبقية الخفية تفسر الوضعية الصعبة التي تعيشها هذه الشريحة المنسية ، التي قضت حياتها في العمل في مختلف القطاعات، هناك من ساعفهم الحظ وإستطاعو التأقلم مع الوضع الجديد، وهم يعيشون في سعادة مع أحفادهم ، وهناك من يندبون حظهم العكر وينتظرون الموت بفارغ الصبر لأنهم فقدوا الأمل في تحسين أوضاعهم المادية والصحية، فبالرغم من أن اتحاد جمعيات المتقاعدين وكبار السن بالمغرب، قدم للحكومات المتعاقبة ملفات مطلبية، من أجل تسوية الأوضاع المالية والمعنوية، لهذه الفئة، إلا أن هذه الطلبات والمراسلات ظلت دون جواب يذكر.
وفي هذا السياق أكد محمد إدريس بن أحمد المدير العام للصندوق المغربي للتقاعد أن نظام المعاشات المدنية، مهدد بالتدهور في أفق 2012 إذ ستفوق نفقاته مداخيله مما ينذر بآفة إجتماعية خطيرة، إذا لم تتدخل الدولة وتتخد الإجراءات اللازمة ، كما أوضح بأن العامل الديمغرافي عرف إنخفاضا مستمرا حيث إنتقل من 12 منخرط مقابل متقاعد واحد سنة 1983 إلى 3,62منخرطين مقابل متقاعد واحد سنة 2005 متوقعا أن تنخفض هذه السنة إلى 1,25 منخرط لكل متقاعد في أفق 2020، ونشير بأن مصالح الصندوق المغربي للتقاعد أنجزت خلال سنة 2005 حصيلة إستباقية لتوقع العجز قبل حصوله وأفادت الدراسة أن موارد الصندوق لن تكفي لتغطية النفقات المرتقبة في المستقبل، وحتى يتمكن من الوفاء بإلتزماته عليه البحث عن موارد إضافية.
وبالإضافة إلى المشاكل المالية التي يتخبط فيها جل المتاقعدين، نجد مشاكل من صنف آخر، كالمشاكل الصحية، فأغلبهم يعاني من أمراض مزمنة تجعل المتقاعد أكثر احتياجا لزيارة الطبيب بصفة مستمرة كالسكري والروماتيزم، الربو وبالتالي المعاش الذي يتقاضوه لا يكفل لهم مصاريف العلاج، إضافة إلى كونهم لا يستفيدون من التغطية الصحية ، الأمر الذي أثر بشكل سلبي على نفسية المتقاعد المغربي الذي يعيش بين نار الإقصاء والتهميش، ومشاعر التذمر من الوضع المؤسف الذي آل إليه، ونار خيبة الأمل لتفرقة الحاصلة، والتفاضل بين المتقاعدين، فمتقاعدين أصناف وأشكال هناك من يتقاضون معاشات مهمة، وهذه الأخيرة لا تبالي بالإنخراط في جمعيات المتقاعدين للدفاع عن حقوقهم، ومنهم مكن أصبح على على أسرته بعدما كان هو المعيل،من جهة ثانية نجد بأنه في الأحياء الشعبية، تكثر ظاهرة لعب " الكارطا" أو الضاما واللاعبون من كبار السن ، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل هل مصير كل متقاعد هو العودة إلى مرحلة الطفولة، بعدما كان يجري مع الأصدقاء هو الآن يكرر نفس المشهد ولكن هذه المرة في شكل حلقات، في الأزقة والدروب الشعبية، تضييعا للوقت وتكسيرا للروتين وهربا من جحيم المشاكل المنزلية، فللأسف المغرب لا يتوفر على نوادي خاصة بالمتقاعدين، أو فضاءات للقاء وتجادب أطراف الحديث، يلتقون فيها للنقاش وتقاسم الهموم والمشاكل، تساهم بشكل كبير في الحفاظ على كرامة المتقاعد وتقيه شر الجلوس في الشوارع والفضاءات العمومية، في منظر مخجل، وهم يقتلون الوقت في لعب الكارطة أو الضامة، وفي هذا الصدد توصل أستاذ الطب النفسي بمركز الدراسات الأسرة بجامعة روك بأمريكا، إلى أن الفرد عندما يتوقف عن العمل فإن كميات الطاقة الكبيرة التي كان يبذلها يوميا تتعطل ولا تجد مخرجا لها وهي في الوقت نفسه لا تتوارى، فإذا عجز الإنسان عن إستثمار هذه الطاقة المعطلة، فإن ذلك سيؤدي إلى إضطربات عصبية ونفسية وكذلك إلى خلافات إجتماعية جمة، كما تحصل إضطربات عاطفية، تجعل الفرد المتقاعد يشعر بعدم الفائدة ، و في المقابل نجد بعض المتقاعدين والمحالين على المعاش، يعيشون حياة سعيدة بحيث يقومون بأنشطة تمكنهم من تجديد حياتهم بصفة دائمة ويفعلون كل ما يروق لهم في حدود قدراتهم العضلية والجسدية.
فالمرء جرى تطبيعه اجتماعيا ولسنوات عدة على سلوك يومي متكرر، فكيف يكون التخلي الفجائي عنه، إنه لن يتكيف مع الأمر بسهولة، و الزوجة بدورها لن تسعفها الظروف مباشرة للتكيف مع مكوث الزوج بالبيت، وهي التي تعودت لمسافة زمنية ليست بالقصيرة على امتلاكها الكلي للفضاء، وهو اليوم صار بجانبها لا يبرح البيت إلا قليلا، وحتى وإن خرج، فهو لن يتجاوز حدود "الحومة" برفقة آل الضامة والكارطة، فهو حاضر في نفس المجال الذي تعتبره الزوجة مملكتها التي لا تقبل أن يشاركها في تسييرها أي إنسان حتى ولو كان زوجها.
من هنا تنطلق شرارة المشاكل النفسية والاجتماعية، ويصير الاندماج المعطوب أفقا محتملا لكثير من المتقاعدين، الذين ينتمون أساسا إلى السلاليم الدنيا والمتوسطة، فالقبول الإجتماعي بوضعية المتقاعد يشوبه نوع من الغموض فإنسان يسعى من أجل الراحة، ولكن في نفس الوقت يتشبت ويقدس العمل مهما كان بسيطا، كذلك إذا كان يظهر لنا أن هذه الظاهرة تبدوا عادية في عيون أفراد المجتمع، فإن الإنسان بمجرد ما يصل إلى هذه المرحلة، يتذكر مرحلة الشيخوخة، ويتأزم نفسيا لأن هذه المرحلة لا تشبه غيرها من المراحل التي مرة بها فهي مفتوحة على نهايات غير مقبولة إجتماعيا.
أما الذين يختارون توديع الإدارة لأسباب موضوعية وذاتية، فغالبا ما يكون العامل إما صحيا أو من أجل التفرغ للعائلة، وإما إستثماريا، فالصورة النمطية التي ترسخت في الوعي المجتمعي عن المتقاعدين، تؤكد على صعوبة إندماج هذه الفئة وتأقلمها مع الوضع الجديد، فالمتقاعد ينظر إليه كشخص انتهت صلاحيته وإنتاجيته، بعدما لم يعد له منصب مالي في الإدارة، التي كان يعمل بها، بل إن التقاعد يؤشر في كثير من الأحيان على كل ما هو سلبي، فالتقاعد، يدل مغربيا على اللاجدوى والهشاشة وعدم الفعالية والإنتاجية، لهذا لا تبعث مرحلة التقاعد عموما على الارتياح، وذلك راجع بحسب المحللين الإجتماعيين إلى أسباب كثيرة ، يتداخل في صوغها الإداري والثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي، فمن الناحية الإدارية، ما زال نظام التقاعد، بالرغم من كل الإصلاحات، التي عرفها، ما زال دون المأمول والمقبول، كما أن الإدارة المغربية لا تعمل لحد الآن بمنطق التحفيز وهندسة الكفايات والموارد البشرية، فهي تلفظ المحالين على التقاعد دون أن تنتبه لهم أو تكافئهم على سنوات عمرهم، التي أفنوها في خدمة الإدارة، بل إنها لا تكلف نفسها عناء تدبيرملفاتهم المالية في أقرب مدة ممكنة، وهو ما ينتج عنه جملة من الأعطاب الإجتماعية، كذلك ماهو إجتماعي ، فالقبول المجتمعي بالمتقاعد في كثير من الأسر المغربية يظل محدودا، ذلك أن التقاعد يعني، فيما يعنيه، نهاية مشواره العملي وهذا يقود مباشرة إلى إختلالات بنيوية على مستوى الأسرة وآليات تدبير اليومي، كذلك المتقاعد يشعر بالإحباط لما يرى أن شبح البطالة يطارد الطاقة الشابة ببلاد فبالأحرى هو الذي فاق سنه 65.
المتقاعدون بين نيران المعاش الهزيل والإحباط النفسي والفراغ القاتل
تعتبر مرحلة التقاعد من أهم المراحل وأصعبها على حياة الإنسان، ففي هذه المرحلة يشعر الإنسان بأنه يحتاج إلى قسط من الراحة ، يعوضه عن سنوات التعب التي قضاها وهو يكد من أجل ضمان قوت يومه، وفي نفس الوقت غير راضي لأن قدرته العطائية تقلصت لدرجة أصبح يشعر معها بالعجز، عجز تزداد حدته، بالمعاشات الهزيلة التي يتقاضاها جل المتقاعدين، والتي تعمق الشعور بالحيف والتهميش.
لهذا فموضوع التقاعد بشكل عام هو يحتاج إلى وقفة متأنية، لأنه يمس شريحة مهمة داخل المجتمع المغربي، فهو من أشد المواضيع حساسية لأن تأثيراته تمس الجانب المادي والمعنوي، وتخلف مشاكل جمة خاصة على الصعيد الإقتصادي، والإجتماعي والنفسي. وهذا ما سنحاول ملامسته:
إن شريحة واسعة من المتقاعدين يصنفون ضمن الطبقات الفقيرة، أو ما يعرف بحسب المصطلحات المتعارف عليها بالطبقات الكادحة، بحيث يتقاضون معاشا في الغالب لا تتعدى قيمته 750 درهما شهريا، فجل المعاشات هي هزيلة جدا، ولا تضمن العيش الكريم لهؤلاء ولا تحفظ ماء وجههم أمام أفراد الأسرة، إلا من رحم ربي، فالمتقاعدين من كبار السن هم في تزايد ملفت ، صحيح أن مجتمعنا تغلب عليه الفئة الشابة، ولكن هذا لا يمنع من أنه مهدد كغيره من الدول بشبح شيخوخة هرمه السكاني.
وإذا كانت الفئة الأولى تعاني في صمت فإننا نجد بأن الفئة المتوسطة، من المتقاعدين، يوصف معاشهم بالمتوسط، وبالكاد يساعدهم على تلبية حاجياتهم الضرورية، أما الفئة الثالثة التي تتلقى معاشا مريحا يمكنها من إستثماره في مشاريع مربحة، فهي قليلة، بحيث أن معاشها يصل إلى 10 آلاف درهم إلى ما فوق شهريا ،الأمر الذي يخلق نوع من الطبقية الخفية تفسر الوضعية الصعبة التي تعيشها هذه الشريحة المنسية ، التي قضت حياتها في العمل في مختلف القطاعات، هناك من ساعفهم الحظ وإستطاعو التأقلم مع الوضع الجديد، وهم يعيشون في سعادة مع أحفادهم ، وهناك من يندبون حظهم العكر وينتظرون الموت بفارغ الصبر لأنهم فقدوا الأمل في تحسين أوضاعهم المادية والصحية، فبالرغم من أن اتحاد جمعيات المتقاعدين وكبار السن بالمغرب، قدم للحكومات المتعاقبة ملفات مطلبية، من أجل تسوية الأوضاع المالية والمعنوية، لهذه الفئة، إلا أن هذه الطلبات والمراسلات ظلت دون جواب يذكر.
وفي هذا السياق أكد محمد إدريس بن أحمد المدير العام للصندوق المغربي للتقاعد أن نظام المعاشات المدنية، مهدد بالتدهور في أفق 2012 إذ ستفوق نفقاته مداخيله مما ينذر بآفة إجتماعية خطيرة، إذا لم تتدخل الدولة وتتخد الإجراءات اللازمة ، كما أوضح بأن العامل الديمغرافي عرف إنخفاضا مستمرا حيث إنتقل من 12 منخرط مقابل متقاعد واحد سنة 1983 إلى 3,62منخرطين مقابل متقاعد واحد سنة 2005 متوقعا أن تنخفض هذه السنة إلى 1,25 منخرط لكل متقاعد في أفق 2020، ونشير بأن مصالح الصندوق المغربي للتقاعد أنجزت خلال سنة 2005 حصيلة إستباقية لتوقع العجز قبل حصوله وأفادت الدراسة أن موارد الصندوق لن تكفي لتغطية النفقات المرتقبة في المستقبل، وحتى يتمكن من الوفاء بإلتزماته عليه البحث عن موارد إضافية.
وبالإضافة إلى المشاكل المالية التي يتخبط فيها جل المتاقعدين، نجد مشاكل من صنف آخر، كالمشاكل الصحية، فأغلبهم يعاني من أمراض مزمنة تجعل المتقاعد أكثر احتياجا لزيارة الطبيب بصفة مستمرة كالسكري والروماتيزم، الربو وبالتالي المعاش الذي يتقاضوه لا يكفل لهم مصاريف العلاج، إضافة إلى كونهم لا يستفيدون من التغطية الصحية ، الأمر الذي أثر بشكل سلبي على نفسية المتقاعد المغربي الذي يعيش بين نار الإقصاء والتهميش، ومشاعر التذمر من الوضع المؤسف الذي آل إليه، ونار خيبة الأمل لتفرقة الحاصلة، والتفاضل بين المتقاعدين، فمتقاعدين أصناف وأشكال هناك من يتقاضون معاشات مهمة، وهذه الأخيرة لا تبالي بالإنخراط في جمعيات المتقاعدين للدفاع عن حقوقهم، ومنهم مكن أصبح على على أسرته بعدما كان هو المعيل،من جهة ثانية نجد بأنه في الأحياء الشعبية، تكثر ظاهرة لعب " الكارطا" أو الضاما واللاعبون من كبار السن ، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل هل مصير كل متقاعد هو العودة إلى مرحلة الطفولة، بعدما كان يجري مع الأصدقاء هو الآن يكرر نفس المشهد ولكن هذه المرة في شكل حلقات، في الأزقة والدروب الشعبية، تضييعا للوقت وتكسيرا للروتين وهربا من جحيم المشاكل المنزلية، فللأسف المغرب لا يتوفر على نوادي خاصة بالمتقاعدين، أو فضاءات للقاء وتجادب أطراف الحديث، يلتقون فيها للنقاش وتقاسم الهموم والمشاكل، تساهم بشكل كبير في الحفاظ على كرامة المتقاعد وتقيه شر الجلوس في الشوارع والفضاءات العمومية، في منظر مخجل، وهم يقتلون الوقت في لعب الكارطة أو الضامة، وفي هذا الصدد توصل أستاذ الطب النفسي بمركز الدراسات الأسرة بجامعة روك بأمريكا، إلى أن الفرد عندما يتوقف عن العمل فإن كميات الطاقة الكبيرة التي كان يبذلها يوميا تتعطل ولا تجد مخرجا لها وهي في الوقت نفسه لا تتوارى، فإذا عجز الإنسان عن إستثمار هذه الطاقة المعطلة، فإن ذلك سيؤدي إلى إضطربات عصبية ونفسية وكذلك إلى خلافات إجتماعية جمة، كما تحصل إضطربات عاطفية، تجعل الفرد المتقاعد يشعر بعدم الفائدة ، و في المقابل نجد بعض المتقاعدين والمحالين على المعاش، يعيشون حياة سعيدة بحيث يقومون بأنشطة تمكنهم من تجديد حياتهم بصفة دائمة ويفعلون كل ما يروق لهم في حدود قدراتهم العضلية والجسدية.
فالمرء جرى تطبيعه اجتماعيا ولسنوات عدة على سلوك يومي متكرر، فكيف يكون التخلي الفجائي عنه، إنه لن يتكيف مع الأمر بسهولة، و الزوجة بدورها لن تسعفها الظروف مباشرة للتكيف مع مكوث الزوج بالبيت، وهي التي تعودت لمسافة زمنية ليست بالقصيرة على امتلاكها الكلي للفضاء، وهو اليوم صار بجانبها لا يبرح البيت إلا قليلا، وحتى وإن خرج، فهو لن يتجاوز حدود "الحومة" برفقة آل الضامة والكارطة، فهو حاضر في نفس المجال الذي تعتبره الزوجة مملكتها التي لا تقبل أن يشاركها في تسييرها أي إنسان حتى ولو كان زوجها.
من هنا تنطلق شرارة المشاكل النفسية والاجتماعية، ويصير الاندماج المعطوب أفقا محتملا لكثير من المتقاعدين، الذين ينتمون أساسا إلى السلاليم الدنيا والمتوسطة، فالقبول الإجتماعي بوضعية المتقاعد يشوبه نوع من الغموض فإنسان يسعى من أجل الراحة، ولكن في نفس الوقت يتشبت ويقدس العمل مهما كان بسيطا، كذلك إذا كان يظهر لنا أن هذه الظاهرة تبدوا عادية في عيون أفراد المجتمع، فإن الإنسان بمجرد ما يصل إلى هذه المرحلة، يتذكر مرحلة الشيخوخة، ويتأزم نفسيا لأن هذه المرحلة لا تشبه غيرها من المراحل التي مرة بها فهي مفتوحة على نهايات غير مقبولة إجتماعيا.
أما الذين يختارون توديع الإدارة لأسباب موضوعية وذاتية، فغالبا ما يكون العامل إما صحيا أو من أجل التفرغ للعائلة، وإما إستثماريا، فالصورة النمطية التي ترسخت في الوعي المجتمعي عن المتقاعدين، تؤكد على صعوبة إندماج هذه الفئة وتأقلمها مع الوضع الجديد، فالمتقاعد ينظر إليه كشخص انتهت صلاحيته وإنتاجيته، بعدما لم يعد له منصب مالي في الإدارة، التي كان يعمل بها، بل إن التقاعد يؤشر في كثير من الأحيان على كل ما هو سلبي، فالتقاعد، يدل مغربيا على اللاجدوى والهشاشة وعدم الفعالية والإنتاجية، لهذا لا تبعث مرحلة التقاعد عموما على الارتياح، وذلك راجع بحسب المحللين الإجتماعيين إلى أسباب كثيرة ، يتداخل في صوغها الإداري والثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي، فمن الناحية الإدارية، ما زال نظام التقاعد، بالرغم من كل الإصلاحات، التي عرفها، ما زال دون المأمول والمقبول، كما أن الإدارة المغربية لا تعمل لحد الآن بمنطق التحفيز وهندسة الكفايات والموارد البشرية، فهي تلفظ المحالين على التقاعد دون أن تنتبه لهم أو تكافئهم على سنوات عمرهم، التي أفنوها في خدمة الإدارة، بل إنها لا تكلف نفسها عناء تدبيرملفاتهم المالية في أقرب مدة ممكنة، وهو ما ينتج عنه جملة من الأعطاب الإجتماعية، كذلك ماهو إجتماعي ، فالقبول المجتمعي بالمتقاعد في كثير من الأسر المغربية يظل محدودا، ذلك أن التقاعد يعني، فيما يعنيه، نهاية مشواره العملي وهذا يقود مباشرة إلى إختلالات بنيوية على مستوى الأسرة وآليات تدبير اليومي، كذلك المتقاعد يشعر بالإحباط لما يرى أن شبح البطالة يطارد الطاقة الشابة ببلاد فبالأحرى هو الذي فاق سنه 65.
الاثنين، 15 أكتوبر 2007
الفضاءات الترفيهية بالمدينة الإقتصادية، طالها الإهمال والتهميش
حدائق الدارالبيضاء تحتضر
بعد أداء صلاة عيد الفطر، وزيارة الأقارب والأحباب تعمد غالبية الأسر المغربية إلى الترفيه عن أبنائها بإرتياد حدائق عمومية للألعاب أو للحيوانات لتكسيرالروتين وللتنفيس عن أطفالها.
غير أن الملفت في الأمر هو أن أغلب الحدائق طالها الإهمال أو بالأحرى النسيان من قبل المسؤولين، فلا حديقة عين السبع أو ياسمينة أو لارميتاج أو سندباد ...أصبحت تلبي متطلبات ساكنة المدينة نظرا للتآكل الذي تعرضت له أغلب ألعابها.
*****
تعتبر مدينة الدار البيضاء من المدن المغربية التي تعرف كثافة سكانية مهمة بسبب الهجرة الداخلية نظرا لكونها قطبا إقتصاديا بإمتياز، وفي ظل الإهتمام المتنامي بمجال الإسكان والتعمير، فإنه لم يعد هناك مجال لخلق فضاءات خضراء ومنتزهات ترفيهية، تسلي أبناء المواطنين بعد أسبوع شاق من العمل، بإستثناء حدائق طالها الإهمال وأصبحت مهجورة، إما نظرا لبعدها أو لعدم إيلاء الإهتمام بها.
إذا كان أولاد الأغنياء تسنح لهم أموالهم بالتمتع بأحلى الأوقات في ما كدونالدز أو غيرها من أماكن الترفيه فإن أبناء الطبقة الكادحة لا يساعفهم الحظ إلا في التوجه قبلة أقرب حديقة ، توجد بضواحي سكناهم ، وسأعطي مثالا حديقة عين السبع ، هذه الأخيرة التي قمت بزيارتها وشاهدت بأم عيني ما آلت إليه، وهي التي كانت منذ زمن في رعيان حيويتها وتألقها هي الآن تحتضر وغيرها كثير، فلا حديقة الألعاب ولا حديقة الحيوان أمرهما يفرح فهم سيان.
شحوب وذبول وذباب وروائح كريهة تزكم الأنوف وأشجارفقدت بريقها بسبب الثلوت ،أزبال وأوساخ متناثرة هنا وهناك، ألعاب تآكلت، حيوانات شاخت وهي تتجرع مرارة الجوع والحرمان من أبسط الحقوق وهو الحق في النظافة، برك ملوثة مليئة بالحشرات ، فبمجرد أن تفكر في خوض غمار تجربة الدخول للتنزه ولمداعبة الحيوانات الأليفة أو مشاكسة الحيوانات الشرسة . فإنك ستصطدم برائحة مقرفة تجعلك تعود للخلف بدل التقدم للأمام.
تقول إحدى المواطنات المتدمرات من الوضع " والله حتى حشومة عليهم ، واش عباد الله الماء ماكينش في البلاد، أنا بعد آخر مرة نرجع لهاذ المكان المقزز، أنا عد بالي جايا نرفه على راسي وعلى وليداتي ساعة صدقت مريضة في صحتي.
تضيف أخرى ، " هذا هو المكان الوحيد الذي أقصده كل نهاية أسبوع لتمضية بعض الوقت مع الأطفال خارج أسوار المنزل، فبالرغم من كوني غير راضية على الوضع الذي تعيشه الحديقة ولكن الله غالب، فأنا أشتغل بالحي الصناعي، وراتبي لا يسعفني في تحمل مصاريف التنقل إلى حدائق أخرى كسندباد مثلا."
فقد أصبح آباء وأولياء الأطفال يشعرون بتدمر شديد في الخصاص الذي تعاني منه أحياؤهم من قلة الفضاءات الخضراء واالأماكن الترفيهية ، التي وبالرغم من التزايد الذي تعرفه المدينة في عدد سكانها خاصة بفعل الهجرة الداخلية فإننا نجد بأن الدولة لا تخطط لإحداث فضاءات خاصة بالأطفال تمكنهم من اللعب أوقات الفراغ وأيام العطل بإستثناء حدائق تعد على رؤوس الأصابع واوضاعها لا تبشر بالخير نظرا لعدم الإهتمام بها .
تحكي إحدى الوظفات،" في الدار البيضاء نسجل تقهقر وضعف تجهيز الحدائق وعدم الإهتمام بالمواقع الترفيهية التي أصبحت شبه مهجورة مثلا سندباد كان تيتضرب بيه المثل ولكن اليوم أغلب ألعابه لم تعد صالحة للإشتغال ، إضافة إلى أنه في أيام العيد يكون هناك إكتظاظ على نفس اللعبة مما يفسح المجال للمشادات الكلامية بين الزوار وقد تنقلب إلى شجار حقيقي، غير أن ما أريد الإشارة إليه هو أن هناك تمييز طبقي فيما يخص هذه الناحية، ففي الوقت الذي نجد فيه الطبقات الغنية توفر لأبنائها وسائل الترفيه التي تجعلهم أكثر نشاطا ، بالمقابل نجد الطبقات الفقيرة أبناؤها تلعب في أزقة والدروب وبالتالي يصبحوا عرضة للإنحراف وللفساد الأخلاقي، فعلى مسؤولي الجماعات المحلية ومجلس المدينة أن يهتموا قليلا بهذه الفضاءات" .
أما أحد الآباء الساخطين على الوضع فيقول" أنا ماعنديش فين ندي بنتي لأنه ببساطة ليست هناك فضاءات مناسبة ، كاين سندباد ولكن بعيدعلي، كذلك الأثمنة غالية في الحدائق المجهزة."
ففي خضم هذا الوضع المحرج الذي تتخبط فيه اغلب الحدائق بالبيضاء، من غياب للصيانة والنظافة و الحراسة بحيث أصبحنا نرى أن هذه الحدائق أضحت قبلة للعاشقين الذين وجدوا في جنباتها مرتعا خصبا للإختلاء، إضافة إلى أن المنحرفين ومدمني المخدرات أصبحوا يسكنون بزواياها مع الكلاب الظالة.
يجعل من الجماعات المحلية و مجلس مدينة الدار البيضاء يتحملان المسؤولية، لانه لم يقم بوظيفته على أحسن وجه، بحيث حراس هذه الحدائق والعاملون على النظافة يعانون من وضع صعب بحيث لا تتجاوز رواتبهم 1000حتى 1500 درهم ، الأمر الذي يفسر عدم الإهتمام بنظافة الحدائق إلا من رحم ربي.
فأين مجلس المدينة من هذا الكلام ؟ وماهو دور المسؤولين الذين تعاقبوا على تسيير وإدارة مدينة الدارالبيضاء؟ في العناية بهذه الفضاءات التي تشكل قطبا حيويا للتسلية والترفيه عن أطفالنا، الذي يعتبرالحق في اللعب من الحقوق التي يكفلها لهم الميثاق الدولي لحقوق الإنسان
أين هي الدولة ؟ التي لا تولي على ما يبدوا ضمن مخططاتها الإهتمام بالمجال الترفيهي ، المتمثل في توفير فضاءات خضراء لساكنة البيضاء الذين خنق التلوث أنفاسهم...، لماذا لا تشجع الدولة الإستثمار في هذا المجال؟ فمثلا نجد أن دولا شقيقة قد سبقتنا في هذا المجال كديزني لاند في فرنسا، الذي يحقق أرباحا خيالية.
نشيرإلا أنه خلال أيام الأعياد والعطل تنشط أمام هذه الفضاءات ظاهرة الباعة المتجولين الذين يقتنصون الفرص للربح المادي .
*******
في تصريح لجريدة المستقل، عمارحمداش يؤكد: الفضاءات المشتركة تغيب بقوة من المجالات الحضرية المغربية.
يمكن القول بداية أن الفضاء العام هو ما يميز بشكل كبير الإطار الحضري للحياة، الفضاء العام بما هو مجال للإستقبال والإتصال والترفيه أو التعبير، عن الإحتفالات بما يرتبط بشؤون الحياة الحضرية ولكن للأسف مثل هذه وذلك راجع إلى كون هذه المجالات الحضرية قد صارت مجالات للإستقرارالسكني أكثر منها لتصريف قيم الحياة الحضرية.
لأن الحياة الحضرية دون عيش ملائم ودون مواصفات البيئة الحضرية الحقة لا يمكنها أن تشكل تلك الصفة إلا بإحتضان هذه الفضاءات المشتركة والعامة التي يمكن أن تشكل ليس فقط متنفسا لإستقبال الكبار والصغار، وإنما أساسا إطارا لتنشئة على قيم الجمال والتربية على المواطنة والسلوك النظامي والجماعي المتوافق مع المعايير النظامية والقانونية،فهذه الفضاءات لها دور مهم في التأطير والتوجيه والتربية، إضافة إلى الوظائف المباشرة من ترفيه عن النفس والتربية على العيش المشترك.
حدائق الدارالبيضاء تحتضر
بعد أداء صلاة عيد الفطر، وزيارة الأقارب والأحباب تعمد غالبية الأسر المغربية إلى الترفيه عن أبنائها بإرتياد حدائق عمومية للألعاب أو للحيوانات لتكسيرالروتين وللتنفيس عن أطفالها.
غير أن الملفت في الأمر هو أن أغلب الحدائق طالها الإهمال أو بالأحرى النسيان من قبل المسؤولين، فلا حديقة عين السبع أو ياسمينة أو لارميتاج أو سندباد ...أصبحت تلبي متطلبات ساكنة المدينة نظرا للتآكل الذي تعرضت له أغلب ألعابها.
*****
تعتبر مدينة الدار البيضاء من المدن المغربية التي تعرف كثافة سكانية مهمة بسبب الهجرة الداخلية نظرا لكونها قطبا إقتصاديا بإمتياز، وفي ظل الإهتمام المتنامي بمجال الإسكان والتعمير، فإنه لم يعد هناك مجال لخلق فضاءات خضراء ومنتزهات ترفيهية، تسلي أبناء المواطنين بعد أسبوع شاق من العمل، بإستثناء حدائق طالها الإهمال وأصبحت مهجورة، إما نظرا لبعدها أو لعدم إيلاء الإهتمام بها.
إذا كان أولاد الأغنياء تسنح لهم أموالهم بالتمتع بأحلى الأوقات في ما كدونالدز أو غيرها من أماكن الترفيه فإن أبناء الطبقة الكادحة لا يساعفهم الحظ إلا في التوجه قبلة أقرب حديقة ، توجد بضواحي سكناهم ، وسأعطي مثالا حديقة عين السبع ، هذه الأخيرة التي قمت بزيارتها وشاهدت بأم عيني ما آلت إليه، وهي التي كانت منذ زمن في رعيان حيويتها وتألقها هي الآن تحتضر وغيرها كثير، فلا حديقة الألعاب ولا حديقة الحيوان أمرهما يفرح فهم سيان.
شحوب وذبول وذباب وروائح كريهة تزكم الأنوف وأشجارفقدت بريقها بسبب الثلوت ،أزبال وأوساخ متناثرة هنا وهناك، ألعاب تآكلت، حيوانات شاخت وهي تتجرع مرارة الجوع والحرمان من أبسط الحقوق وهو الحق في النظافة، برك ملوثة مليئة بالحشرات ، فبمجرد أن تفكر في خوض غمار تجربة الدخول للتنزه ولمداعبة الحيوانات الأليفة أو مشاكسة الحيوانات الشرسة . فإنك ستصطدم برائحة مقرفة تجعلك تعود للخلف بدل التقدم للأمام.
تقول إحدى المواطنات المتدمرات من الوضع " والله حتى حشومة عليهم ، واش عباد الله الماء ماكينش في البلاد، أنا بعد آخر مرة نرجع لهاذ المكان المقزز، أنا عد بالي جايا نرفه على راسي وعلى وليداتي ساعة صدقت مريضة في صحتي.
تضيف أخرى ، " هذا هو المكان الوحيد الذي أقصده كل نهاية أسبوع لتمضية بعض الوقت مع الأطفال خارج أسوار المنزل، فبالرغم من كوني غير راضية على الوضع الذي تعيشه الحديقة ولكن الله غالب، فأنا أشتغل بالحي الصناعي، وراتبي لا يسعفني في تحمل مصاريف التنقل إلى حدائق أخرى كسندباد مثلا."
فقد أصبح آباء وأولياء الأطفال يشعرون بتدمر شديد في الخصاص الذي تعاني منه أحياؤهم من قلة الفضاءات الخضراء واالأماكن الترفيهية ، التي وبالرغم من التزايد الذي تعرفه المدينة في عدد سكانها خاصة بفعل الهجرة الداخلية فإننا نجد بأن الدولة لا تخطط لإحداث فضاءات خاصة بالأطفال تمكنهم من اللعب أوقات الفراغ وأيام العطل بإستثناء حدائق تعد على رؤوس الأصابع واوضاعها لا تبشر بالخير نظرا لعدم الإهتمام بها .
تحكي إحدى الوظفات،" في الدار البيضاء نسجل تقهقر وضعف تجهيز الحدائق وعدم الإهتمام بالمواقع الترفيهية التي أصبحت شبه مهجورة مثلا سندباد كان تيتضرب بيه المثل ولكن اليوم أغلب ألعابه لم تعد صالحة للإشتغال ، إضافة إلى أنه في أيام العيد يكون هناك إكتظاظ على نفس اللعبة مما يفسح المجال للمشادات الكلامية بين الزوار وقد تنقلب إلى شجار حقيقي، غير أن ما أريد الإشارة إليه هو أن هناك تمييز طبقي فيما يخص هذه الناحية، ففي الوقت الذي نجد فيه الطبقات الغنية توفر لأبنائها وسائل الترفيه التي تجعلهم أكثر نشاطا ، بالمقابل نجد الطبقات الفقيرة أبناؤها تلعب في أزقة والدروب وبالتالي يصبحوا عرضة للإنحراف وللفساد الأخلاقي، فعلى مسؤولي الجماعات المحلية ومجلس المدينة أن يهتموا قليلا بهذه الفضاءات" .
أما أحد الآباء الساخطين على الوضع فيقول" أنا ماعنديش فين ندي بنتي لأنه ببساطة ليست هناك فضاءات مناسبة ، كاين سندباد ولكن بعيدعلي، كذلك الأثمنة غالية في الحدائق المجهزة."
ففي خضم هذا الوضع المحرج الذي تتخبط فيه اغلب الحدائق بالبيضاء، من غياب للصيانة والنظافة و الحراسة بحيث أصبحنا نرى أن هذه الحدائق أضحت قبلة للعاشقين الذين وجدوا في جنباتها مرتعا خصبا للإختلاء، إضافة إلى أن المنحرفين ومدمني المخدرات أصبحوا يسكنون بزواياها مع الكلاب الظالة.
يجعل من الجماعات المحلية و مجلس مدينة الدار البيضاء يتحملان المسؤولية، لانه لم يقم بوظيفته على أحسن وجه، بحيث حراس هذه الحدائق والعاملون على النظافة يعانون من وضع صعب بحيث لا تتجاوز رواتبهم 1000حتى 1500 درهم ، الأمر الذي يفسر عدم الإهتمام بنظافة الحدائق إلا من رحم ربي.
فأين مجلس المدينة من هذا الكلام ؟ وماهو دور المسؤولين الذين تعاقبوا على تسيير وإدارة مدينة الدارالبيضاء؟ في العناية بهذه الفضاءات التي تشكل قطبا حيويا للتسلية والترفيه عن أطفالنا، الذي يعتبرالحق في اللعب من الحقوق التي يكفلها لهم الميثاق الدولي لحقوق الإنسان
أين هي الدولة ؟ التي لا تولي على ما يبدوا ضمن مخططاتها الإهتمام بالمجال الترفيهي ، المتمثل في توفير فضاءات خضراء لساكنة البيضاء الذين خنق التلوث أنفاسهم...، لماذا لا تشجع الدولة الإستثمار في هذا المجال؟ فمثلا نجد أن دولا شقيقة قد سبقتنا في هذا المجال كديزني لاند في فرنسا، الذي يحقق أرباحا خيالية.
نشيرإلا أنه خلال أيام الأعياد والعطل تنشط أمام هذه الفضاءات ظاهرة الباعة المتجولين الذين يقتنصون الفرص للربح المادي .
*******
في تصريح لجريدة المستقل، عمارحمداش يؤكد: الفضاءات المشتركة تغيب بقوة من المجالات الحضرية المغربية.
يمكن القول بداية أن الفضاء العام هو ما يميز بشكل كبير الإطار الحضري للحياة، الفضاء العام بما هو مجال للإستقبال والإتصال والترفيه أو التعبير، عن الإحتفالات بما يرتبط بشؤون الحياة الحضرية ولكن للأسف مثل هذه وذلك راجع إلى كون هذه المجالات الحضرية قد صارت مجالات للإستقرارالسكني أكثر منها لتصريف قيم الحياة الحضرية.
لأن الحياة الحضرية دون عيش ملائم ودون مواصفات البيئة الحضرية الحقة لا يمكنها أن تشكل تلك الصفة إلا بإحتضان هذه الفضاءات المشتركة والعامة التي يمكن أن تشكل ليس فقط متنفسا لإستقبال الكبار والصغار، وإنما أساسا إطارا لتنشئة على قيم الجمال والتربية على المواطنة والسلوك النظامي والجماعي المتوافق مع المعايير النظامية والقانونية،فهذه الفضاءات لها دور مهم في التأطير والتوجيه والتربية، إضافة إلى الوظائف المباشرة من ترفيه عن النفس والتربية على العيش المشترك.
الجمعة، 28 سبتمبر 2007
سكان صفروا يعيدون للواجهة إنتفاضة كوميرة إلى الواجهة
الأغلبية الصامتة تكلمت...
خروج المواطنين من صمتهم ، خلف موجة من الهيجان الشعبي ، كان سببه غلاء الأسعار ،
غلاء جعل المدن المغربية تعيش على صفيح ساخن لم يطفيء غضبه سوى الخروج للشارع
لكن ما حدث في صفروا فاق كل التوقعات، وأعاد للواجهة أحداث الثمانينات أو ما يعرف بأحداث" كوميرة".
**لقد تحولت مدينة صفروا المعروفة بهدوئها وسكونها إلى بركان من المعارك الضارية بين جموع المحتجين، وقوات الأمن يوم الأحد الماضي، وذلك بعد فشل الغاية السلمية التي توختها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من تنظيم مسيرة سلمية تناهض الزيادات الصاروخية في أسعار المواد الغدائية.
فالحدث لم "يفاجئ" العديد من المتتبعين والمحللين الإجتماعيين الذين يؤكدون أن تواتر الأزمات الإجتماعية والإرتفاعات المسترسلة للأسعار وتأزم المعيشة وانحصار الأجور واستفحال البطالة بشكل قياسي وتوالي سنين الجفاف الذي ساهم من تعميق أزمة العالم القروي وغيرها... كلها مؤشرات على غليان اجتماعي غير معهود أصبحت معالم تصريفه عادية في صور الجرائم والإقتتال بين فئات المجتمع لأسباب تافهة الشيئ الذي ينم عن احتقان مجتمعي بلغ دروته، وهو مؤشر واضح على جاهزية تكراره في العديد من المدن والقرى والبوادي والأحياء الهامشية لكون أسبابه ومسبباته لازالت قائمة..
مسيرة سلمية تتحول إلى انتفاضة شغبية
انطلقت الوقفة الاحتجاجية المنظمة من طرف فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمدينة صفروا.صباح يوم الأحد الماضي ، حيث وفد على ساحة باب المربع بالمدينة ، العشرات من السكان والأهالي القاطنين بمدينة حب الملوك، وذلك قصد المشاركة في مسيرة سلمية غايتها التوصل إلى حل لمعضلة ارتفاع الأسعار التي أنهكت جيوب المواطنين .
وقد بلغ عدد المشاركين في المسيرة ما يزيد عن 2500 شخص وأغلبهم من النساء، وقد دامت الوقفة حوالي 45 دقيقة ورددت خلال الوقفة شعارات مناهضة لإرتفاع الأسعار، من قبيل "عش عش يا مسكين، الخبزة دارت خمسين" ، داعية لإيجاد حل لهذه الأزمة التي حلت بالمغاربة والتي لم تكن في الحسبان، أزمة واكبها شهر رمضان والدخول المدرسي فلم يعد بمستطاع الطبقات الكادحة في المجتمع تملك أعصابها، فكان غليان هذه التظاهرة أمر طبيعي وخير معبر على السخط على الوضعية، ولكن ليس مبررا على ظاهرة الشغب التي عرفتها المدينة والتي قلبت كل الموازين.
وإلى حدود الواحدة زوالا كانت الأمور على ما يرام ، بالرغم من المناوشات الأمنية ، لكن سرعان ماصعد الموقف خاصة بعد التدخل العنيف لأحد رجال الأمن في حق أحد المتظاهرين، في نفس الآن كان عدد الزاحفين للمشاركة في المسيرة يزداد شيئا فشيئا رغم اعتراض قوات الأمن سبيل الوافدين من منطقة البهاليل التي تقع على بعد خمسة كيلومترات من مدينة صفروا، لكن المتظاهرين تمكنوا من الوصول إلى ساحة باب المقام عبر المسالك الجبلية ، وقد احتج المتظاهرون أمام مقر العمالة مطالبين بحضور عامل المدينة لتبليغه احتجاجهم على الزيادة في الأسعار، لكن لسوء الحظ لا قلب لمن تنادي ، فقد رفض المسؤول الأول عن الإقليم الإستجابة لطلب المتظاهرين .
وفي هذه الأثناء كان عدد من أعضاء فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان قد وصلوا أمام الولاية لمعاينة الوضع نظرا لأن ذلك يدخل ضمن طبيعة مهامهم الحقوقية. إلأ أن قوات القمع اعتقلت عضوين من الجمعية وهما عز الدين المنجلي وبدر عرفات، الشئ الذي أدى إلى هيجان وسط المحتجين وسرعان ما تطور الوضع إلى التراشق بالحجارة واندلاع انتفاضة جماهيرية شملت مختلف أحياء المدينة القديمة .
وفي إتصال هاتفي بالسيد مصطفى الرحيني من ساكنة مدينة صفروا صرح لأسبوعية المستقل قائلا :" خرج عدد كبير من الشبان وتجمهروا أمام السجن المحلي محاولين اقتحامه بالعنف، مستعملين في ذلك قنينات الغاز التي تم تفجيرها أمام باب السجن، كما بدت عليه آثار الحريق والتخريب ".
ويضيف نفس المصدر، بأن المتجمهرين قد حاولوا اقتحام بيت مدير السجن، لكن أجهزة الأمن قد عمدت على منعهم بإستخدام آلة طر اكس، التي تعرضت فيما بعد للإحراق بإستخدام ثلاث قنينات غاز من الحجم الصغير .
من لغة الحوارإلى لغة الحجارة
إن منظمي مسيرة صفروا لم يكن في حسبانهم أن السحر سينقلب على الساحر، فالهدف كما يؤكد أعضاء الجمعية كان هو خروج المواطنين للتعبير عن سخطهم عن الوضع المتأزم الذي كان سببه الزيادات الغير متوقعة في أسعار المواد الإستهلاكية ، وبعد تأكد المتظاهرين أن الحل السلمي لن يجدي نفعا عمدوا إلى تبديل الأسلوب من الحوار إلى الحجارة.
فبدأت الحجارة تتقاطر على رجال الأمن ولا تفرق بين البشر والجماد، فكسر زجاج السيارات والمحلات التجارية التي لم تستجب لطلب الإغلاق ، كما تم إلحاق خسائر بمقرات بريد المغرب وإتصالات المغرب،ولم تسلم سيارة عون السلطة من نيران الغضب الشعبي، بحيث تم إحراقها ، وإضرام النار في المقاطعة الحضرية ، وإتلاف وثائق ومستندات ثانوية بئر انزران، نفس الأمر تعرضت له وكالة البنك المغربي للتجارة الخارجية،حيث قدرت حجم الخسائر بمليار سنتيم ، كما تم الهجوم أيضا على الكوميسارية الجديدة والمديرية الإقليمية للشرطة والمحكمة الابتدائية والخزينة العامة، ومؤسسة القرض الفلاحي .
هذا الهيجان الشعبي إستهدف أيضا وكالة ميديتيل وونا بحيث تم إتلاف مايزيد عن 50 هاتف .
كما اقتحم المحتجون منزل البرلماني (أزلماط)، بحيث إعتدوا عليه، قبل أن يتمكن من الفرار بصحبة بعض رفاقه.
وأمام هذا الإنفلات الأمني والغليان الشعبي الذي يذكرنا بأحداث 1981 بالدار البيضاء ، عمدت مصالح الأمن إلى تطويق أزقة ودروب مدينة حب الملوك ، التي تحولت من مدينة هادئة إلى بؤرة إشتعلت فيها النيران وإستعملت فيها الحجارة والهروات، فكان الرد عنيفا من قبل قوات الأمن التي فرقت جموع المحتجين بالقنابل المسيلة للدموع والأسلحة المطاطية .
ضربت عناصر من القوات المسلحة الملكية حصارا على الأحياء الملتهبة بمدينة صفرو ، كما رابضت عناصر أخرى أمام المصالح والمؤسسات التي شهدت انتفاضة السكان الغاضبين عليها يوم الأحداث الدامية
وشهد حي "حبونة" بالمدينة ذاتها ن وهو الحي الذي شهد أعنف المواجهات بين رجال الأمن والمحتجين حصارا ، إذا واصلت سيارات رجال الأمن وأفراد القوات المساعدة المرابضة في أهم زوايا الشارع تحسبا لأي طارئ ، خصوصا أمام استنكار السكان لعشوائية
الحصيلة ثقيلة في صفوف المتظاهرين
وإذا كانت نتيجة الغليان الشعبي هي تخريب المنشئات العمومية ، فإن الحصيلة على مستوى المتظاهرين وأفراد الأمن ، كانت ثقيلة ، فحسب تصريح مسؤول أمني لأسبوعية " المستقل" فإن خمسون فردا من رجال الأمن أصيبوا بجروح متفاوتة الخطورة ، ومن بينهم رئيس الدائرة الذي تعرض لكسر على مستوى الرجل ، كما أصيب عميد الأمن الإقليمي بصفر وبجروح بليغة على مستوى الوجه ، كما أصيب مسؤول جهوي في يده
هذا وأصيب حسب نفس المسؤول خمسة وثلاثون من المحتجين ، الذين خضعوا للعلاج بالمستشفى ، بينما فضل آخرون تلقي العلاج بمنازلهم خوفا من الإعتقال، كما أكد بأن الإعتقالات ما تزال متواصلة في صفوف المشتبه في تورطهم في الأحداث الدامية التي
عرفتها مدينة صفروا والتي حركت حالة الإستنفار الأمني .
فهذه الأحداث الدامية تسببت في إصابة 45 عنصر من الشرطة، ثلاثة منهم في وضعية خطيرة، إذ أصيبوا بكسور.
وفي السياق ذاته تم إعتقال أكثر من ثمانية وثلاثون شخصا من بينهم أربعة ينتمون إلى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تم عرضهم في نفس اليوم على أنظار الوكيل العام للملك بمحكمة الإستئناف بفاس .
في مساء يوم الأحد توجه أعضاء فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان نحو مكان الإعتقال، للعمل على إطلاق سراح المعتقلين، لكن السلطات قامت باعتقال عضوين آخرين من الجمعية هما كمال لمريني ومحمد لعموش، وقد أفرج عن هذا الأخير بينما تم الاحتفاظ بالباقي لتقديمهم إلى غرفة الجنايات صباح يوم الإثنين 24 شتنبر 2007 القديمة.
ومتوقع أن يتابع المعتقلون بتهم التخريب والإتلاف التي تصل عقوبتها إلى 20 سنة سجنا، بحسب القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية إذا تبث في حقهم فعل إضرام النار والتجمهر، وقد تم عرضهم بحسب مصادرنا صباح يوم الإثنين الماضي من طرف الغرفة الولائية للشرطة القضائية على غرفة الجنايات بمحكمة الإستئناف بفاس،
ما بعد الإنتفاضة
إستمرت المواجهات إلى غاية الساعة السادسة بعد الزوال ، إعتقل خلالها المزيد من المتجمهرين، وفور تطور تداعيات الأحداث ، أعطت المصالح الأمنيية المركزية أوامر مشددة بضرورة تضييق الخناق على الأحياء الشعبية من خلال تقوية نقط المراقبة الأمنية خوفا من إنتقال العدوى إلى باقي المدن المغربية .
وإستعادت المدينة صباح يوم الإثنين الماضي سكونها النسبي خاصة بعد حضر التجول الذي كان سببه الغليان الشعبي والإنتفاضة الشغبية التي عاشتها المدينة الهادئة، بحيث بدت العديد من الأماكن التي طالها التلف والتخريب كأنها خرجت للتو من حرب ضروس كانت مخلفاتها كارثية على ساكنة المدينة، التي بدت على وجوهها علامات الذعر والخوف خاصة بعد موجة الحملات التمشيطية التي إعتقل من خلال عدد مهم من المشتبه فيهم وأغلبهم شباب طائش ، ساهموا في تعميق الأزمة بدل حلها سلميا.
فعادت الحياة شبه طبيعية داخل أزقة وشوارع المدينة المنسية مع سيطرة هدوء خطير كالذي يسبق العاصفة، باستثناء المناقشة هنا وهناك بين الساكنة حول الأسماء المعتقلة ومقر سكناها وأبناء من، وحول سلوكها السابق ،ودورها في الأحداث الجارية..
وظلت العيون الجافة والوجوه شاحبة لساكنة المدينة التي تتابع بقوة تحقيقات وأسئلة الضيوف والغرباء(من صحافيين ومحققين سريين وعلنيين) .
هذه المدينة التي اعتادت الهدوء والسكينة والتآلف والتآخي (رغم الارتفاع المهول لمؤشر البؤس والفقر خلال السنين الأخيرة)
. يقول شاهد عيان ، بغض النظر عن الأخبار الواردة من مدينة فاس حول إطلاق سراح بعض الشبان المعتقلين على ضوء الأحداث الأخيرة والذين في أغلبهم مراهقون وسنهم لا يتعدى العشرين، فإن الحدث فريد من نوعه و يذكرنا بأحداث مماثلة وقعت بالبيضاء وبفاس بداية الثمانينات والتسعينات،غير أن ما وقع في مدينة صفروا يستدعي من الجميع وضع الحدث في سياقه العام بما يتطلبه من طرح للأسئلة العميقة والواقعية لأنه يبعث برسائل قوية تتطلب الشجاعة في التشخيص والجرأة في التحليل..
وهكذا عاد الهدوء الشكلي للمدينة لينطلق نقاشا ساخنا وضجيجا فكريا داخل تراب المغرب برمته (والأكيد أن الحدث سيبلغ أقصى نقطة في العالم بالنظر إلى القراءات المتعددة التي انطلقت داخل وسائل الإعلام الدولية)، تلوكه ألسنة كل النخب وكل المسؤولين وكل المجتمع المدني وكل الشعب باعتبار الجميع في سفينة واحدة وأي ثقب في أسفلها قد يغرق الجميع.
ودون الحديث عن أهمية موقع ومكانة المدينة التي بعثت بصورة مفاجئة الرسائل المعنية .
**قاضي التحقيق بفاس يستنطق 32 شخصا من بينهم 4 قاصرين
أحيل يوم الاثنين الماضي على قاضي التحقيق بمدينة فاس 32 شخصا من بينهم 4 قاصرين، أغلبهم ينحدرون من مناطق و أحياء مختلفة بصفرو ، وقد تمت متابعتهم من طرف النيابة العامة من أجل إضرام النار وتخريب و إتلاف ممتلكات الدولة و الرشق بالحجارة ووضع متاريس و التظاهر بدون ترخيص .
وقد دام التحقيق مع الموقوفين عدة ساعات ، وحسب مصادر مطلعة عاين قاضي التحقيق آثار التعذيب ـــــ الضرب ، والتعنيف ــــ التي كانت بادية عليهم خاصة التي تعرض لها 6 متهمين . وقد أحيل المتهمون على سجن عين قادوس، فيما أحيل القاصرون على مركز الإصلاح عبد العزيز بن إدريس بفاس.
وقد استعادت مدينة صفرو، صباح يوم الثلاثاء الماضي ، هدوءها النسبي بعد أن عرفت مواجهات دامية اندلعت يوم الأحد الماضي، وحسب مصادر أمنية أكدت "للمستقل" أن تعزيزات أمنية مكونة من القوات المساعدة وعناصر التدخل السريع " السيمي" استقدمت من فاس ومكناس وحتى من الرباط، بهدف التخفيف من التوتر ووقف أعمال العنف التي أدت إلى تسجيل خسائر مادية فادحة.
وذكرت المصادر أن حملات نفذت في عدد من أحياء المدينة بحثا عن متورطين في هذه الأحداث، مبرزة أن مصالح الأمن اعتقلت مجموعة من المشتبه بهم، دون تحديد عددهم أو كشف هويتهم.
أما عدد المصابين فاختلفت الروايات بين الرسمية التي حصرت عددهم في 68 أغلبهم من رجال الأمن،وتقديرات مصادر حقوقية التي أشارت إلى أن رقم الجرحى تجاوز 120، مجموعة كبيرة منهم لم تقصد المستشفى خوفا من اعتقالها، فيما فرت بعض العناصر خارج المدينة في اتجاه فاس.
وفي هذا الإطار صرح خالد أفتحي، رئيس فرع الجمعية المغربية بصفرو، أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ، تقوم بزيارات لعائلات المعتقلين للاطمئنان عليهم،وتحديد هوياتهم، خاصة أن الأمن قام باعتقالات جديدة بعد توقف المواجهات. وردا على تحميل الجمعية مسؤولية ما وقع ، وتنظيم وقفة احتجاجية لم تكن موضوع أي تصريح مسبق، ولا ترخيص قانوني من طرف السلطات المحلية المعنية، كما ينص على ذلك القانون، أوضح أفتحي، أن الجمعية لا تتحمل أي مسؤولية في ما حدث، وكل ما يمكن محاسبتها عليه هو ما جرى منذ الحادية عشرة صباحا من يوم الأحد إلى غاية الحادية عشرة وخمسة أربعين دقيقة موعد انتهاء الوقفة.
وأضاف نفس المصدر أنه بعد إلقاء الكلمة الختامية تمت مناشدة السكان بتفريق التظاهرة بطريقة سلمية غير أن المحتجين كانوا في أقصى درجات الغليان فقرروا التوجه إلى مقر العمالة دون تأطير..
واعتبر أفتحي أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، لا محليا ولا مركزيا في علاقتها مع الوقفات لاتقدم تصريحا لدى السلطات المختصة، مبرزة أن هذه العملية قانونية ويضمنها ظهير 1958 الذي لا ينص على وجوب تقديم تصريح في هذا النوع من الاحتجاجات، وبالتالي تبقى قانونية مادام الأصل في الأشياء هو الإباحة..
أحداث صفروا، هي بمثابة ناقوس خطر ، تم دقه بقوة و بعنف **
وفي تصريح للأستاذ محمد طارق السباعي رئيس الهيأة الوطنية لحماية المال العام السلطة، ومحامي بهيئة الرباط، لأسبوعية "المستقل" ، أن هذه الزيادة الصاروخية في الأسعار التي عرفها المغرب مؤخرا ، هي نتيجة لانخراط الحكومة بمختلف مكوناتها السياسية في الانتخابات ، وتركت المسؤولية في مراقبة القوت اليومي للمواطنين ، انشغلت هذه الأحزاب بالعملية الانتخابية و البحث عن الأصوات للحفاظ على هذه المراكز ، وترك الأمر إلى تجار سوق السوداء والمضاربين الذين استهدفوا صميم جيوب المستضعفين المسحوقين والمتناقضة مصالحهم مع مصالح هؤلاء الوزراء والحكومة ، فأجهزوا على ما تبقى من الدريهمات التي يتقضاها هؤلاء على رأس كل شهر أو على رأس كل أسبوع..
وبمواكبة هذه الظروف موسم رمضان و الانتخابات ، والدخول المدرسي والجفاف ، ساعد هذه الفئة المضاربة التي لا ترحم الطبقات الشعبية المقهورة ، فحددت أسعارا على حسب مقاسها وانتهاز الفرصة وسط غياب الحكومة التام طيلة فترة تحضير الانتخابات ، وبعدها مما أدى إلى احتقان الشارع المغربي ، وكانت الوقفة التي دعت إليها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمدينة صفرو وقفة سلمية جوبهت من طرف القوات الأمن للاستفزاز والضرب و إطلاق النار المطاطي والقنابل المسيلة للدموع مما يؤكد على أن هذا الهجوم على الوقفة السلمية التي قامت بها طبقة شعبية تحتج على هذا الاستفزاز والقهر الذي باتوا يعرفونه خاصة بعدما أصبحوا يستفيقون كل صباح على الزيارة في الأثمنة الغذائية دون أن يكون هناك أي تدخل من الدولة التي تستمتع بلذة الزيادة ، هذا الأحداث التي وقعت في صفرو يمكن أن تنتقل إلى جميع ربوع المغرب . وبذلك نعتبر أن أحداث صفرو جاءت نتيجة إهمال الحكومة لمراقبة الأسعار وتراجعها عن دعم المواد الأساسية وانصراف أعضائها الذين نتمنى أن لا يعودوا إلى كراسي الوزارة ، لأنهم عبروا عن عدم استطاعتهم تحمل المسؤولية فهم لبسوا أهلا لها والدليل على ذلك تركوا الجمل على ما حمل وانطلقوا يتهافتون إلى الحصول على مقاعد جديدة داخل الحكومة. هذه الانتخابات لـ7 شتنبر أظهرت ضعف و هشاشة الطبقة السياسية التي تحكم البلاد ، والتي أكدت الانتخابات 2007 أن هؤلاء الذين يلهثون وراء الحصول على المقاعد في البرلمان والحكومة ليسوا أهلا لتحمل المسؤولية مرة أخرى . لذلك نتيجة الانتخابات 7 شتنبر تؤكد أن الشارع المغربي يرفض هذه الطبقة السياسية التي تسلطت عليه بالمال واستغلال النفوذ ، وتهييء لوائح انتخابية مغشوشة وهذا يؤكد على أن مستقبل هذه الحكومة التي تشكلت من طرف هؤلاء " المهملين " الذين لا يرحمون الشعب المغربي ولا يهتمون بنبضه وحسب تجولي في بعض الأسواق ويا للأسف أصبحنا نرى بعض الأشخاص يشترون " نصف خبزة ؟ " ناقصة في الوزن وزائدة في ثمنها ، و هذا يظهر أن القدرة الشرائية للمواطن،بحيث وصل السكين إلى الحد الأدن
وعن سؤال هل الحكومة المقبلة ستحل المشكل ؟ صرح الأستاذ طارق السباعي قائلا : " لا أعتقد أن الحكومة المقبلة ستحل مشكل الزيادة في الأسعار لأن المواد الأساسية لا يخصص لها أي دعم الآن خاصة الزيت والسكر والدقيق ، حقيقة سمعنا بلاغ وزارة الداخلية أنه سترجع الأسعار إلى ما كانت عليه، أقول أن الأسعار يجب أن تدرس حسب القرة الشرائية للمواطن". .
وعن أحداث صفرو، أضاف الأستاذ طارق السباعي قائلا : " أن هذه الأحداث هي بمثابة ناقوس خطر ، تم دقه بقوة و بعنف ، الشىء الذي سوف يجعل الحكومة تفكر ألف مرة قبل أن تخطط لبرنامجها الذي سوف تعرضه على البرلمان ، فعليها إن كانت تريد الاستقرار لهذا البلد أن تعمل من أجل حل لمشكل البطالة ومشكل الزيادة في الأسعار ، و أن تقوم بمجهودات جبارة في مراقبة الأسعار من المنبع و أن تكون للحكومة خطة معقلنة تجعل رواتب المواطنين تساير وتتلاءم مع الأسعار . فكلما زادت الأسعار يجب أن تزداد الأجور ، فإما أن تزيد في الأجور وتضغط على القطاع بصفة أساسية على تحسين الأوضاع الاجتماعية للشغيلات في كل المجالات، لأن المعادلة في الزيادة في الأسعار والزيادة في الأجور ينبغي أن تكون متناغمة ومتناسبة ، للقدرة الشرائية للمواطنين ، ، إذا لابد من توفير العيش الكريم للمواطن .
**عبد المجيد الراضي: الزيادات التي عرفتها الأسعار هي عبارة عن حرب طبقية ضروس ينهجها النظام المخزني اتجاه المواطنين
وفي تصريح للأستاذ عبد المجيد الراضي عضو بالنهج الديمقراطي، ونقابي، أكد خلال تصريحه لأسبوعية المستقل قائلا: " أحداث صفرو في نظري تعبير عن الوضع المقلق الذي وصلت إليه الأوضاع السياسية و الاجتماعية والاقتصادية للبلاد ، فخلال 7 شتنبر عبرت الجماهير عن رفضها ومقاطعتها لقواعد اللعبة التي هي غياب الديمقراطية حقيقية واليوم جاء التعبير، وبصوت صارخ عن الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية، فالتراجعات التي تعرفها الزيادات في الأسعار و التي هي عبارة عن حرب طبقية ضروس والتي ينهجها النظام المخزني اتجاه المواطنين ، وكان من الطبيعي أن تخرج الجماهير بتظاهرة احتجاجا عن الأوضاع التي تعيشها .
وفي هذا الإطار نعتبر أن التظاهر السلمي الذي قام به المواطنون هو حق مشروع ، ونحمل كامل المسؤولية للسلطات المحلية لكونها ساهمت بشكل كبير في إشعال نار الفتيل في المواجهات التي نتأسف لها ، و على العموم يبقى من حق المواطنين التعبير عن رفضها لهذا الوضع
و أضاف الأستاذ عبد المجيد الراضي على أن هذه الأحداث شبيهة إلى حد كبير بأحداث " كوميرة " التي وقعت خلال سنة 1981 ، فالأولى كانت في عهد إدريس البصري و الآن في عهد وزير داخلية آخر ، ولو أن العهدين مختلفين لكننا وللأسف نجد نفس التوجهات و نفس السياسات وبنفس الاختيارات . إذا لم يتغير في سياسات الحاكمين في هذه البلاد أي شيء وبالتالي الصراع سيستمر مع الاختلافات التي تكون شكلية سواء مع وزير الداخلية أو غيره..
**الأستاذ محمد أبو النصر: نعتبر السياسات اللاوطنية واللاديمقراطية هي سياسة التفقير الجماعي وهي السبب في اندلاع أحداث صفروا
رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالدار البيضاء، ومنسق التنسيقيات مناهضة الزيادة في الأسعار في تصريحه لأسبوعية المستقل ، صرح أن التنسيقية تندد هذه الزيادات المهولة في الخدمات الأساسية كالزيت والسكر والخضر ، فاتورات الماء والكهرباء والنقل ، ونعتبر أن هذه السياسات اللاشعبية واللاوطنية واللاديمقراطية و التي هي سياسة التفقير الجماعي للمواطنين وهي السبب في اندلاع هذه الأحداث. و غير ما مرة تتبعنا خطورة الوضع الاجتماعي التي يعيشها المغرب و غير ما مرة طلبنا من المسئولين أن يكون هناك حوار مباشر معهم على أرضية التراجع على هذه الزيادات ، لكن للأسف المسئولين لم يقدموا على أي شيء يجعل المواطن يحس أن هناك تفكير في التراجع .
و إذا كنا نسجل نقص في ثمن الخبز بإيجاب بعد الزيادة الأخيرة لكن للأسف هناك زيادت أخرى نطلب التراجع فيها ، ونحن في تنسيقية الدار البيضاء عازمين على تصعيد البرنامج النضالي الذي عرفته كل المدن المغربية. .
سكان صفروا يعيدون للواجهة إنتفاضة كوميرة إلى الواجهة
الأغلبية الصامتة تكلمت...
خروج المواطنين من صمتهم ، خلف موجة من الهيجان الشعبي ، كان سببه غلاء الأسعار ،
غلاء جعل المدن المغربية تعيش على صفيح ساخن لم يطفيء غضبه سوى الخروج للشارع
لكن ما حدث في صفروا فاق كل التوقعات، وأعاد للواجهة أحداث الثمانينات أو ما يعرف بأحداث" كوميرة".
**لقد تحولت مدينة صفروا المعروفة بهدوئها وسكونها إلى بركان من المعارك الضارية بين جموع المحتجين، وقوات الأمن يوم الأحد الماضي، وذلك بعد فشل الغاية السلمية التي توختها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من تنظيم مسيرة سلمية تناهض الزيادات الصاروخية في أسعار المواد الغدائية.
فالحدث لم "يفاجئ" العديد من المتتبعين والمحللين الإجتماعيين الذين يؤكدون أن تواتر الأزمات الإجتماعية والإرتفاعات المسترسلة للأسعار وتأزم المعيشة وانحصار الأجور واستفحال البطالة بشكل قياسي وتوالي سنين الجفاف الذي ساهم من تعميق أزمة العالم القروي وغيرها... كلها مؤشرات على غليان اجتماعي غير معهود أصبحت معالم تصريفه عادية في صور الجرائم والإقتتال بين فئات المجتمع لأسباب تافهة الشيئ الذي ينم عن احتقان مجتمعي بلغ دروته، وهو مؤشر واضح على جاهزية تكراره في العديد من المدن والقرى والبوادي والأحياء الهامشية لكون أسبابه ومسبباته لازالت قائمة..
مسيرة سلمية تتحول إلى انتفاضة شغبية
انطلقت الوقفة الاحتجاجية المنظمة من طرف فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمدينة صفروا.صباح يوم الأحد الماضي ، حيث وفد على ساحة باب المربع بالمدينة ، العشرات من السكان والأهالي القاطنين بمدينة حب الملوك، وذلك قصد المشاركة في مسيرة سلمية غايتها التوصل إلى حل لمعضلة ارتفاع الأسعار التي أنهكت جيوب المواطنين .
وقد بلغ عدد المشاركين في المسيرة ما يزيد عن 2500 شخص وأغلبهم من النساء، وقد دامت الوقفة حوالي 45 دقيقة ورددت خلال الوقفة شعارات مناهضة لإرتفاع الأسعار، من قبيل "عش عش يا مسكين، الخبزة دارت خمسين" ، داعية لإيجاد حل لهذه الأزمة التي حلت بالمغاربة والتي لم تكن في الحسبان، أزمة واكبها شهر رمضان والدخول المدرسي فلم يعد بمستطاع الطبقات الكادحة في المجتمع تملك أعصابها، فكان غليان هذه التظاهرة أمر طبيعي وخير معبر على السخط على الوضعية، ولكن ليس مبررا على ظاهرة الشغب التي عرفتها المدينة والتي قلبت كل الموازين.
وإلى حدود الواحدة زوالا كانت الأمور على ما يرام ، بالرغم من المناوشات الأمنية ، لكن سرعان ماصعد الموقف خاصة بعد التدخل العنيف لأحد رجال الأمن في حق أحد المتظاهرين، في نفس الآن كان عدد الزاحفين للمشاركة في المسيرة يزداد شيئا فشيئا رغم اعتراض قوات الأمن سبيل الوافدين من منطقة البهاليل التي تقع على بعد خمسة كيلومترات من مدينة صفروا، لكن المتظاهرين تمكنوا من الوصول إلى ساحة باب المقام عبر المسالك الجبلية ، وقد احتج المتظاهرون أمام مقر العمالة مطالبين بحضور عامل المدينة لتبليغه احتجاجهم على الزيادة في الأسعار، لكن لسوء الحظ لا قلب لمن تنادي ، فقد رفض المسؤول الأول عن الإقليم الإستجابة لطلب المتظاهرين .
وفي هذه الأثناء كان عدد من أعضاء فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان قد وصلوا أمام الولاية لمعاينة الوضع نظرا لأن ذلك يدخل ضمن طبيعة مهامهم الحقوقية. إلأ أن قوات القمع اعتقلت عضوين من الجمعية وهما عز الدين المنجلي وبدر عرفات، الشئ الذي أدى إلى هيجان وسط المحتجين وسرعان ما تطور الوضع إلى التراشق بالحجارة واندلاع انتفاضة جماهيرية شملت مختلف أحياء المدينة القديمة .
وفي إتصال هاتفي بالسيد مصطفى الرحيني من ساكنة مدينة صفروا صرح لأسبوعية المستقل قائلا :" خرج عدد كبير من الشبان وتجمهروا أمام السجن المحلي محاولين اقتحامه بالعنف، مستعملين في ذلك قنينات الغاز التي تم تفجيرها أمام باب السجن، كما بدت عليه آثار الحريق والتخريب ".
ويضيف نفس المصدر، بأن المتجمهرين قد حاولوا اقتحام بيت مدير السجن، لكن أجهزة الأمن قد عمدت على منعهم بإستخدام آلة طر اكس، التي تعرضت فيما بعد للإحراق بإستخدام ثلاث قنينات غاز من الحجم الصغير .
من لغة الحوارإلى لغة الحجارة
إن منظمي مسيرة صفروا لم يكن في حسبانهم أن السحر سينقلب على الساحر، فالهدف كما يؤكد أعضاء الجمعية كان هو خروج المواطنين للتعبير عن سخطهم عن الوضع المتأزم الذي كان سببه الزيادات الغير متوقعة في أسعار المواد الإستهلاكية ، وبعد تأكد المتظاهرين أن الحل السلمي لن يجدي نفعا عمدوا إلى تبديل الأسلوب من الحوار إلى الحجارة.
فبدأت الحجارة تتقاطر على رجال الأمن ولا تفرق بين البشر والجماد، فكسر زجاج السيارات والمحلات التجارية التي لم تستجب لطلب الإغلاق ، كما تم إلحاق خسائر بمقرات بريد المغرب وإتصالات المغرب،ولم تسلم سيارة عون السلطة من نيران الغضب الشعبي، بحيث تم إحراقها ، وإضرام النار في المقاطعة الحضرية ، وإتلاف وثائق ومستندات ثانوية بئر انزران، نفس الأمر تعرضت له وكالة البنك المغربي للتجارة الخارجية،حيث قدرت حجم الخسائر بمليار سنتيم ، كما تم الهجوم أيضا على الكوميسارية الجديدة والمديرية الإقليمية للشرطة والمحكمة الابتدائية والخزينة العامة، ومؤسسة القرض الفلاحي .
هذا الهيجان الشعبي إستهدف أيضا وكالة ميديتيل وونا بحيث تم إتلاف مايزيد عن 50 هاتف .
كما اقتحم المحتجون منزل البرلماني (أزلماط)، بحيث إعتدوا عليه، قبل أن يتمكن من الفرار بصحبة بعض رفاقه.
وأمام هذا الإنفلات الأمني والغليان الشعبي الذي يذكرنا بأحداث 1981 بالدار البيضاء ، عمدت مصالح الأمن إلى تطويق أزقة ودروب مدينة حب الملوك ، التي تحولت من مدينة هادئة إلى بؤرة إشتعلت فيها النيران وإستعملت فيها الحجارة والهروات، فكان الرد عنيفا من قبل قوات الأمن التي فرقت جموع المحتجين بالقنابل المسيلة للدموع والأسلحة المطاطية .
ضربت عناصر من القوات المسلحة الملكية حصارا على الأحياء الملتهبة بمدينة صفرو ، كما رابضت عناصر أخرى أمام المصالح والمؤسسات التي شهدت انتفاضة السكان الغاضبين عليها يوم الأحداث الدامية
وشهد حي "حبونة" بالمدينة ذاتها ن وهو الحي الذي شهد أعنف المواجهات بين رجال الأمن والمحتجين حصارا ، إذا واصلت سيارات رجال الأمن وأفراد القوات المساعدة المرابضة في أهم زوايا الشارع تحسبا لأي طارئ ، خصوصا أمام استنكار السكان لعشوائية
الحصيلة ثقيلة في صفوف المتظاهرين
وإذا كانت نتيجة الغليان الشعبي هي تخريب المنشئات العمومية ، فإن الحصيلة على مستوى المتظاهرين وأفراد الأمن ، كانت ثقيلة ، فحسب تصريح مسؤول أمني لأسبوعية " المستقل" فإن خمسون فردا من رجال الأمن أصيبوا بجروح متفاوتة الخطورة ، ومن بينهم رئيس الدائرة الذي تعرض لكسر على مستوى الرجل ، كما أصيب عميد الأمن الإقليمي بصفر وبجروح بليغة على مستوى الوجه ، كما أصيب مسؤول جهوي في يده
هذا وأصيب حسب نفس المسؤول خمسة وثلاثون من المحتجين ، الذين خضعوا للعلاج بالمستشفى ، بينما فضل آخرون تلقي العلاج بمنازلهم خوفا من الإعتقال، كما أكد بأن الإعتقالات ما تزال متواصلة في صفوف المشتبه في تورطهم في الأحداث الدامية التي
عرفتها مدينة صفروا والتي حركت حالة الإستنفار الأمني .
فهذه الأحداث الدامية تسببت في إصابة 45 عنصر من الشرطة، ثلاثة منهم في وضعية خطيرة، إذ أصيبوا بكسور.
وفي السياق ذاته تم إعتقال أكثر من ثمانية وثلاثون شخصا من بينهم أربعة ينتمون إلى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تم عرضهم في نفس اليوم على أنظار الوكيل العام للملك بمحكمة الإستئناف بفاس .
في مساء يوم الأحد توجه أعضاء فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان نحو مكان الإعتقال، للعمل على إطلاق سراح المعتقلين، لكن السلطات قامت باعتقال عضوين آخرين من الجمعية هما كمال لمريني ومحمد لعموش، وقد أفرج عن هذا الأخير بينما تم الاحتفاظ بالباقي لتقديمهم إلى غرفة الجنايات صباح يوم الإثنين 24 شتنبر 2007 القديمة.
ومتوقع أن يتابع المعتقلون بتهم التخريب والإتلاف التي تصل عقوبتها إلى 20 سنة سجنا، بحسب القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية إذا تبث في حقهم فعل إضرام النار والتجمهر، وقد تم عرضهم بحسب مصادرنا صباح يوم الإثنين الماضي من طرف الغرفة الولائية للشرطة القضائية على غرفة الجنايات بمحكمة الإستئناف بفاس،
ما بعد الإنتفاضة
إستمرت المواجهات إلى غاية الساعة السادسة بعد الزوال ، إعتقل خلالها المزيد من المتجمهرين، وفور تطور تداعيات الأحداث ، أعطت المصالح الأمنيية المركزية أوامر مشددة بضرورة تضييق الخناق على الأحياء الشعبية من خلال تقوية نقط المراقبة الأمنية خوفا من إنتقال العدوى إلى باقي المدن المغربية .
وإستعادت المدينة صباح يوم الإثنين الماضي سكونها النسبي خاصة بعد حضر التجول الذي كان سببه الغليان الشعبي والإنتفاضة الشغبية التي عاشتها المدينة الهادئة، بحيث بدت العديد من الأماكن التي طالها التلف والتخريب كأنها خرجت للتو من حرب ضروس كانت مخلفاتها كارثية على ساكنة المدينة، التي بدت على وجوهها علامات الذعر والخوف خاصة بعد موجة الحملات التمشيطية التي إعتقل من خلال عدد مهم من المشتبه فيهم وأغلبهم شباب طائش ، ساهموا في تعميق الأزمة بدل حلها سلميا.
فعادت الحياة شبه طبيعية داخل أزقة وشوارع المدينة المنسية مع سيطرة هدوء خطير كالذي يسبق العاصفة، باستثناء المناقشة هنا وهناك بين الساكنة حول الأسماء المعتقلة ومقر سكناها وأبناء من، وحول سلوكها السابق ،ودورها في الأحداث الجارية..
وظلت العيون الجافة والوجوه شاحبة لساكنة المدينة التي تتابع بقوة تحقيقات وأسئلة الضيوف والغرباء(من صحافيين ومحققين سريين وعلنيين) .
هذه المدينة التي اعتادت الهدوء والسكينة والتآلف والتآخي (رغم الارتفاع المهول لمؤشر البؤس والفقر خلال السنين الأخيرة)
. يقول شاهد عيان ، بغض النظر عن الأخبار الواردة من مدينة فاس حول إطلاق سراح بعض الشبان المعتقلين على ضوء الأحداث الأخيرة والذين في أغلبهم مراهقون وسنهم لا يتعدى العشرين، فإن الحدث فريد من نوعه و يذكرنا بأحداث مماثلة وقعت بالبيضاء وبفاس بداية الثمانينات والتسعينات،غير أن ما وقع في مدينة صفروا يستدعي من الجميع وضع الحدث في سياقه العام بما يتطلبه من طرح للأسئلة العميقة والواقعية لأنه يبعث برسائل قوية تتطلب الشجاعة في التشخيص والجرأة في التحليل..
وهكذا عاد الهدوء الشكلي للمدينة لينطلق نقاشا ساخنا وضجيجا فكريا داخل تراب المغرب برمته (والأكيد أن الحدث سيبلغ أقصى نقطة في العالم بالنظر إلى القراءات المتعددة التي انطلقت داخل وسائل الإعلام الدولية)، تلوكه ألسنة كل النخب وكل المسؤولين وكل المجتمع المدني وكل الشعب باعتبار الجميع في سفينة واحدة وأي ثقب في أسفلها قد يغرق الجميع.
ودون الحديث عن أهمية موقع ومكانة المدينة التي بعثت بصورة مفاجئة الرسائل المعنية .
**قاضي التحقيق بفاس يستنطق 32 شخصا من بينهم 4 قاصرين
أحيل يوم الاثنين الماضي على قاضي التحقيق بمدينة فاس 32 شخصا من بينهم 4 قاصرين، أغلبهم ينحدرون من مناطق و أحياء مختلفة بصفرو ، وقد تمت متابعتهم من طرف النيابة العامة من أجل إضرام النار وتخريب و إتلاف ممتلكات الدولة و الرشق بالحجارة ووضع متاريس و التظاهر بدون ترخيص .
وقد دام التحقيق مع الموقوفين عدة ساعات ، وحسب مصادر مطلعة عاين قاضي التحقيق آثار التعذيب ـــــ الضرب ، والتعنيف ــــ التي كانت بادية عليهم خاصة التي تعرض لها 6 متهمين . وقد أحيل المتهمون على سجن عين قادوس، فيما أحيل القاصرون على مركز الإصلاح عبد العزيز بن إدريس بفاس.
وقد استعادت مدينة صفرو، صباح يوم الثلاثاء الماضي ، هدوءها النسبي بعد أن عرفت مواجهات دامية اندلعت يوم الأحد الماضي، وحسب مصادر أمنية أكدت "للمستقل" أن تعزيزات أمنية مكونة من القوات المساعدة وعناصر التدخل السريع " السيمي" استقدمت من فاس ومكناس وحتى من الرباط، بهدف التخفيف من التوتر ووقف أعمال العنف التي أدت إلى تسجيل خسائر مادية فادحة.
وذكرت المصادر أن حملات نفذت في عدد من أحياء المدينة بحثا عن متورطين في هذه الأحداث، مبرزة أن مصالح الأمن اعتقلت مجموعة من المشتبه بهم، دون تحديد عددهم أو كشف هويتهم.
أما عدد المصابين فاختلفت الروايات بين الرسمية التي حصرت عددهم في 68 أغلبهم من رجال الأمن،وتقديرات مصادر حقوقية التي أشارت إلى أن رقم الجرحى تجاوز 120، مجموعة كبيرة منهم لم تقصد المستشفى خوفا من اعتقالها، فيما فرت بعض العناصر خارج المدينة في اتجاه فاس.
وفي هذا الإطار صرح خالد أفتحي، رئيس فرع الجمعية المغربية بصفرو، أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ، تقوم بزيارات لعائلات المعتقلين للاطمئنان عليهم،وتحديد هوياتهم، خاصة أن الأمن قام باعتقالات جديدة بعد توقف المواجهات. وردا على تحميل الجمعية مسؤولية ما وقع ، وتنظيم وقفة احتجاجية لم تكن موضوع أي تصريح مسبق، ولا ترخيص قانوني من طرف السلطات المحلية المعنية، كما ينص على ذلك القانون، أوضح أفتحي، أن الجمعية لا تتحمل أي مسؤولية في ما حدث، وكل ما يمكن محاسبتها عليه هو ما جرى منذ الحادية عشرة صباحا من يوم الأحد إلى غاية الحادية عشرة وخمسة أربعين دقيقة موعد انتهاء الوقفة.
وأضاف نفس المصدر أنه بعد إلقاء الكلمة الختامية تمت مناشدة السكان بتفريق التظاهرة بطريقة سلمية غير أن المحتجين كانوا في أقصى درجات الغليان فقرروا التوجه إلى مقر العمالة دون تأطير..
واعتبر أفتحي أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، لا محليا ولا مركزيا في علاقتها مع الوقفات لاتقدم تصريحا لدى السلطات المختصة، مبرزة أن هذه العملية قانونية ويضمنها ظهير 1958 الذي لا ينص على وجوب تقديم تصريح في هذا النوع من الاحتجاجات، وبالتالي تبقى قانونية مادام الأصل في الأشياء هو الإباحة..
أحداث صفروا، هي بمثابة ناقوس خطر ، تم دقه بقوة و بعنف **
وفي تصريح للأستاذ محمد طارق السباعي رئيس الهيأة الوطنية لحماية المال العام السلطة، ومحامي بهيئة الرباط، لأسبوعية "المستقل" ، أن هذه الزيادة الصاروخية في الأسعار التي عرفها المغرب مؤخرا ، هي نتيجة لانخراط الحكومة بمختلف مكوناتها السياسية في الانتخابات ، وتركت المسؤولية في مراقبة القوت اليومي للمواطنين ، انشغلت هذه الأحزاب بالعملية الانتخابية و البحث عن الأصوات للحفاظ على هذه المراكز ، وترك الأمر إلى تجار سوق السوداء والمضاربين الذين استهدفوا صميم جيوب المستضعفين المسحوقين والمتناقضة مصالحهم مع مصالح هؤلاء الوزراء والحكومة ، فأجهزوا على ما تبقى من الدريهمات التي يتقضاها هؤلاء على رأس كل شهر أو على رأس كل أسبوع..
وبمواكبة هذه الظروف موسم رمضان و الانتخابات ، والدخول المدرسي والجفاف ، ساعد هذه الفئة المضاربة التي لا ترحم الطبقات الشعبية المقهورة ، فحددت أسعارا على حسب مقاسها وانتهاز الفرصة وسط غياب الحكومة التام طيلة فترة تحضير الانتخابات ، وبعدها مما أدى إلى احتقان الشارع المغربي ، وكانت الوقفة التي دعت إليها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمدينة صفرو وقفة سلمية جوبهت من طرف القوات الأمن للاستفزاز والضرب و إطلاق النار المطاطي والقنابل المسيلة للدموع مما يؤكد على أن هذا الهجوم على الوقفة السلمية التي قامت بها طبقة شعبية تحتج على هذا الاستفزاز والقهر الذي باتوا يعرفونه خاصة بعدما أصبحوا يستفيقون كل صباح على الزيارة في الأثمنة الغذائية دون أن يكون هناك أي تدخل من الدولة التي تستمتع بلذة الزيادة ، هذا الأحداث التي وقعت في صفرو يمكن أن تنتقل إلى جميع ربوع المغرب . وبذلك نعتبر أن أحداث صفرو جاءت نتيجة إهمال الحكومة لمراقبة الأسعار وتراجعها عن دعم المواد الأساسية وانصراف أعضائها الذين نتمنى أن لا يعودوا إلى كراسي الوزارة ، لأنهم عبروا عن عدم استطاعتهم تحمل المسؤولية فهم لبسوا أهلا لها والدليل على ذلك تركوا الجمل على ما حمل وانطلقوا يتهافتون إلى الحصول على مقاعد جديدة داخل الحكومة. هذه الانتخابات لـ7 شتنبر أظهرت ضعف و هشاشة الطبقة السياسية التي تحكم البلاد ، والتي أكدت الانتخابات 2007 أن هؤلاء الذين يلهثون وراء الحصول على المقاعد في البرلمان والحكومة ليسوا أهلا لتحمل المسؤولية مرة أخرى . لذلك نتيجة الانتخابات 7 شتنبر تؤكد أن الشارع المغربي يرفض هذه الطبقة السياسية التي تسلطت عليه بالمال واستغلال النفوذ ، وتهييء لوائح انتخابية مغشوشة وهذا يؤكد على أن مستقبل هذه الحكومة التي تشكلت من طرف هؤلاء " المهملين " الذين لا يرحمون الشعب المغربي ولا يهتمون بنبضه وحسب تجولي في بعض الأسواق ويا للأسف أصبحنا نرى بعض الأشخاص يشترون " نصف خبزة ؟ " ناقصة في الوزن وزائدة في ثمنها ، و هذا يظهر أن القدرة الشرائية للمواطن،بحيث وصل السكين إلى الحد الأدن
وعن سؤال هل الحكومة المقبلة ستحل المشكل ؟ صرح الأستاذ طارق السباعي قائلا : " لا أعتقد أن الحكومة المقبلة ستحل مشكل الزيادة في الأسعار لأن المواد الأساسية لا يخصص لها أي دعم الآن خاصة الزيت والسكر والدقيق ، حقيقة سمعنا بلاغ وزارة الداخلية أنه سترجع الأسعار إلى ما كانت عليه، أقول أن الأسعار يجب أن تدرس حسب القرة الشرائية للمواطن". .
وعن أحداث صفرو، أضاف الأستاذ طارق السباعي قائلا : " أن هذه الأحداث هي بمثابة ناقوس خطر ، تم دقه بقوة و بعنف ، الشىء الذي سوف يجعل الحكومة تفكر ألف مرة قبل أن تخطط لبرنامجها الذي سوف تعرضه على البرلمان ، فعليها إن كانت تريد الاستقرار لهذا البلد أن تعمل من أجل حل لمشكل البطالة ومشكل الزيادة في الأسعار ، و أن تقوم بمجهودات جبارة في مراقبة الأسعار من المنبع و أن تكون للحكومة خطة معقلنة تجعل رواتب المواطنين تساير وتتلاءم مع الأسعار . فكلما زادت الأسعار يجب أن تزداد الأجور ، فإما أن تزيد في الأجور وتضغط على القطاع بصفة أساسية على تحسين الأوضاع الاجتماعية للشغيلات في كل المجالات، لأن المعادلة في الزيادة في الأسعار والزيادة في الأجور ينبغي أن تكون متناغمة ومتناسبة ، للقدرة الشرائية للمواطنين ، ، إذا لابد من توفير العيش الكريم للمواطن .
**عبد المجيد الراضي: الزيادات التي عرفتها الأسعار هي عبارة عن حرب طبقية ضروس ينهجها النظام المخزني اتجاه المواطنين
وفي تصريح للأستاذ عبد المجيد الراضي عضو بالنهج الديمقراطي، ونقابي، أكد خلال تصريحه لأسبوعية المستقل قائلا: " أحداث صفرو في نظري تعبير عن الوضع المقلق الذي وصلت إليه الأوضاع السياسية و الاجتماعية والاقتصادية للبلاد ، فخلال 7 شتنبر عبرت الجماهير عن رفضها ومقاطعتها لقواعد اللعبة التي هي غياب الديمقراطية حقيقية واليوم جاء التعبير، وبصوت صارخ عن الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية، فالتراجعات التي تعرفها الزيادات في الأسعار و التي هي عبارة عن حرب طبقية ضروس والتي ينهجها النظام المخزني اتجاه المواطنين ، وكان من الطبيعي أن تخرج الجماهير بتظاهرة احتجاجا عن الأوضاع التي تعيشها .
وفي هذا الإطار نعتبر أن التظاهر السلمي الذي قام به المواطنون هو حق مشروع ، ونحمل كامل المسؤولية للسلطات المحلية لكونها ساهمت بشكل كبير في إشعال نار الفتيل في المواجهات التي نتأسف لها ، و على العموم يبقى من حق المواطنين التعبير عن رفضها لهذا الوضع
و أضاف الأستاذ عبد المجيد الراضي على أن هذه الأحداث شبيهة إلى حد كبير بأحداث " كوميرة " التي وقعت خلال سنة 1981 ، فالأولى كانت في عهد إدريس البصري و الآن في عهد وزير داخلية آخر ، ولو أن العهدين مختلفين لكننا وللأسف نجد نفس التوجهات و نفس السياسات وبنفس الاختيارات . إذا لم يتغير في سياسات الحاكمين في هذه البلاد أي شيء وبالتالي الصراع سيستمر مع الاختلافات التي تكون شكلية سواء مع وزير الداخلية أو غيره..
**الأستاذ محمد أبو النصر: نعتبر السياسات اللاوطنية واللاديمقراطية هي سياسة التفقير الجماعي وهي السبب في اندلاع أحداث صفروا
رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالدار البيضاء، ومنسق التنسيقيات مناهضة الزيادة في الأسعار في تصريحه لأسبوعية المستقل ، صرح أن التنسيقية تندد هذه الزيادات المهولة في الخدمات الأساسية كالزيت والسكر والخضر ، فاتورات الماء والكهرباء والنقل ، ونعتبر أن هذه السياسات اللاشعبية واللاوطنية واللاديمقراطية و التي هي سياسة التفقير الجماعي للمواطنين وهي السبب في اندلاع هذه الأحداث. و غير ما مرة تتبعنا خطورة الوضع الاجتماعي التي يعيشها المغرب و غير ما مرة طلبنا من المسئولين أن يكون هناك حوار مباشر معهم على أرضية التراجع على هذه الزيادات ، لكن للأسف المسئولين لم يقدموا على أي شيء يجعل المواطن يحس أن هناك تفكير في التراجع .
و إذا كنا نسجل نقص في ثمن الخبز بإيجاب بعد الزيادة الأخيرة لكن للأسف هناك زيادت أخرى نطلب التراجع فيها ، ونحن في تنسيقية الدار البيضاء عازمين على تصعيد البرنامج النضالي الذي عرفته كل المدن المغربية. .
الأغلبية الصامتة تكلمت...
خروج المواطنين من صمتهم ، خلف موجة من الهيجان الشعبي ، كان سببه غلاء الأسعار ،
غلاء جعل المدن المغربية تعيش على صفيح ساخن لم يطفيء غضبه سوى الخروج للشارع
لكن ما حدث في صفروا فاق كل التوقعات، وأعاد للواجهة أحداث الثمانينات أو ما يعرف بأحداث" كوميرة".
**لقد تحولت مدينة صفروا المعروفة بهدوئها وسكونها إلى بركان من المعارك الضارية بين جموع المحتجين، وقوات الأمن يوم الأحد الماضي، وذلك بعد فشل الغاية السلمية التي توختها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من تنظيم مسيرة سلمية تناهض الزيادات الصاروخية في أسعار المواد الغدائية.
فالحدث لم "يفاجئ" العديد من المتتبعين والمحللين الإجتماعيين الذين يؤكدون أن تواتر الأزمات الإجتماعية والإرتفاعات المسترسلة للأسعار وتأزم المعيشة وانحصار الأجور واستفحال البطالة بشكل قياسي وتوالي سنين الجفاف الذي ساهم من تعميق أزمة العالم القروي وغيرها... كلها مؤشرات على غليان اجتماعي غير معهود أصبحت معالم تصريفه عادية في صور الجرائم والإقتتال بين فئات المجتمع لأسباب تافهة الشيئ الذي ينم عن احتقان مجتمعي بلغ دروته، وهو مؤشر واضح على جاهزية تكراره في العديد من المدن والقرى والبوادي والأحياء الهامشية لكون أسبابه ومسبباته لازالت قائمة..
مسيرة سلمية تتحول إلى انتفاضة شغبية
انطلقت الوقفة الاحتجاجية المنظمة من طرف فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمدينة صفروا.صباح يوم الأحد الماضي ، حيث وفد على ساحة باب المربع بالمدينة ، العشرات من السكان والأهالي القاطنين بمدينة حب الملوك، وذلك قصد المشاركة في مسيرة سلمية غايتها التوصل إلى حل لمعضلة ارتفاع الأسعار التي أنهكت جيوب المواطنين .
وقد بلغ عدد المشاركين في المسيرة ما يزيد عن 2500 شخص وأغلبهم من النساء، وقد دامت الوقفة حوالي 45 دقيقة ورددت خلال الوقفة شعارات مناهضة لإرتفاع الأسعار، من قبيل "عش عش يا مسكين، الخبزة دارت خمسين" ، داعية لإيجاد حل لهذه الأزمة التي حلت بالمغاربة والتي لم تكن في الحسبان، أزمة واكبها شهر رمضان والدخول المدرسي فلم يعد بمستطاع الطبقات الكادحة في المجتمع تملك أعصابها، فكان غليان هذه التظاهرة أمر طبيعي وخير معبر على السخط على الوضعية، ولكن ليس مبررا على ظاهرة الشغب التي عرفتها المدينة والتي قلبت كل الموازين.
وإلى حدود الواحدة زوالا كانت الأمور على ما يرام ، بالرغم من المناوشات الأمنية ، لكن سرعان ماصعد الموقف خاصة بعد التدخل العنيف لأحد رجال الأمن في حق أحد المتظاهرين، في نفس الآن كان عدد الزاحفين للمشاركة في المسيرة يزداد شيئا فشيئا رغم اعتراض قوات الأمن سبيل الوافدين من منطقة البهاليل التي تقع على بعد خمسة كيلومترات من مدينة صفروا، لكن المتظاهرين تمكنوا من الوصول إلى ساحة باب المقام عبر المسالك الجبلية ، وقد احتج المتظاهرون أمام مقر العمالة مطالبين بحضور عامل المدينة لتبليغه احتجاجهم على الزيادة في الأسعار، لكن لسوء الحظ لا قلب لمن تنادي ، فقد رفض المسؤول الأول عن الإقليم الإستجابة لطلب المتظاهرين .
وفي هذه الأثناء كان عدد من أعضاء فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان قد وصلوا أمام الولاية لمعاينة الوضع نظرا لأن ذلك يدخل ضمن طبيعة مهامهم الحقوقية. إلأ أن قوات القمع اعتقلت عضوين من الجمعية وهما عز الدين المنجلي وبدر عرفات، الشئ الذي أدى إلى هيجان وسط المحتجين وسرعان ما تطور الوضع إلى التراشق بالحجارة واندلاع انتفاضة جماهيرية شملت مختلف أحياء المدينة القديمة .
وفي إتصال هاتفي بالسيد مصطفى الرحيني من ساكنة مدينة صفروا صرح لأسبوعية المستقل قائلا :" خرج عدد كبير من الشبان وتجمهروا أمام السجن المحلي محاولين اقتحامه بالعنف، مستعملين في ذلك قنينات الغاز التي تم تفجيرها أمام باب السجن، كما بدت عليه آثار الحريق والتخريب ".
ويضيف نفس المصدر، بأن المتجمهرين قد حاولوا اقتحام بيت مدير السجن، لكن أجهزة الأمن قد عمدت على منعهم بإستخدام آلة طر اكس، التي تعرضت فيما بعد للإحراق بإستخدام ثلاث قنينات غاز من الحجم الصغير .
من لغة الحوارإلى لغة الحجارة
إن منظمي مسيرة صفروا لم يكن في حسبانهم أن السحر سينقلب على الساحر، فالهدف كما يؤكد أعضاء الجمعية كان هو خروج المواطنين للتعبير عن سخطهم عن الوضع المتأزم الذي كان سببه الزيادات الغير متوقعة في أسعار المواد الإستهلاكية ، وبعد تأكد المتظاهرين أن الحل السلمي لن يجدي نفعا عمدوا إلى تبديل الأسلوب من الحوار إلى الحجارة.
فبدأت الحجارة تتقاطر على رجال الأمن ولا تفرق بين البشر والجماد، فكسر زجاج السيارات والمحلات التجارية التي لم تستجب لطلب الإغلاق ، كما تم إلحاق خسائر بمقرات بريد المغرب وإتصالات المغرب،ولم تسلم سيارة عون السلطة من نيران الغضب الشعبي، بحيث تم إحراقها ، وإضرام النار في المقاطعة الحضرية ، وإتلاف وثائق ومستندات ثانوية بئر انزران، نفس الأمر تعرضت له وكالة البنك المغربي للتجارة الخارجية،حيث قدرت حجم الخسائر بمليار سنتيم ، كما تم الهجوم أيضا على الكوميسارية الجديدة والمديرية الإقليمية للشرطة والمحكمة الابتدائية والخزينة العامة، ومؤسسة القرض الفلاحي .
هذا الهيجان الشعبي إستهدف أيضا وكالة ميديتيل وونا بحيث تم إتلاف مايزيد عن 50 هاتف .
كما اقتحم المحتجون منزل البرلماني (أزلماط)، بحيث إعتدوا عليه، قبل أن يتمكن من الفرار بصحبة بعض رفاقه.
وأمام هذا الإنفلات الأمني والغليان الشعبي الذي يذكرنا بأحداث 1981 بالدار البيضاء ، عمدت مصالح الأمن إلى تطويق أزقة ودروب مدينة حب الملوك ، التي تحولت من مدينة هادئة إلى بؤرة إشتعلت فيها النيران وإستعملت فيها الحجارة والهروات، فكان الرد عنيفا من قبل قوات الأمن التي فرقت جموع المحتجين بالقنابل المسيلة للدموع والأسلحة المطاطية .
ضربت عناصر من القوات المسلحة الملكية حصارا على الأحياء الملتهبة بمدينة صفرو ، كما رابضت عناصر أخرى أمام المصالح والمؤسسات التي شهدت انتفاضة السكان الغاضبين عليها يوم الأحداث الدامية
وشهد حي "حبونة" بالمدينة ذاتها ن وهو الحي الذي شهد أعنف المواجهات بين رجال الأمن والمحتجين حصارا ، إذا واصلت سيارات رجال الأمن وأفراد القوات المساعدة المرابضة في أهم زوايا الشارع تحسبا لأي طارئ ، خصوصا أمام استنكار السكان لعشوائية
الحصيلة ثقيلة في صفوف المتظاهرين
وإذا كانت نتيجة الغليان الشعبي هي تخريب المنشئات العمومية ، فإن الحصيلة على مستوى المتظاهرين وأفراد الأمن ، كانت ثقيلة ، فحسب تصريح مسؤول أمني لأسبوعية " المستقل" فإن خمسون فردا من رجال الأمن أصيبوا بجروح متفاوتة الخطورة ، ومن بينهم رئيس الدائرة الذي تعرض لكسر على مستوى الرجل ، كما أصيب عميد الأمن الإقليمي بصفر وبجروح بليغة على مستوى الوجه ، كما أصيب مسؤول جهوي في يده
هذا وأصيب حسب نفس المسؤول خمسة وثلاثون من المحتجين ، الذين خضعوا للعلاج بالمستشفى ، بينما فضل آخرون تلقي العلاج بمنازلهم خوفا من الإعتقال، كما أكد بأن الإعتقالات ما تزال متواصلة في صفوف المشتبه في تورطهم في الأحداث الدامية التي
عرفتها مدينة صفروا والتي حركت حالة الإستنفار الأمني .
فهذه الأحداث الدامية تسببت في إصابة 45 عنصر من الشرطة، ثلاثة منهم في وضعية خطيرة، إذ أصيبوا بكسور.
وفي السياق ذاته تم إعتقال أكثر من ثمانية وثلاثون شخصا من بينهم أربعة ينتمون إلى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تم عرضهم في نفس اليوم على أنظار الوكيل العام للملك بمحكمة الإستئناف بفاس .
في مساء يوم الأحد توجه أعضاء فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان نحو مكان الإعتقال، للعمل على إطلاق سراح المعتقلين، لكن السلطات قامت باعتقال عضوين آخرين من الجمعية هما كمال لمريني ومحمد لعموش، وقد أفرج عن هذا الأخير بينما تم الاحتفاظ بالباقي لتقديمهم إلى غرفة الجنايات صباح يوم الإثنين 24 شتنبر 2007 القديمة.
ومتوقع أن يتابع المعتقلون بتهم التخريب والإتلاف التي تصل عقوبتها إلى 20 سنة سجنا، بحسب القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية إذا تبث في حقهم فعل إضرام النار والتجمهر، وقد تم عرضهم بحسب مصادرنا صباح يوم الإثنين الماضي من طرف الغرفة الولائية للشرطة القضائية على غرفة الجنايات بمحكمة الإستئناف بفاس،
ما بعد الإنتفاضة
إستمرت المواجهات إلى غاية الساعة السادسة بعد الزوال ، إعتقل خلالها المزيد من المتجمهرين، وفور تطور تداعيات الأحداث ، أعطت المصالح الأمنيية المركزية أوامر مشددة بضرورة تضييق الخناق على الأحياء الشعبية من خلال تقوية نقط المراقبة الأمنية خوفا من إنتقال العدوى إلى باقي المدن المغربية .
وإستعادت المدينة صباح يوم الإثنين الماضي سكونها النسبي خاصة بعد حضر التجول الذي كان سببه الغليان الشعبي والإنتفاضة الشغبية التي عاشتها المدينة الهادئة، بحيث بدت العديد من الأماكن التي طالها التلف والتخريب كأنها خرجت للتو من حرب ضروس كانت مخلفاتها كارثية على ساكنة المدينة، التي بدت على وجوهها علامات الذعر والخوف خاصة بعد موجة الحملات التمشيطية التي إعتقل من خلال عدد مهم من المشتبه فيهم وأغلبهم شباب طائش ، ساهموا في تعميق الأزمة بدل حلها سلميا.
فعادت الحياة شبه طبيعية داخل أزقة وشوارع المدينة المنسية مع سيطرة هدوء خطير كالذي يسبق العاصفة، باستثناء المناقشة هنا وهناك بين الساكنة حول الأسماء المعتقلة ومقر سكناها وأبناء من، وحول سلوكها السابق ،ودورها في الأحداث الجارية..
وظلت العيون الجافة والوجوه شاحبة لساكنة المدينة التي تتابع بقوة تحقيقات وأسئلة الضيوف والغرباء(من صحافيين ومحققين سريين وعلنيين) .
هذه المدينة التي اعتادت الهدوء والسكينة والتآلف والتآخي (رغم الارتفاع المهول لمؤشر البؤس والفقر خلال السنين الأخيرة)
. يقول شاهد عيان ، بغض النظر عن الأخبار الواردة من مدينة فاس حول إطلاق سراح بعض الشبان المعتقلين على ضوء الأحداث الأخيرة والذين في أغلبهم مراهقون وسنهم لا يتعدى العشرين، فإن الحدث فريد من نوعه و يذكرنا بأحداث مماثلة وقعت بالبيضاء وبفاس بداية الثمانينات والتسعينات،غير أن ما وقع في مدينة صفروا يستدعي من الجميع وضع الحدث في سياقه العام بما يتطلبه من طرح للأسئلة العميقة والواقعية لأنه يبعث برسائل قوية تتطلب الشجاعة في التشخيص والجرأة في التحليل..
وهكذا عاد الهدوء الشكلي للمدينة لينطلق نقاشا ساخنا وضجيجا فكريا داخل تراب المغرب برمته (والأكيد أن الحدث سيبلغ أقصى نقطة في العالم بالنظر إلى القراءات المتعددة التي انطلقت داخل وسائل الإعلام الدولية)، تلوكه ألسنة كل النخب وكل المسؤولين وكل المجتمع المدني وكل الشعب باعتبار الجميع في سفينة واحدة وأي ثقب في أسفلها قد يغرق الجميع.
ودون الحديث عن أهمية موقع ومكانة المدينة التي بعثت بصورة مفاجئة الرسائل المعنية .
**قاضي التحقيق بفاس يستنطق 32 شخصا من بينهم 4 قاصرين
أحيل يوم الاثنين الماضي على قاضي التحقيق بمدينة فاس 32 شخصا من بينهم 4 قاصرين، أغلبهم ينحدرون من مناطق و أحياء مختلفة بصفرو ، وقد تمت متابعتهم من طرف النيابة العامة من أجل إضرام النار وتخريب و إتلاف ممتلكات الدولة و الرشق بالحجارة ووضع متاريس و التظاهر بدون ترخيص .
وقد دام التحقيق مع الموقوفين عدة ساعات ، وحسب مصادر مطلعة عاين قاضي التحقيق آثار التعذيب ـــــ الضرب ، والتعنيف ــــ التي كانت بادية عليهم خاصة التي تعرض لها 6 متهمين . وقد أحيل المتهمون على سجن عين قادوس، فيما أحيل القاصرون على مركز الإصلاح عبد العزيز بن إدريس بفاس.
وقد استعادت مدينة صفرو، صباح يوم الثلاثاء الماضي ، هدوءها النسبي بعد أن عرفت مواجهات دامية اندلعت يوم الأحد الماضي، وحسب مصادر أمنية أكدت "للمستقل" أن تعزيزات أمنية مكونة من القوات المساعدة وعناصر التدخل السريع " السيمي" استقدمت من فاس ومكناس وحتى من الرباط، بهدف التخفيف من التوتر ووقف أعمال العنف التي أدت إلى تسجيل خسائر مادية فادحة.
وذكرت المصادر أن حملات نفذت في عدد من أحياء المدينة بحثا عن متورطين في هذه الأحداث، مبرزة أن مصالح الأمن اعتقلت مجموعة من المشتبه بهم، دون تحديد عددهم أو كشف هويتهم.
أما عدد المصابين فاختلفت الروايات بين الرسمية التي حصرت عددهم في 68 أغلبهم من رجال الأمن،وتقديرات مصادر حقوقية التي أشارت إلى أن رقم الجرحى تجاوز 120، مجموعة كبيرة منهم لم تقصد المستشفى خوفا من اعتقالها، فيما فرت بعض العناصر خارج المدينة في اتجاه فاس.
وفي هذا الإطار صرح خالد أفتحي، رئيس فرع الجمعية المغربية بصفرو، أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ، تقوم بزيارات لعائلات المعتقلين للاطمئنان عليهم،وتحديد هوياتهم، خاصة أن الأمن قام باعتقالات جديدة بعد توقف المواجهات. وردا على تحميل الجمعية مسؤولية ما وقع ، وتنظيم وقفة احتجاجية لم تكن موضوع أي تصريح مسبق، ولا ترخيص قانوني من طرف السلطات المحلية المعنية، كما ينص على ذلك القانون، أوضح أفتحي، أن الجمعية لا تتحمل أي مسؤولية في ما حدث، وكل ما يمكن محاسبتها عليه هو ما جرى منذ الحادية عشرة صباحا من يوم الأحد إلى غاية الحادية عشرة وخمسة أربعين دقيقة موعد انتهاء الوقفة.
وأضاف نفس المصدر أنه بعد إلقاء الكلمة الختامية تمت مناشدة السكان بتفريق التظاهرة بطريقة سلمية غير أن المحتجين كانوا في أقصى درجات الغليان فقرروا التوجه إلى مقر العمالة دون تأطير..
واعتبر أفتحي أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، لا محليا ولا مركزيا في علاقتها مع الوقفات لاتقدم تصريحا لدى السلطات المختصة، مبرزة أن هذه العملية قانونية ويضمنها ظهير 1958 الذي لا ينص على وجوب تقديم تصريح في هذا النوع من الاحتجاجات، وبالتالي تبقى قانونية مادام الأصل في الأشياء هو الإباحة..
أحداث صفروا، هي بمثابة ناقوس خطر ، تم دقه بقوة و بعنف **
وفي تصريح للأستاذ محمد طارق السباعي رئيس الهيأة الوطنية لحماية المال العام السلطة، ومحامي بهيئة الرباط، لأسبوعية "المستقل" ، أن هذه الزيادة الصاروخية في الأسعار التي عرفها المغرب مؤخرا ، هي نتيجة لانخراط الحكومة بمختلف مكوناتها السياسية في الانتخابات ، وتركت المسؤولية في مراقبة القوت اليومي للمواطنين ، انشغلت هذه الأحزاب بالعملية الانتخابية و البحث عن الأصوات للحفاظ على هذه المراكز ، وترك الأمر إلى تجار سوق السوداء والمضاربين الذين استهدفوا صميم جيوب المستضعفين المسحوقين والمتناقضة مصالحهم مع مصالح هؤلاء الوزراء والحكومة ، فأجهزوا على ما تبقى من الدريهمات التي يتقضاها هؤلاء على رأس كل شهر أو على رأس كل أسبوع..
وبمواكبة هذه الظروف موسم رمضان و الانتخابات ، والدخول المدرسي والجفاف ، ساعد هذه الفئة المضاربة التي لا ترحم الطبقات الشعبية المقهورة ، فحددت أسعارا على حسب مقاسها وانتهاز الفرصة وسط غياب الحكومة التام طيلة فترة تحضير الانتخابات ، وبعدها مما أدى إلى احتقان الشارع المغربي ، وكانت الوقفة التي دعت إليها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمدينة صفرو وقفة سلمية جوبهت من طرف القوات الأمن للاستفزاز والضرب و إطلاق النار المطاطي والقنابل المسيلة للدموع مما يؤكد على أن هذا الهجوم على الوقفة السلمية التي قامت بها طبقة شعبية تحتج على هذا الاستفزاز والقهر الذي باتوا يعرفونه خاصة بعدما أصبحوا يستفيقون كل صباح على الزيارة في الأثمنة الغذائية دون أن يكون هناك أي تدخل من الدولة التي تستمتع بلذة الزيادة ، هذا الأحداث التي وقعت في صفرو يمكن أن تنتقل إلى جميع ربوع المغرب . وبذلك نعتبر أن أحداث صفرو جاءت نتيجة إهمال الحكومة لمراقبة الأسعار وتراجعها عن دعم المواد الأساسية وانصراف أعضائها الذين نتمنى أن لا يعودوا إلى كراسي الوزارة ، لأنهم عبروا عن عدم استطاعتهم تحمل المسؤولية فهم لبسوا أهلا لها والدليل على ذلك تركوا الجمل على ما حمل وانطلقوا يتهافتون إلى الحصول على مقاعد جديدة داخل الحكومة. هذه الانتخابات لـ7 شتنبر أظهرت ضعف و هشاشة الطبقة السياسية التي تحكم البلاد ، والتي أكدت الانتخابات 2007 أن هؤلاء الذين يلهثون وراء الحصول على المقاعد في البرلمان والحكومة ليسوا أهلا لتحمل المسؤولية مرة أخرى . لذلك نتيجة الانتخابات 7 شتنبر تؤكد أن الشارع المغربي يرفض هذه الطبقة السياسية التي تسلطت عليه بالمال واستغلال النفوذ ، وتهييء لوائح انتخابية مغشوشة وهذا يؤكد على أن مستقبل هذه الحكومة التي تشكلت من طرف هؤلاء " المهملين " الذين لا يرحمون الشعب المغربي ولا يهتمون بنبضه وحسب تجولي في بعض الأسواق ويا للأسف أصبحنا نرى بعض الأشخاص يشترون " نصف خبزة ؟ " ناقصة في الوزن وزائدة في ثمنها ، و هذا يظهر أن القدرة الشرائية للمواطن،بحيث وصل السكين إلى الحد الأدن
وعن سؤال هل الحكومة المقبلة ستحل المشكل ؟ صرح الأستاذ طارق السباعي قائلا : " لا أعتقد أن الحكومة المقبلة ستحل مشكل الزيادة في الأسعار لأن المواد الأساسية لا يخصص لها أي دعم الآن خاصة الزيت والسكر والدقيق ، حقيقة سمعنا بلاغ وزارة الداخلية أنه سترجع الأسعار إلى ما كانت عليه، أقول أن الأسعار يجب أن تدرس حسب القرة الشرائية للمواطن". .
وعن أحداث صفرو، أضاف الأستاذ طارق السباعي قائلا : " أن هذه الأحداث هي بمثابة ناقوس خطر ، تم دقه بقوة و بعنف ، الشىء الذي سوف يجعل الحكومة تفكر ألف مرة قبل أن تخطط لبرنامجها الذي سوف تعرضه على البرلمان ، فعليها إن كانت تريد الاستقرار لهذا البلد أن تعمل من أجل حل لمشكل البطالة ومشكل الزيادة في الأسعار ، و أن تقوم بمجهودات جبارة في مراقبة الأسعار من المنبع و أن تكون للحكومة خطة معقلنة تجعل رواتب المواطنين تساير وتتلاءم مع الأسعار . فكلما زادت الأسعار يجب أن تزداد الأجور ، فإما أن تزيد في الأجور وتضغط على القطاع بصفة أساسية على تحسين الأوضاع الاجتماعية للشغيلات في كل المجالات، لأن المعادلة في الزيادة في الأسعار والزيادة في الأجور ينبغي أن تكون متناغمة ومتناسبة ، للقدرة الشرائية للمواطنين ، ، إذا لابد من توفير العيش الكريم للمواطن .
**عبد المجيد الراضي: الزيادات التي عرفتها الأسعار هي عبارة عن حرب طبقية ضروس ينهجها النظام المخزني اتجاه المواطنين
وفي تصريح للأستاذ عبد المجيد الراضي عضو بالنهج الديمقراطي، ونقابي، أكد خلال تصريحه لأسبوعية المستقل قائلا: " أحداث صفرو في نظري تعبير عن الوضع المقلق الذي وصلت إليه الأوضاع السياسية و الاجتماعية والاقتصادية للبلاد ، فخلال 7 شتنبر عبرت الجماهير عن رفضها ومقاطعتها لقواعد اللعبة التي هي غياب الديمقراطية حقيقية واليوم جاء التعبير، وبصوت صارخ عن الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية، فالتراجعات التي تعرفها الزيادات في الأسعار و التي هي عبارة عن حرب طبقية ضروس والتي ينهجها النظام المخزني اتجاه المواطنين ، وكان من الطبيعي أن تخرج الجماهير بتظاهرة احتجاجا عن الأوضاع التي تعيشها .
وفي هذا الإطار نعتبر أن التظاهر السلمي الذي قام به المواطنون هو حق مشروع ، ونحمل كامل المسؤولية للسلطات المحلية لكونها ساهمت بشكل كبير في إشعال نار الفتيل في المواجهات التي نتأسف لها ، و على العموم يبقى من حق المواطنين التعبير عن رفضها لهذا الوضع
و أضاف الأستاذ عبد المجيد الراضي على أن هذه الأحداث شبيهة إلى حد كبير بأحداث " كوميرة " التي وقعت خلال سنة 1981 ، فالأولى كانت في عهد إدريس البصري و الآن في عهد وزير داخلية آخر ، ولو أن العهدين مختلفين لكننا وللأسف نجد نفس التوجهات و نفس السياسات وبنفس الاختيارات . إذا لم يتغير في سياسات الحاكمين في هذه البلاد أي شيء وبالتالي الصراع سيستمر مع الاختلافات التي تكون شكلية سواء مع وزير الداخلية أو غيره..
**الأستاذ محمد أبو النصر: نعتبر السياسات اللاوطنية واللاديمقراطية هي سياسة التفقير الجماعي وهي السبب في اندلاع أحداث صفروا
رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالدار البيضاء، ومنسق التنسيقيات مناهضة الزيادة في الأسعار في تصريحه لأسبوعية المستقل ، صرح أن التنسيقية تندد هذه الزيادات المهولة في الخدمات الأساسية كالزيت والسكر والخضر ، فاتورات الماء والكهرباء والنقل ، ونعتبر أن هذه السياسات اللاشعبية واللاوطنية واللاديمقراطية و التي هي سياسة التفقير الجماعي للمواطنين وهي السبب في اندلاع هذه الأحداث. و غير ما مرة تتبعنا خطورة الوضع الاجتماعي التي يعيشها المغرب و غير ما مرة طلبنا من المسئولين أن يكون هناك حوار مباشر معهم على أرضية التراجع على هذه الزيادات ، لكن للأسف المسئولين لم يقدموا على أي شيء يجعل المواطن يحس أن هناك تفكير في التراجع .
و إذا كنا نسجل نقص في ثمن الخبز بإيجاب بعد الزيادة الأخيرة لكن للأسف هناك زيادت أخرى نطلب التراجع فيها ، ونحن في تنسيقية الدار البيضاء عازمين على تصعيد البرنامج النضالي الذي عرفته كل المدن المغربية. .
سكان صفروا يعيدون للواجهة إنتفاضة كوميرة إلى الواجهة
الأغلبية الصامتة تكلمت...
خروج المواطنين من صمتهم ، خلف موجة من الهيجان الشعبي ، كان سببه غلاء الأسعار ،
غلاء جعل المدن المغربية تعيش على صفيح ساخن لم يطفيء غضبه سوى الخروج للشارع
لكن ما حدث في صفروا فاق كل التوقعات، وأعاد للواجهة أحداث الثمانينات أو ما يعرف بأحداث" كوميرة".
**لقد تحولت مدينة صفروا المعروفة بهدوئها وسكونها إلى بركان من المعارك الضارية بين جموع المحتجين، وقوات الأمن يوم الأحد الماضي، وذلك بعد فشل الغاية السلمية التي توختها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من تنظيم مسيرة سلمية تناهض الزيادات الصاروخية في أسعار المواد الغدائية.
فالحدث لم "يفاجئ" العديد من المتتبعين والمحللين الإجتماعيين الذين يؤكدون أن تواتر الأزمات الإجتماعية والإرتفاعات المسترسلة للأسعار وتأزم المعيشة وانحصار الأجور واستفحال البطالة بشكل قياسي وتوالي سنين الجفاف الذي ساهم من تعميق أزمة العالم القروي وغيرها... كلها مؤشرات على غليان اجتماعي غير معهود أصبحت معالم تصريفه عادية في صور الجرائم والإقتتال بين فئات المجتمع لأسباب تافهة الشيئ الذي ينم عن احتقان مجتمعي بلغ دروته، وهو مؤشر واضح على جاهزية تكراره في العديد من المدن والقرى والبوادي والأحياء الهامشية لكون أسبابه ومسبباته لازالت قائمة..
مسيرة سلمية تتحول إلى انتفاضة شغبية
انطلقت الوقفة الاحتجاجية المنظمة من طرف فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمدينة صفروا.صباح يوم الأحد الماضي ، حيث وفد على ساحة باب المربع بالمدينة ، العشرات من السكان والأهالي القاطنين بمدينة حب الملوك، وذلك قصد المشاركة في مسيرة سلمية غايتها التوصل إلى حل لمعضلة ارتفاع الأسعار التي أنهكت جيوب المواطنين .
وقد بلغ عدد المشاركين في المسيرة ما يزيد عن 2500 شخص وأغلبهم من النساء، وقد دامت الوقفة حوالي 45 دقيقة ورددت خلال الوقفة شعارات مناهضة لإرتفاع الأسعار، من قبيل "عش عش يا مسكين، الخبزة دارت خمسين" ، داعية لإيجاد حل لهذه الأزمة التي حلت بالمغاربة والتي لم تكن في الحسبان، أزمة واكبها شهر رمضان والدخول المدرسي فلم يعد بمستطاع الطبقات الكادحة في المجتمع تملك أعصابها، فكان غليان هذه التظاهرة أمر طبيعي وخير معبر على السخط على الوضعية، ولكن ليس مبررا على ظاهرة الشغب التي عرفتها المدينة والتي قلبت كل الموازين.
وإلى حدود الواحدة زوالا كانت الأمور على ما يرام ، بالرغم من المناوشات الأمنية ، لكن سرعان ماصعد الموقف خاصة بعد التدخل العنيف لأحد رجال الأمن في حق أحد المتظاهرين، في نفس الآن كان عدد الزاحفين للمشاركة في المسيرة يزداد شيئا فشيئا رغم اعتراض قوات الأمن سبيل الوافدين من منطقة البهاليل التي تقع على بعد خمسة كيلومترات من مدينة صفروا، لكن المتظاهرين تمكنوا من الوصول إلى ساحة باب المقام عبر المسالك الجبلية ، وقد احتج المتظاهرون أمام مقر العمالة مطالبين بحضور عامل المدينة لتبليغه احتجاجهم على الزيادة في الأسعار، لكن لسوء الحظ لا قلب لمن تنادي ، فقد رفض المسؤول الأول عن الإقليم الإستجابة لطلب المتظاهرين .
وفي هذه الأثناء كان عدد من أعضاء فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان قد وصلوا أمام الولاية لمعاينة الوضع نظرا لأن ذلك يدخل ضمن طبيعة مهامهم الحقوقية. إلأ أن قوات القمع اعتقلت عضوين من الجمعية وهما عز الدين المنجلي وبدر عرفات، الشئ الذي أدى إلى هيجان وسط المحتجين وسرعان ما تطور الوضع إلى التراشق بالحجارة واندلاع انتفاضة جماهيرية شملت مختلف أحياء المدينة القديمة .
وفي إتصال هاتفي بالسيد مصطفى الرحيني من ساكنة مدينة صفروا صرح لأسبوعية المستقل قائلا :" خرج عدد كبير من الشبان وتجمهروا أمام السجن المحلي محاولين اقتحامه بالعنف، مستعملين في ذلك قنينات الغاز التي تم تفجيرها أمام باب السجن، كما بدت عليه آثار الحريق والتخريب ".
ويضيف نفس المصدر، بأن المتجمهرين قد حاولوا اقتحام بيت مدير السجن، لكن أجهزة الأمن قد عمدت على منعهم بإستخدام آلة طر اكس، التي تعرضت فيما بعد للإحراق بإستخدام ثلاث قنينات غاز من الحجم الصغير .
من لغة الحوارإلى لغة الحجارة
إن منظمي مسيرة صفروا لم يكن في حسبانهم أن السحر سينقلب على الساحر، فالهدف كما يؤكد أعضاء الجمعية كان هو خروج المواطنين للتعبير عن سخطهم عن الوضع المتأزم الذي كان سببه الزيادات الغير متوقعة في أسعار المواد الإستهلاكية ، وبعد تأكد المتظاهرين أن الحل السلمي لن يجدي نفعا عمدوا إلى تبديل الأسلوب من الحوار إلى الحجارة.
فبدأت الحجارة تتقاطر على رجال الأمن ولا تفرق بين البشر والجماد، فكسر زجاج السيارات والمحلات التجارية التي لم تستجب لطلب الإغلاق ، كما تم إلحاق خسائر بمقرات بريد المغرب وإتصالات المغرب،ولم تسلم سيارة عون السلطة من نيران الغضب الشعبي، بحيث تم إحراقها ، وإضرام النار في المقاطعة الحضرية ، وإتلاف وثائق ومستندات ثانوية بئر انزران، نفس الأمر تعرضت له وكالة البنك المغربي للتجارة الخارجية،حيث قدرت حجم الخسائر بمليار سنتيم ، كما تم الهجوم أيضا على الكوميسارية الجديدة والمديرية الإقليمية للشرطة والمحكمة الابتدائية والخزينة العامة، ومؤسسة القرض الفلاحي .
هذا الهيجان الشعبي إستهدف أيضا وكالة ميديتيل وونا بحيث تم إتلاف مايزيد عن 50 هاتف .
كما اقتحم المحتجون منزل البرلماني (أزلماط)، بحيث إعتدوا عليه، قبل أن يتمكن من الفرار بصحبة بعض رفاقه.
وأمام هذا الإنفلات الأمني والغليان الشعبي الذي يذكرنا بأحداث 1981 بالدار البيضاء ، عمدت مصالح الأمن إلى تطويق أزقة ودروب مدينة حب الملوك ، التي تحولت من مدينة هادئة إلى بؤرة إشتعلت فيها النيران وإستعملت فيها الحجارة والهروات، فكان الرد عنيفا من قبل قوات الأمن التي فرقت جموع المحتجين بالقنابل المسيلة للدموع والأسلحة المطاطية .
ضربت عناصر من القوات المسلحة الملكية حصارا على الأحياء الملتهبة بمدينة صفرو ، كما رابضت عناصر أخرى أمام المصالح والمؤسسات التي شهدت انتفاضة السكان الغاضبين عليها يوم الأحداث الدامية
وشهد حي "حبونة" بالمدينة ذاتها ن وهو الحي الذي شهد أعنف المواجهات بين رجال الأمن والمحتجين حصارا ، إذا واصلت سيارات رجال الأمن وأفراد القوات المساعدة المرابضة في أهم زوايا الشارع تحسبا لأي طارئ ، خصوصا أمام استنكار السكان لعشوائية
الحصيلة ثقيلة في صفوف المتظاهرين
وإذا كانت نتيجة الغليان الشعبي هي تخريب المنشئات العمومية ، فإن الحصيلة على مستوى المتظاهرين وأفراد الأمن ، كانت ثقيلة ، فحسب تصريح مسؤول أمني لأسبوعية " المستقل" فإن خمسون فردا من رجال الأمن أصيبوا بجروح متفاوتة الخطورة ، ومن بينهم رئيس الدائرة الذي تعرض لكسر على مستوى الرجل ، كما أصيب عميد الأمن الإقليمي بصفر وبجروح بليغة على مستوى الوجه ، كما أصيب مسؤول جهوي في يده
هذا وأصيب حسب نفس المسؤول خمسة وثلاثون من المحتجين ، الذين خضعوا للعلاج بالمستشفى ، بينما فضل آخرون تلقي العلاج بمنازلهم خوفا من الإعتقال، كما أكد بأن الإعتقالات ما تزال متواصلة في صفوف المشتبه في تورطهم في الأحداث الدامية التي
عرفتها مدينة صفروا والتي حركت حالة الإستنفار الأمني .
فهذه الأحداث الدامية تسببت في إصابة 45 عنصر من الشرطة، ثلاثة منهم في وضعية خطيرة، إذ أصيبوا بكسور.
وفي السياق ذاته تم إعتقال أكثر من ثمانية وثلاثون شخصا من بينهم أربعة ينتمون إلى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تم عرضهم في نفس اليوم على أنظار الوكيل العام للملك بمحكمة الإستئناف بفاس .
في مساء يوم الأحد توجه أعضاء فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان نحو مكان الإعتقال، للعمل على إطلاق سراح المعتقلين، لكن السلطات قامت باعتقال عضوين آخرين من الجمعية هما كمال لمريني ومحمد لعموش، وقد أفرج عن هذا الأخير بينما تم الاحتفاظ بالباقي لتقديمهم إلى غرفة الجنايات صباح يوم الإثنين 24 شتنبر 2007 القديمة.
ومتوقع أن يتابع المعتقلون بتهم التخريب والإتلاف التي تصل عقوبتها إلى 20 سنة سجنا، بحسب القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية إذا تبث في حقهم فعل إضرام النار والتجمهر، وقد تم عرضهم بحسب مصادرنا صباح يوم الإثنين الماضي من طرف الغرفة الولائية للشرطة القضائية على غرفة الجنايات بمحكمة الإستئناف بفاس،
ما بعد الإنتفاضة
إستمرت المواجهات إلى غاية الساعة السادسة بعد الزوال ، إعتقل خلالها المزيد من المتجمهرين، وفور تطور تداعيات الأحداث ، أعطت المصالح الأمنيية المركزية أوامر مشددة بضرورة تضييق الخناق على الأحياء الشعبية من خلال تقوية نقط المراقبة الأمنية خوفا من إنتقال العدوى إلى باقي المدن المغربية .
وإستعادت المدينة صباح يوم الإثنين الماضي سكونها النسبي خاصة بعد حضر التجول الذي كان سببه الغليان الشعبي والإنتفاضة الشغبية التي عاشتها المدينة الهادئة، بحيث بدت العديد من الأماكن التي طالها التلف والتخريب كأنها خرجت للتو من حرب ضروس كانت مخلفاتها كارثية على ساكنة المدينة، التي بدت على وجوهها علامات الذعر والخوف خاصة بعد موجة الحملات التمشيطية التي إعتقل من خلال عدد مهم من المشتبه فيهم وأغلبهم شباب طائش ، ساهموا في تعميق الأزمة بدل حلها سلميا.
فعادت الحياة شبه طبيعية داخل أزقة وشوارع المدينة المنسية مع سيطرة هدوء خطير كالذي يسبق العاصفة، باستثناء المناقشة هنا وهناك بين الساكنة حول الأسماء المعتقلة ومقر سكناها وأبناء من، وحول سلوكها السابق ،ودورها في الأحداث الجارية..
وظلت العيون الجافة والوجوه شاحبة لساكنة المدينة التي تتابع بقوة تحقيقات وأسئلة الضيوف والغرباء(من صحافيين ومحققين سريين وعلنيين) .
هذه المدينة التي اعتادت الهدوء والسكينة والتآلف والتآخي (رغم الارتفاع المهول لمؤشر البؤس والفقر خلال السنين الأخيرة)
. يقول شاهد عيان ، بغض النظر عن الأخبار الواردة من مدينة فاس حول إطلاق سراح بعض الشبان المعتقلين على ضوء الأحداث الأخيرة والذين في أغلبهم مراهقون وسنهم لا يتعدى العشرين، فإن الحدث فريد من نوعه و يذكرنا بأحداث مماثلة وقعت بالبيضاء وبفاس بداية الثمانينات والتسعينات،غير أن ما وقع في مدينة صفروا يستدعي من الجميع وضع الحدث في سياقه العام بما يتطلبه من طرح للأسئلة العميقة والواقعية لأنه يبعث برسائل قوية تتطلب الشجاعة في التشخيص والجرأة في التحليل..
وهكذا عاد الهدوء الشكلي للمدينة لينطلق نقاشا ساخنا وضجيجا فكريا داخل تراب المغرب برمته (والأكيد أن الحدث سيبلغ أقصى نقطة في العالم بالنظر إلى القراءات المتعددة التي انطلقت داخل وسائل الإعلام الدولية)، تلوكه ألسنة كل النخب وكل المسؤولين وكل المجتمع المدني وكل الشعب باعتبار الجميع في سفينة واحدة وأي ثقب في أسفلها قد يغرق الجميع.
ودون الحديث عن أهمية موقع ومكانة المدينة التي بعثت بصورة مفاجئة الرسائل المعنية .
**قاضي التحقيق بفاس يستنطق 32 شخصا من بينهم 4 قاصرين
أحيل يوم الاثنين الماضي على قاضي التحقيق بمدينة فاس 32 شخصا من بينهم 4 قاصرين، أغلبهم ينحدرون من مناطق و أحياء مختلفة بصفرو ، وقد تمت متابعتهم من طرف النيابة العامة من أجل إضرام النار وتخريب و إتلاف ممتلكات الدولة و الرشق بالحجارة ووضع متاريس و التظاهر بدون ترخيص .
وقد دام التحقيق مع الموقوفين عدة ساعات ، وحسب مصادر مطلعة عاين قاضي التحقيق آثار التعذيب ـــــ الضرب ، والتعنيف ــــ التي كانت بادية عليهم خاصة التي تعرض لها 6 متهمين . وقد أحيل المتهمون على سجن عين قادوس، فيما أحيل القاصرون على مركز الإصلاح عبد العزيز بن إدريس بفاس.
وقد استعادت مدينة صفرو، صباح يوم الثلاثاء الماضي ، هدوءها النسبي بعد أن عرفت مواجهات دامية اندلعت يوم الأحد الماضي، وحسب مصادر أمنية أكدت "للمستقل" أن تعزيزات أمنية مكونة من القوات المساعدة وعناصر التدخل السريع " السيمي" استقدمت من فاس ومكناس وحتى من الرباط، بهدف التخفيف من التوتر ووقف أعمال العنف التي أدت إلى تسجيل خسائر مادية فادحة.
وذكرت المصادر أن حملات نفذت في عدد من أحياء المدينة بحثا عن متورطين في هذه الأحداث، مبرزة أن مصالح الأمن اعتقلت مجموعة من المشتبه بهم، دون تحديد عددهم أو كشف هويتهم.
أما عدد المصابين فاختلفت الروايات بين الرسمية التي حصرت عددهم في 68 أغلبهم من رجال الأمن،وتقديرات مصادر حقوقية التي أشارت إلى أن رقم الجرحى تجاوز 120، مجموعة كبيرة منهم لم تقصد المستشفى خوفا من اعتقالها، فيما فرت بعض العناصر خارج المدينة في اتجاه فاس.
وفي هذا الإطار صرح خالد أفتحي، رئيس فرع الجمعية المغربية بصفرو، أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ، تقوم بزيارات لعائلات المعتقلين للاطمئنان عليهم،وتحديد هوياتهم، خاصة أن الأمن قام باعتقالات جديدة بعد توقف المواجهات. وردا على تحميل الجمعية مسؤولية ما وقع ، وتنظيم وقفة احتجاجية لم تكن موضوع أي تصريح مسبق، ولا ترخيص قانوني من طرف السلطات المحلية المعنية، كما ينص على ذلك القانون، أوضح أفتحي، أن الجمعية لا تتحمل أي مسؤولية في ما حدث، وكل ما يمكن محاسبتها عليه هو ما جرى منذ الحادية عشرة صباحا من يوم الأحد إلى غاية الحادية عشرة وخمسة أربعين دقيقة موعد انتهاء الوقفة.
وأضاف نفس المصدر أنه بعد إلقاء الكلمة الختامية تمت مناشدة السكان بتفريق التظاهرة بطريقة سلمية غير أن المحتجين كانوا في أقصى درجات الغليان فقرروا التوجه إلى مقر العمالة دون تأطير..
واعتبر أفتحي أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، لا محليا ولا مركزيا في علاقتها مع الوقفات لاتقدم تصريحا لدى السلطات المختصة، مبرزة أن هذه العملية قانونية ويضمنها ظهير 1958 الذي لا ينص على وجوب تقديم تصريح في هذا النوع من الاحتجاجات، وبالتالي تبقى قانونية مادام الأصل في الأشياء هو الإباحة..
أحداث صفروا، هي بمثابة ناقوس خطر ، تم دقه بقوة و بعنف **
وفي تصريح للأستاذ محمد طارق السباعي رئيس الهيأة الوطنية لحماية المال العام السلطة، ومحامي بهيئة الرباط، لأسبوعية "المستقل" ، أن هذه الزيادة الصاروخية في الأسعار التي عرفها المغرب مؤخرا ، هي نتيجة لانخراط الحكومة بمختلف مكوناتها السياسية في الانتخابات ، وتركت المسؤولية في مراقبة القوت اليومي للمواطنين ، انشغلت هذه الأحزاب بالعملية الانتخابية و البحث عن الأصوات للحفاظ على هذه المراكز ، وترك الأمر إلى تجار سوق السوداء والمضاربين الذين استهدفوا صميم جيوب المستضعفين المسحوقين والمتناقضة مصالحهم مع مصالح هؤلاء الوزراء والحكومة ، فأجهزوا على ما تبقى من الدريهمات التي يتقضاها هؤلاء على رأس كل شهر أو على رأس كل أسبوع..
وبمواكبة هذه الظروف موسم رمضان و الانتخابات ، والدخول المدرسي والجفاف ، ساعد هذه الفئة المضاربة التي لا ترحم الطبقات الشعبية المقهورة ، فحددت أسعارا على حسب مقاسها وانتهاز الفرصة وسط غياب الحكومة التام طيلة فترة تحضير الانتخابات ، وبعدها مما أدى إلى احتقان الشارع المغربي ، وكانت الوقفة التي دعت إليها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمدينة صفرو وقفة سلمية جوبهت من طرف القوات الأمن للاستفزاز والضرب و إطلاق النار المطاطي والقنابل المسيلة للدموع مما يؤكد على أن هذا الهجوم على الوقفة السلمية التي قامت بها طبقة شعبية تحتج على هذا الاستفزاز والقهر الذي باتوا يعرفونه خاصة بعدما أصبحوا يستفيقون كل صباح على الزيارة في الأثمنة الغذائية دون أن يكون هناك أي تدخل من الدولة التي تستمتع بلذة الزيادة ، هذا الأحداث التي وقعت في صفرو يمكن أن تنتقل إلى جميع ربوع المغرب . وبذلك نعتبر أن أحداث صفرو جاءت نتيجة إهمال الحكومة لمراقبة الأسعار وتراجعها عن دعم المواد الأساسية وانصراف أعضائها الذين نتمنى أن لا يعودوا إلى كراسي الوزارة ، لأنهم عبروا عن عدم استطاعتهم تحمل المسؤولية فهم لبسوا أهلا لها والدليل على ذلك تركوا الجمل على ما حمل وانطلقوا يتهافتون إلى الحصول على مقاعد جديدة داخل الحكومة. هذه الانتخابات لـ7 شتنبر أظهرت ضعف و هشاشة الطبقة السياسية التي تحكم البلاد ، والتي أكدت الانتخابات 2007 أن هؤلاء الذين يلهثون وراء الحصول على المقاعد في البرلمان والحكومة ليسوا أهلا لتحمل المسؤولية مرة أخرى . لذلك نتيجة الانتخابات 7 شتنبر تؤكد أن الشارع المغربي يرفض هذه الطبقة السياسية التي تسلطت عليه بالمال واستغلال النفوذ ، وتهييء لوائح انتخابية مغشوشة وهذا يؤكد على أن مستقبل هذه الحكومة التي تشكلت من طرف هؤلاء " المهملين " الذين لا يرحمون الشعب المغربي ولا يهتمون بنبضه وحسب تجولي في بعض الأسواق ويا للأسف أصبحنا نرى بعض الأشخاص يشترون " نصف خبزة ؟ " ناقصة في الوزن وزائدة في ثمنها ، و هذا يظهر أن القدرة الشرائية للمواطن،بحيث وصل السكين إلى الحد الأدن
وعن سؤال هل الحكومة المقبلة ستحل المشكل ؟ صرح الأستاذ طارق السباعي قائلا : " لا أعتقد أن الحكومة المقبلة ستحل مشكل الزيادة في الأسعار لأن المواد الأساسية لا يخصص لها أي دعم الآن خاصة الزيت والسكر والدقيق ، حقيقة سمعنا بلاغ وزارة الداخلية أنه سترجع الأسعار إلى ما كانت عليه، أقول أن الأسعار يجب أن تدرس حسب القرة الشرائية للمواطن". .
وعن أحداث صفرو، أضاف الأستاذ طارق السباعي قائلا : " أن هذه الأحداث هي بمثابة ناقوس خطر ، تم دقه بقوة و بعنف ، الشىء الذي سوف يجعل الحكومة تفكر ألف مرة قبل أن تخطط لبرنامجها الذي سوف تعرضه على البرلمان ، فعليها إن كانت تريد الاستقرار لهذا البلد أن تعمل من أجل حل لمشكل البطالة ومشكل الزيادة في الأسعار ، و أن تقوم بمجهودات جبارة في مراقبة الأسعار من المنبع و أن تكون للحكومة خطة معقلنة تجعل رواتب المواطنين تساير وتتلاءم مع الأسعار . فكلما زادت الأسعار يجب أن تزداد الأجور ، فإما أن تزيد في الأجور وتضغط على القطاع بصفة أساسية على تحسين الأوضاع الاجتماعية للشغيلات في كل المجالات، لأن المعادلة في الزيادة في الأسعار والزيادة في الأجور ينبغي أن تكون متناغمة ومتناسبة ، للقدرة الشرائية للمواطنين ، ، إذا لابد من توفير العيش الكريم للمواطن .
**عبد المجيد الراضي: الزيادات التي عرفتها الأسعار هي عبارة عن حرب طبقية ضروس ينهجها النظام المخزني اتجاه المواطنين
وفي تصريح للأستاذ عبد المجيد الراضي عضو بالنهج الديمقراطي، ونقابي، أكد خلال تصريحه لأسبوعية المستقل قائلا: " أحداث صفرو في نظري تعبير عن الوضع المقلق الذي وصلت إليه الأوضاع السياسية و الاجتماعية والاقتصادية للبلاد ، فخلال 7 شتنبر عبرت الجماهير عن رفضها ومقاطعتها لقواعد اللعبة التي هي غياب الديمقراطية حقيقية واليوم جاء التعبير، وبصوت صارخ عن الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية، فالتراجعات التي تعرفها الزيادات في الأسعار و التي هي عبارة عن حرب طبقية ضروس والتي ينهجها النظام المخزني اتجاه المواطنين ، وكان من الطبيعي أن تخرج الجماهير بتظاهرة احتجاجا عن الأوضاع التي تعيشها .
وفي هذا الإطار نعتبر أن التظاهر السلمي الذي قام به المواطنون هو حق مشروع ، ونحمل كامل المسؤولية للسلطات المحلية لكونها ساهمت بشكل كبير في إشعال نار الفتيل في المواجهات التي نتأسف لها ، و على العموم يبقى من حق المواطنين التعبير عن رفضها لهذا الوضع
و أضاف الأستاذ عبد المجيد الراضي على أن هذه الأحداث شبيهة إلى حد كبير بأحداث " كوميرة " التي وقعت خلال سنة 1981 ، فالأولى كانت في عهد إدريس البصري و الآن في عهد وزير داخلية آخر ، ولو أن العهدين مختلفين لكننا وللأسف نجد نفس التوجهات و نفس السياسات وبنفس الاختيارات . إذا لم يتغير في سياسات الحاكمين في هذه البلاد أي شيء وبالتالي الصراع سيستمر مع الاختلافات التي تكون شكلية سواء مع وزير الداخلية أو غيره..
**الأستاذ محمد أبو النصر: نعتبر السياسات اللاوطنية واللاديمقراطية هي سياسة التفقير الجماعي وهي السبب في اندلاع أحداث صفروا
رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالدار البيضاء، ومنسق التنسيقيات مناهضة الزيادة في الأسعار في تصريحه لأسبوعية المستقل ، صرح أن التنسيقية تندد هذه الزيادات المهولة في الخدمات الأساسية كالزيت والسكر والخضر ، فاتورات الماء والكهرباء والنقل ، ونعتبر أن هذه السياسات اللاشعبية واللاوطنية واللاديمقراطية و التي هي سياسة التفقير الجماعي للمواطنين وهي السبب في اندلاع هذه الأحداث. و غير ما مرة تتبعنا خطورة الوضع الاجتماعي التي يعيشها المغرب و غير ما مرة طلبنا من المسئولين أن يكون هناك حوار مباشر معهم على أرضية التراجع على هذه الزيادات ، لكن للأسف المسئولين لم يقدموا على أي شيء يجعل المواطن يحس أن هناك تفكير في التراجع .
و إذا كنا نسجل نقص في ثمن الخبز بإيجاب بعد الزيادة الأخيرة لكن للأسف هناك زيادت أخرى نطلب التراجع فيها ، ونحن في تنسيقية الدار البيضاء عازمين على تصعيد البرنامج النضالي الذي عرفته كل المدن المغربية. .
الثلاثاء، 25 سبتمبر 2007
شهر رمضان بين العبادة والإنحراف
التوبة والعبادة في رمضان كيف يثبت الإخلاص و أين يبدأ النفاق؟
إذا كان المغاربة خلال شهر رمضان يحرصون على الإهتمام بالطقوس الدينية ، وبضخ دماء جديدة في العلاقات العائلية، وبمضاعفة أعمال البر والإحسان للفقراء، فإن هذه السلوكيات تنمحي بعد إنقضاء الشهر الفضيل ، الأمر الذي يجعلنا نطرح السؤال هل تغير السلوكيات هو يدخل فيما يصطلح عليه بالنفاق الديني ؟
وإذا كان جل الناس يستغلون الشهر في الطاعة والعبادة ، فإن هناك من لا يحترم قدسية هذا الشهر الفضيل ، ويقوم بأفعال لا علاقة لها برمضان، كالدعارة ، وإستهلاك المخدرات، وما خفي كان أعظم ....
**بقدوم شهر رمضان تتغير سلوكات ، وتتبدل عقليات ، بحيث أن الغالبية العظمى تستشعر عظمة هذا الشهر ، فتبادر إلى فعل الخيرات ، من إلتزام الطاعات، وصلة الأرحام، مستدركة التقصير الذي درجت عليه في أيامها العادية، فهذا الشهر الكريم يعتبر مدرسة تربوية عطرة، ولكن للأسف بعد إنقضاء أيامه نلمس نوعا من الخمول والكسل الديني، الذي يحتاج إلى مزيد من المراجعة، بحيث نرى بأن العبادة تحولت من عبادة إلى عادة، وإن كان كثير من الناس يرون بأن إقبال الكثيف على فعل الخيرات والحفاظ على الصلوات خلال شهر رمضان هو ظاهرة صحية جدا ، غير أن البعض الآخر يرى بأن لا فرق بين شهر رمضان والأشهر الأخرى ، إد تكثر المخاصمات والشجارات، كما أن تصرفات بعض الصائمين تتغير بعد الإفطار بحيث يصبح إقتراف المحظور شيء عادي خلال هذا الشهر .
كلها محاور سنلامسها من خلال هذا الملف
عبادين الحريرة
يتفق الجميع على أن سلوك الناس يتغير خلال شهر رمضان، بحيث تمتلئ المساجد بالمصلين، لا سيما صلاة التراويح وصلاة الجمعة ، إلى حد تكتظ فيه الشوارع القريبة من المساجد بصفوف المصلين، مما يشعر المرء بالإرتباط الوثيق بين هذا الشعب ودينه وبتمسكه بقيمه ومبادئه.
تقول إلهام، طالبة جامعية، بأن الناس يعتقدون بأن المغفرة والثواب تكون فقط في شهر رمضان، لهذا فإنهم يضاعفون أعمال البر والإحسان، ظنا منهم بأن شهر رمضان،هو الفرصة الوحيدة للتقرب من الله ونسوا بأن أشهر السنة تشتمل على فرص سانحة للطاعة ، هذا ما يفسر بأن الغالبية تتقاعس عن العبادة بعد رمضان .
من جانب آخر يطلق المغاربة تعبير" غسيل الذنوب لمدة شهر" على الذين لا يؤدون الصلاة إلا في شهر رمضان وعادة ما تستقطب المساجد مصلين جدد خلال هذا الشهر، وحتى الذين لا يصلون خلاله يحرصون على الذهاب إلى المساجد خاصة في ليلة القدر، وفي هذا الإطار تقول ليلى، موظفة، " إن سلوك المغاربة يتبدل للأحسن فقط في الأيام الأولى من رمضان، ولكن ماعدا ذلك تعود الأيام إلى عادتها، والدليل هو كثرة الشجار الذي يلاحظ في الشوارع والمحلات التجارية، ومع أصحاب الطاكسيات...، كما تضيف ، بأنه لا فرق عندي بين شهر رمضان والأشهر الأخرى ، فهناك أشخاص يصبحون أكثر تدينا ، لكن سرعان ما ينقطعون عن الصلاة ، ولكن إذا كان هذا نوع من النفاق ففي نظري" اللهم تنافق وتصلي أو لا تنافق وما تصليش ".
وإذا كان المغاربة يصفون من يصلي فقط في رمضان "بعبادي الحريرة"، فإن سعيد يرى بأن أداء الصلاة خلال شهر رمضان هو نوع من التكيف مع العادات والتقاليد وتجنبا للإحراج الذي قد يتعرض له الإنسان من محيطه الإجتماعي .
وفي هذا الإطار يقول أبو بكر حركات ، المختص في العلاج النفسي، فإنه يقول بأن إتيان بعض السلوكيات والطقوس في شهر رمضان هو مرتبط برغبة العديد من الناس في ما يمكن تسميته بإعادة العداد إلى النقطة الصفر أو ما يطلق عليه بغسل الذنوب، كما يضيف بأنه خلال شهر رمضان، الناس تعيد إكتشاف مخزونها الروحي، وتريد إستغلال هذه الفرصة للتكفيرعن ذنوبها ولكن بعد إنقضاء شهر رمضان تعود المياه إلى مجاريها
مغاربة يستبدلون الخمر بالمخدرات
من المؤكد بأن بلد مسلم كالمغرب له عادات وتقاليد يجب إحترامها ولا يسمح لأحد بالإعتداء عليها ، لهذا نجد بأن القانون المغربي يعاقب بعض السلوكات الشادة ، كالإفطار العلني في رمضان ، كما أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تصدر خلال منتصف شهر شعبان أمرا بعدم بيع الخمر إلا للأجانب ( المسيحيين) ، غير أننا نجد بعض المدمنين الذين لا يستطيعون الصبرعلى المحرمات حتى في هذا الشهر العظيم، يستبدلون الخمر بالمخدرات ، فمن الملاحظ بأنه حسب الإعتقالات التي تقوم بها الشرطة خلال هذا الشهر، أنها تنصب أساسا حول تجار المخدرات ومروجيها بالأحياء والشوارع .
وحسب مصدرأمني مطلع ، أكد للمستقل، بأنه خلال شهر رمضان تنتعش سوق المخدرات، بحيث يكثر بيع وإستهلاك الحشيش المغربي والعقاقير المخدرة ومخدر المعجون، هذا ويقول نفس المصدر الأمني، أن الأقراص المهلوسة يرتفغ ثمنها من 10 إلى 15 درهم وقد يصل في بعض الأحيان 20درهم ، ويضيف بأنه خلال هذا الشهر ينشط إستهلاك مخدر المعجون ، وهو مخدر يصنع من الدقيق وبعض المواد المخدرة، ويتبارى تجاره في طريقة تحضيره وإختيار أسمائه، فهناك القاتلة ، شكيليطة ، غريبة ، ويبلغ ثمن الواحدة 10دراهم .
أما في المقاهي فيكثر بعد الإفطار، إستهلاك الشيشة، بحيث تمتلئ المقاهي بالمحبي هذا النوع من التدخين . كما يؤكد نفس المصدر بأن البزناسة خلال هذا الشهر تنشط تجارتهم في الفترة الممتدة ما بين صلاتي العصر والمغرب .
إذا كان هناك من يستغل الفرص خلال الصيام لمزيد من المغفرة والثواب، بلزوم المساجد والإستباق إلى فعل الخيرات، فهناك من يقضي الليل، في أجواء السمر وااسهر .
رمضان والسهرات
إذا كان هذا الشهر هو شهر الطاعة وعبادة المولى بإمتياز، فهو كذلك شهر الحفلات والسهرات بإمتياز بحيث يتهافت الناس على القاعات الخاصة بالسهرات الرمضانية، وعلى الملاهي المعروفة، مثلا عين الدئاب .
ولم تعد الفنادق والملاهي مقتصرة فقط على منطقة عين الدئاب بل إنتقلت العدوى إلى مقاهي أخرى أصبحت تتهافت على الزبائن من خلال تنظيم حفلات موسيقية يتقاطر عليها الشباب، ويحقق أصحاب تلك المقاهي أرباحا خيالية .
فبعد صلاة التراويح، وبعد أن يكون الناس قد شاهدوا قليلا من البرامج التي تبتها القنوات المغربية والعربية ،تعود الحياة إلى المدينة، التي تتنفس الصعداء بعد أن تكون قد هدأت قليلا فترة الإفطار ، يقول سائق سيارة أجرى" الجامع هو فاش كنخدم مورا الفطور، حتى الثامنة مساءا ، هنا بعد ما كينش مشاكل أما عين الدياب ما كنقربش ليه، نخاف نتزايد مع شي واحد في الهضرة ونصدقوا دراري "
ورغم أن المطاعم والحانات والنوادي الليلية توقفت عن تقديم الخمور قبل حلول شهر رمضان بثلاثة أيام وفق ما تنص عليه القوانين المغربية، إلا أن الكثير منها لم تغلق أبوابها، بل أعلنت عن برامج سهراتها وأسماء "الفنانين" الذين سيحيونها.
غير أنه يغيب عن هذه السهرات الرمضانية فقط بيع الخمور وتظل باقي الأمور كالمعتاد في غير رمضان، وبنفس الأجواء السابقة. شابات وشبان من كل الأعمار، موسيقى صاخبة، ورقص، ويحل ودخان الشيشة محل المشروبات الروحية، وتنتعش أنواع المخدرات التي يجري تصنيعها محليا.
ويقول مسير إحدى المراقص إن بعض النوادي والمطاعم والحانات تفضل إغلاق أبوابها خلال شهر رمضان من أجل الصيانة والإصلاح، ويضيف " هناك من لا يريد تكلف خسائر الاغلاق فيحافظ على نفس الأجواء السابقة مع الامتناع عن بيع المشروبات الكحولية".
وانتقلت عدوى "السهرات الرمضانية" خلال السنوات الأخيرة إلى المقاهي، فأصبحت تتنافس هي على جلب الزبائن عبر تنظيم حفلات موسيقية يتطلب حضورها دفع رسم خاص من أجل دخولها.
إنخفاض إنتاجية العمل خلال شهر رمضان
من الملاحظ أنه خلال شهر رمضان المبارك تبدأ إنتاجية العمل تتراجع، وتعرف عدد من الإدارات والشركات تقلصا في مستوى المنتوجية، وهذا يعود أولا إلى تخفيض ساعات العمل ،كما أن عدد من الموظفين والعاملين تنتابهم حالة من الكسل ، وينخفض مستوى عطائهم ، فتتعطل المصالح ، ورغم عدم وجودإحصائيات دقيقة عن حجم معدلات الإنتاج في شهر رمضان، فإن أصحاب الشركات ، ومدراء المصالح الإدارية يؤكدون ، أن إنتاجية الموظفين تصل إلى أدنى معدلاتها في الشهر الكريم . وحسب عبد السلام بناني مهندس بإحدى المؤسسات الحكومية، أن تباطؤ الموظفين في أداء مهامهم في شهر رمضان ، هو حالة نفسية يصاب بها الصائمون ، ويعتقدون أن الصيام يؤدي إلى الإرهاق . ويضيف قائلا الغريب في الأمر أن ساعات العمل تظل كما هي ، في حين الإنتاج يتراجع بكثير ، وهذا يعود بطبيعة الحال إلى التعب والسهر .
أما الأستاذ مصطفى علام أستاذ جامعي ، فقد أكد خلال تصريحه لأسبوعية المستقل، أنه لا ثأتير لشهر رمضان على الإنتاج، بإعتباره شهر واحد ضمن 12 شهر، بالإضافة إلى ذلك هناك بعض الحرف موسمية تنشط بكثير خلال شهر رمضان، بالإضافة إلى يلاحظ خلال شهر رمضان زيادة في وثيرة الإستهلاك، وبالتالي يؤدي هذا الإرتفاع إلى الزيادة في الإنتاج
كما إعتبر بأنه فعلا شهر رمضان يؤثر على إنتاجية الموظفين، مثلا الصائم خلال الفترة الصباحية ينتج أكثر من المسائية، وبالتالي يتأثر بمواعيد العمل . كما أن عامل السهر خلال هذا الشهر كذلك تنعكس آثاره على المردودية في العمل.
صائمون والله أعلم
خلال النهار تكون الأعصاب غالبا متوثرة. " أسيدي حبسو الشارع وسيرو للولاية وقولو ليهم راني مفرعن هنايا ... والله ما يكون كيصور بحالي الجيعان لاخور" الكلام لسائق طاكسي كبير في إحدى المحطات المكتظة بالبيضاء . " آنعل الشيطان آصاحبي راك صايم " يقول شخص من الملتحقين بالجوقة ، فيما يكتفي آخر بالتعليق " صايمين بالجميل " .
خلاف بسيط حول مقعد تحول إلى حرب من الشتائم بين السائقين، حوالي ساعتين قبل اللإفطار ، نفس مشهد يتكرر في محطات الطاكسيات كما في الحافلات الشعبية ، فعدم تناول المواد المنبهة كالسجائر والقهوة ، يفرز ردود فعل فيزيولوجية وعصبية تؤثر على مستوى السلوك والتوازن العصبي ، يشرح أحمد الحمداوي ، أخصائي العلاج النفسي ، مؤكدا أن النظام الغدائي له علاقة بسلوك الأفراد .
وقد كانت هناك واقعة تناقلتها ساكنة حي الأمل بالدار البيضاء ، حيث أن شاب مدمن على المخدرات ،طلب من والدته إعداد وجبة الغداء في ثان أيام رمضان، لكن الأم رفضت ، ففقد أعصابه ، وتوجه إلى المطبخ وأخد سكينا غرسه في قلب أمه الحانون.
وكذلك ما حدث يوم الأحد الماضي، بمدينة الدار البيضاء وبضبط بحي الألفة ،حيث تعرض رجل شرطة لإعتداء من طرف خمسة أشخاص ينتمون لنفس العائلة ، وقد وقع الإعتداء عندما كان رجل الشرطة، رفقة زميل له، يعملان على توقيف راكب دراجة نارية في إطار الجهود المبدولة لمكافحة ظاهرة السرقة التي تكثر خلال الشهر الكريم، هذا وحسب ما تداولته الصحف فإن الشخص المذكور تمادى في سلوكه الرامي إلأى عمل الشرطة، فحاول أحد الشرطيين إقتياده لأقرب مركز للشرطة، فهجم أفراد عائلة الجاني على الشرطي ، وإستولوا على سلاحه ،بعد أن تعرض للضرب ، نقل على إثر ذلك إلى المستشفى ، لتلقي العلاجات الأولية.
هذا لايعني أن المرمضنين خلال هذا الشهر هم مستعدون إلى إقتراف جرائم القتل ، لكنهم مستعدون إلى الشجار ، وحسب ما لاحظته أمينة بناني الشرايبي ، أن الناس يتقبلون سلوكات المرمضن ، ليس لأنه غير قادر على السيطرة على أعصابه ، بل لأنه ملتزم بفريضة الصيام، وكأنهم يلتمسون له العذر .
ويقول أحد الأساتذة :
أن ما يحدث في المساجد خلال رمضان لا علاقة له بأي نوع من أنواع النفاق، بل هو راجع فقط «لنقصان المواكبة التربوية للمغاربة، هذه المواكبة تحصل في رمضان بالموازاة مع توقف نشاط عدد من الناس الذين يشتغلون بأدوات إلهائية كالخمارات مثلا. أما المواكبة التربوية فالمعني بها هم الدعاة الذين يتكاسلون في الغالب عن أداء واجبهم خارج رمضان». لا أحد يستنكر امتناع المسلمين عن أداء الصلاة، علما أنها عماد الدين وأنها تتقدم على الصيام من حيث ترتيب أولويات الإيمان، ألم يقل الرسول «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر»؟ و«أن بين الرجل وبين الشرك، والكفر، ترك الصلاة»؟… ولا أحد يذكر أن الزكاة، مثلا، علما أنها هي الأخرى فرض ديني، ما معاهش اللعب؟ في حين لا يتسامح أحد مع الّلي كياكل رمضان، «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به».
**
** عبد الباري الزمزمي: فالتعبد لله عز وجل هو سنة الإنسان المسلم في حياته كلها ، وليس في رمضان فقط،
تشرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على ما يسمى بالدروس الحسنية الرمضانية وهي عبارة عن سلسلة من الدروس ، تقام خلال أيام الشهر الكريم بحضور كوكبة من العلماء والدعاة، يلقون دروسا دينية، توضح عظمة هذا الشهر وتجيب على العديد من الأسئلة.
وفي هذا الصدد صرح عبد الباري الزمزمي ، عالم ديني ، بأن ظاهرة إقبال المسلمين على الطاعات والعبادات خلال شهر رمضان هي ظاهرة جيدة وصحية بحسب ثقافة الإنسان الشرعية، فمن فضائل هذا الشهر – يقول الأستاذ الزمزمي – أن الناس يحاولون الإكثار من فعل الخيرات، ولكن لسوء الحظ لا يأخدون بهذا المبدأ بعد رمضان ، فالتعبد لله عز وجل هو سنة الإنسان المسلم في حياته كلها ، وليس في رمضان فقط، كما أكد على أن دور الإعلام يجب ألا يقتصر على تقديم البرامج الدينية فقط في رمضان ، لأن هذا يعتبر إستغلالا لشهر رمضان، الذي يقبل فيه المسلمون على برامج الوعظ والإرشاد، من جهة أخرى إعتبر الأستاذ الزمزمي انه فعلا هناك من لا يصوم رمضان برضى كامل، وهناك من يصوم ولا يصلي، فهؤلاء منهم من يجعل الليل في رمضان هو الفترة المناسبة لتعويض ما فاته خلال النهار من شرب خمر، أو تناول المخدرات وأكثرهم شباب طائش .
. الدعارة في رمضان
تتخلل ليالي رمضان بالعاصمة الاقتصادية مجموعة من الظواهر من بينها أن لكل مقهى زبناؤها المدمنون، إما على احتساء القهوى و تتبع المبارات الرياضية التي تنقلها في الغالب الجزيرة الرياضية .
وهناك من يهرب من مشاكل البيت ليجد متنفسا آخرا في تبادل الحديث مع الأصدقاء ، أو الزبناء الذين اعتادوا التردد على هذه المقاهي. كما افتتحت خلال هذا الشهر مقاهي فاخرة مختصة في الشيشة والموسيقى الساخبة زبنائها من المراهقين والمراهقات الذين يتعاطون" الشيشة". والغريب في الأمر لا يقتصر تعاطي الشيشة على الذكور بل ما يلاحظ أن الإناث أصبحن ينافسن الذكورفي الإدمان، وتتراوح أعمارهن ما بين 15 و 20 سنة. يقول نادل بمقهى قرب بنك المغرب: " لبنات ولو كيخلعو تيقيلو هنا في هذ القهوة ، هذو راهم معندهومش والديهم ... الله يستر كيجوا هنا كيشيشو ، ويقلبو على شكون لديهم، أودي مكينش علاش تعول البلاد مشات مع الشيشة و الطاي باس ، وا لحم لبنات ولا غير امشتت ، العجب زادو في لحم البكري ورخصو لحم بناتهم ، الله يحد الباس من هذ الزمان..." .
الظاهرة الخطيرة خلال هذا الشهر تتمثل في تحول الأماكن ليلا كعين الدئاب، أنفا ، ألبير بروميي إلى وكر للعاهرات والشواذ جنسيا من من مختلف الأعمار، وفي جولة بها، تواجهك فتيات يقمن بالمشي ذهابا وإيابا على جوانب الساحة وأخريات جالسات على كراسي حديقة الساحة . وإذا صادفتك الظروف ومررت بجانبهن يعرضن أجسادهن للبيع بأثمنة بخسة تتراوح ما بين 20 إلى 50 درهما. وقد تختلف تلك الأثمنة حسب سن العارضة.
تقول السعدية ، سنها تجاوز الثلاثين سنة " أخويا هاذ الدريان مخلونا خدمة زادوا حتى الشواذ قو... علينا، عندي وليدات كيتسنوا الكسوة والماكلة والسوق. حتى واحد مبقا تيدها في حتى الكلب ولا يهرب ، بنات 13 و 15 عمرو علينا السوق ".
وفي هذا الإطار تشن مصالح الأمن حملات تمشيطية خلال ليالي رمضان ، بحيث ألقت دوريات الأمن القبض على عدد من الفتيات وبعض الشواذ جنسيا في حالة تلبس.
وفي تصرح للأستاذ مصطفى قصي محامي بهيأة المحامين بالدار البيضاء ، أكد أنه خلال شهر رمضان تكثر ظاهرة الفساد أي الدعارة ، حتى هذا الشهر المقدس لم يحترم فمجرمو البشر لم يكفهم انهم يتاجرون بالحرام والفجور احد عشر شهراً من السنة عبر أقامتهم مشاريع الدعارة في الأرض وترويج الانحدار الأخلاقي بين الناس من خلال عملهم الذي لا يتقنون في الدنيا غيره، وهو "القوادة" اليومية واستيراد المومسات وتصديرهن عبر غطاء النوادي الليلية، والحفلات الغنائية، والعروض السياحية، والخدمات الفندقية، والشقق اليومية.. بل أصبحت الدعارة الرمضانية، هي الأقوى لهم في كل عروضهم السنوية. ولا تتوقف سفالتهم عند احتقاره، ولكنهم يبدأون قبل ان يأتي رمضان بستة أشهر او أكثر لتمزيق كل فضيلة في هذا الشهر حيث تبدأ عروضهم الساقطة من بعد الافطار مباشرة فذاك مخنث يتشبه بالنساء وتلك مومس تتشبه بالرجال وهذا يقفز وهذه ترقص، وهكذا شأنهم في كل يوم من ايام الشهر الفضيلة يجتمع هذا الخليط العفن لعرض كل انواع الابتذال ونحر المراجل وقتل الرجولة وتمزيق العفاف وهتك الحجاب،فهذه تهز وسطها واخرى تكشف فخذها وذاك يعرض تخنثه ويتفاخر بانتكاس فطرته، وهكذا يفسدون الأسرة المسلمة ويمزقون كل فضيلة كانوا سيكتسبونها من خلال شهر الصيام والتقوى
**
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)