الاثنين، 28 أبريل 2008





بعد فضيحة عمارة شارع أنفا
الدعارة الراقية ترقى بالمغرب إلى الحضيض

طفت على السطح الأجساد الأنثوية التي أصبحت فريسة سهلة لمن يدفع أكثر، وكثرت الدور المخصصة لممارسة الدعارة سواء تعلق الأمر بالدعارة الراقية أو الشعبية، في غياب المراقبة الأمنية، التي تتحرك في فترات محددة ليس بسبب القضاء على البغاء، وإنما لأغراض قد يكون أهمها حماية أمن الدولة الداخلي، أو محاربة المخدرات.

أوكار الدعارة

قامت مصالح الأمن والدرك هذه الأيام بحملات تطهيرية ضد ما يسمى بـ''الدعارة الراقية''، اقتحمت بعض الفيلات والشقق المخصصة لها، و التي يتم توظيفها في استقطاب فتيات يبعن أجسادهن لفائدة شخصيات ميسورة مغربية أو قادمة من دول الغربية أو الخليج العربي، كان آخرها، قيام فرقة الأخلاق العامة التابعة للفرقة الجنائية الولائية، وفرقة مراقبة الأماكن العمومية، بناءا على التحريات التي باشرتها فرقة الشرطة السياحية، بمداهمة عمارة من عشرة طوابق الكائن مقرها بشارع أنفا، بمدينة الدارالبيضاء يخصصها صاحبها لممارسة الدعارة.
سكان البنايات المجاورة كانوا يعتقدون أن هذه البناية فندق مرخص له من قبل الدولة، قبل أن تتدخل وزارة السياحة وتباشر التحقيقات في هذه القضية.
و قد أسفرت المداهمة عن إيقاف 49 متهم بينهم 25 فتاة تبين من بعد أن من بينهم مهندس وطبيبة وكذا لاعب دولي، إضافة إلى تورط مجموعة من الأجانب من بينهم أسترالي ونمساوي وفرنسيون. وقد تمت متابعتهم في حالة سراح باستثناء حارس العمارة، الذي قررت النيابة العامة متابعته بتهمة المشاركة في إعداد وكر للدعارة .
وهذه العمارة، ليست حديثة البناء، وقد جهزت على شاكلة فندق فخم، بحيث تتوفر على مركز إستقبال، ويصل ثمن كرائها إلى 1000 درهم لليلة الواحدة.
وما حصل لا يثير الاستغراب، لأن مثل هذه العمارات كثيرة، ولا احد يعلم بها، ولا يعلم أين توجد، ولا كيف تعمل، فأوكار الدعارة انتشرت في المدن المغربية، ولكن تحت غطاء فنادق أو شقق مفروشة، لكنها في حقيقة الأمر مخابئ جماعية لممارسة الفساد، وقد طرح الكشف عن العمارة المذكورة عدة علامات استفهام أهمها تواجدها في أهم شوارع العاصمة الإقتصادية، إضافة إلى اشتغالها في الأعمال المحظورة التي تدر أرباحا طائلة على مالكها، الذي لا زال هاربا، كل هذا في غفلة من السلطات الأمنية.
فمثل هذه العمارات تحظى بإقبال لا يضاهى من طرف زبنائها من مختلف الجنسيات، لأنها تقدم شققا، بسومة كرائية منخفضة بالمقارنة مع أثمنة الفنادق الكبرى، ففي جل المدن الكبرى، مراكش، الرباط، أكادير... انتشرت دور الدعارة الراقية التي تتخفى عن الأنظار بمباركة بعض الجهات التي تغض الطرف عنها، دور تنشط فيها مختلف أنواع الفساد الأخلاقي، كدور الضيافة في مراكش التي ساءت سمعتها بعد نشر الفيلم الإباحي لشواذ جنسيا، على أمواج عالم الأنترنت وهم يرقصون على أنغام موسيقى كناوة والذي خلف موجة استنكار في صفوف الساكنة المراكشية التي لم تعهد هذه الممارسات في أرقى أحيائها، كما أن العديد من الأجانب أصبحوا يزورون مراكش خصيصا للقيام بالسياحة الجنسية، على مرأى ومسمع الجميع، والأكثر من ذلك فهناك دور تبنى خصيصا للممارسة الدعارة، لهذا فسكان الأحياء الشعبية والرياضات بدؤوا يغادرون الأحياء القديمة بحثا عن شقق في العمارات الجديدة. فهذه الدور التي أصبح غالبيتها في ملكية أجانب، يصفها البعض ب"أوكار للدعارة" وممارسة الفساد،فقد أصبحت شبكات الدعارة ترمي شباكها في عدد من المدن المغربية، لإصطياد اللحم الانثوي، مشجعة على الفساد الأخلاقي، ضاربة عرض الحائط كل الأصول الدينية والقانونية والأخلاقية التي تجرم هذه الأفعال المشينة وتعاقب عليها.
لهذا نجد السلطات الأمنية، تسعى جاهدة من خلال خططها، إلى الحد من جرائم الآداب المرتكبة فوق نطاقها الترابي، بعدما أكد التقريرالأخير لوزارة الداخلية أن تلك الجرائم تحتل حيزا مهما من مجموع الجرائم التي سجلتها خلال عام 2007، وقد مكنت هذه الحملات منذ انطلاقها في عدد من المدن المغربية من اعتقال عدد من الأشخاص، وجهت لهم تهم «تنظيم شبكة للفساد وإعداد وكر للدعارة والخيانة الزوجية واستهلاك المخدرات والوساطة..».

الليالي الملاح

إن الدعارة الراقية التي نتحدث عنها، تختلف عن الشعبية التي تكون بسبب العوز والحاجة، أما الأولى فمدمنوها شخصيات نافذة، ومسؤولون كبار، ونساء بدءوا مومسات سافرن إلى دول الخليج، وانخرطن ضمن الشبكات المتخصصة في المتاجرة بالأجساد، وعدن إلى الوطن، وفتحن محلات تجارية في أماكن راقية، وأصبحن الصنارة التي تصطاد فريستها بسهولة وبدون عناء، وطعمها في ذلك مبلغ مالي خيالي، وألبسة رفيعة المستوى، وغير ذلك، وفي هذا الصدد تروى حكايات غريبة عجيبة عن هذا العالم، إلى درجة لا يصدق معها العقل البشري ما يجري وراء الفيلات الفخمة التي يملكها الأجانب خاصة الخليجيين في المغرب، فإذا كنا نتحدث في عصرالرأسمالية على سيطرة الشركات المتعددة الجنسية على الرأسمال الدولي، فإن شبكات الدعارة تتخفى كذلك في جنسيات مختلفة، والظاهر أنها توغلت في جسد المغربي كفيروس السيدا، والغريب في الأمر ان ممارسات الدعارة الراقية يفتخرن بأنفسهن، ويجعلن من مهنتهن مهنة شريفة، مكنتهن من طرد الفقر والحاجة إلى غير رجعة، والإنتقال من عالم البؤساء، إلى عالم ألف ليلة وليلة، فالدخل الذي تتقاضاه الواحدة من اللواتي يرقصن في الليالي الحمراء يزيد عن 4000 درهم لليلة الواحدة، وهناك من تتقاضى مبلغها بالوردة أو الوردتين، يتم صرفها في أماكن مخصصة لذلك، وإذا أراد الإنسان أن يتعرف عن قريب على خبايا هذا العالم، ماعليه إلا المدوامة على ركوب القطار، ليرى بأم أعينه الفتيات اللواتي، يذهبن إلى فيلل الخليجيين،في عدد من المدن المغربية. وهذا ما أكدته إحداهن، مضيفة أن هذه الليالي التي ترقص فيها العديد من الفتيات من مختلف مناطق المغرب، ويقبضن مبالغ تخولهن العيش سيدات زمانهن، فهي مثلا تمكنت من شراء شقة فخمة، وسيارة رفيعة المستوى، بالإضافة إلى أنها تأتي من كل ليلة محملة بأجود العطور والملابس ذات الماركات العالمية.
فهؤلاء الأمراء الخليجيين، يقمن باختيارالفتيات التي تقدم ملفات ترشيحهن عبر أباطرة هذا الميدان، الذين هم في الغالب سيدات، كما حدث في الرباط، في إحدى القصور التي يملكها أحد الخليجين، الذي أصبح قصره بورصة للفتيات المغربيات. كذلك قصة لبنى الشنوية التي توبع فيها عدد من رجال الأمن لضلوعهم في شبكة للدعارة وترويج المخدرات.
فجل الدول العربية تعاني من استفحال ظاهرة بيع الجسد كمصر، سوريا، العراق بعد الإحتلال، ففي دول الخليج ازدادت المنافسة الشرسة في هذا الميدان بين المغربيات والعراقيات، اللواتي اكتسحن الميدان وأصبحن ورقة رابحة لأغلب الكليبات التي تعرض على شاشات التلفاز.
فالدعارة عامة ليس لها ارتباط ببلد معين، والواضح أنها هي ظاهرة العصر، فرغم وجود قانون جنائي يعاقب ممارسيها فالمقاربة القانونية أثبتت فشلها في القضاء على الدعارة، وعلى معاقبة ممارسيها، والدليل ان نطاقها اتسع ليشمل الطبقات الميسورة، و الفتيات في المدارس العليا، والنساء اللواتي يشتغلن في أحسن الوظائف.
لكن ومهما يكن الأمر وكيفما كانت الأسباب والدواعي والتبريرات، فإن منطق اللامساواة هو السائد، فالحالات التي يتورط فيها ممارسوا الدعارة ، تنتهي بسجن الفتيات المغربيات، والإفراج على هؤلاء الوحوش الضارية، بكفالة تصل إلى 5000 درهم،إذا كانوا أجانب أو ترحيلهم إلى بلدانهم، لهذا فالعديد من الفاعلين الحقوقيين يطالبون بتحقيق مبادئ المحاكمة العادلة،لأن نظام الكفالة يعطي لهؤلاء المتورطين الفرصة للفرار بجلودهن، وتبقى السلطة التقديرية لدى المحكمة التي ترى أنه لا مانع في متابعة هؤلاء في حالة سراح، لكنها لا تقدم الضمانات الكافية من أجل إحضارهم أثناء المحاكمة، بل تعطيهم الفرصة الكاملة للمغادرة بدون عقاب.وخير مثال على ذلك القضية التي أثيرت في صيف 2005 بعد شن السلطات المغربية أكبر حملة تمشيطية لدور الدعارة في المدن المغربية، والتي يعتبر بعض السياح الخليجيين من روادها، وتم في غشت من نفس السنة ترحيل 22 سائح خليجي من جنسية سعودية إلى بلادهم عبر مطار محمد الخامس بعد ضبطهم بمراكش في حالة تلبس بتهمة الفساد وممارسة الدعارة صحبة فتيات قدمن من مدن مغربية مختلفة.وغير بعيد عن مراكش، ولكن هذه المرة بأكادير حيث تفجرت قضية الصحفي فيليب سرفاتي الذي تورط في قضية الإستغلال الجنسي لمجموعة من الفتيات المغربيات، يبلغ عددهن 80 فتاة، قام بتصويرهن في أوضاع شاذة ومخلة بالكرامة الإنسانية، وبث مغامراته عبر الأنترنت سنة 2004.
ولا زالت "قضية سرفاتي" لحد الأن تثير السخط والغضب في المغرب، كما خلّفت استياء كبيرا لدى الجالية المغربية في بلجيكا، خاصة وأن المتورط البلجيكي بقي خارج المتابعة والمحاكمة للاقتصاص منه على أفعاله الشاذة.









.

















ليست هناك تعليقات: