الخميس، 6 سبتمبر 2007


إن إستحقاق السابع شتنبر يشكل منعطفا عسيرا لتحقيق التطلعات التي ينتظرها الشعب المغربي ، فاليوم تجرى الإنتخابات التشريعية لإختيار أعضاء مجلس النواب ، والكل يتمنى أن تكون هناك فعلا نزاهة وشفافية أساسها التنافس الإيجابي والشريف بين البرامج الحزبية ، فالأحزاب وهي تخوض غمار هذه التجربة الإنتخابية يجب أن تضع نصب عينيها أن المواطن المغربي قد مل من تكرار نفس السيناريوهات السابقة ، وأن لكسب ثقته يجب أن تلتزم بالقانون وبإحترام عقول الناخبين ، وبتحمل مسؤولية النهوض بقطاعات هذا البلد ، لتعزيز النهج الديمقراطي الذي إرتضاه المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس ، حيث شدد في خطاب العرش و ثورة الملك والشعب الأخيرين بالقول " إنه لا ديمقراطية حقة ، بدون أحزاب قوية ، أحزاب فاعلة متحملة لمسؤوليتها في جعل الإنتخابات تنافسا شريفا بين مشاريع مجتمعية ، وليس لخوض صراعات شخصية أو إستعمال الديماغوجية . فالتنافس التنموي هو المحك الفعلي للممارسة الديمقراطية السليمة "

لهذا فالفعاليات الحزبية والسياسية تأمل أن تحدث هذه الإنتخابات قطيعة مع إرث الماضي المعروف بالتلاعبات وبشراء الذمم ، الشيء الذي أثر على مصداقية العمل الإنتخابي وأفقد المواطن المغربي الثقة في الأحزاب وجعل البرلمان حكرا على من يوظفون المال لشراء الأصوات التي تمكنهم من الحصول على مقاعد مريحة داخل قبة البرلمان .
غير أن السؤال المطروح الآن ماذا ننتظر من هذه الإنتخابات ، في مجالات التشغيل ، التعليم ، إرتفاع الأسعار ... لا سيما وأن الحكومة الحالية إنجازاتها لم ترقى إلى طموحات المغاربة .

فقد إستعرض الوزيرالأول السيد إدريس جطو، خلال الشهر الماضي ، حصيلة 2006 في عدد من المجالات مبرزا أهم الأوراش التي ستتواصل خلال 2007 ، موضحا المؤشرات الإيجابية التي تبين مستوى التطور الذي حققه المغرب على مختلف الأصعدة ، بحيث صرح بأن نسبة النمو فاقت 7 بالمائة ، وحصر نسبة العجز في أقل من 2 بالمائة ، ونسبة التضخم في 1,8 بالمائة ، كما أضاف أن النمو ، إنعكس على مختلف القطاعات كالتعليم ، التشغيل ...
غير أن هذا التصريح قد لاقى معارضة شديدة من طرف هيئات المجتمع المدني ، وذلك راجع إلى أن التصريح الحكومي يشوبه تغييب للحديث عن قضايا محورية وبنيوية ، وليس فقط تقنية تبين فشلها في تدبير الشأن العام
لهذا نجد الحكومة الحالية ، تبذل قصار جهدها لتؤكد للشعب المغربي أنها ، حققت الرهانات التي إنتخبت من أجلها ، وبأنها عازمة كل العزم على مواصلة هذه الإنجازات إن بقيت متربعة على عرش الوزارات المهمة في الدولة
لهذا فمختلف رؤساء الأحزاب في هذه الإنتخابات يتغنون بشعارات التغيير والإصلاح
فمثلا محند العنصر ، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء ، قال بمناسبة إنتخابات السابع شتنبر ، أن الحركة الشعبية تدخل هذه الإنتخابات ، برؤية واضحة لمستقبل المغرب ، فبخصوص التشغيل ، قال أن التدابير التي ستتخدها الحركة الشعبية في هذا الميدان تتعلق أساسا بتحسين الطلب والعرض وكذا دعم وسائل الوساطة ، إضافة إلى تخفيض الضغط الضريبي على المقاولات من أجل حثها على الإستثمار والتشغيل
أما على مستوى التعليم ، فهذف الحزب هو النهوض بالتعليم من خلال تحسين الجودة وتعميم التعليم .
أما الحبيب الماكي ، فقد دافع في المؤتمر الصحفي الذي عقد مؤخرا بالدار البيضاء ، على إنجازات وزارته خلال السنوات الأخيرة ، وإعتبر أن الحزب يتوفر على سبع حقائب وزارية في ( التعليم ، التشغيل ، المالية ...) وان من أسباب نجاح الإصلاح هو إسترجاع الثقة بين الوزارة والشركاء الإجتماعيين والتربويين
هذا وقد أوضح التهامي الخياري ، الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية في حديثه لصحيفة الشرق الأوسط ، أن حزبه يهدف إلى إحداث مليوني و400 فرصة شغل خلال السنوات الخمس المفبلة ، موضحا أن هذا الرقم لا يدخل في إطار المزايدات السياسية.
هذه نماذج إستقيناها لنذكر القارئ ببعض الوعود التي تقدمها الأحزاب في ميادين حيوية ، كالتعليم ، التشغيل وبما أننا مقبلين على الدخول المدرسي ، الذي يواكب شهر رمضان الأعظم ، ونحن نعلم القدرة الشرائية لأغلب الأسر المغربية ، هي جد منخفضة، لهذا فمختلف هيئات المجتمع المدني تجمع على أن الإستحقاق الذي يجرى اليوم 7 شتنبر ، سيشكل محطة جديدة لتحقيق مختلف آمال الشعب المغربي ، ومن بينها الخفض من أسعار بعض السلع الإستهلاكية .
ونذكر بان في هذه الإنتخابات يتنافس 33 حزب على 25 مقعد في البرلمان المغربي مقابل 26 حزب فقط في الإنتخابات2002

عبد السلام أديب : يقول للمستقل ، الإنتخابات مضيعة للوقت والمال ، لأن المنتخبون لا يملكون السلطة لتنفيد برامجهم الإنتخابية

سؤال: ماهي وجهة نظرك في المنجازات التي حققتها الحكومة الحالية في مجال التشغيل والتعليم والرفع من ميزانية صندوق المقاصة:
جواب: الحكومة لا تحقق منجزات، لأنها لا تملك السلطة لذلك، ففاقد الشيء لا يعطيه، وتنطلق هذه الحقيقة من أن النظام السياسي المغربي يضع كل السلط بيد الملك، أما الحكومة والبرلمان وحتى السلطة القضائية فهي مجرد منفذة للبرنامج الذي يعتمدها الملك خلال انعقاد مجلس الوزراء، كما أن مشاريع القوانين والسياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تعمل الحكومة على اعدادها في الدواليب الوزارية قبل عرضها على مجلس الحكومة ومجلس الوزراء فنجدها تخضع لتوصيات وتعاليم المؤسسات المالية الدولية ولبنود اتفاقيات التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية لذلك يمكن القول أن هذه السياسات هي من جهة أولى مملاة من طرف الإمبريالية ومن جهة أخرى في خدمة الطبقة الحاكمة. تلك إذن هي حقيقة النظام السياسي والاقتصادي المغربي ولا يوجد من يستطيع نفي هذه الحقيقة. لذلك فالحكومة ليس بيدها أن تحقق أية منجزات سواء في مجال التشغيل أو التعليم، أما صندوق المقاصة الذي لا يقوم بالدور الذي من المفروض أن يقوم به ورغم ذلك فهناك نية مبيتة لإعدام هذا الصندوق خضوعا لتوصيات المؤسسات المالية الدولية وليس الرفع من ميزانيته، وهذا الاجراء بحد ذاته سيزيد من حدة ارتفاع الأسعار المتفاقمة أصلا.


سؤال: هل الانتخابات ستغير الخريطة الاقتصادية في المغرب من حيث معالجة أزمة البطالة وارتفاع الأسعار؟
جواب: في نظام سياسي واقتصادي مغلق مثل النظام المغربي تصبح الانتخابات مضيعة للوقت والمال، لأن المنتخبون لا يملكون السلطة لتنفيذ البرامج التي يتقدمون بها أمام ناخبيهم، وهم يعون جيدا هذه الحقيقة، كما يعلمون بأنهم يتنافسون فيما بينهم فيمن سيخدم أكثر السياسات الطبقية المملاة من طرف الامبريالية، وبطبيعة الحال سيخدمون بالأولوية مصالحهم الخاصة والتموقع الجيد داخل بنية المافيا المخزنية.

سؤال: رمضان على الأبواب وسيصادف الدخول المدرسي، الشيء الذي سيتعب ميزانية الأسر، في ظل ارتفاع الأسعار و الكتب وحتى الحاجيات الغذائية كيف يمكن للدولة أن تحقق انتعاشا اقتصاديا وفي نفس الوقت تكفل للأسر المحدودة الدخل، القدرة على مواكبة هذا التغيير؟
جواب: من الخطأ أن نعتقد بأن الدولة تقوم بوظيفة الدولة الراعية، فالسياسات الليبرالية المملاة من طرف الامبريالية تعتبر بأن على الدولة أن تلتزم الحياد اتجاه الحياة الاقتصادية والاجتماعية وأن هذا الدور الأخير هو من اختصاص الرأسماليين والشركات متعددة الاستيطان، وأن دور الدول هو دور أمني بامتياز حيث أنه كلما حدث اختلال في الموازين الاقتصادية والاجتماعية وبدأت تحدث ردات فعل اجتماعية عنيفة فحينذاك تتدخل أجهزة الدولة القمعية لإخراس المحتجين.
وأعود لسؤالك وهو أن الأيام المقبلة ستعرف اشتعالا للأسعار في الأسواق المغربية والطبقة الحاكمة تعلم جيد أن المواطن المغربي سيقبل على الاستدانة وتحمل ارتفاع الأسعار لأنه لا يستطيع حرمان أبنائه من التعليم أو عدم الاستجابة لإلحاح الزوجة والأبناء من أجل الاستعداد لشهر رمضان، علما أن الجميع لا يستطيع الاستدانة وأن العطالة متفاحشة مما يعقد من الأزمة الاجتماعية فيتفشى التسول وجرائم السرقة بل وحتى ردود الفعل السياسية المتطرفة، من هنا تنتعش الآلة القمعية للدولة للحفاظ على أمن هش.

سؤال: هل الإصلاح الجامعي الحالي قد حقق الضمانات التي تحمي طلبتنا من السقوط في البطالة؟
جواب: إن التعليم بصفة عامة والتعليم الجامعي بصفة خاصة يخضعان للسياسات المملاة من طرف الامبريالية والتي تسعى إلى تكييف مصائر الشعوب مع شروط التراكم الرأسمالي سواء في الدول الأطراف أو لدي المتربول الرأسمالي. فهذه السياسات تسعى إلى إقصاء أبناء الشعب من التعليم العمومي عبر إفراغه من محتواه وتحابي التعليم الخاص الذي أصبح طبقيا. والدليل على ذلك هو أن الآلاف من العاطلين من حملة الشهادات الذين يحتجون يوميا أمام البرلمان هم من أبناء العمال والفلاحين والطبقات المسحوقة، ولن تجد من بينهم أبناء الطبقة الحاكمة، لأنهم يتوجهون للمدارس الخاصة أو يدرسون بالخارج وبعد ذلك يأتون لاحتلال نفس المقاعد التي احتلها آبائهم من قبلهم.
إذن فما يسمى بالإصلاح هو عبارة عن املاءات طبقية لا علاقة لها بحاجيات الشعب ومتطلباته.

سؤال: بصفتك مواطن مغربي ما هي إنتظاراتك من الانتخابات السابع شتنبر؟
جواب: لا أنتظر من انتخابات السابع من شتنبر شيئا، بل أتحسر على ما تنتجه من إهدار في الأموال سواء أثناء الحملة الانتخابية أو كأجور وتعويضات للبرلمانيين ما دام كل ذلك بدون جدوى سياسية أو اقتصادية وما دامت السلطات الحقيقية للحكم ليست بأيديهم، وما دامت أن أوضاع الطبقات المسحوقة ستزداد تدهورا نتيجة الإمعان في نفس السياسات الاقتصادية والاجتماعية المعتمدة منذ ع
قود.

ليست هناك تعليقات: