الاثنين، 27 أغسطس 2007

الخيانة الزوجية الطابو المسكوت عنه
بالرغم من أن الخيانة الزوجية
يحرمها الدين ويجرمها القانون، إلا أن الواقع يثبت عكس ذلك، فالمحاكم المغربية تعج بقضايا الخيانة الزوجية، وفي الغالب يكون الطلاق هو الحل الأمثل لها.. لكن ماهي ردة الفعل التي تنتاب أحد الزوجين حين يكتشف بأن شريكه في الحياة يخونه، هل يصمت ويفكر جليا في الأسباب التي دفعت به إلى إرتكاب هذا الجرم في حقه، أم يشن حربا ضروسا تكون نهايتها كارثية على مستقبل الأسرة خاصة في حالة وجود أطفال؟ أسئلة حاولنا ملامستها من خلال بعض الشهادات التي إستقيناها في هذا الباب والتي إن عبرت على شيء فإنما تعبر الرفض المجتمعي لهذه الآفة التي تتشابك خيوطها لكثرة أسبابها.

لم تكن السيدة فاطمة 27 عاما تعتقد بأنه سيأتي يوم وتكتشف فيه خيانة زوجها، الذي جمعتها به قصة حب كان ثمرتها إنجابها لطفلين، سيخونها في يوم من الأيام، تقول فاطمة " أصبح زوجي يدخل ثملا إلى المنزل وفي وقت متأخر من الليل كما أن تعامله معي تغير، بحيث أصبحت أحس بأنني لم أعد أعني له شيئا وتأكدت بأنه يخونني،
فمرة ضبطته يتكلم في الهاتف ويقهقه من كثرة الضحك ولم يكترت بي فلم أستطع مواجهته وتحملت إلى أن فاض بي فصارحته بحقيقة شعوري فإنتفض ولم يلبث ثانية حتى قال لي هزي حويجك ويلله لداركم وأنا اللآن أريد الطلاق فلم أعد أتحمل العيش معه على سقف واحد خاصة بعد محاولاته لضربي أكثر من مرة ولشكه الذي زاد في السنتين الأخيرتين " .
أما ردة الفعل التي تنتاب الزوجة حين يخونها زوجها فهي تختلف بحسب شخصية المرأة فهناك سيدات لا تعيرن إهتماما للأمر، في حين نجد أخريات يقمن الدنيا ولا يقعدنها إذا إكتشفوا بأن الزوج يخونهن، تقول السيدة عزيزة 37 سنة أم لطفلين، " في السنوات الأولى من الزواج تكون المرأة محبة لتملك الزوج خاصة وان الحب يكون متأججا في تلك المرحلة، ولكن مع المدة وخاصة بعد الولادة يصبح إهتمام المرأة الرئيسي هو الأطفال، فهنا حدة الصدمة تختلف عن الأولى، وفي كلتا الحالتين الزوجة إذا إكتشفت خيانة زوجها من الأحسن أن لا تواجهه لأن في ذلك إعطاؤه فرصة للتمادي ولكن في نفس الوقت تحاول إصلاح ما يمكن إصلاحه، أما فيما يخص خيانة المرأة، فأنا أتقبل الرجل الذي يخون ولا أتقبل المرأة التي تخون زوجها لأن المرأة تحمل الحياة في أحشائها، ولأن الرجل عنده ميول طبيعي للتعدد، فهناك رجال مؤهلين للخيانة بالرغم أنهم يمتلكون زوجات آية في الجمال ومع ذلك يمارسون الخيانة، ففي هذه الحالة المرأة يجب أن تكون ذكية إذا أرادت الحفاظ على بيتها وعلى زوجها وذلك من خلال تقليلها من الذاتية المفرطة والإهتمام بنفسها أكثر داخل المنزل.
أما حميد فيقول بأن الشعور الذي ينتاب الزوج حين يتعرض للخيانة ، يتمثل في أنه يحس بعدم الثقة في نفسه وفي الآخرين إضافة إلى إحساسه بالضياع أو بالأصح الشمتة ، لأنه تعرض للغدر من أقرب الناس إليه وقد يصل به الأمر إلى حد الإنتحار أو الدخول في أزمة نفسية يكره فيها جميع النساء ، أما ردة الفعل فتختلف، فهناك فلسفتين ، الأولى : " تيقول الراجل نقتلها هي وياه ونمشي الحبس ، وهذه فلسفة قديمة ، أما الفلسفة الثانية :تيقول الراجل بأنها" في جميع الأحوال شارفة وكاينين ما صغر منها ، وفي الأخير هي الخاسرة ، في هذه الحالة يصبر ويبلغ الشرطة لضبطها في حالة تلبس

هذا ويؤكد الإخصائيون النفسيون، بأن الخيانة الزوجية شعور نابع من أعماق الأنا وهي حالة ناتجة عن الإستياء أو النقص في الحنان ، كما قد تأتي نتيجة التهميش ، وقد تكون محاولة لإثبات الوجود أو رد الإعتبار ومحركها الأساسي المكبوتات الجنسية .
فالخيانة الزوجية من الناحية النفسية كالشراب والقمار من السهل ممارستها والإعتياد عليها ولكن من الصعب جدا الإقلاع عنها فلا الرجل ولا المرأة يعلمان عواقب الفعل إلا بعد فوات الأوان، وذلك يرجعه البعض إلى ضعف الوازع الديني وعدم إستحضار مراقبة الله عند
الإقدام على الخيانة .
أما المجتمع المغربي فهو يميز بين خيانة الرجل وخيانة المرأة وذلك راجع إلى القيم الذكورية السائدة والتي تعترف بأحقية ممارسة الرجل لرغباته ونزواته من منطلق الرجولة والفحولة ، لهذا نجد العديد من الرجال يتباهون بعدد عشيقاتهم ، ففي ظل الفوضى الأخلاقية التي نعيشها ، أصبحت الخيانة الزوجية أمرا متعارف عليه وفي نفس الوقت طابوا ليس من السهل الحديث فيه .
وإذا كانت غالبية الشرائح الإجتماعية في المغرب تنظر إلى الخيانة الزوجية كوصمة عار على جبين مرتكبها، بحيث أن نظرة المجتمع للمرأة الخائنة تختلف عن الرجل، فالمرأة التي إقترفت جرم الخيانة الزوجبة لا يرحمها المجتمع،وإذا خانها زوجها تتهم بأن إهمالها له هو الدافع الذي جعله يخونها ،فإن هناك إتجاه آخر بدأ يطفوا على السطح ، ينطلق من فكرة الحرية الشخصية وبأن الإنسان حر في جسمه ، بحيث أن مثل هاته النزوات هي بمثابة متنفس يضمن للعلاقة الزوجية إستمرارها ، وهذا الرأي تتبناه بعض الجمعيات الغربية لكن يبدوا أن رياحه بدأت تهب على المغرب حيث أصبحنا نسمع عن حكايات البرجوازية الجديدة التي أضحت تعتبر الخيانة الزوجية موضة العصر
والخيانة الزوجية لم تعد مقتصرة على الزوج بل أصبحت الزوجة كذلك ضليعة في ممارستها بحيث تعج المحاكم المغربية بقضايا
لأزواج يتهمون زوجاتهم بالخيانة الزوجية بل أكثر من ذلك فهناك حالات ضبطت فيها الزوجات في حالة تلبس، فبتاريخ 09 يوليوز 2007 أصدرت المحكمة الإبتدائية بالدار البيضاء في جلستها العلنية وهي تبث في القضايا الجنحية الحكم على الزوجة وشريكها اللذان كان على متن سيارة أجرة وقد أكدا لهيئة المحكمة أنهما كان على علاقة غير شرعية، حيث إتضح عند الإستماع إلى الظنينة الأولى أنها كانت على علاقة غير شرعية مع الظنين الثاني، وأنها سبق لها أن مارست معه الفساد وهو يعلم بأنها متزوجة، وحيث أن المشتكي ( الزوج) أدلى بتنازل عن شكايته لفائدة الزوجة الظنينة، مما يضع حدا للمتابعة حسب الفصل 492 من القانون الجنائي وبالتالي سقوط الدعوى العمومية، فيما يتعلق بالخيانة الزوجية ومعاقبة الظنين الثاني بستة أشهر حبسا نافدا مع الصائر. أما الحالة الثانية، فتتلخص في إصدار المحكمة الإبتدائية بالدار البيضاء في جلستها العلنية حكما يقضي بإدانة الظنينة ( الزوجة ) بالخيانة الزوجية والظنين الثاني بالمشاركة في الخيانة، حيث أنه بناءا على الشكاية التي تقدم بها الزوج ومفادها ضبط الزوجة وهي برفقة الشريك بشقته يتبادلان القبل ومنهمكين في ممارسة الجنس، وبعد إعتراف الظنينين بالمنسوب إليهما، أصدرت المحكمة حكما يقضي بالحكم على الظنينة بثمانية أشهر حبسا نافدا وعلى الشريك بستة أشهر حبسا نافدا مع تحميلهما الصائر والإجبار في الأدنى

وفي نفس السياق، تقول الصحافية جميلة:
" بالنسبة لي سواء المرأة أوالرجل اللذان يتعاطيان للخيانة الزوجية، يكون عندهم نقص في جانب من الجوانب الجنسية أو العاطفية، فالمرآة التي تخون زوجها، تكون قد أجبرت على ذلك كأن يكون الزوج غير مهتم بها ، فالمرأة بطبيعتها لابد للزوج أن يهتم بها معنويا وماديا ، أو أنها غصبت في زواجها من رجل لا تحبه بحكم التقاليد والعادات ، فأي رجل يهتم بها في هذه اللحظة سترتمي في أحضانه ، وبصفتي صحافية فقد صادفت حالات بهذا الخصوص ، ومنها واقعة تتلخص في أن أب الزوج المهاجر خارج أرض الوطن شك في خطوات زوجة إبنه وتأكد بأنها تخونه مع صاحب الدكان فقام بإشعار الشرطة التي حضرت وضبطتهما في حالة تلبس ، وبعد الإستماع للظنينة ، قالت بأنها لاتراه إلا بعد أربع سنوات إضافة إلى أنها تزوجت به رغما عن إرادتها .
والمغرب ليس وحده الذي يعاني من هذه الظاهرة، فالإحصائيات التي قام بها مركز الدراسات الإجتماعية الخاص بالإتحاد الأروبي بأن 80 بالمائة من المتزوجين قد مارسوا الخيانة الزوجية مرة واحدة في حياتهم .
وفي هذا الصدد يقول كارلوس مالو ، مدير معهد علم الإجتماع سيغما 2 في كتابه ( كيف تخون دون أن يفتضح أمرك ) أن معظم الخيانات تحدث بين سن 30 و49 أما الأسباب فتختلف بإختلاف الجنسين ، فالرجل يعلل ذلك بالرغبة في خوض تجربة جديدة يكتشف من خلالها عوالم مختلفة ، أما المرأة فتبرر خيانتها برغبتها في الحب والحنان ، هذه العوامل وغيرها هي التي تجعل المرأة ترتمي في حضن أي رجل يبدي إهتمامه بها . أما علماء البيولوجيا فيقولون بأن الرغبة الجنسية مرتبطة بشكل مباشر بمعدلات التستوستيرون أو الهرمون الذكري، هذا المعدل يكون أكبر بإحدى عشر مرة عن النسبة الموجودة في جسم المرأة، والرجل عندما يمارس الجنس يفرز كمية من الحيوانات المنوية قد تصل إلى 600 مليون حيوان منوي الشيء الذي يجعله غير قادر على كبح جماح شهواته الجنسية .



الأستاذ محمد السالك محام بهيئة الدار البيضاء : المشرع المغربي تشدد في إثبات جريمة الخيانة الزوجية

ماذا يقول رجل القانون في الخيانة الزوجية؟
يجرم المشرع المغربي الخيانة الزوجية بمقتضى الفصلين 491 و 492 ، حيث عاقب مرتكب هذا الفعل بالحبس من سنة إلى سنتين ، غير أنه إشترط إقامة المتابعة على الشكوى من طرف الزوج أو الزوجة المجني عليهما .
وفي حالة ما إذا كان أحد الزوجين غائبا خارج الوطن أجاز للنيابة العامة أن تقوم بصفة تلقائية بمتابعة الزوج الآخر الذي يتعاطى للخيانة الزوجية بصفة ظاهرة
وبمجرد تنازل أحد الزوجين عن شكايته ، تسقط المتابعة في حق الزوج أو الزوجة المشتكى بهما ، كما أنه إذا صدر في حق أحدهما حكم غير قابل للطعن فإن التنازل الذي يأتي بعد هذا الحكم يضع حدا لآثار الحكم السابق القاضي بالمؤاخدة .
هذا بخصوص الزوج أو الزوجة المقترفة للفعل ، أما بالنسبة للشريك فهو لا يستفيد من التنازل مطلقا ما لم يكن بدوره متزوجا ، وحصل على تنازل من الطرف الآخر .
والمشرع المغربي تشدد في إثبات جريمة الخيانة الزوجية حيث إشترط لإثباتها ، أن تكون بناءا على محضر رسمي ، تحرره الضابطة القضائية في حالة التلبس أو إعتراف كتابي ، أو إعتراف قضائي .


لماذا تشدد العقوبة على الزوجة المرتكبة للخيانة الزوجية وتخفف على الزوج ؟
ليس هناك أي تشدد ، لأن القانون الجنائي يساوي بين الرجل والمرأة المتزوجان والمقترفان لفعل الخيانة الزوجية ، بل أكثر من ذلك الفصل 490 لم يميز بين إرتكاب فعل الخيانة الزوجية من طرف الزوج أو الزوجة في حال غياب الطرف الآخر خارج أرض الوطن وإذا كان النص القديم يعطي الحق للنيابة العامة بتحريك أو متابعة الزوجة التي تتعاطى الخيانة الزوجية بصفة ظاهرة والتي يكون زوجها خارج أرض الوطن إذ أن النص الجديد أعطى للنيابة العامة حق المتابعة بخصوص الزوج أو الزوجة معا في حالة غياب الزوج الآخر .
إلا أن خيانة المرأة لزوجها يكون لها وقع إجتماعي أكثر من خيانة الزوج لزوجته ، نظرا للعقلية المغربية ، وكذلك الأخد بعين الإعتبار الأثار الخطيرة التي يمكن أن تنتج عن خيانة المرأة لزوجها خاصة إختلاط الأنساب ونسب أطفال لآباء قد يكونون غير آبائهم الطبيعيين

ليست هناك تعليقات: