نظام "سيبير كود"
يقض مضاجع أرباب مدارس تعليم السياقة
إن التطور التكنولوجي في الإمتحان النظري للحصول على رخصة السياقة سهل عملية الرشوة، بدل أن يصعبها على ذوي النفوس التي تقايض النجاح بدفع مبلغ مالي إضافي على المبلغ الرئيسي الذي تحصل عليه مدارس السياقة، فالأيدي الخفية في مجال الرشوة لن تنفع معها التكنولوجيا الحديثة ولا نظام "سيبير كود" ليردعها ويوقفها عن حدها، فأي تطور تكنولوجي في هذا المجال سيجد له هؤلاء تكنولوجيا للرشوة مضادة له وكابحة لجماح تطوره.
كان الحصول على رخصة السياقة في السابق يتم بطريقة تقليدية تعتمد على الحفظ بالدرجة الأولى حتى يتمكن المعني بالأمرمن اجتياز الإمتحان النظري للحصول على رخصة السياقة، ولكن مع الثورة التكنولوجية التي عرفها العالم في مجال الحاسوب، كان من الضروري على المغرب أن ينخرط فيها حتى يتمكن من مسايرة الركب في هذا المجال، لهذا فقد كان من الضروري أن تقتحم هذه التكنولوجيا مدارس السياقة، فاعتمد نظام الكود من خلال الحاسوب في مختلف سيارات التعليم، بل أكثر من ذلك فقد أصبح اجتياز الإمتحان النظري يتم عن طريق الإجابة على 31 سؤال يظهر على شاشة الكومبيوتر حتى يضمن الشفافية والمصداقية للإمتحان وحتى يتغلب على الرشوة التي كانت مستفحلة في النظام القديم،
فكان هذا النظام المطبق حاليا بمثابة قارب النجاة للعديد من الناس الذين كانوا يشتكون من الرشوة فضلا على أنه بشهادة أهل الميدان يعد أحسن بكثير من سابقه، لأنه يتوفر على مجموعة من المزايا تجعله يوفر فرص كبيرة لنجاح المتدرب.
لكن للأسف، فحتى النظام الجديد وبحسب العديد من الناس لم يسلم من الرشوة، وأضحى النجاح في امتحانه النظري والتطبيقي لا يخلوا من دفع مبلغ إضافي، بحيث أن عدد الحاصلين على الرخصة بدون دفع الرشوة في مختلف مدارس السياقة لا يتعدى عددهم رؤوس الأصابع، لذلك نجد المواطن المغربي يتساءل عن المسؤول على هذه الوضعية التي تشكل نقطة سوداء تلطخ سمعة السياقة في بلد يعد من ضمن البلدان المتقدمة في حرب الطرق.
من ثمة نجد بان العديد من الأشخاص يدعون إلى تفعيل نظام جديد يصطلح عليه ب"سيبير كود" لعله يحد من تفشي هذه المعضلة، لكن في نفس الوقت، نجد جهات أخرى ترفض نظام " سيبير كود" رفضا قاطعا وتسعى جاهدة لعدم تطبيقه من قبل وزير النقل والتجهيز" كريم غلاب"، لأنه سيضرب مصالحها ومصالح زبائنها.
"دهن السير يسير"
إن العديد من الطلبة الذين صادفناهم في بعض سيارات التعليم بالمغرب، يشتكون من الرشوة في جميع المجالات وبالأخص، عندما يرغب الشخص في الحصول على رخصة للسياقة حيث تكثر المحسوبية والزبونية، خاصة في الإمتحان النظري فأمام مقر اجتياز هذا الإمتحان، يجتمع يوميا عدد ممن يرغبون في الحصول على رخصة للسياقة، ونفسيتهم جد سيئة نظرا للإرتباك والخوف الذي يصابون به بسبب رهبة الإمتحان؟ خاصة الذين يعولون على مجهودهم الشخصي وذكائهم في الإجابة على الأسئلة، أما الذين يطبقون مقولة " دهن السير يسير" فلا يشعرون بهذه الرهبة بتاتا.
تقول إحدى السيدات التي التقيناها، أن زوجها هو الذي دفعها لتجتاز هذا الإمتحان، وهو من تكلف بمصاريف مدرسة السياقة ولكن للأسف رسبت ثلاث مرات وهي الآن مضطرة لدفع الرشوة حتى تتمكن من سياقة سيارة زوجها، لتساعده في جلب الأطفال من المدرسة والقيام ببعض الحاجيات الأخرى، سيدة أخرى التقيناها وعلامات الفرح بادية على محياها بعدما تمكنت من النجاح في الإمتحان النظري ، وهي الآن تنتظر الإمتحان التطبيقي التي هي متأكدة من النجاح فيه لأنها تتقن السياقة، وهي ترفض مبدأ الرشوة قطعيا، وتقول أن هذه العادة سيئة ابتدعها المغاربة وجعلوها قانونا يسري على الجميع، وهذا غير مقبول في مجتمع يحرم دينه الإسلامي الرشوة ويلعن الراشي والمرتشي.
الذكور كذلك كان لهم نصيب مع المعاناة النفسية التي يخلفها اجتياز هذا الإمتحان فمنهم من رسب مرات عديدة ولكن لم ييأس لأنه يتقن السياقة وما عليه إلا الحصول على الرخصة حتى يتمكن قيادة السيارة،غير أن حدة هذا التعب النفسي تزداد عند من يقبل على اجتياز امتحان سياقة الشاحنة، فالغالبية يرسبون، والكل يجمع على أن من يدفع الرشوة ينجح بكل سهولة ومن لا يدفع ينتظر في صفوف الراسبين لينال حظه من النجاح.
وفي فصل الصيف بالذات يزيد الإقبال على مدارس التدريب الخاصة من قبل الموظفين الذين بحكم الوقت والعمل لا يجدون متسعا من الوقت لدراسة قانون السياقة إلا في هذه الفترة ، أما الذين يريدون السفر إلى الخارج فيتحتم عليهم الحصول على هذه الرخصة بأي ثمن قبل الإنتقال الى الضفة الأخرى.
غير انه إذا كانت رخصة السياقة تختلف بحسب نوع وسيلة النقل المعتمدة، فالحصول على رخصة سياقة لقيادة سيارة ليس هو الحصول على نفس الرخصة ولكن هذه المرة لقيادة شاحنة أو حافلة وهنا مربط الفرس ومكمن الخطر، فالرشوة إذا كانت تسهل عملية اجتياز الإمتحان النظري فإنها تعرض حياة العديد من الأشخاص للخطر لأن الحاصل على شهادة النجاح لن يحترم القانون وسيكون متهورا بحياته وحياة من يركبون معه، وهذا بالضبط ما نلمسه في شوارعنا وطرقاتنا، التي ترتكب فيها يوميا أخطاء فادحة بسبب عدم مبالاة السائق وعدم احترامه لقانون السير الذي يجب أن تخصص له مادة مستقلة في المدارس حتى نتمكن من خلق جيل يحترم القانون عامة ويعرف كيف يتعامل معه.
تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
هذا النظام الجديد الذي نتحدث عنه إذا كان يتميز بكونه واكب عصر السرعة والتطور في مجال السياقة، إلا أنه حرم فئة عريضة من اجتيازامتحانه، في بلد ترتفع فيه نسبة الأمية وكذلك فرض على المتدرب الحضور يوميا الى مقرمدرسة تعليم السياقة حتى يتمكن من مواكبة الدروس وبالتالي اجتياز الإمتحان في أقل وقت ممكن، الأمرالذي آثار حفيظة مجموعة من الموظفين الذين يرغبون في الحصول على رخصة السياقة ولكن للأسف لا يملكون الوقت الكافي للحضور ومتابعة كل الدروس المخصصة لذلك، غير أننا نجد المهنيين الذين رحبوا بنظام المكننة يعتبرونه أقل ضررا من غيره من الأنظمة.
فهذا النظام الجديد رغم كونه جاء بغية تحقيق العديد من الأهداف من قبيل التقليل من الرشوة، والوصول إلى مستوى مهني وكفاءة جيدة في منهجية التكوين والحد من غطرسة التدخل البشري في الموضوع والقضاء ولو نسبيا على تقديم الرشاوى والتقليل من حدة المحسوبية والزبوينة، فإن الرياح تجري بما لا تشتهيه السفن فاعتماد الحواسيب لم يحد من ذلك بل أدى إلى مزيد من الرشوة خاصة وان هذا المجال يفتقد للمراقبة الفعالة، فبحسب أحد مالكي سيارات التعليم المشكل ليس في النظام ولكن المشكل في القائمين على تطبيقه، فأي نظام سيبتكر سبتكر له هؤلاء وسائل لتفكيكه وجعله متامشيا مع رغباتهم التي تمكنهم من تحصيل الرشاوي.
"سيبير كود" للقضاء على الرشوة
يجتهد المغرب بمختلف مكوناته في محاربة الرشوة في الحصول على رخصة السياقة، وفي هذا الصدد نجد وزير التجهيز والنقل كريم غلاب، يبشرنا بنظام جديد يصطلح عليه ب" سيبير كود" الذي يمنع الغش في الإمتحانات النظرية لرخصة السياقة، حيث يخصص جهاز لكل ممتحن بأسئلة مختلفة مع الرفع من نسبة النجاح من 30 على 40 إلى 35 على 40.
وبالرغم أن الوزارة تؤكد على أن الأجهزة هي متوفرة، وبان رؤساء المراكز مستعدون لتطبيق النظام، نجد بأن الوزير لا زال مترددا في تطبيق ذلك النظام، الأمر الذي ترجعه بعض الجهات الى ضغط لوبيات الجماعات المهنية، التي من مصلحتها تجميد هذا المشروع، لأنها المستفيد الأول من تعطيله.
وفي اتصال بالوزارة الوصية،" وزارة التجهيز والنقل" لم يرد أحد إجابتنا، عن الدور الذي سيلعبه هذا الجهاز في محاربة ظاهرة الرشوة، وظل هاتف المسؤولة بقسم الإتصال، يرن دون جواب يشفي غليل المهتمين بهذا الميدان الحيوي في المغرب.
**************
مصطفى فلاح، مسؤول في إحدى مدارس تعليم السياقة بمدينة الدار البيضاء
نظام " سيبير كود" ضربة موجعة لأرباب مدارس تعليم السياقة في المغرب
كيف تنظرون إلى نظام "سيبير كود" الذي تريد وزارة التجهيز والنقل تطبيقه ؟
إن نظام سيبير كود الذي تريد الوزارة تطبيقه، غير لائق تماما، و سيشكل ضربة قاضية على مصالح أرباب سيارات التعليم، الذين سيتضررون منه، بحيث ستصبح هناك محدودية للزبائن الذين يدرسون قانون السياقة ليس بغرض شراء سيارة، ولكن لأغراض قد تكون مهنية، بالدرجة الأولى كالشريحة التي تعاني من البطالة والتي تهدف إلى الحصول على عمل من خلال رخصة سياقة شاحنة مثلا، فضلا على أن هذا النظام الجديد سيمنع شريحة واسعة من المواطنين المغاربة الأميين في مجال الحاسوب، من اجتياز الإمتحان، وهنا يجب على الوزارة أن تحدد الفئة المعنية بهذا الأمر، هذه الفئة التي يشكل النظام الحالي فرصة جيدة لها في اجتياز الإمتحان، لأنها تعتمد على حاسة السمع وكذا الملاحظة الجيدة التي 50بالمائة ستمكنها من النجاح، غير أن نظام "سيبير كود" الخاص بالإمتحانات و الذي يعتمد بالأساس على تخصيص لكل متدرب جهاز حاسوب خاص به سيحرم شريحة واسعة من المجتمع المغربي من الحصول على رخص السياقة وبالتالي ستتضرر مصالحها ومصالح أرباب سيارات التعليم.
كيف تنظر إلى النظام المطبق حاليا في اجتياز الإمتحان النظري للحصول على رخصة السياقة؟
هل حارب الرشوة أم زاد من استفحالها؟
النظام الجديد بالعكس قلل من حدة التزوير، على ما كان عليه الحال في النظام القديم، فحامل رخصة السياقة يحصل في هذا النظام على مجموعة من الدروس، إلى درجة الملل من حفظها واستيعابها، ومدارس السياقة تسعى جاهدة ليحصل المتدرب فيها على أفضل نتيجة حتى يتمكن من اجتياز امتحان السياقة، ففي النظام القديم كان الإنسان يحفظ الدروس عن ظهر قلب، ومع ذلك تبقى نسبة نجاحه ضئيلة، إذا لم يدفع للشخص الذي سيمتحنه قدرا من المال، أما اليوم فمسألة الرشوة تكاد تكون منعدمة خاصة في " الكود". فالإنسان في هذا النظام ملزم بالحضور، وملزم بتقديم صورة شخصية له، وشهادة للفحص، فأي شخص يدعي قدرته على شراء رخصة السياقة بالمال فهو كذاب.
هل النظام الجديد سيمكن من محاربة الرشوة؟
هذا النظام المطبق حاليا، هو كفيل بمحاربة الرشوة، فالمهم بالدرجة الأولى هو محاربة حوادث السير التي استفحلت بسبب مجموعة من العوامل، أهمها، ضعف البنية التحتية، تقليص سن السياقة إلى 21 سنة، أيضا ثقافة السرعة التي اجتاحت المغرب زيادة على غياب ثقافة تحمل المسؤولية عند السائقين، كلها عوامل جعلت حوادث السير ترتفع وليس النظام المطبق ولا حتى الرشوة التي تمنح، فالنظام المطبق حاليا يتميز بفعالية 75 في المائة من النظام السابق، وكما قلت لك تطبيق نظام سيبير كود هو ضربة موجعة لأرباب مدارس تعليم السياقة بالمغرب.
في حالة تطبيق نظام سيبير كود من قبل وزارة التجهيز والنقل كيف ستكون ردة فعلكم؟
يجب على هذه الوزارة قبل أن تطبق أي نظام، أن تتحاور مع أرباب مدارس السياقة، والمشرفين على الإمتحانات، حتى تكون هناك رؤية شمولية لا تتضررفيها مصالح أرباب هذا المجال الذين يشتغلون في مجال يفرض عليهم دفع الضرائب، ودفع أجور المدرسين، وكذلك شراء الأجهزة من الشركات التي تتاجر في هذه الوسائل الحديثة، دون أن ننسى شراء البنزين لتحريك وسائل النقل التي تملكها كل مدرسة على حدا، فضلا عن تعيين الشريحة المعنية بهذا الأمر ونحن نعلم بأن المغرب يعرف ارتفاع نسبة الأمية فبالأحرى التعامل مع جهاز الكومبيوتر.
يقض مضاجع أرباب مدارس تعليم السياقة
إن التطور التكنولوجي في الإمتحان النظري للحصول على رخصة السياقة سهل عملية الرشوة، بدل أن يصعبها على ذوي النفوس التي تقايض النجاح بدفع مبلغ مالي إضافي على المبلغ الرئيسي الذي تحصل عليه مدارس السياقة، فالأيدي الخفية في مجال الرشوة لن تنفع معها التكنولوجيا الحديثة ولا نظام "سيبير كود" ليردعها ويوقفها عن حدها، فأي تطور تكنولوجي في هذا المجال سيجد له هؤلاء تكنولوجيا للرشوة مضادة له وكابحة لجماح تطوره.
كان الحصول على رخصة السياقة في السابق يتم بطريقة تقليدية تعتمد على الحفظ بالدرجة الأولى حتى يتمكن المعني بالأمرمن اجتياز الإمتحان النظري للحصول على رخصة السياقة، ولكن مع الثورة التكنولوجية التي عرفها العالم في مجال الحاسوب، كان من الضروري على المغرب أن ينخرط فيها حتى يتمكن من مسايرة الركب في هذا المجال، لهذا فقد كان من الضروري أن تقتحم هذه التكنولوجيا مدارس السياقة، فاعتمد نظام الكود من خلال الحاسوب في مختلف سيارات التعليم، بل أكثر من ذلك فقد أصبح اجتياز الإمتحان النظري يتم عن طريق الإجابة على 31 سؤال يظهر على شاشة الكومبيوتر حتى يضمن الشفافية والمصداقية للإمتحان وحتى يتغلب على الرشوة التي كانت مستفحلة في النظام القديم،
فكان هذا النظام المطبق حاليا بمثابة قارب النجاة للعديد من الناس الذين كانوا يشتكون من الرشوة فضلا على أنه بشهادة أهل الميدان يعد أحسن بكثير من سابقه، لأنه يتوفر على مجموعة من المزايا تجعله يوفر فرص كبيرة لنجاح المتدرب.
لكن للأسف، فحتى النظام الجديد وبحسب العديد من الناس لم يسلم من الرشوة، وأضحى النجاح في امتحانه النظري والتطبيقي لا يخلوا من دفع مبلغ إضافي، بحيث أن عدد الحاصلين على الرخصة بدون دفع الرشوة في مختلف مدارس السياقة لا يتعدى عددهم رؤوس الأصابع، لذلك نجد المواطن المغربي يتساءل عن المسؤول على هذه الوضعية التي تشكل نقطة سوداء تلطخ سمعة السياقة في بلد يعد من ضمن البلدان المتقدمة في حرب الطرق.
من ثمة نجد بان العديد من الأشخاص يدعون إلى تفعيل نظام جديد يصطلح عليه ب"سيبير كود" لعله يحد من تفشي هذه المعضلة، لكن في نفس الوقت، نجد جهات أخرى ترفض نظام " سيبير كود" رفضا قاطعا وتسعى جاهدة لعدم تطبيقه من قبل وزير النقل والتجهيز" كريم غلاب"، لأنه سيضرب مصالحها ومصالح زبائنها.
"دهن السير يسير"
إن العديد من الطلبة الذين صادفناهم في بعض سيارات التعليم بالمغرب، يشتكون من الرشوة في جميع المجالات وبالأخص، عندما يرغب الشخص في الحصول على رخصة للسياقة حيث تكثر المحسوبية والزبونية، خاصة في الإمتحان النظري فأمام مقر اجتياز هذا الإمتحان، يجتمع يوميا عدد ممن يرغبون في الحصول على رخصة للسياقة، ونفسيتهم جد سيئة نظرا للإرتباك والخوف الذي يصابون به بسبب رهبة الإمتحان؟ خاصة الذين يعولون على مجهودهم الشخصي وذكائهم في الإجابة على الأسئلة، أما الذين يطبقون مقولة " دهن السير يسير" فلا يشعرون بهذه الرهبة بتاتا.
تقول إحدى السيدات التي التقيناها، أن زوجها هو الذي دفعها لتجتاز هذا الإمتحان، وهو من تكلف بمصاريف مدرسة السياقة ولكن للأسف رسبت ثلاث مرات وهي الآن مضطرة لدفع الرشوة حتى تتمكن من سياقة سيارة زوجها، لتساعده في جلب الأطفال من المدرسة والقيام ببعض الحاجيات الأخرى، سيدة أخرى التقيناها وعلامات الفرح بادية على محياها بعدما تمكنت من النجاح في الإمتحان النظري ، وهي الآن تنتظر الإمتحان التطبيقي التي هي متأكدة من النجاح فيه لأنها تتقن السياقة، وهي ترفض مبدأ الرشوة قطعيا، وتقول أن هذه العادة سيئة ابتدعها المغاربة وجعلوها قانونا يسري على الجميع، وهذا غير مقبول في مجتمع يحرم دينه الإسلامي الرشوة ويلعن الراشي والمرتشي.
الذكور كذلك كان لهم نصيب مع المعاناة النفسية التي يخلفها اجتياز هذا الإمتحان فمنهم من رسب مرات عديدة ولكن لم ييأس لأنه يتقن السياقة وما عليه إلا الحصول على الرخصة حتى يتمكن قيادة السيارة،غير أن حدة هذا التعب النفسي تزداد عند من يقبل على اجتياز امتحان سياقة الشاحنة، فالغالبية يرسبون، والكل يجمع على أن من يدفع الرشوة ينجح بكل سهولة ومن لا يدفع ينتظر في صفوف الراسبين لينال حظه من النجاح.
وفي فصل الصيف بالذات يزيد الإقبال على مدارس التدريب الخاصة من قبل الموظفين الذين بحكم الوقت والعمل لا يجدون متسعا من الوقت لدراسة قانون السياقة إلا في هذه الفترة ، أما الذين يريدون السفر إلى الخارج فيتحتم عليهم الحصول على هذه الرخصة بأي ثمن قبل الإنتقال الى الضفة الأخرى.
غير انه إذا كانت رخصة السياقة تختلف بحسب نوع وسيلة النقل المعتمدة، فالحصول على رخصة سياقة لقيادة سيارة ليس هو الحصول على نفس الرخصة ولكن هذه المرة لقيادة شاحنة أو حافلة وهنا مربط الفرس ومكمن الخطر، فالرشوة إذا كانت تسهل عملية اجتياز الإمتحان النظري فإنها تعرض حياة العديد من الأشخاص للخطر لأن الحاصل على شهادة النجاح لن يحترم القانون وسيكون متهورا بحياته وحياة من يركبون معه، وهذا بالضبط ما نلمسه في شوارعنا وطرقاتنا، التي ترتكب فيها يوميا أخطاء فادحة بسبب عدم مبالاة السائق وعدم احترامه لقانون السير الذي يجب أن تخصص له مادة مستقلة في المدارس حتى نتمكن من خلق جيل يحترم القانون عامة ويعرف كيف يتعامل معه.
تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
هذا النظام الجديد الذي نتحدث عنه إذا كان يتميز بكونه واكب عصر السرعة والتطور في مجال السياقة، إلا أنه حرم فئة عريضة من اجتيازامتحانه، في بلد ترتفع فيه نسبة الأمية وكذلك فرض على المتدرب الحضور يوميا الى مقرمدرسة تعليم السياقة حتى يتمكن من مواكبة الدروس وبالتالي اجتياز الإمتحان في أقل وقت ممكن، الأمرالذي آثار حفيظة مجموعة من الموظفين الذين يرغبون في الحصول على رخصة السياقة ولكن للأسف لا يملكون الوقت الكافي للحضور ومتابعة كل الدروس المخصصة لذلك، غير أننا نجد المهنيين الذين رحبوا بنظام المكننة يعتبرونه أقل ضررا من غيره من الأنظمة.
فهذا النظام الجديد رغم كونه جاء بغية تحقيق العديد من الأهداف من قبيل التقليل من الرشوة، والوصول إلى مستوى مهني وكفاءة جيدة في منهجية التكوين والحد من غطرسة التدخل البشري في الموضوع والقضاء ولو نسبيا على تقديم الرشاوى والتقليل من حدة المحسوبية والزبوينة، فإن الرياح تجري بما لا تشتهيه السفن فاعتماد الحواسيب لم يحد من ذلك بل أدى إلى مزيد من الرشوة خاصة وان هذا المجال يفتقد للمراقبة الفعالة، فبحسب أحد مالكي سيارات التعليم المشكل ليس في النظام ولكن المشكل في القائمين على تطبيقه، فأي نظام سيبتكر سبتكر له هؤلاء وسائل لتفكيكه وجعله متامشيا مع رغباتهم التي تمكنهم من تحصيل الرشاوي.
"سيبير كود" للقضاء على الرشوة
يجتهد المغرب بمختلف مكوناته في محاربة الرشوة في الحصول على رخصة السياقة، وفي هذا الصدد نجد وزير التجهيز والنقل كريم غلاب، يبشرنا بنظام جديد يصطلح عليه ب" سيبير كود" الذي يمنع الغش في الإمتحانات النظرية لرخصة السياقة، حيث يخصص جهاز لكل ممتحن بأسئلة مختلفة مع الرفع من نسبة النجاح من 30 على 40 إلى 35 على 40.
وبالرغم أن الوزارة تؤكد على أن الأجهزة هي متوفرة، وبان رؤساء المراكز مستعدون لتطبيق النظام، نجد بأن الوزير لا زال مترددا في تطبيق ذلك النظام، الأمر الذي ترجعه بعض الجهات الى ضغط لوبيات الجماعات المهنية، التي من مصلحتها تجميد هذا المشروع، لأنها المستفيد الأول من تعطيله.
وفي اتصال بالوزارة الوصية،" وزارة التجهيز والنقل" لم يرد أحد إجابتنا، عن الدور الذي سيلعبه هذا الجهاز في محاربة ظاهرة الرشوة، وظل هاتف المسؤولة بقسم الإتصال، يرن دون جواب يشفي غليل المهتمين بهذا الميدان الحيوي في المغرب.
**************
مصطفى فلاح، مسؤول في إحدى مدارس تعليم السياقة بمدينة الدار البيضاء
نظام " سيبير كود" ضربة موجعة لأرباب مدارس تعليم السياقة في المغرب
كيف تنظرون إلى نظام "سيبير كود" الذي تريد وزارة التجهيز والنقل تطبيقه ؟
إن نظام سيبير كود الذي تريد الوزارة تطبيقه، غير لائق تماما، و سيشكل ضربة قاضية على مصالح أرباب سيارات التعليم، الذين سيتضررون منه، بحيث ستصبح هناك محدودية للزبائن الذين يدرسون قانون السياقة ليس بغرض شراء سيارة، ولكن لأغراض قد تكون مهنية، بالدرجة الأولى كالشريحة التي تعاني من البطالة والتي تهدف إلى الحصول على عمل من خلال رخصة سياقة شاحنة مثلا، فضلا على أن هذا النظام الجديد سيمنع شريحة واسعة من المواطنين المغاربة الأميين في مجال الحاسوب، من اجتياز الإمتحان، وهنا يجب على الوزارة أن تحدد الفئة المعنية بهذا الأمر، هذه الفئة التي يشكل النظام الحالي فرصة جيدة لها في اجتياز الإمتحان، لأنها تعتمد على حاسة السمع وكذا الملاحظة الجيدة التي 50بالمائة ستمكنها من النجاح، غير أن نظام "سيبير كود" الخاص بالإمتحانات و الذي يعتمد بالأساس على تخصيص لكل متدرب جهاز حاسوب خاص به سيحرم شريحة واسعة من المجتمع المغربي من الحصول على رخص السياقة وبالتالي ستتضرر مصالحها ومصالح أرباب سيارات التعليم.
كيف تنظر إلى النظام المطبق حاليا في اجتياز الإمتحان النظري للحصول على رخصة السياقة؟
هل حارب الرشوة أم زاد من استفحالها؟
النظام الجديد بالعكس قلل من حدة التزوير، على ما كان عليه الحال في النظام القديم، فحامل رخصة السياقة يحصل في هذا النظام على مجموعة من الدروس، إلى درجة الملل من حفظها واستيعابها، ومدارس السياقة تسعى جاهدة ليحصل المتدرب فيها على أفضل نتيجة حتى يتمكن من اجتياز امتحان السياقة، ففي النظام القديم كان الإنسان يحفظ الدروس عن ظهر قلب، ومع ذلك تبقى نسبة نجاحه ضئيلة، إذا لم يدفع للشخص الذي سيمتحنه قدرا من المال، أما اليوم فمسألة الرشوة تكاد تكون منعدمة خاصة في " الكود". فالإنسان في هذا النظام ملزم بالحضور، وملزم بتقديم صورة شخصية له، وشهادة للفحص، فأي شخص يدعي قدرته على شراء رخصة السياقة بالمال فهو كذاب.
هل النظام الجديد سيمكن من محاربة الرشوة؟
هذا النظام المطبق حاليا، هو كفيل بمحاربة الرشوة، فالمهم بالدرجة الأولى هو محاربة حوادث السير التي استفحلت بسبب مجموعة من العوامل، أهمها، ضعف البنية التحتية، تقليص سن السياقة إلى 21 سنة، أيضا ثقافة السرعة التي اجتاحت المغرب زيادة على غياب ثقافة تحمل المسؤولية عند السائقين، كلها عوامل جعلت حوادث السير ترتفع وليس النظام المطبق ولا حتى الرشوة التي تمنح، فالنظام المطبق حاليا يتميز بفعالية 75 في المائة من النظام السابق، وكما قلت لك تطبيق نظام سيبير كود هو ضربة موجعة لأرباب مدارس تعليم السياقة بالمغرب.
في حالة تطبيق نظام سيبير كود من قبل وزارة التجهيز والنقل كيف ستكون ردة فعلكم؟
يجب على هذه الوزارة قبل أن تطبق أي نظام، أن تتحاور مع أرباب مدارس السياقة، والمشرفين على الإمتحانات، حتى تكون هناك رؤية شمولية لا تتضررفيها مصالح أرباب هذا المجال الذين يشتغلون في مجال يفرض عليهم دفع الضرائب، ودفع أجور المدرسين، وكذلك شراء الأجهزة من الشركات التي تتاجر في هذه الوسائل الحديثة، دون أن ننسى شراء البنزين لتحريك وسائل النقل التي تملكها كل مدرسة على حدا، فضلا عن تعيين الشريحة المعنية بهذا الأمر ونحن نعلم بأن المغرب يعرف ارتفاع نسبة الأمية فبالأحرى التعامل مع جهاز الكومبيوتر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق