الخميس، 7 فبراير 2008

التلاعبات في الترقية بالإختيار لسنة 2006 تثير سخط موظفي التعليم

التنقيط الإداري لا يحترم معايير الكفاءة والأقدمية




إذا كان المغرب وبحسب التقارير الدولية، يحتل رتبا متدنية على الصعيد التعليمي، فإن الوضعية المترهلة لرجل التعليم هي من بين الأسباب التي جعلت المستوى التربوي دائما في تراجع على الرغم من النضالات النقابية المتواصلة للنهوض بها، والتي كان آخرها الترقية بالإختيار التي أسفرت برسم سنة 2006 على نتائج خيبت آمال الشغيلة التعليمية وخلفت موجة عارمة من الإنتقادات بسبب التلاعبات التي عرفها التنقيط الإداري والتي تسببت في حرمان العديد من رجال ونساء التعليم من حقهم الشرعي في الترقية.

ظل ملف ترقية رجال التعليم، في بلادنا وعلى امتداد ثلاثين سنة، من الملفات الشائكة التي لا تقل أهمية عن غيرها من الملفات الحساسة التي يناضل المغرب من أجل إصلاحها، ذلك أنه رغم توالي الحكومات وتغير الوزارات، ظل الموقف من ترقية رجل التعليم، متحجرا، سواء كان معلما أو أستاذا أو مديرا أو حارسا أو مفتشا.
فهو يظل قابعا في سلمه حتى يتقاعد أو توافيه المنية وبين هاتين المحطتين إما يقع تحت وطأة الإحباط ويقدم استقالته وإما يبحث عن طرق أخرى يهدف من خلالها إلى تحسين وضعيته المادية والمعنوية، والدليل أن العديد من رجال ونساء التعليم يشتغلون في مجالات الإدارة المغربية ومجالات القطاع الخاص، بعدما بدأوا حياتهم بتعليم أبناء الشعب.
فالتعليم كقطاع حيوي، هو في أمس الحاجة إلى الإستفادة من خبرات وكفاءات موظفي التعليم، فعند الحديث عن مردودية موظف التعليم يجب أن نضع نصب أعيننا، مسألة " الترقية"، فكيف نريد من رجل التعليم أن يكون رعيلا من المثقفين ومن الطلبة الذين سيحملون مشعل البناء والتغيير؟ وهذا المعلم أو الأستاذ يشهد تغير الأجيال، ولكن هو لا يتغير.
وإذاكانت الإمتحانات التي يجتازها موظفوا التعليم، والتي تلعب دورا في ترقيتهم فإن قلة قليلة منهم هي التي يبتسم لها الحظ وتترقى إلى سلاليم أحسن، أما الغالبية العظمى فهي لا تبرح مكانها.

الترقية بالإختيارلا طائل منها

سارعت فروع النقابات والمنظمات التعليمية بالمغرب، إلى إعلان تذمرها جراء النتائج المجحفة والمخيبة للآمال التي أسفرت عنها الترقية بالإختيار لسنة 2006، فقد إنهال سيل من الإنتقادات على الجهات المعنية وعلى كل من له صلة بموضوع التعليم، فرجال ونساء التعليم لم يستسيغوا فكرة الإقصاء وعدم الإستفادة من هذه الترقية رغم توفرهم على كافة الشروط التي تخولهم الترقي.
فالمعطيات تفيد بأن الترقية بالإختيار أفرزت عدة إشكالات، ويتمظهر ذلك في الإستياء الكبير للشغيلة التعليمية من المعايير المعتمدة في الترقية وفي مقدمتها التنقيط الإداري، الذي فتح باب الإقصاء أمام العشرات من المرشحين، فالنقطة الإدارية في نظر بعض الأساتذة رغم كونها تدخل في إطار تقييم عمل المدرس وتجعله يتسلق سلاليم الترقية الداخلية، فإنها مع ذلك لا تخدم المسألة التعليمية في شئ، بل بالعكس، فهي تعقد العلاقة بين المدرس وبين الإداري سواء كان مديرا أو مفتشا أو نائبا، خاصة إذا أخدنا بعين الإعتبار الإفتقاد لمبادئ القائمة على النزاهة والمصداقية والتي يغلب عليها في كثير من الأحيان طابع الرشوة والمحسوبية.
فالترقية تعد وسيلة مهمة للرفع من مردودية وتشجيع المجدين في التعليم، وفي التحضير على التكوين وعلى إعادة التكوين ولا يختلف أحد على أن الإمتحانات كوسيلة كذلك للترقي يجب أن تظل لأنها ضامن أساسي للترقي، غير أنه يجب إعادة النظر في طريقة الإمتحانات حتى تكون منصفة وعادلة.
وفيما يخص الترقية الخاصة بأساتذة الثانوي التأهيلي، فقد طرحت إشكالات عميقة، وأهمها أن حوالي 700 مرشح تمت ترقيتهم في الدورة الأولى حصلو على 60/60 في النقطة الإدارية، فهنا يطرح السؤال عن مدا أحقية هؤلاء لهذه الدرجات دون غيرهم من الأساتذة.

النضال من أجل تفعيل مبادئ الترقية

لقد دافعت شغيلة التعليم بكل فئاتها عن حقها في التمتع بالترقية الداخلية ورفضت أن يمارس عليها الحيف والتمييز وخاضت من أجل ذلك إضرابات، إلى حد الوصول إلى مخافر الشرطة والدرك.
ولكن مع ذلك استمر النضال من أجل تحقيق المطالب، بقيادة النقابة الوطنية للتعليم، وجاء الإعتراف لشغيلة التعليمية بحقها في الترقي الداخلي من خلال مرسوم 1986.
وإذا كان قطاع التعليم لم يتمتع بالترقية الداخلية إلا منذ 13 سنة، فإن نظام الكوطا قد حال دون ترقية العديد من رجال التعليم، وبالتالي أفقدالترقية بريقها.
وفي هذا الصدد يقول أحد رجالات التعليم طلب عدم الكشف عن إسمه" أن رجل التعليم يقدم خدمات للعديد من الموظفين، ويقوم بتكوين العديد من الأطر، لكن حقه في الترقية ضاع بسبب المعايير التي اتخذت، حيث قدمت للموظفين الجدد الخدمات تلو الخدمات، كترقية البعض بسرعة إلى سلم 10 ثم إلى السلم 11 ولم يمضي على توظيفه إلا سنوات معدودة وبعدها سيصبح في الدرجة الممتازة في الوقت الذي يظل فيه موظف آخر قضى 10 سنوات لينتقل بصعوبة إلى السلم 11، فالسرعة في تسلق السلاليم تسئ لمعايير الجودة و المردودية، وفي المقابل هناك رجال أعطو الكثير، بينما لا زالوا في السلم 8 أو 9 أو 10 .
فمراجعة النظام الأساسي لموظفي التعليم، لا يمكن أن يستقيم دون ربطه بالإطار العام للسياسة التعليمية، التي يشكل الميثاق أبلغ تعبير عنها. كما لا يمكن فهم هذه السياسة التعليمية دون ربطها بالتوجهات العامة للسياسة الاقتصادية والاجتماعية التي تنفذها الحكومة تحت إشراف المؤسسات المالية الدولية وصانعي القرار (الاتحاد الأوربي، البنك العالمي، صندوق النقد الدولي، المنظمة التجارة العالمية)..
وتتمثل هذه التوجهات في: تسريع وثيرة الخوصصة- تقليص ميزانيات القطاعات العمومية- فتح المجال أمام القطاع الخاص- إقرار مبدأ المرونة في قوانين الشغل، كل ذلك لتكييف الاقتصاد المغربي وترسانته القانونية مع المتطلبات الجديدة للرأسمال العالمي وهو في طور أزمته البنيوية. ".
واستمر النضال من أجل تحقيق المطالب وجاء الإعتراف بالترقية بالإختيار كأحد المستجدات التي أفرزها النظام الأساسي لسنة 2003 والتي غيرت المبادئ التي نص عليها النظام الأساسي لسنة 1985.
ورغم المكتسبات التي قدمها النظام الجديد، فإنها بحسب المنظمة الديمقراطية للشغل، تظل غير كافية وفي بيان للمنظمة توصلت "المستقل" بنسخة منه، تدعو إلى خوض إضراب وطني للإحتجاج على الخروقات التي شابت النقط الممنوحة للترقية بالإختيار، كما تحتج بشدة على بعض الممارسات غير القانونية ، والسلوكات الاستفزازية الرامية إلى التضييق على الحق في الإضراب وتستنكر التلاعبات الخطيرة التي شابت التقييمات الإدارية والتربوية المعتمدة في الترقية بالاختيار برسم 2006 ناهيك عن تباين التنقيط بين مختلف النيابات حيث وصلت في بعضها إلى 60/60.

********
أهم ما جاء في نص البيان
تدعو المنظمة الديمقراطية للتعليم إلى تحقيق مطالب الشغيلة التعليمية والتي تتمثل في:
1. الإسراع باعتماد إصلاح شمولي وحقيقي للمنظومة التربوية مع رصد الاعتمادات الكافية لتحقيق مختلف جوانبه
المتعلقة بتعميم التمدرس والحد من ظاهرة الاكتظاظ وتوفير المناصب المالية لتجاوز النقص الحاصل في الأطر
الإدارية والتربوية والزيادة في بنيات الاستقبال والارتقاء بالتكوين المستمر إلى طموحات الشغيلة ...
2. إعادة الاعتبار للمدرسة الوطنية العمومية ورفض كل أشكال الخوصصة والتفويت ومحاولات الإجهاز على
المجانية مع ضرورة توفير تعليم عمومي مجاني وجيد لعموم المغاربة.
3. إحداث ترقية استثنائية لأفواج من 2003 إلى 2007 مع الرفع من نسبة الحصيص الخاص بالترقية في الدرجة
لتجاوز التراكمات التي خلفها نظام الحصيص الهزيل؛
4. زيادة درجة إضافية في سلم الترقي بالنسبة للأسلاك الثلاثة وحذف الساعات التطوعية التضامنية؛
5. مراجعة كافة التعويضات (النظامية، العائلية، عن المنطقة، ...) مع مراجعة الضريبة العامة على الدخل؛
6. التعجيل بإخراج التعويض الخاص عن العمل بالوسط القروي إلى حيز التطبيق وتغيير الإطار بالنسبة للمجازين من
أساتذة التعليم الابتدائي المكلفين بالتدريس بالثانوي الإعدادي والتأهيلي؛
7. إحداث إطار لمختلف أطر الإدارة التربوية من مديرين ونظار وحراس عامين... مع التعجيل بإصدار المرسوم
المتعلق بالزيادة في التعويضات التي أعلن عنها سابقا واحتسابها بأثر رجعي ابتداء من 01/01/2005؛
8. الإسراع بمعالجة ملف الأساتذة حاملي الشواهد العليا في شموليته مع الأخذ بعين الاعتبار الأثر الرجعي
لجميع المعنيين على قدم المساواة وكذا التعجيل بإصدار المرسوم المعدل للمادة 108 من النظام الأساسي؛
9. ضرورة إنصاف المتضررين من الترقية بالاختيار 2006 من خلال الأخذ بعين الاعتبار الطعون المقدمة والإسراع
باعتماد بطاقة جديدة للترقية برسم 2007 ضمانا لحقوق المترشحين في أفق مراجعة منظومة الترقي برمتها؛
10. إعادة النظر في تنظيم الامتحان المهني مع ضرورة توخي النزاهة والشفافية والإعلان عن النتائج مصحوبة بالنقط؛
11. تسوية مختلف الملفات العالقة لفئة الأعوان مع ضرورة فتح باب الترقي إلى ما بعد الدرجة الثانية في وجه أعوان
الخدمة الممتازين وتحديد ساعات العمل؛
12. العمل على تسوية ملفات مختلف الفئات التعليمية(أساتذة الإبتدائي والإعدادي والتأهيلي، الأساتذة المدمجون ،مستشارو التوجيه و التخطيط، المبرزون، أطر المراقبة التربوية، المحللون، التقنيون، الإداريون والملحقون التربويون، المقتصدون، الأعوان، الأطر الإدارية المشتركة ومنشطي التربية غير النظامية...( .

ليست هناك تعليقات: