الجمعة، 28 سبتمبر 2007


سكان صفروا يعيدون للواجهة إنتفاضة كوميرة إلى الواجهة

الأغلبية الصامتة تكلمت...



خروج المواطنين من صمتهم ، خلف موجة من الهيجان الشعبي ، كان سببه غلاء الأسعار ،
غلاء جعل المدن المغربية تعيش على صفيح ساخن لم يطفيء غضبه سوى الخروج للشارع
لكن ما حدث في صفروا فاق كل التوقعات، وأعاد للواجهة أحداث الثمانينات أو ما يعرف بأحداث" كوميرة".
**لقد تحولت مدينة صفروا المعروفة بهدوئها وسكونها إلى بركان من المعارك الضارية بين جموع المحتجين، وقوات الأمن يوم الأحد الماضي، وذلك بعد فشل الغاية السلمية التي توختها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من تنظيم مسيرة سلمية تناهض الزيادات الصاروخية في أسعار المواد الغدائية.
فالحدث لم "يفاجئ" العديد من المتتبعين والمحللين الإجتماعيين الذين يؤكدون أن تواتر الأزمات الإجتماعية والإرتفاعات المسترسلة للأسعار وتأزم المعيشة وانحصار الأجور واستفحال البطالة بشكل قياسي وتوالي سنين الجفاف الذي ساهم من تعميق أزمة العالم القروي وغيرها... كلها مؤشرات على غليان اجتماعي غير معهود أصبحت معالم تصريفه عادية في صور الجرائم والإقتتال بين فئات المجتمع لأسباب تافهة الشيئ الذي ينم عن احتقان مجتمعي بلغ دروته، وهو مؤشر واضح على جاهزية تكراره في العديد من المدن والقرى والبوادي والأحياء الهامشية لكون أسبابه ومسبباته لازالت قائمة..


مسيرة سلمية تتحول إلى انتفاضة شغبية
انطلقت الوقفة الاحتجاجية المنظمة من طرف فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمدينة صفروا.صباح يوم الأحد الماضي ، حيث وفد على ساحة باب المربع بالمدينة ، العشرات من السكان والأهالي القاطنين بمدينة حب الملوك، وذلك قصد المشاركة في مسيرة سلمية غايتها التوصل إلى حل لمعضلة ارتفاع الأسعار التي أنهكت جيوب المواطنين .
وقد بلغ عدد المشاركين في المسيرة ما يزيد عن 2500 شخص وأغلبهم من النساء، وقد دامت الوقفة حوالي 45 دقيقة ورددت خلال الوقفة شعارات مناهضة لإرتفاع الأسعار، من قبيل "عش عش يا مسكين، الخبزة دارت خمسين" ، داعية لإيجاد حل لهذه الأزمة التي حلت بالمغاربة والتي لم تكن في الحسبان، أزمة واكبها شهر رمضان والدخول المدرسي فلم يعد بمستطاع الطبقات الكادحة في المجتمع تملك أعصابها، فكان غليان هذه التظاهرة أمر طبيعي وخير معبر على السخط على الوضعية، ولكن ليس مبررا على ظاهرة الشغب التي عرفتها المدينة والتي قلبت كل الموازين.
وإلى حدود الواحدة زوالا كانت الأمور على ما يرام ، بالرغم من المناوشات الأمنية ، لكن سرعان ماصعد الموقف خاصة بعد التدخل العنيف لأحد رجال الأمن في حق أحد المتظاهرين، في نفس الآن كان عدد الزاحفين للمشاركة في المسيرة يزداد شيئا فشيئا رغم اعتراض قوات الأمن سبيل الوافدين من منطقة البهاليل التي تقع على بعد خمسة كيلومترات من مدينة صفروا، لكن المتظاهرين تمكنوا من الوصول إلى ساحة باب المقام عبر المسالك الجبلية ، وقد احتج المتظاهرون أمام مقر العمالة مطالبين بحضور عامل المدينة لتبليغه احتجاجهم على الزيادة في الأسعار، لكن لسوء الحظ لا قلب لمن تنادي ، فقد رفض المسؤول الأول عن الإقليم الإستجابة لطلب المتظاهرين .
وفي هذه الأثناء كان عدد من أعضاء فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان قد وصلوا أمام الولاية لمعاينة الوضع نظرا لأن ذلك يدخل ضمن طبيعة مهامهم الحقوقية. إلأ أن قوات القمع اعتقلت عضوين من الجمعية وهما عز الدين المنجلي وبدر عرفات، الشئ الذي أدى إلى هيجان وسط المحتجين وسرعان ما تطور الوضع إلى التراشق بالحجارة واندلاع انتفاضة جماهيرية شملت مختلف أحياء المدينة القديمة .
وفي إتصال هاتفي بالسيد مصطفى الرحيني من ساكنة مدينة صفروا صرح لأسبوعية المستقل قائلا :" خرج عدد كبير من الشبان وتجمهروا أمام السجن المحلي محاولين اقتحامه بالعنف، مستعملين في ذلك قنينات الغاز التي تم تفجيرها أمام باب السجن، كما بدت عليه آثار الحريق والتخريب ".
ويضيف نفس المصدر، بأن المتجمهرين قد حاولوا اقتحام بيت مدير السجن، لكن أجهزة الأمن قد عمدت على منعهم بإستخدام آلة طر اكس، التي تعرضت فيما بعد للإحراق بإستخدام ثلاث قنينات غاز من الحجم الصغير .

من لغة الحوارإلى لغة الحجارة
إن منظمي مسيرة صفروا لم يكن في حسبانهم أن السحر سينقلب على الساحر، فالهدف كما يؤكد أعضاء الجمعية كان هو خروج المواطنين للتعبير عن سخطهم عن الوضع المتأزم الذي كان سببه الزيادات الغير متوقعة في أسعار المواد الإستهلاكية ، وبعد تأكد المتظاهرين أن الحل السلمي لن يجدي نفعا عمدوا إلى تبديل الأسلوب من الحوار إلى الحجارة.
فبدأت الحجارة تتقاطر على رجال الأمن ولا تفرق بين البشر والجماد، فكسر زجاج السيارات والمحلات التجارية التي لم تستجب لطلب الإغلاق ، كما تم إلحاق خسائر بمقرات بريد المغرب وإتصالات المغرب،ولم تسلم سيارة عون السلطة من نيران الغضب الشعبي، بحيث تم إحراقها ، وإضرام النار في المقاطعة الحضرية ، وإتلاف وثائق ومستندات ثانوية بئر انزران، نفس الأمر تعرضت له وكالة البنك المغربي للتجارة الخارجية،حيث قدرت حجم الخسائر بمليار سنتيم ، كما تم الهجوم أيضا على الكوميسارية الجديدة والمديرية الإقليمية للشرطة والمحكمة الابتدائية والخزينة العامة، ومؤسسة القرض الفلاحي .
هذا الهيجان الشعبي إستهدف أيضا وكالة ميديتيل وونا بحيث تم إتلاف مايزيد عن 50 هاتف .
كما اقتحم المحتجون منزل البرلماني (أزلماط)، بحيث إعتدوا عليه، قبل أن يتمكن من الفرار بصحبة بعض رفاقه.
وأمام هذا الإنفلات الأمني والغليان الشعبي الذي يذكرنا بأحداث 1981 بالدار البيضاء ، عمدت مصالح الأمن إلى تطويق أزقة ودروب مدينة حب الملوك ، التي تحولت من مدينة هادئة إلى بؤرة إشتعلت فيها النيران وإستعملت فيها الحجارة والهروات، فكان الرد عنيفا من قبل قوات الأمن التي فرقت جموع المحتجين بالقنابل المسيلة للدموع والأسلحة المطاطية .
ضربت عناصر من القوات المسلحة الملكية حصارا على الأحياء الملتهبة بمدينة صفرو ، كما رابضت عناصر أخرى أمام المصالح والمؤسسات التي شهدت انتفاضة السكان الغاضبين عليها يوم الأحداث الدامية
وشهد حي "حبونة" بالمدينة ذاتها ن وهو الحي الذي شهد أعنف المواجهات بين رجال الأمن والمحتجين حصارا ، إذا واصلت سيارات رجال الأمن وأفراد القوات المساعدة المرابضة في أهم زوايا الشارع تحسبا لأي طارئ ، خصوصا أمام استنكار السكان لعشوائية


الحصيلة ثقيلة في صفوف المتظاهرين

وإذا كانت نتيجة الغليان الشعبي هي تخريب المنشئات العمومية ، فإن الحصيلة على مستوى المتظاهرين وأفراد الأمن ، كانت ثقيلة ، فحسب تصريح مسؤول أمني لأسبوعية " المستقل" فإن خمسون فردا من رجال الأمن أصيبوا بجروح متفاوتة الخطورة ، ومن بينهم رئيس الدائرة الذي تعرض لكسر على مستوى الرجل ، كما أصيب عميد الأمن الإقليمي بصفر وبجروح بليغة على مستوى الوجه ، كما أصيب مسؤول جهوي في يده
هذا وأصيب حسب نفس المسؤول خمسة وثلاثون من المحتجين ، الذين خضعوا للعلاج بالمستشفى ، بينما فضل آخرون تلقي العلاج بمنازلهم خوفا من الإعتقال، كما أكد بأن الإعتقالات ما تزال متواصلة في صفوف المشتبه في تورطهم في الأحداث الدامية التي
عرفتها مدينة صفروا والتي حركت حالة الإستنفار الأمني .
فهذه الأحداث الدامية تسببت في إصابة 45 عنصر من الشرطة، ثلاثة منهم في وضعية خطيرة، إذ أصيبوا بكسور.
وفي السياق ذاته تم إعتقال أكثر من ثمانية وثلاثون شخصا من بينهم أربعة ينتمون إلى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تم عرضهم في نفس اليوم على أنظار الوكيل العام للملك بمحكمة الإستئناف بفاس .
في مساء يوم الأحد توجه أعضاء فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان نحو مكان الإعتقال، للعمل على إطلاق سراح المعتقلين، لكن السلطات قامت باعتقال عضوين آخرين من الجمعية هما كمال لمريني ومحمد لعموش، وقد أفرج عن هذا الأخير بينما تم الاحتفاظ بالباقي لتقديمهم إلى غرفة الجنايات صباح يوم الإثنين 24 شتنبر 2007 القديمة.

ومتوقع أن يتابع المعتقلون بتهم التخريب والإتلاف التي تصل عقوبتها إلى 20 سنة سجنا، بحسب القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية إذا تبث في حقهم فعل إضرام النار والتجمهر، وقد تم عرضهم بحسب مصادرنا صباح يوم الإثنين الماضي من طرف الغرفة الولائية للشرطة القضائية على غرفة الجنايات بمحكمة الإستئناف بفاس،




ما بعد الإنتفاضة

إستمرت المواجهات إلى غاية الساعة السادسة بعد الزوال ، إعتقل خلالها المزيد من المتجمهرين، وفور تطور تداعيات الأحداث ، أعطت المصالح الأمنيية المركزية أوامر مشددة بضرورة تضييق الخناق على الأحياء الشعبية من خلال تقوية نقط المراقبة الأمنية خوفا من إنتقال العدوى إلى باقي المدن المغربية .
وإستعادت المدينة صباح يوم الإثنين الماضي سكونها النسبي خاصة بعد حضر التجول الذي كان سببه الغليان الشعبي والإنتفاضة الشغبية التي عاشتها المدينة الهادئة، بحيث بدت العديد من الأماكن التي طالها التلف والتخريب كأنها خرجت للتو من حرب ضروس كانت مخلفاتها كارثية على ساكنة المدينة، التي بدت على وجوهها علامات الذعر والخوف خاصة بعد موجة الحملات التمشيطية التي إعتقل من خلال عدد مهم من المشتبه فيهم وأغلبهم شباب طائش ، ساهموا في تعميق الأزمة بدل حلها سلميا.
فعادت الحياة شبه طبيعية داخل أزقة وشوارع المدينة المنسية مع سيطرة هدوء خطير كالذي يسبق العاصفة، باستثناء المناقشة هنا وهناك بين الساكنة حول الأسماء المعتقلة ومقر سكناها وأبناء من، وحول سلوكها السابق ،ودورها في الأحداث الجارية..
وظلت العيون الجافة والوجوه شاحبة لساكنة المدينة التي تتابع بقوة تحقيقات وأسئلة الضيوف والغرباء(من صحافيين ومحققين سريين وعلنيين) .
هذه المدينة التي اعتادت الهدوء والسكينة والتآلف والتآخي (رغم الارتفاع المهول لمؤشر البؤس والفقر خلال السنين الأخيرة)
. يقول شاهد عيان ، بغض النظر عن الأخبار الواردة من مدينة فاس حول إطلاق سراح بعض الشبان المعتقلين على ضوء الأحداث الأخيرة والذين في أغلبهم مراهقون وسنهم لا يتعدى العشرين، فإن الحدث فريد من نوعه و يذكرنا بأحداث مماثلة وقعت بالبيضاء وبفاس بداية الثمانينات والتسعينات،غير أن ما وقع في مدينة صفروا يستدعي من الجميع وضع الحدث في سياقه العام بما يتطلبه من طرح للأسئلة العميقة والواقعية لأنه يبعث برسائل قوية تتطلب الشجاعة في التشخيص والجرأة في التحليل..
وهكذا عاد الهدوء الشكلي للمدينة لينطلق نقاشا ساخنا وضجيجا فكريا داخل تراب المغرب برمته (والأكيد أن الحدث سيبلغ أقصى نقطة في العالم بالنظر إلى القراءات المتعددة التي انطلقت داخل وسائل الإعلام الدولية)، تلوكه ألسنة كل النخب وكل المسؤولين وكل المجتمع المدني وكل الشعب باعتبار الجميع في سفينة واحدة وأي ثقب في أسفلها قد يغرق الجميع.
ودون الحديث عن أهمية موقع ومكانة المدينة التي بعثت بصورة مفاجئة الرسائل المعنية .
**قاضي التحقيق بفاس يستنطق 32 شخصا من بينهم 4 قاصرين

أحيل يوم الاثنين الماضي على قاضي التحقيق بمدينة فاس 32 شخصا من بينهم 4 قاصرين، أغلبهم ينحدرون من مناطق و أحياء مختلفة بصفرو ، وقد تمت متابعتهم من طرف النيابة العامة من أجل إضرام النار وتخريب و إتلاف ممتلكات الدولة و الرشق بالحجارة ووضع متاريس و التظاهر بدون ترخيص .
وقد دام التحقيق مع الموقوفين عدة ساعات ، وحسب مصادر مطلعة عاين قاضي التحقيق آثار التعذيب ـــــ الضرب ، والتعنيف ــــ التي كانت بادية عليهم خاصة التي تعرض لها 6 متهمين . وقد أحيل المتهمون على سجن عين قادوس، فيما أحيل القاصرون على مركز الإصلاح عبد العزيز بن إدريس بفاس.
وقد استعادت مدينة صفرو، صباح يوم الثلاثاء الماضي ، هدوءها النسبي بعد أن عرفت مواجهات دامية اندلعت يوم الأحد الماضي، وحسب مصادر أمنية أكدت "للمستقل" أن تعزيزات أمنية مكونة من القوات المساعدة وعناصر التدخل السريع " السيمي" استقدمت من فاس ومكناس وحتى من الرباط، بهدف التخفيف من التوتر ووقف أعمال العنف التي أدت إلى تسجيل خسائر مادية فادحة.
وذكرت المصادر أن حملات نفذت في عدد من أحياء المدينة بحثا عن متورطين في هذه الأحداث، مبرزة أن مصالح الأمن اعتقلت مجموعة من المشتبه بهم، دون تحديد عددهم أو كشف هويتهم.
أما عدد المصابين فاختلفت الروايات بين الرسمية التي حصرت عددهم في 68 أغلبهم من رجال الأمن،وتقديرات مصادر حقوقية التي أشارت إلى أن رقم الجرحى تجاوز 120، مجموعة كبيرة منهم لم تقصد المستشفى خوفا من اعتقالها، فيما فرت بعض العناصر خارج المدينة في اتجاه فاس.

وفي هذا الإطار صرح خالد أفتحي، رئيس فرع الجمعية المغربية بصفرو، أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ، تقوم بزيارات لعائلات المعتقلين للاطمئنان عليهم،وتحديد هوياتهم، خاصة أن الأمن قام باعتقالات جديدة بعد توقف المواجهات. وردا على تحميل الجمعية مسؤولية ما وقع ، وتنظيم وقفة احتجاجية لم تكن موضوع أي تصريح مسبق، ولا ترخيص قانوني من طرف السلطات المحلية المعنية، كما ينص على ذلك القانون، أوضح أفتحي، أن الجمعية لا تتحمل أي مسؤولية في ما حدث، وكل ما يمكن محاسبتها عليه هو ما جرى منذ الحادية عشرة صباحا من يوم الأحد إلى غاية الحادية عشرة وخمسة أربعين دقيقة موعد انتهاء الوقفة.
وأضاف نفس المصدر أنه بعد إلقاء الكلمة الختامية تمت مناشدة السكان بتفريق التظاهرة بطريقة سلمية غير أن المحتجين كانوا في أقصى درجات الغليان فقرروا التوجه إلى مقر العمالة دون تأطير..
واعتبر أفتحي أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، لا محليا ولا مركزيا في علاقتها مع الوقفات لاتقدم تصريحا لدى السلطات المختصة، مبرزة أن هذه العملية قانونية ويضمنها ظهير 1958 الذي لا ينص على وجوب تقديم تصريح في هذا النوع من الاحتجاجات، وبالتالي تبقى قانونية مادام الأصل في الأشياء هو الإباحة..






أحداث صفروا، هي بمثابة ناقوس خطر ، تم دقه بقوة و بعنف **
وفي تصريح للأستاذ محمد طارق السباعي رئيس الهيأة الوطنية لحماية المال العام السلطة، ومحامي بهيئة الرباط، لأسبوعية "المستقل" ، أن هذه الزيادة الصاروخية في الأسعار التي عرفها المغرب مؤخرا ، هي نتيجة لانخراط الحكومة بمختلف مكوناتها السياسية في الانتخابات ، وتركت المسؤولية في مراقبة القوت اليومي للمواطنين ، انشغلت هذه الأحزاب بالعملية الانتخابية و البحث عن الأصوات للحفاظ على هذه المراكز ، وترك الأمر إلى تجار سوق السوداء والمضاربين الذين استهدفوا صميم جيوب المستضعفين المسحوقين والمتناقضة مصالحهم مع مصالح هؤلاء الوزراء والحكومة ، فأجهزوا على ما تبقى من الدريهمات التي يتقضاها هؤلاء على رأس كل شهر أو على رأس كل أسبوع..
وبمواكبة هذه الظروف موسم رمضان و الانتخابات ، والدخول المدرسي والجفاف ، ساعد هذه الفئة المضاربة التي لا ترحم الطبقات الشعبية المقهورة ، فحددت أسعارا على حسب مقاسها وانتهاز الفرصة وسط غياب الحكومة التام طيلة فترة تحضير الانتخابات ، وبعدها مما أدى إلى احتقان الشارع المغربي ، وكانت الوقفة التي دعت إليها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمدينة صفرو وقفة سلمية جوبهت من طرف القوات الأمن للاستفزاز والضرب و إطلاق النار المطاطي والقنابل المسيلة للدموع مما يؤكد على أن هذا الهجوم على الوقفة السلمية التي قامت بها طبقة شعبية تحتج على هذا الاستفزاز والقهر الذي باتوا يعرفونه خاصة بعدما أصبحوا يستفيقون كل صباح على الزيارة في الأثمنة الغذائية دون أن يكون هناك أي تدخل من الدولة التي تستمتع بلذة الزيادة ، هذا الأحداث التي وقعت في صفرو يمكن أن تنتقل إلى جميع ربوع المغرب . وبذلك نعتبر أن أحداث صفرو جاءت نتيجة إهمال الحكومة لمراقبة الأسعار وتراجعها عن دعم المواد الأساسية وانصراف أعضائها الذين نتمنى أن لا يعودوا إلى كراسي الوزارة ، لأنهم عبروا عن عدم استطاعتهم تحمل المسؤولية فهم لبسوا أهلا لها والدليل على ذلك تركوا الجمل على ما حمل وانطلقوا يتهافتون إلى الحصول على مقاعد جديدة داخل الحكومة. هذه الانتخابات لـ7 شتنبر أظهرت ضعف و هشاشة الطبقة السياسية التي تحكم البلاد ، والتي أكدت الانتخابات 2007 أن هؤلاء الذين يلهثون وراء الحصول على المقاعد في البرلمان والحكومة ليسوا أهلا لتحمل المسؤولية مرة أخرى . لذلك نتيجة الانتخابات 7 شتنبر تؤكد أن الشارع المغربي يرفض هذه الطبقة السياسية التي تسلطت عليه بالمال واستغلال النفوذ ، وتهييء لوائح انتخابية مغشوشة وهذا يؤكد على أن مستقبل هذه الحكومة التي تشكلت من طرف هؤلاء " المهملين " الذين لا يرحمون الشعب المغربي ولا يهتمون بنبضه وحسب تجولي في بعض الأسواق ويا للأسف أصبحنا نرى بعض الأشخاص يشترون " نصف خبزة ؟ " ناقصة في الوزن وزائدة في ثمنها ، و هذا يظهر أن القدرة الشرائية للمواطن،بحيث وصل السكين إلى الحد الأدن
وعن سؤال هل الحكومة المقبلة ستحل المشكل ؟ صرح الأستاذ طارق السباعي قائلا : " لا أعتقد أن الحكومة المقبلة ستحل مشكل الزيادة في الأسعار لأن المواد الأساسية لا يخصص لها أي دعم الآن خاصة الزيت والسكر والدقيق ، حقيقة سمعنا بلاغ وزارة الداخلية أنه سترجع الأسعار إلى ما كانت عليه، أقول أن الأسعار يجب أن تدرس حسب القرة الشرائية للمواطن". .
وعن أحداث صفرو، أضاف الأستاذ طارق السباعي قائلا : " أن هذه الأحداث هي بمثابة ناقوس خطر ، تم دقه بقوة و بعنف ، الشىء الذي سوف يجعل الحكومة تفكر ألف مرة قبل أن تخطط لبرنامجها الذي سوف تعرضه على البرلمان ، فعليها إن كانت تريد الاستقرار لهذا البلد أن تعمل من أجل حل لمشكل البطالة ومشكل الزيادة في الأسعار ، و أن تقوم بمجهودات جبارة في مراقبة الأسعار من المنبع و أن تكون للحكومة خطة معقلنة تجعل رواتب المواطنين تساير وتتلاءم مع الأسعار . فكلما زادت الأسعار يجب أن تزداد الأجور ، فإما أن تزيد في الأجور وتضغط على القطاع بصفة أساسية على تحسين الأوضاع الاجتماعية للشغيلات في كل المجالات، لأن المعادلة في الزيادة في الأسعار والزيادة في الأجور ينبغي أن تكون متناغمة ومتناسبة ، للقدرة الشرائية للمواطنين ، ، إذا لابد من توفير العيش الكريم للمواطن .

**عبد المجيد الراضي: الزيادات التي عرفتها الأسعار هي عبارة عن حرب طبقية ضروس ينهجها النظام المخزني اتجاه المواطنين
وفي تصريح للأستاذ عبد المجيد الراضي عضو بالنهج الديمقراطي، ونقابي، أكد خلال تصريحه لأسبوعية المستقل قائلا: " أحداث صفرو في نظري تعبير عن الوضع المقلق الذي وصلت إليه الأوضاع السياسية و الاجتماعية والاقتصادية للبلاد ، فخلال 7 شتنبر عبرت الجماهير عن رفضها ومقاطعتها لقواعد اللعبة التي هي غياب الديمقراطية حقيقية واليوم جاء التعبير، وبصوت صارخ عن الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية، فالتراجعات التي تعرفها الزيادات في الأسعار و التي هي عبارة عن حرب طبقية ضروس والتي ينهجها النظام المخزني اتجاه المواطنين ، وكان من الطبيعي أن تخرج الجماهير بتظاهرة احتجاجا عن الأوضاع التي تعيشها .
وفي هذا الإطار نعتبر أن التظاهر السلمي الذي قام به المواطنون هو حق مشروع ، ونحمل كامل المسؤولية للسلطات المحلية لكونها ساهمت بشكل كبير في إشعال نار الفتيل في المواجهات التي نتأسف لها ، و على العموم يبقى من حق المواطنين التعبير عن رفضها لهذا الوضع
و أضاف الأستاذ عبد المجيد الراضي على أن هذه الأحداث شبيهة إلى حد كبير بأحداث " كوميرة " التي وقعت خلال سنة 1981 ، فالأولى كانت في عهد إدريس البصري و الآن في عهد وزير داخلية آخر ، ولو أن العهدين مختلفين لكننا وللأسف نجد نفس التوجهات و نفس السياسات وبنفس الاختيارات . إذا لم يتغير في سياسات الحاكمين في هذه البلاد أي شيء وبالتالي الصراع سيستمر مع الاختلافات التي تكون شكلية سواء مع وزير الداخلية أو غيره..

**الأستاذ محمد أبو النصر: نعتبر السياسات اللاوطنية واللاديمقراطية هي سياسة التفقير الجماعي وهي السبب في اندلاع أحداث صفروا
رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالدار البيضاء، ومنسق التنسيقيات مناهضة الزيادة في الأسعار في تصريحه لأسبوعية المستقل ، صرح أن التنسيقية تندد هذه الزيادات المهولة في الخدمات الأساسية كالزيت والسكر والخضر ، فاتورات الماء والكهرباء والنقل ، ونعتبر أن هذه السياسات اللاشعبية واللاوطنية واللاديمقراطية و التي هي سياسة التفقير الجماعي للمواطنين وهي السبب في اندلاع هذه الأحداث. و غير ما مرة تتبعنا خطورة الوضع الاجتماعي التي يعيشها المغرب و غير ما مرة طلبنا من المسئولين أن يكون هناك حوار مباشر معهم على أرضية التراجع على هذه الزيادات ، لكن للأسف المسئولين لم يقدموا على أي شيء يجعل المواطن يحس أن هناك تفكير في التراجع .
و إذا كنا نسجل نقص في ثمن الخبز بإيجاب بعد الزيادة الأخيرة لكن للأسف هناك زيادت أخرى نطلب التراجع فيها ، ونحن في تنسيقية الدار البيضاء عازمين على تصعيد البرنامج النضالي الذي عرفته كل المدن المغربية. .











سكان صفروا يعيدون للواجهة إنتفاضة كوميرة إلى الواجهة

الأغلبية الصامتة تكلمت...



خروج المواطنين من صمتهم ، خلف موجة من الهيجان الشعبي ، كان سببه غلاء الأسعار ،
غلاء جعل المدن المغربية تعيش على صفيح ساخن لم يطفيء غضبه سوى الخروج للشارع
لكن ما حدث في صفروا فاق كل التوقعات، وأعاد للواجهة أحداث الثمانينات أو ما يعرف بأحداث" كوميرة".
**لقد تحولت مدينة صفروا المعروفة بهدوئها وسكونها إلى بركان من المعارك الضارية بين جموع المحتجين، وقوات الأمن يوم الأحد الماضي، وذلك بعد فشل الغاية السلمية التي توختها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من تنظيم مسيرة سلمية تناهض الزيادات الصاروخية في أسعار المواد الغدائية.
فالحدث لم "يفاجئ" العديد من المتتبعين والمحللين الإجتماعيين الذين يؤكدون أن تواتر الأزمات الإجتماعية والإرتفاعات المسترسلة للأسعار وتأزم المعيشة وانحصار الأجور واستفحال البطالة بشكل قياسي وتوالي سنين الجفاف الذي ساهم من تعميق أزمة العالم القروي وغيرها... كلها مؤشرات على غليان اجتماعي غير معهود أصبحت معالم تصريفه عادية في صور الجرائم والإقتتال بين فئات المجتمع لأسباب تافهة الشيئ الذي ينم عن احتقان مجتمعي بلغ دروته، وهو مؤشر واضح على جاهزية تكراره في العديد من المدن والقرى والبوادي والأحياء الهامشية لكون أسبابه ومسبباته لازالت قائمة..


مسيرة سلمية تتحول إلى انتفاضة شغبية
انطلقت الوقفة الاحتجاجية المنظمة من طرف فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمدينة صفروا.صباح يوم الأحد الماضي ، حيث وفد على ساحة باب المربع بالمدينة ، العشرات من السكان والأهالي القاطنين بمدينة حب الملوك، وذلك قصد المشاركة في مسيرة سلمية غايتها التوصل إلى حل لمعضلة ارتفاع الأسعار التي أنهكت جيوب المواطنين .
وقد بلغ عدد المشاركين في المسيرة ما يزيد عن 2500 شخص وأغلبهم من النساء، وقد دامت الوقفة حوالي 45 دقيقة ورددت خلال الوقفة شعارات مناهضة لإرتفاع الأسعار، من قبيل "عش عش يا مسكين، الخبزة دارت خمسين" ، داعية لإيجاد حل لهذه الأزمة التي حلت بالمغاربة والتي لم تكن في الحسبان، أزمة واكبها شهر رمضان والدخول المدرسي فلم يعد بمستطاع الطبقات الكادحة في المجتمع تملك أعصابها، فكان غليان هذه التظاهرة أمر طبيعي وخير معبر على السخط على الوضعية، ولكن ليس مبررا على ظاهرة الشغب التي عرفتها المدينة والتي قلبت كل الموازين.
وإلى حدود الواحدة زوالا كانت الأمور على ما يرام ، بالرغم من المناوشات الأمنية ، لكن سرعان ماصعد الموقف خاصة بعد التدخل العنيف لأحد رجال الأمن في حق أحد المتظاهرين، في نفس الآن كان عدد الزاحفين للمشاركة في المسيرة يزداد شيئا فشيئا رغم اعتراض قوات الأمن سبيل الوافدين من منطقة البهاليل التي تقع على بعد خمسة كيلومترات من مدينة صفروا، لكن المتظاهرين تمكنوا من الوصول إلى ساحة باب المقام عبر المسالك الجبلية ، وقد احتج المتظاهرون أمام مقر العمالة مطالبين بحضور عامل المدينة لتبليغه احتجاجهم على الزيادة في الأسعار، لكن لسوء الحظ لا قلب لمن تنادي ، فقد رفض المسؤول الأول عن الإقليم الإستجابة لطلب المتظاهرين .
وفي هذه الأثناء كان عدد من أعضاء فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان قد وصلوا أمام الولاية لمعاينة الوضع نظرا لأن ذلك يدخل ضمن طبيعة مهامهم الحقوقية. إلأ أن قوات القمع اعتقلت عضوين من الجمعية وهما عز الدين المنجلي وبدر عرفات، الشئ الذي أدى إلى هيجان وسط المحتجين وسرعان ما تطور الوضع إلى التراشق بالحجارة واندلاع انتفاضة جماهيرية شملت مختلف أحياء المدينة القديمة .
وفي إتصال هاتفي بالسيد مصطفى الرحيني من ساكنة مدينة صفروا صرح لأسبوعية المستقل قائلا :" خرج عدد كبير من الشبان وتجمهروا أمام السجن المحلي محاولين اقتحامه بالعنف، مستعملين في ذلك قنينات الغاز التي تم تفجيرها أمام باب السجن، كما بدت عليه آثار الحريق والتخريب ".
ويضيف نفس المصدر، بأن المتجمهرين قد حاولوا اقتحام بيت مدير السجن، لكن أجهزة الأمن قد عمدت على منعهم بإستخدام آلة طر اكس، التي تعرضت فيما بعد للإحراق بإستخدام ثلاث قنينات غاز من الحجم الصغير .

من لغة الحوارإلى لغة الحجارة
إن منظمي مسيرة صفروا لم يكن في حسبانهم أن السحر سينقلب على الساحر، فالهدف كما يؤكد أعضاء الجمعية كان هو خروج المواطنين للتعبير عن سخطهم عن الوضع المتأزم الذي كان سببه الزيادات الغير متوقعة في أسعار المواد الإستهلاكية ، وبعد تأكد المتظاهرين أن الحل السلمي لن يجدي نفعا عمدوا إلى تبديل الأسلوب من الحوار إلى الحجارة.
فبدأت الحجارة تتقاطر على رجال الأمن ولا تفرق بين البشر والجماد، فكسر زجاج السيارات والمحلات التجارية التي لم تستجب لطلب الإغلاق ، كما تم إلحاق خسائر بمقرات بريد المغرب وإتصالات المغرب،ولم تسلم سيارة عون السلطة من نيران الغضب الشعبي، بحيث تم إحراقها ، وإضرام النار في المقاطعة الحضرية ، وإتلاف وثائق ومستندات ثانوية بئر انزران، نفس الأمر تعرضت له وكالة البنك المغربي للتجارة الخارجية،حيث قدرت حجم الخسائر بمليار سنتيم ، كما تم الهجوم أيضا على الكوميسارية الجديدة والمديرية الإقليمية للشرطة والمحكمة الابتدائية والخزينة العامة، ومؤسسة القرض الفلاحي .
هذا الهيجان الشعبي إستهدف أيضا وكالة ميديتيل وونا بحيث تم إتلاف مايزيد عن 50 هاتف .
كما اقتحم المحتجون منزل البرلماني (أزلماط)، بحيث إعتدوا عليه، قبل أن يتمكن من الفرار بصحبة بعض رفاقه.
وأمام هذا الإنفلات الأمني والغليان الشعبي الذي يذكرنا بأحداث 1981 بالدار البيضاء ، عمدت مصالح الأمن إلى تطويق أزقة ودروب مدينة حب الملوك ، التي تحولت من مدينة هادئة إلى بؤرة إشتعلت فيها النيران وإستعملت فيها الحجارة والهروات، فكان الرد عنيفا من قبل قوات الأمن التي فرقت جموع المحتجين بالقنابل المسيلة للدموع والأسلحة المطاطية .
ضربت عناصر من القوات المسلحة الملكية حصارا على الأحياء الملتهبة بمدينة صفرو ، كما رابضت عناصر أخرى أمام المصالح والمؤسسات التي شهدت انتفاضة السكان الغاضبين عليها يوم الأحداث الدامية
وشهد حي "حبونة" بالمدينة ذاتها ن وهو الحي الذي شهد أعنف المواجهات بين رجال الأمن والمحتجين حصارا ، إذا واصلت سيارات رجال الأمن وأفراد القوات المساعدة المرابضة في أهم زوايا الشارع تحسبا لأي طارئ ، خصوصا أمام استنكار السكان لعشوائية


الحصيلة ثقيلة في صفوف المتظاهرين

وإذا كانت نتيجة الغليان الشعبي هي تخريب المنشئات العمومية ، فإن الحصيلة على مستوى المتظاهرين وأفراد الأمن ، كانت ثقيلة ، فحسب تصريح مسؤول أمني لأسبوعية " المستقل" فإن خمسون فردا من رجال الأمن أصيبوا بجروح متفاوتة الخطورة ، ومن بينهم رئيس الدائرة الذي تعرض لكسر على مستوى الرجل ، كما أصيب عميد الأمن الإقليمي بصفر وبجروح بليغة على مستوى الوجه ، كما أصيب مسؤول جهوي في يده
هذا وأصيب حسب نفس المسؤول خمسة وثلاثون من المحتجين ، الذين خضعوا للعلاج بالمستشفى ، بينما فضل آخرون تلقي العلاج بمنازلهم خوفا من الإعتقال، كما أكد بأن الإعتقالات ما تزال متواصلة في صفوف المشتبه في تورطهم في الأحداث الدامية التي
عرفتها مدينة صفروا والتي حركت حالة الإستنفار الأمني .
فهذه الأحداث الدامية تسببت في إصابة 45 عنصر من الشرطة، ثلاثة منهم في وضعية خطيرة، إذ أصيبوا بكسور.
وفي السياق ذاته تم إعتقال أكثر من ثمانية وثلاثون شخصا من بينهم أربعة ينتمون إلى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تم عرضهم في نفس اليوم على أنظار الوكيل العام للملك بمحكمة الإستئناف بفاس .
في مساء يوم الأحد توجه أعضاء فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان نحو مكان الإعتقال، للعمل على إطلاق سراح المعتقلين، لكن السلطات قامت باعتقال عضوين آخرين من الجمعية هما كمال لمريني ومحمد لعموش، وقد أفرج عن هذا الأخير بينما تم الاحتفاظ بالباقي لتقديمهم إلى غرفة الجنايات صباح يوم الإثنين 24 شتنبر 2007 القديمة.

ومتوقع أن يتابع المعتقلون بتهم التخريب والإتلاف التي تصل عقوبتها إلى 20 سنة سجنا، بحسب القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية إذا تبث في حقهم فعل إضرام النار والتجمهر، وقد تم عرضهم بحسب مصادرنا صباح يوم الإثنين الماضي من طرف الغرفة الولائية للشرطة القضائية على غرفة الجنايات بمحكمة الإستئناف بفاس،




ما بعد الإنتفاضة

إستمرت المواجهات إلى غاية الساعة السادسة بعد الزوال ، إعتقل خلالها المزيد من المتجمهرين، وفور تطور تداعيات الأحداث ، أعطت المصالح الأمنيية المركزية أوامر مشددة بضرورة تضييق الخناق على الأحياء الشعبية من خلال تقوية نقط المراقبة الأمنية خوفا من إنتقال العدوى إلى باقي المدن المغربية .
وإستعادت المدينة صباح يوم الإثنين الماضي سكونها النسبي خاصة بعد حضر التجول الذي كان سببه الغليان الشعبي والإنتفاضة الشغبية التي عاشتها المدينة الهادئة، بحيث بدت العديد من الأماكن التي طالها التلف والتخريب كأنها خرجت للتو من حرب ضروس كانت مخلفاتها كارثية على ساكنة المدينة، التي بدت على وجوهها علامات الذعر والخوف خاصة بعد موجة الحملات التمشيطية التي إعتقل من خلال عدد مهم من المشتبه فيهم وأغلبهم شباب طائش ، ساهموا في تعميق الأزمة بدل حلها سلميا.
فعادت الحياة شبه طبيعية داخل أزقة وشوارع المدينة المنسية مع سيطرة هدوء خطير كالذي يسبق العاصفة، باستثناء المناقشة هنا وهناك بين الساكنة حول الأسماء المعتقلة ومقر سكناها وأبناء من، وحول سلوكها السابق ،ودورها في الأحداث الجارية..
وظلت العيون الجافة والوجوه شاحبة لساكنة المدينة التي تتابع بقوة تحقيقات وأسئلة الضيوف والغرباء(من صحافيين ومحققين سريين وعلنيين) .
هذه المدينة التي اعتادت الهدوء والسكينة والتآلف والتآخي (رغم الارتفاع المهول لمؤشر البؤس والفقر خلال السنين الأخيرة)
. يقول شاهد عيان ، بغض النظر عن الأخبار الواردة من مدينة فاس حول إطلاق سراح بعض الشبان المعتقلين على ضوء الأحداث الأخيرة والذين في أغلبهم مراهقون وسنهم لا يتعدى العشرين، فإن الحدث فريد من نوعه و يذكرنا بأحداث مماثلة وقعت بالبيضاء وبفاس بداية الثمانينات والتسعينات،غير أن ما وقع في مدينة صفروا يستدعي من الجميع وضع الحدث في سياقه العام بما يتطلبه من طرح للأسئلة العميقة والواقعية لأنه يبعث برسائل قوية تتطلب الشجاعة في التشخيص والجرأة في التحليل..
وهكذا عاد الهدوء الشكلي للمدينة لينطلق نقاشا ساخنا وضجيجا فكريا داخل تراب المغرب برمته (والأكيد أن الحدث سيبلغ أقصى نقطة في العالم بالنظر إلى القراءات المتعددة التي انطلقت داخل وسائل الإعلام الدولية)، تلوكه ألسنة كل النخب وكل المسؤولين وكل المجتمع المدني وكل الشعب باعتبار الجميع في سفينة واحدة وأي ثقب في أسفلها قد يغرق الجميع.
ودون الحديث عن أهمية موقع ومكانة المدينة التي بعثت بصورة مفاجئة الرسائل المعنية .
**قاضي التحقيق بفاس يستنطق 32 شخصا من بينهم 4 قاصرين

أحيل يوم الاثنين الماضي على قاضي التحقيق بمدينة فاس 32 شخصا من بينهم 4 قاصرين، أغلبهم ينحدرون من مناطق و أحياء مختلفة بصفرو ، وقد تمت متابعتهم من طرف النيابة العامة من أجل إضرام النار وتخريب و إتلاف ممتلكات الدولة و الرشق بالحجارة ووضع متاريس و التظاهر بدون ترخيص .
وقد دام التحقيق مع الموقوفين عدة ساعات ، وحسب مصادر مطلعة عاين قاضي التحقيق آثار التعذيب ـــــ الضرب ، والتعنيف ــــ التي كانت بادية عليهم خاصة التي تعرض لها 6 متهمين . وقد أحيل المتهمون على سجن عين قادوس، فيما أحيل القاصرون على مركز الإصلاح عبد العزيز بن إدريس بفاس.
وقد استعادت مدينة صفرو، صباح يوم الثلاثاء الماضي ، هدوءها النسبي بعد أن عرفت مواجهات دامية اندلعت يوم الأحد الماضي، وحسب مصادر أمنية أكدت "للمستقل" أن تعزيزات أمنية مكونة من القوات المساعدة وعناصر التدخل السريع " السيمي" استقدمت من فاس ومكناس وحتى من الرباط، بهدف التخفيف من التوتر ووقف أعمال العنف التي أدت إلى تسجيل خسائر مادية فادحة.
وذكرت المصادر أن حملات نفذت في عدد من أحياء المدينة بحثا عن متورطين في هذه الأحداث، مبرزة أن مصالح الأمن اعتقلت مجموعة من المشتبه بهم، دون تحديد عددهم أو كشف هويتهم.
أما عدد المصابين فاختلفت الروايات بين الرسمية التي حصرت عددهم في 68 أغلبهم من رجال الأمن،وتقديرات مصادر حقوقية التي أشارت إلى أن رقم الجرحى تجاوز 120، مجموعة كبيرة منهم لم تقصد المستشفى خوفا من اعتقالها، فيما فرت بعض العناصر خارج المدينة في اتجاه فاس.

وفي هذا الإطار صرح خالد أفتحي، رئيس فرع الجمعية المغربية بصفرو، أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ، تقوم بزيارات لعائلات المعتقلين للاطمئنان عليهم،وتحديد هوياتهم، خاصة أن الأمن قام باعتقالات جديدة بعد توقف المواجهات. وردا على تحميل الجمعية مسؤولية ما وقع ، وتنظيم وقفة احتجاجية لم تكن موضوع أي تصريح مسبق، ولا ترخيص قانوني من طرف السلطات المحلية المعنية، كما ينص على ذلك القانون، أوضح أفتحي، أن الجمعية لا تتحمل أي مسؤولية في ما حدث، وكل ما يمكن محاسبتها عليه هو ما جرى منذ الحادية عشرة صباحا من يوم الأحد إلى غاية الحادية عشرة وخمسة أربعين دقيقة موعد انتهاء الوقفة.
وأضاف نفس المصدر أنه بعد إلقاء الكلمة الختامية تمت مناشدة السكان بتفريق التظاهرة بطريقة سلمية غير أن المحتجين كانوا في أقصى درجات الغليان فقرروا التوجه إلى مقر العمالة دون تأطير..
واعتبر أفتحي أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، لا محليا ولا مركزيا في علاقتها مع الوقفات لاتقدم تصريحا لدى السلطات المختصة، مبرزة أن هذه العملية قانونية ويضمنها ظهير 1958 الذي لا ينص على وجوب تقديم تصريح في هذا النوع من الاحتجاجات، وبالتالي تبقى قانونية مادام الأصل في الأشياء هو الإباحة..









أحداث صفروا، هي بمثابة ناقوس خطر ، تم دقه بقوة و بعنف **
وفي تصريح للأستاذ محمد طارق السباعي رئيس الهيأة الوطنية لحماية المال العام السلطة، ومحامي بهيئة الرباط، لأسبوعية "المستقل" ، أن هذه الزيادة الصاروخية في الأسعار التي عرفها المغرب مؤخرا ، هي نتيجة لانخراط الحكومة بمختلف مكوناتها السياسية في الانتخابات ، وتركت المسؤولية في مراقبة القوت اليومي للمواطنين ، انشغلت هذه الأحزاب بالعملية الانتخابية و البحث عن الأصوات للحفاظ على هذه المراكز ، وترك الأمر إلى تجار سوق السوداء والمضاربين الذين استهدفوا صميم جيوب المستضعفين المسحوقين والمتناقضة مصالحهم مع مصالح هؤلاء الوزراء والحكومة ، فأجهزوا على ما تبقى من الدريهمات التي يتقضاها هؤلاء على رأس كل شهر أو على رأس كل أسبوع..
وبمواكبة هذه الظروف موسم رمضان و الانتخابات ، والدخول المدرسي والجفاف ، ساعد هذه الفئة المضاربة التي لا ترحم الطبقات الشعبية المقهورة ، فحددت أسعارا على حسب مقاسها وانتهاز الفرصة وسط غياب الحكومة التام طيلة فترة تحضير الانتخابات ، وبعدها مما أدى إلى احتقان الشارع المغربي ، وكانت الوقفة التي دعت إليها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمدينة صفرو وقفة سلمية جوبهت من طرف القوات الأمن للاستفزاز والضرب و إطلاق النار المطاطي والقنابل المسيلة للدموع مما يؤكد على أن هذا الهجوم على الوقفة السلمية التي قامت بها طبقة شعبية تحتج على هذا الاستفزاز والقهر الذي باتوا يعرفونه خاصة بعدما أصبحوا يستفيقون كل صباح على الزيارة في الأثمنة الغذائية دون أن يكون هناك أي تدخل من الدولة التي تستمتع بلذة الزيادة ، هذا الأحداث التي وقعت في صفرو يمكن أن تنتقل إلى جميع ربوع المغرب . وبذلك نعتبر أن أحداث صفرو جاءت نتيجة إهمال الحكومة لمراقبة الأسعار وتراجعها عن دعم المواد الأساسية وانصراف أعضائها الذين نتمنى أن لا يعودوا إلى كراسي الوزارة ، لأنهم عبروا عن عدم استطاعتهم تحمل المسؤولية فهم لبسوا أهلا لها والدليل على ذلك تركوا الجمل على ما حمل وانطلقوا يتهافتون إلى الحصول على مقاعد جديدة داخل الحكومة. هذه الانتخابات لـ7 شتنبر أظهرت ضعف و هشاشة الطبقة السياسية التي تحكم البلاد ، والتي أكدت الانتخابات 2007 أن هؤلاء الذين يلهثون وراء الحصول على المقاعد في البرلمان والحكومة ليسوا أهلا لتحمل المسؤولية مرة أخرى . لذلك نتيجة الانتخابات 7 شتنبر تؤكد أن الشارع المغربي يرفض هذه الطبقة السياسية التي تسلطت عليه بالمال واستغلال النفوذ ، وتهييء لوائح انتخابية مغشوشة وهذا يؤكد على أن مستقبل هذه الحكومة التي تشكلت من طرف هؤلاء " المهملين " الذين لا يرحمون الشعب المغربي ولا يهتمون بنبضه وحسب تجولي في بعض الأسواق ويا للأسف أصبحنا نرى بعض الأشخاص يشترون " نصف خبزة ؟ " ناقصة في الوزن وزائدة في ثمنها ، و هذا يظهر أن القدرة الشرائية للمواطن،بحيث وصل السكين إلى الحد الأدن
وعن سؤال هل الحكومة المقبلة ستحل المشكل ؟ صرح الأستاذ طارق السباعي قائلا : " لا أعتقد أن الحكومة المقبلة ستحل مشكل الزيادة في الأسعار لأن المواد الأساسية لا يخصص لها أي دعم الآن خاصة الزيت والسكر والدقيق ، حقيقة سمعنا بلاغ وزارة الداخلية أنه سترجع الأسعار إلى ما كانت عليه، أقول أن الأسعار يجب أن تدرس حسب القرة الشرائية للمواطن". .
وعن أحداث صفرو، أضاف الأستاذ طارق السباعي قائلا : " أن هذه الأحداث هي بمثابة ناقوس خطر ، تم دقه بقوة و بعنف ، الشىء الذي سوف يجعل الحكومة تفكر ألف مرة قبل أن تخطط لبرنامجها الذي سوف تعرضه على البرلمان ، فعليها إن كانت تريد الاستقرار لهذا البلد أن تعمل من أجل حل لمشكل البطالة ومشكل الزيادة في الأسعار ، و أن تقوم بمجهودات جبارة في مراقبة الأسعار من المنبع و أن تكون للحكومة خطة معقلنة تجعل رواتب المواطنين تساير وتتلاءم مع الأسعار . فكلما زادت الأسعار يجب أن تزداد الأجور ، فإما أن تزيد في الأجور وتضغط على القطاع بصفة أساسية على تحسين الأوضاع الاجتماعية للشغيلات في كل المجالات، لأن المعادلة في الزيادة في الأسعار والزيادة في الأجور ينبغي أن تكون متناغمة ومتناسبة ، للقدرة الشرائية للمواطنين ، ، إذا لابد من توفير العيش الكريم للمواطن .

**عبد المجيد الراضي: الزيادات التي عرفتها الأسعار هي عبارة عن حرب طبقية ضروس ينهجها النظام المخزني اتجاه المواطنين
وفي تصريح للأستاذ عبد المجيد الراضي عضو بالنهج الديمقراطي، ونقابي، أكد خلال تصريحه لأسبوعية المستقل قائلا: " أحداث صفرو في نظري تعبير عن الوضع المقلق الذي وصلت إليه الأوضاع السياسية و الاجتماعية والاقتصادية للبلاد ، فخلال 7 شتنبر عبرت الجماهير عن رفضها ومقاطعتها لقواعد اللعبة التي هي غياب الديمقراطية حقيقية واليوم جاء التعبير، وبصوت صارخ عن الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية، فالتراجعات التي تعرفها الزيادات في الأسعار و التي هي عبارة عن حرب طبقية ضروس والتي ينهجها النظام المخزني اتجاه المواطنين ، وكان من الطبيعي أن تخرج الجماهير بتظاهرة احتجاجا عن الأوضاع التي تعيشها .
وفي هذا الإطار نعتبر أن التظاهر السلمي الذي قام به المواطنون هو حق مشروع ، ونحمل كامل المسؤولية للسلطات المحلية لكونها ساهمت بشكل كبير في إشعال نار الفتيل في المواجهات التي نتأسف لها ، و على العموم يبقى من حق المواطنين التعبير عن رفضها لهذا الوضع
و أضاف الأستاذ عبد المجيد الراضي على أن هذه الأحداث شبيهة إلى حد كبير بأحداث " كوميرة " التي وقعت خلال سنة 1981 ، فالأولى كانت في عهد إدريس البصري و الآن في عهد وزير داخلية آخر ، ولو أن العهدين مختلفين لكننا وللأسف نجد نفس التوجهات و نفس السياسات وبنفس الاختيارات . إذا لم يتغير في سياسات الحاكمين في هذه البلاد أي شيء وبالتالي الصراع سيستمر مع الاختلافات التي تكون شكلية سواء مع وزير الداخلية أو غيره..

**الأستاذ محمد أبو النصر: نعتبر السياسات اللاوطنية واللاديمقراطية هي سياسة التفقير الجماعي وهي السبب في اندلاع أحداث صفروا
رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالدار البيضاء، ومنسق التنسيقيات مناهضة الزيادة في الأسعار في تصريحه لأسبوعية المستقل ، صرح أن التنسيقية تندد هذه الزيادات المهولة في الخدمات الأساسية كالزيت والسكر والخضر ، فاتورات الماء والكهرباء والنقل ، ونعتبر أن هذه السياسات اللاشعبية واللاوطنية واللاديمقراطية و التي هي سياسة التفقير الجماعي للمواطنين وهي السبب في اندلاع هذه الأحداث. و غير ما مرة تتبعنا خطورة الوضع الاجتماعي التي يعيشها المغرب و غير ما مرة طلبنا من المسئولين أن يكون هناك حوار مباشر معهم على أرضية التراجع على هذه الزيادات ، لكن للأسف المسئولين لم يقدموا على أي شيء يجعل المواطن يحس أن هناك تفكير في التراجع .
و إذا كنا نسجل نقص في ثمن الخبز بإيجاب بعد الزيادة الأخيرة لكن للأسف هناك
زيادت أخرى نطلب التراجع فيها ، ونحن في تنسيقية الدار البيضاء عازمين على تصعيد البرنامج النضالي الذي عرفته كل المدن المغربية. .

الثلاثاء، 25 سبتمبر 2007



شهر رمضان بين العبادة والإنحراف
التوبة والعبادة في رمضان كيف يثبت الإخلاص و أين يبدأ النفاق؟


إذا كان المغاربة خلال شهر رمضان يحرصون على الإهتمام بالطقوس الدينية ، وبضخ دماء جديدة في العلاقات العائلية، وبمضاعفة أعمال البر والإحسان للفقراء، فإن هذه السلوكيات تنمحي بعد إنقضاء الشهر الفضيل ، الأمر الذي يجعلنا نطرح السؤال هل تغير السلوكيات هو يدخل فيما يصطلح عليه بالنفاق الديني ؟
وإذا كان جل الناس يستغلون الشهر في الطاعة والعبادة ، فإن هناك من لا يحترم قدسية هذا الشهر الفضيل ، ويقوم بأفعال لا علاقة لها برمضان، كالدعارة ، وإستهلاك المخدرات، وما خفي كان أعظم ....



**بقدوم شهر رمضان تتغير سلوكات ، وتتبدل عقليات ، بحيث أن الغالبية العظمى تستشعر عظمة هذا الشهر ، فتبادر إلى فعل الخيرات ، من إلتزام الطاعات، وصلة الأرحام، مستدركة التقصير الذي درجت عليه في أيامها العادية، فهذا الشهر الكريم يعتبر مدرسة تربوية عطرة، ولكن للأسف بعد إنقضاء أيامه نلمس نوعا من الخمول والكسل الديني، الذي يحتاج إلى مزيد من المراجعة، بحيث نرى بأن العبادة تحولت من عبادة إلى عادة، وإن كان كثير من الناس يرون بأن إقبال الكثيف على فعل الخيرات والحفاظ على الصلوات خلال شهر رمضان هو ظاهرة صحية جدا ، غير أن البعض الآخر يرى بأن لا فرق بين شهر رمضان والأشهر الأخرى ، إد تكثر المخاصمات والشجارات، كما أن تصرفات بعض الصائمين تتغير بعد الإفطار بحيث يصبح إقتراف المحظور شيء عادي خلال هذا الشهر .
كلها محاور سنلامسها من خلال هذا الملف
عبادين الحريرة
يتفق الجميع على أن سلوك الناس يتغير خلال شهر رمضان، بحيث تمتلئ المساجد بالمصلين، لا سيما صلاة التراويح وصلاة الجمعة ، إلى حد تكتظ فيه الشوارع القريبة من المساجد بصفوف المصلين، مما يشعر المرء بالإرتباط الوثيق بين هذا الشعب ودينه وبتمسكه بقيمه ومبادئه.
تقول إلهام، طالبة جامعية، بأن الناس يعتقدون بأن المغفرة والثواب تكون فقط في شهر رمضان، لهذا فإنهم يضاعفون أعمال البر والإحسان، ظنا منهم بأن شهر رمضان،هو الفرصة الوحيدة للتقرب من الله ونسوا بأن أشهر السنة تشتمل على فرص سانحة للطاعة ، هذا ما يفسر بأن الغالبية تتقاعس عن العبادة بعد رمضان .
من جانب آخر يطلق المغاربة تعبير" غسيل الذنوب لمدة شهر" على الذين لا يؤدون الصلاة إلا في شهر رمضان وعادة ما تستقطب المساجد مصلين جدد خلال هذا الشهر، وحتى الذين لا يصلون خلاله يحرصون على الذهاب إلى المساجد خاصة في ليلة القدر، وفي هذا الإطار تقول ليلى، موظفة، " إن سلوك المغاربة يتبدل للأحسن فقط في الأيام الأولى من رمضان، ولكن ماعدا ذلك تعود الأيام إلى عادتها، والدليل هو كثرة الشجار الذي يلاحظ في الشوارع والمحلات التجارية، ومع أصحاب الطاكسيات...، كما تضيف ، بأنه لا فرق عندي بين شهر رمضان والأشهر الأخرى ، فهناك أشخاص يصبحون أكثر تدينا ، لكن سرعان ما ينقطعون عن الصلاة ، ولكن إذا كان هذا نوع من النفاق ففي نظري" اللهم تنافق وتصلي أو لا تنافق وما تصليش ".
وإذا كان المغاربة يصفون من يصلي فقط في رمضان "بعبادي الحريرة"، فإن سعيد يرى بأن أداء الصلاة خلال شهر رمضان هو نوع من التكيف مع العادات والتقاليد وتجنبا للإحراج الذي قد يتعرض له الإنسان من محيطه الإجتماعي .
وفي هذا الإطار يقول أبو بكر حركات ، المختص في العلاج النفسي، فإنه يقول بأن إتيان بعض السلوكيات والطقوس في شهر رمضان هو مرتبط برغبة العديد من الناس في ما يمكن تسميته بإعادة العداد إلى النقطة الصفر أو ما يطلق عليه بغسل الذنوب، كما يضيف بأنه خلال شهر رمضان، الناس تعيد إكتشاف مخزونها الروحي، وتريد إستغلال هذه الفرصة للتكفيرعن ذنوبها ولكن بعد إنقضاء شهر رمضان تعود المياه إلى مجاريها


مغاربة يستبدلون الخمر بالمخدرات
من المؤكد بأن بلد مسلم كالمغرب له عادات وتقاليد يجب إحترامها ولا يسمح لأحد بالإعتداء عليها ، لهذا نجد بأن القانون المغربي يعاقب بعض السلوكات الشادة ، كالإفطار العلني في رمضان ، كما أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تصدر خلال منتصف شهر شعبان أمرا بعدم بيع الخمر إلا للأجانب ( المسيحيين) ، غير أننا نجد بعض المدمنين الذين لا يستطيعون الصبرعلى المحرمات حتى في هذا الشهر العظيم، يستبدلون الخمر بالمخدرات ، فمن الملاحظ بأنه حسب الإعتقالات التي تقوم بها الشرطة خلال هذا الشهر، أنها تنصب أساسا حول تجار المخدرات ومروجيها بالأحياء والشوارع .
وحسب مصدرأمني مطلع ، أكد للمستقل، بأنه خلال شهر رمضان تنتعش سوق المخدرات، بحيث يكثر بيع وإستهلاك الحشيش المغربي والعقاقير المخدرة ومخدر المعجون، هذا ويقول نفس المصدر الأمني، أن الأقراص المهلوسة يرتفغ ثمنها من 10 إلى 15 درهم وقد يصل في بعض الأحيان 20درهم ، ويضيف بأنه خلال هذا الشهر ينشط إستهلاك مخدر المعجون ، وهو مخدر يصنع من الدقيق وبعض المواد المخدرة، ويتبارى تجاره في طريقة تحضيره وإختيار أسمائه، فهناك القاتلة ، شكيليطة ، غريبة ، ويبلغ ثمن الواحدة 10دراهم .
أما في المقاهي فيكثر بعد الإفطار، إستهلاك الشيشة، بحيث تمتلئ المقاهي بالمحبي هذا النوع من التدخين . كما يؤكد نفس المصدر بأن البزناسة خلال هذا الشهر تنشط تجارتهم في الفترة الممتدة ما بين صلاتي العصر والمغرب .
إذا كان هناك من يستغل الفرص خلال الصيام لمزيد من المغفرة والثواب، بلزوم المساجد والإستباق إلى فعل الخيرات، فهناك من يقضي الليل، في أجواء السمر وااسهر .
رمضان والسهرات

إذا كان هذا الشهر هو شهر الطاعة وعبادة المولى بإمتياز، فهو كذلك شهر الحفلات والسهرات بإمتياز بحيث يتهافت الناس على القاعات الخاصة بالسهرات الرمضانية، وعلى الملاهي المعروفة، مثلا عين الدئاب .
ولم تعد الفنادق والملاهي مقتصرة فقط على منطقة عين الدئاب بل إنتقلت العدوى إلى مقاهي أخرى أصبحت تتهافت على الزبائن من خلال تنظيم حفلات موسيقية يتقاطر عليها الشباب، ويحقق أصحاب تلك المقاهي أرباحا خيالية .
فبعد صلاة التراويح، وبعد أن يكون الناس قد شاهدوا قليلا من البرامج التي تبتها القنوات المغربية والعربية ،تعود الحياة إلى المدينة، التي تتنفس الصعداء بعد أن تكون قد هدأت قليلا فترة الإفطار ، يقول سائق سيارة أجرى" الجامع هو فاش كنخدم مورا الفطور، حتى الثامنة مساءا ، هنا بعد ما كينش مشاكل أما عين الدياب ما كنقربش ليه، نخاف نتزايد مع شي واحد في الهضرة ونصدقوا دراري "
ورغم أن المطاعم والحانات والنوادي الليلية توقفت عن تقديم الخمور قبل حلول شهر رمضان بثلاثة أيام وفق ما تنص عليه القوانين المغربية، إلا أن الكثير منها لم تغلق أبوابها، بل أعلنت عن برامج سهراتها وأسماء "الفنانين" الذين سيحيونها.

غير أنه يغيب عن هذه السهرات الرمضانية فقط بيع الخمور وتظل باقي الأمور كالمعتاد في غير رمضان، وبنفس الأجواء السابقة. شابات وشبان من كل الأعمار، موسيقى صاخبة، ورقص، ويحل ودخان الشيشة محل المشروبات الروحية، وتنتعش أنواع المخدرات التي يجري تصنيعها محليا.

ويقول مسير إحدى المراقص إن بعض النوادي والمطاعم والحانات تفضل إغلاق أبوابها خلال شهر رمضان من أجل الصيانة والإصلاح، ويضيف " هناك من لا يريد تكلف خسائر الاغلاق فيحافظ على نفس الأجواء السابقة مع الامتناع عن بيع المشروبات الكحولية".

وانتقلت عدوى "السهرات الرمضانية" خلال السنوات الأخيرة إلى المقاهي، فأصبحت تتنافس هي على جلب الزبائن عبر تنظيم حفلات موسيقية يتطلب حضورها دفع رسم خاص من أجل دخولها.
إنخفاض إنتاجية العمل خلال شهر رمضان

من الملاحظ أنه خلال شهر رمضان المبارك تبدأ إنتاجية العمل تتراجع، وتعرف عدد من الإدارات والشركات تقلصا في مستوى المنتوجية، وهذا يعود أولا إلى تخفيض ساعات العمل ،كما أن عدد من الموظفين والعاملين تنتابهم حالة من الكسل ، وينخفض مستوى عطائهم ، فتتعطل المصالح ، ورغم عدم وجودإحصائيات دقيقة عن حجم معدلات الإنتاج في شهر رمضان، فإن أصحاب الشركات ، ومدراء المصالح الإدارية يؤكدون ، أن إنتاجية الموظفين تصل إلى أدنى معدلاتها في الشهر الكريم . وحسب عبد السلام بناني مهندس بإحدى المؤسسات الحكومية، أن تباطؤ الموظفين في أداء مهامهم في شهر رمضان ، هو حالة نفسية يصاب بها الصائمون ، ويعتقدون أن الصيام يؤدي إلى الإرهاق . ويضيف قائلا الغريب في الأمر أن ساعات العمل تظل كما هي ، في حين الإنتاج يتراجع بكثير ، وهذا يعود بطبيعة الحال إلى التعب والسهر .
أما الأستاذ مصطفى علام أستاذ جامعي ، فقد أكد خلال تصريحه لأسبوعية المستقل، أنه لا ثأتير لشهر رمضان على الإنتاج، بإعتباره شهر واحد ضمن 12 شهر، بالإضافة إلى ذلك هناك بعض الحرف موسمية تنشط بكثير خلال شهر رمضان، بالإضافة إلى يلاحظ خلال شهر رمضان زيادة في وثيرة الإستهلاك، وبالتالي يؤدي هذا الإرتفاع إلى الزيادة في الإنتاج
كما إعتبر بأنه فعلا شهر رمضان يؤثر على إنتاجية الموظفين، مثلا الصائم خلال الفترة الصباحية ينتج أكثر من المسائية، وبالتالي يتأثر بمواعيد العمل . كما أن عامل السهر خلال هذا الشهر كذلك تنعكس آثاره على المردودية في العمل.


صائمون والله أعلم
خلال النهار تكون الأعصاب غالبا متوثرة. " أسيدي حبسو الشارع وسيرو للولاية وقولو ليهم راني مفرعن هنايا ... والله ما يكون كيصور بحالي الجيعان لاخور" الكلام لسائق طاكسي كبير في إحدى المحطات المكتظة بالبيضاء . " آنعل الشيطان آصاحبي راك صايم " يقول شخص من الملتحقين بالجوقة ، فيما يكتفي آخر بالتعليق " صايمين بالجميل " .
خلاف بسيط حول مقعد تحول إلى حرب من الشتائم بين السائقين، حوالي ساعتين قبل اللإفطار ، نفس مشهد يتكرر في محطات الطاكسيات كما في الحافلات الشعبية ، فعدم تناول المواد المنبهة كالسجائر والقهوة ، يفرز ردود فعل فيزيولوجية وعصبية تؤثر على مستوى السلوك والتوازن العصبي ، يشرح أحمد الحمداوي ، أخصائي العلاج النفسي ، مؤكدا أن النظام الغدائي له علاقة بسلوك الأفراد .
وقد كانت هناك واقعة تناقلتها ساكنة حي الأمل بالدار البيضاء ، حيث أن شاب مدمن على المخدرات ،طلب من والدته إعداد وجبة الغداء في ثان أيام رمضان، لكن الأم رفضت ، ففقد أعصابه ، وتوجه إلى المطبخ وأخد سكينا غرسه في قلب أمه الحانون.
وكذلك ما حدث يوم الأحد الماضي، بمدينة الدار البيضاء وبضبط بحي الألفة ،حيث تعرض رجل شرطة لإعتداء من طرف خمسة أشخاص ينتمون لنفس العائلة ، وقد وقع الإعتداء عندما كان رجل الشرطة، رفقة زميل له، يعملان على توقيف راكب دراجة نارية في إطار الجهود المبدولة لمكافحة ظاهرة السرقة التي تكثر خلال الشهر الكريم، هذا وحسب ما تداولته الصحف فإن الشخص المذكور تمادى في سلوكه الرامي إلأى عمل الشرطة، فحاول أحد الشرطيين إقتياده لأقرب مركز للشرطة، فهجم أفراد عائلة الجاني على الشرطي ، وإستولوا على سلاحه ،بعد أن تعرض للضرب ، نقل على إثر ذلك إلى المستشفى ، لتلقي العلاجات الأولية.

هذا لايعني أن المرمضنين خلال هذا الشهر هم مستعدون إلى إقتراف جرائم القتل ، لكنهم مستعدون إلى الشجار ، وحسب ما لاحظته أمينة بناني الشرايبي ، أن الناس يتقبلون سلوكات المرمضن ، ليس لأنه غير قادر على السيطرة على أعصابه ، بل لأنه ملتزم بفريضة الصيام، وكأنهم يلتمسون له العذر .
ويقول أحد الأساتذة :
أن ما يحدث في المساجد خلال رمضان لا علاقة له بأي نوع من أنواع النفاق، بل هو راجع فقط «لنقصان المواكبة التربوية للمغاربة، هذه المواكبة تحصل في رمضان بالموازاة مع توقف نشاط عدد من الناس الذين يشتغلون بأدوات إلهائية كالخمارات مثلا. أما المواكبة التربوية فالمعني بها هم الدعاة الذين يتكاسلون في الغالب عن أداء واجبهم خارج رمضان». لا أحد يستنكر امتناع المسلمين عن أداء الصلاة، علما أنها عماد الدين وأنها تتقدم على الصيام من حيث ترتيب أولويات الإيمان، ألم يقل الرسول «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر»؟ و«أن بين الرجل وبين الشرك، والكفر، ترك الصلاة»؟… ولا أحد يذكر أن الزكاة، مثلا، علما أنها هي الأخرى فرض ديني، ما معاهش اللعب؟ في حين لا يتسامح أحد مع الّلي كياكل رمضان، «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به».
**
** عبد الباري الزمزمي: فالتعبد لله عز وجل هو سنة الإنسان المسلم في حياته كلها ، وليس في رمضان فقط،
تشرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على ما يسمى بالدروس الحسنية الرمضانية وهي عبارة عن سلسلة من الدروس ، تقام خلال أيام الشهر الكريم بحضور كوكبة من العلماء والدعاة، يلقون دروسا دينية، توضح عظمة هذا الشهر وتجيب على العديد من الأسئلة.
وفي هذا الصدد صرح عبد الباري الزمزمي ، عالم ديني ، بأن ظاهرة إقبال المسلمين على الطاعات والعبادات خلال شهر رمضان هي ظاهرة جيدة وصحية بحسب ثقافة الإنسان الشرعية، فمن فضائل هذا الشهر – يقول الأستاذ الزمزمي – أن الناس يحاولون الإكثار من فعل الخيرات، ولكن لسوء الحظ لا يأخدون بهذا المبدأ بعد رمضان ، فالتعبد لله عز وجل هو سنة الإنسان المسلم في حياته كلها ، وليس في رمضان فقط، كما أكد على أن دور الإعلام يجب ألا يقتصر على تقديم البرامج الدينية فقط في رمضان ، لأن هذا يعتبر إستغلالا لشهر رمضان، الذي يقبل فيه المسلمون على برامج الوعظ والإرشاد، من جهة أخرى إعتبر الأستاذ الزمزمي انه فعلا هناك من لا يصوم رمضان برضى كامل، وهناك من يصوم ولا يصلي، فهؤلاء منهم من يجعل الليل في رمضان هو الفترة المناسبة لتعويض ما فاته خلال النهار من شرب خمر، أو تناول المخدرات وأكثرهم شباب طائش .
. الدعارة في رمضان
تتخلل ليالي رمضان بالعاصمة الاقتصادية مجموعة من الظواهر من بينها أن لكل مقهى زبناؤها المدمنون، إما على احتساء القهوى و تتبع المبارات الرياضية التي تنقلها في الغالب الجزيرة الرياضية .
وهناك من يهرب من مشاكل البيت ليجد متنفسا آخرا في تبادل الحديث مع الأصدقاء ، أو الزبناء الذين اعتادوا التردد على هذه المقاهي. كما افتتحت خلال هذا الشهر مقاهي فاخرة مختصة في الشيشة والموسيقى الساخبة زبنائها من المراهقين والمراهقات الذين يتعاطون" الشيشة". والغريب في الأمر لا يقتصر تعاطي الشيشة على الذكور بل ما يلاحظ أن الإناث أصبحن ينافسن الذكورفي الإدمان، وتتراوح أعمارهن ما بين 15 و 20 سنة. يقول نادل بمقهى قرب بنك المغرب: " لبنات ولو كيخلعو تيقيلو هنا في هذ القهوة ، هذو راهم معندهومش والديهم ... الله يستر كيجوا هنا كيشيشو ، ويقلبو على شكون لديهم، أودي مكينش علاش تعول البلاد مشات مع الشيشة و الطاي باس ، وا لحم لبنات ولا غير امشتت ، العجب زادو في لحم البكري ورخصو لحم بناتهم ، الله يحد الباس من هذ الزمان..." .
الظاهرة الخطيرة خلال هذا الشهر تتمثل في تحول الأماكن ليلا كعين الدئاب، أنفا ، ألبير بروميي إلى وكر للعاهرات والشواذ جنسيا من من مختلف الأعمار، وفي جولة بها، تواجهك فتيات يقمن بالمشي ذهابا وإيابا على جوانب الساحة وأخريات جالسات على كراسي حديقة الساحة . وإذا صادفتك الظروف ومررت بجانبهن يعرضن أجسادهن للبيع بأثمنة بخسة تتراوح ما بين 20 إلى 50 درهما. وقد تختلف تلك الأثمنة حسب سن العارضة.
تقول السعدية ، سنها تجاوز الثلاثين سنة " أخويا هاذ الدريان مخلونا خدمة زادوا حتى الشواذ قو... علينا، عندي وليدات كيتسنوا الكسوة والماكلة والسوق. حتى واحد مبقا تيدها في حتى الكلب ولا يهرب ، بنات 13 و 15 عمرو علينا السوق ".
وفي هذا الإطار تشن مصالح الأمن حملات تمشيطية خلال ليالي رمضان ، بحيث ألقت دوريات الأمن القبض على عدد من الفتيات وبعض الشواذ جنسيا في حالة تلبس.
وفي تصرح للأستاذ مصطفى قصي محامي بهيأة المحامين بالدار البيضاء ، أكد أنه خلال شهر رمضان تكثر ظاهرة الفساد أي الدعارة ، حتى هذا الشهر المقدس لم يحترم فمجرمو البشر لم يكفهم انهم يتاجرون بالحرام والفجور احد عشر شهراً من السنة عبر أقامتهم مشاريع الدعارة في الأرض وترويج الانحدار الأخلاقي بين الناس من خلال عملهم الذي لا يتقنون في الدنيا غيره، وهو "القوادة" اليومية واستيراد المومسات وتصديرهن عبر غطاء النوادي الليلية، والحفلات الغنائية، والعروض السياحية، والخدمات الفندقية، والشقق اليومية.. بل أصبحت الدعارة الرمضانية، هي الأقوى لهم في كل عروضهم السنوية. ولا تتوقف سفالتهم عند احتقاره، ولكنهم يبدأون قبل ان يأتي رمضان بستة أشهر او أكثر لتمزيق كل فضيلة في هذا الشهر حيث تبدأ عروضهم الساقطة من بعد الافطار مباشرة فذاك مخنث يتشبه بالنساء وتلك مومس تتشبه بالرجال وهذا يقفز وهذه ترقص، وهكذا شأنهم في كل يوم من ايام الشهر الفضيلة يجتمع هذا الخليط العفن لعرض كل انواع الابتذال ونحر المراجل وقتل الرجولة وتمزيق العفاف وهتك الحجاب،فهذه تهز وسطها واخرى تكشف فخذها وذاك يعرض تخنثه ويتفاخر بانتكاس فطرته، وهكذا يفسدون الأسرة المسلمة ويمزقون كل فضيلة كانوا سيكتسبونها من خلال شهر الصيام والتقوى



**

الثلاثاء، 18 سبتمبر 2007


إنعاكاسات ظاهرة غلاء الأسعار على جيوب المغاربة

الزيادات الجديدة في أسعار المواد الغدائية الأساسية تثير حفيظة المستهلكين


خلفت موجة الغلاء التي اجتاحت الأسواق المغربية، ونقصد الزيادة التي عرفتها بعض أسعار المواد الغدائية، ونخص بالذكر الدقيق، الخبز، الزيت، الزبدة، والبقية تأتي... موجة من الإستياء عند عامة أصحاب الدخل المحدود الذين لم يتقبلوا بتاتا، ضرب قدرتهم الشرائية التي تصادف شهر رمضان الكريم.

شعور صعب يخالج السواد الأعظم من المواطنين المغاربة، في ظل الزيادات الخطيرة التي تعرفها أسعار المواد الغدائية، زيادات ارتفعت حدتها مع تزامن الدخول المدرسي لهذا العام مع حلول شهر رمضان الأبرك. مناسبتان لا ينكر أحد أنهما تعرفان إرتفاعا ملحوظا من حيث معدل الإستهلاك، الشيء الذي أثر سلبيا على نفسية المستهلك الذي أصبح يشعر بأن قدرته الشرائية في مهب الريح، مادام أنه ليس هناك قانون يحميه ويدافع عن حقوقه المشروعة والعادلة تجاه هذه الزيادات الملتهبة، والتي لا تتلاءم مع قدرته الشرائية، اللهم بعض الجمعيات والتنسيقيات، كتنسيقية مناهضة إرتفاع الأسعار وجمعية حماية المستهلك، غير أن دور هذه الجمعيات يبقى مقتصرا فقط على النضال محليا، عبر الإحتجاجات والشعارات والمسيرات الشعبية التي توعي المواطنين بمخاطر الغلاء، ولكن لا يكون له جدوى في التخفيض من حدة هذه الأسعار ولا للرفع من نسبة الأجور لتحقيق الموازنة التي يطمح إليها هؤلاء. فدور هذه الجمعيات لم يفعل بعد ولم تمنح لها القوة التي تجعلها قادرة على حماية المستهلك المغربي من الأضرار التي يتعرض لها جراء هذه الزيادات المتقلبة في أسعار المواد الغدائية.
إننا نجد اليوم أن الحكومة نقضت العهد بعد إستحقاف السابع شتنبر، بحيث أدى الارتفاع المفاجئ في ثمن الخبز بزيادة قدرها 10 سنتيمات ، وزيادة 50سنتيما في سعر الدقيق، الذي انتقل من 3,5 إلى 4دراهم في أقل من شهرين، إلى إثارة جملة من التساؤلات، من بينها ماذا تقصده الحكومة من هذا الإجراء؟ وهل هو تهرب من المسؤولية؟ فهي التي وعدت بوقف أي زيادة في ثمن المواد الإستهلاكية الأساسية، وفي طليعتها مادة الدقيق، نجدها الآن تترك الأمر بين شد وجدب، أطرافه المستهلك المغربي الذي لا حول له ولا قوة ، وأرباب المخابز والحلويات الذين سيدفعون ثمن الخسارة من جيوبهم ، هذا ما أكده صلاح جمالي عضو المكتب التنفيدي للنقابة الوطنية المتحدة لأرباب معامل الخبز والحلويات بالمغرب ، حيث قال في تصريح خص به أسبوعية "المستقل "، أن هذه الزيادة التي عرفتها أسعار الخبز والدقيق ، لا يقبلها العقل ولا المنطق ، فالقضية خطيرة للغاية ، بحيث أن زيادة 10 سنتيمات في سعر الخبز و50 سنتيم في ثمن الدقيق ، هو ليس في مصلحتنا كمخابز ، ذلك أن المخابز تتحمل الآن خسارة قدرها 5000 درهم إلى 1000 درهم في اليوم ، خسارة يمكن تحملها لشهر أو شهرين أما بعد ذلك فلا أحد يضمن العواقب ، كما أريد أن أشير بأن هذه الزيادات لم تشمل الخبز والدقيق فقط ، بل حتى المواد الأساسية الأخرى عرفت إرتفاعا في ثمنها ، كالزبدة ، التي إنتقل ثمنها من 32 درهم إلى 56 درهم ، وهي مادة أساسية في رمضان ، كذلك الزيت ، والسكر ، والحليب المجفف. وأكد جمالي أن الحكومة المغربية يجب عليها أن تتحمل مسؤولية ما حصل ، بحيث أن قانون المنافسة والأسعار الذي صادق عليه البرلمان ، يحث الحكومة على التدخل في هذه الأزمة ، هذه الحكومة الذي سبق ـ يضيف السيد جمالي ـ أنها صرحت بأنه لن تكون هناك أي زيادة في أسعار المواد الغدائية ، هي اليوم تأتي وتخلف بوعدها..

فعلا لقد مرت بلادنا بموجة جفاف كانت نتائجها عويصة على الإقتصاد المغربي ، الذي إرتفعت نسبة إستيراده من القمح خلال السنوات الأخيرة ، ونحن نعلم ماذا تعني هذه المادة بالنسبة للمغاربة ، وبما أن المغرب لا يعيش بعيدا عن المتغيرات العالمية ، فإنه من الطبيعي أن يتأثر بالارتفاع المفاجئ في أسعار القمح في السوق العالمية ، غير أن هذا ليس مبررا كافيا ، لهذه الزيادة في أسعار الخبز والدقيق..
وكما جرت العادة ومع بداية العد التنازلي لحلول شهر رمضان ، تشتعل مختلف أسواق المملكة ، بحيث يستعد المغاربة في هذه الأجواء إلى إستقبال هذا الشهر العظيم ، غير أن اللافت هذا العام ، هو أن هذا الإستعداد يواكبه الدخول المدرسي ، ونحن نتحدث عن إرتفاع الأسعار ، فالمواطن المغربي هذه الأيام يعيش بين نارين نار شراء الكتب والمستلزمات الدراسة لأبنائه ونار إقتناء حاجيات ومتطلبات الشهر الفضيل ، من ثمور ، وفواكه جافة ، التي يكثر عليها الإقبال ،لكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن ، فالطبقة الكادحة من المجتمع لا تقوى على مواجهة غلاء الأسعار ، فهي تعاني في صمت ولا تجد من يقدم لها المساعدة ولو بالخفض قليلا من أسعار السلع والمواد الغدائية.
وفي هذا الإطار يقول عبد السلام أديب ، المحلل الاقتصادي، أن الغلاء الذي يشهده المغرب حاليا والذي بدأ يتفاحش منذ أكثر من سنة ونصف خصوصا مع التعديلات الضريبية الواردة في القانون المالي لسنة 2006، والذي بلغ اليوم حوالي 5 % على أدنى تقدير، يفضح السياسات الاقتصادية والاجتماعية ، كما يشكل محور الأزمات التي تعيشها الطبقة العاملة وعموم الكادحين من تدهور القدرة الشرائية وتفاقم حدة البطالة، وتدهور الأوضاع الاجتماعيةـ وانتشار السرقة والدعارة والرشوة وكافة مظاهر الخداع والغش الضريبي ونهب المال العام...، كما تشكل من جهة أخرى نافذة على تفاقم المديونيتين الداخلية والخارجية، وعجز التوازنات الداخلية والخارجية بالإضافة إلى تفشي حالة الكساد...
إن الزيادات الصاروخية التي تحدث في أسعار المواد الغذائية تؤدي إلى تأثيرات ذات نتائج عكسية على كمية ونوعية المواد التي تستهلكها الأسر الفقيرة، خاصة وأن ما يزيد عن ثلثي قيمة الإنفاق العائلي لدى شرائح الدخل المنخفضة يذهب لشراء المواد الغذائية ، ومعلوم أن مستوى الاستهلاك الأسرى في بلادنا قد عرف انحدارا فضيعا خلال السنتين الأخيرتين نتيجة موجات الغلاء المتلاحقة الشيء الذي يؤثر سلبيا على مستوى الطلب الداخلي وبالتالي على مستوى الناتج الداخلي الإجمالي.

ويظهر أن أكثر المجموعات معاناة من الفقر نتيجة موجات الغلاء هم النساء والأطفال الذين يعيشون في ظروف صعبة تتمثل في سوء التغذية والتعرض للأمراض وقلة الفرص المتاحة أمامهم للتعلم واضطرارهم للعمل في سن مبكرة. فالأمية لا زالت تراوح مكانها بحيث تشمل ما يقارب من نصف المغاربة، وهو ما يشكل عائقا كبيرا أمام ارتقاء أوضاع المغاربة. كما تتضاءل نسبة التمدرس ومواصلته.

ويحدث الغلاء تأثيره على ساكنة بؤر الفقر في ضواحي المدن وخصوص المدن الداخلية وعلى سكان الدواوير والقرى المحيطة بها. كما أن للغلاء وقع شديد على سكان البوادي من الفلاحين الفقراء الذين لا يملكون أية بقع أرضية، أو من يملكون بقع زراعية صغيرة وأيضا على العمال الزراعيين.

فالغلاء يزيد من معاناة الوسط القروي الذي يأوي حوالي 75 % من الفلاحين الفقراء على المستوى الوطني والذي يعاني من تراكم كبير في التخلف مقارنة بالوسط الحضري نتيجة التهميش الذي لا زال يعاني منه، خصوصا على مستوى موارد الميزانية العامة.

أما في المدن فيؤثر الغلاء على القوة الشرائية لمداخيل عمال الصناعة والخدمات وشرائح واسعة من موظفي الإدارات العمومية ، كما يؤثر على بعض من يعملون لحساب أنفسهم في القطاعات الهامشية، وعلى الخصوص على العمال غير المهرة. كما يؤثر الغلاء على شرائح عريضة من الفقراء والأرامل والمسنين والمرضى والمعوقين ومن يعيشون على الإعانات والتحويلات ورواتب التقاعد والإعانات الاجتماعية المنخفضة.
لهذا يفترض أن تبادر الحكومة إلى إقرار زيادة في الأجور ، وفق ما يحافظ على التوازنات بحيث يرى العديد من المتتبعين ، بأن الإصرار على الإستمرار في ضرب القدرة الشرائية للأغلبية الساحقة من المواطنين ، سوف يشكل حافزا قويا للإحتقان الإجتماعي ، الذي قد يؤدي إلى خروج فئات واسعة من الشعب المغربي للتظاهر ، إحتجاجا على هذه الزيادات ، التي قوبلت بإستياء عامة المواطنين

الخميس، 6 سبتمبر 2007


لم تكن والدة فاطمة الزهراء، تعتقد يوما أن وفاة فلذة كبدها ستكون بهذه الطريقة البشعة ، التي يتألم لها القلب ويقشعر لها البدن ، فقد كانت الفاجعة مؤلمة بجميع المقاييس بحيث لم يصدق ذوو الضحية الخبر الذي إعتبر بمثابة الصدمة التي تلقاها أبوي فاطمة الزهراء وكل من كان يحب هذه الطفلة الوديعة المفعمة بالحيوية الطفولية التي إنكتب لها أن تغتصب بين يدي غول معوق لم يشفق على براءة الصغيرة ، ولم يرحم دموعها وحرقة أسرتها عليها ، فإرتكب جرمه البشع ولما سيطر الخوف عليه ضربها على رأسها وخنقها ، آملا أن تنمحي معالم جريمته ، التي إستنكرت لها ساكنة درب إسماعيل الشرادي ودرب السلام وهيئات المجتمع المدني ونخص بذكر جمعية ما تقيش ولدي التي حضرت لمراسيم الدفن .

كان منزل الضحية يعج بالمعزين بعد أن عادو من مقبرة الرحمة حيث وري الثرى على جثمان الفقيدة ، وأغلبهم نساء ، شاركوا الأم ألم الفراق ، ومر فقدان فاطمة الزهراء المعروفة بشقاوتها ومشاكستها ولعبها مع أطفال الحي ، إضافة إلى إجتهادها الذي أكدته أستاذتها في القسم الأول ، كما أن فاطمة الزهراء تعتبر دلوعة الأسرة المكلومة تحكي الأم بوغرياد نعيمة " لما عدت من عملي على الساعة الثامنة والنصف ، وجدت أفراد عائلتي يبحثون عن إبنتي ، بحثنا في كل مكان ، في الأزقة ودروب البيضاء ، في المستشفيات حتى المقابر ، ولكن دون جدوى ، دهبت إلى مقر الشرطة وحكيت لهم القصة كاملة ، وأن سبب الحادث هوالهاتف المحمول الذي دهبت إبنتي لجلبه من عند خالتها التي تقطن درب السلام ، غير أنها لم تعد ، تضيف نعيمة في صباح اليوم التالي إستكملنا البحث ، غير أن زوجي أصر على الإتصال برقم الهاتف الذي كان بحوزة فاطمة الزهراء ، وبعد تكرار المحاولات أجاب شخص ، إسمه سعيد وهو يشتغل حارس ، أخبرنا بأنه إشترى الهاتف من عند شخص أعرج وبأنه يعرف ملامحه جيدا ، لما واجه زوجي المجرم بالحقيقة أنكر كليا ، وأخبرنا بأنه إشترى الهاتف المحمول من عند شخص يدعى " زريقة" غير أن هذا الأخير أنكر كذلك التهمة المنسوبة إليه ، ليبقى الفاعل الأصلي بحسب الأدلة الموجودة هو الأعرج ، غير أن هذا الأخير متع بالسراح لمدة أربع أيام ، إلى أن جاءني خبر العثور على إبنتي مرمية في وكر البناية المقابلة لنا " حتى فات الفوت "
فكل المعزين الذين صادفناهم إستنكروا للحادث الأليم ، حيث إنتفضت خالة فاطمة الزهراء غاضبة " راه ماكانش بوحدوا ، ما يمكنش شخص معاق يقدر على فاطمة الزهراء ، أنا مربياها ، كان معاه شي حد اللي عاونوا ، أنا بغيتهم يقتلوه ، غير اللي بقا فينا هو ان البوليس ما تعاونش معانا ، حيث حنا فقراء ، كون غير تعدى عليها وخلاها لينا حية "
أما أسماء أخت الضحية ، فهي تتجرع مرارة فقدان أختها ، التي كانت محبوبة عند الجميع ، تقول أسماء " كانت عزيزة علي ، كنت نقول مع نفسي أنه سيأتي يوم وستصبح أختي كبيرة ، تخرج معايا ، نحكي ليها وتحكي لي ، ولكن ما كتابش ، دابا حتى شي حاجة ما تقدر تعوض لي أختي فاطمة "
وإذا كانت هذه الجريمة ، قد خلفت موجة من الرعب في صفوف سكان الدرب ، الذي تجاوره عمارة مشبوهة ، أصبحت وكرا للدعارة وإغتيال براءة الأطفال ، فإن السكان يطالبون بتشديد الأمن على مثل هذه الأكواخ و إستغلال شساعة المساحة في مشروع يدر الدخل على الساكنة بدل أن يبقى المكان مستغلا من قبل الشماكرية والمجرمين.
اما الأب المكلوم فلم يصدق الفاجعة " ملي قالوا لي باراكا في راسك ، ومنعوني نشوف إبنتي ، خرجت ساخط على الوضع وتنقول اللهم إن هذا لا منكر ، والكل يواسيني الله بغاها راه الداها ، أما آن فأنا أطالب بأن يعاقب هذا المجرم بأشد عقوبة وهي الإعدام وهذا الأخير هو أرحم له ، ولكن الله هو الذي سيأخد لي حقي ، غير أنا تنطالب جلالة الملك محمد السادس ، بأن يقف معنا ، وان تشدد المراقبة الأمنية في جميع دروب وأزقة البيضاء "
نفس الأمر عبر عنه خال الفقيدة ، " الخبر نزل علينا كالصاعقة لم نتقبل بتلتا ، بحيث أصبنا بصدمة ، لازالت آثارها سارية لحد الآن ، ولن تنمحي ما دام هذا المجرم لم ينل الجزاء الرادع ، لكي يكون عبرة لكل من خولت له نفسه أن ينتهك أعراض الناس .
من جهة أخرى تابعت الجمعيات المهتمة بشؤون القاصرين الحدث المفزع حيث قالت رئيسة جمعية ماتقيش ولدي في حديث ليومية الصباح " أن ما وقع دليل آخر على أن الأطفال مهددون في أي وقت ، وأن ما قام به الجاني ( الجار) يدق ناقوس الخطر ، إذ ينبغي على الجمعيات وهيئات المجتمع المدني الإنتباه إليه ، كما أوردت نجاة أنور ، رئيسة الجمعية أنه يجب المشاركة بكثافة في حملات التوعية والإسهام في الوقوف ضد هؤلاء الأشباح .
وفيما يخص المتهم فقد أحيل يوم الإثنين ، على الوكيل العام للملك بإستئنافية الدار البيضاء وقد دونت في صك إتهامه تهم ( الإختطاف ، الإغتصاب ، والإحتجاز)

إن إستحقاق السابع شتنبر يشكل منعطفا عسيرا لتحقيق التطلعات التي ينتظرها الشعب المغربي ، فاليوم تجرى الإنتخابات التشريعية لإختيار أعضاء مجلس النواب ، والكل يتمنى أن تكون هناك فعلا نزاهة وشفافية أساسها التنافس الإيجابي والشريف بين البرامج الحزبية ، فالأحزاب وهي تخوض غمار هذه التجربة الإنتخابية يجب أن تضع نصب عينيها أن المواطن المغربي قد مل من تكرار نفس السيناريوهات السابقة ، وأن لكسب ثقته يجب أن تلتزم بالقانون وبإحترام عقول الناخبين ، وبتحمل مسؤولية النهوض بقطاعات هذا البلد ، لتعزيز النهج الديمقراطي الذي إرتضاه المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس ، حيث شدد في خطاب العرش و ثورة الملك والشعب الأخيرين بالقول " إنه لا ديمقراطية حقة ، بدون أحزاب قوية ، أحزاب فاعلة متحملة لمسؤوليتها في جعل الإنتخابات تنافسا شريفا بين مشاريع مجتمعية ، وليس لخوض صراعات شخصية أو إستعمال الديماغوجية . فالتنافس التنموي هو المحك الفعلي للممارسة الديمقراطية السليمة "

لهذا فالفعاليات الحزبية والسياسية تأمل أن تحدث هذه الإنتخابات قطيعة مع إرث الماضي المعروف بالتلاعبات وبشراء الذمم ، الشيء الذي أثر على مصداقية العمل الإنتخابي وأفقد المواطن المغربي الثقة في الأحزاب وجعل البرلمان حكرا على من يوظفون المال لشراء الأصوات التي تمكنهم من الحصول على مقاعد مريحة داخل قبة البرلمان .
غير أن السؤال المطروح الآن ماذا ننتظر من هذه الإنتخابات ، في مجالات التشغيل ، التعليم ، إرتفاع الأسعار ... لا سيما وأن الحكومة الحالية إنجازاتها لم ترقى إلى طموحات المغاربة .

فقد إستعرض الوزيرالأول السيد إدريس جطو، خلال الشهر الماضي ، حصيلة 2006 في عدد من المجالات مبرزا أهم الأوراش التي ستتواصل خلال 2007 ، موضحا المؤشرات الإيجابية التي تبين مستوى التطور الذي حققه المغرب على مختلف الأصعدة ، بحيث صرح بأن نسبة النمو فاقت 7 بالمائة ، وحصر نسبة العجز في أقل من 2 بالمائة ، ونسبة التضخم في 1,8 بالمائة ، كما أضاف أن النمو ، إنعكس على مختلف القطاعات كالتعليم ، التشغيل ...
غير أن هذا التصريح قد لاقى معارضة شديدة من طرف هيئات المجتمع المدني ، وذلك راجع إلى أن التصريح الحكومي يشوبه تغييب للحديث عن قضايا محورية وبنيوية ، وليس فقط تقنية تبين فشلها في تدبير الشأن العام
لهذا نجد الحكومة الحالية ، تبذل قصار جهدها لتؤكد للشعب المغربي أنها ، حققت الرهانات التي إنتخبت من أجلها ، وبأنها عازمة كل العزم على مواصلة هذه الإنجازات إن بقيت متربعة على عرش الوزارات المهمة في الدولة
لهذا فمختلف رؤساء الأحزاب في هذه الإنتخابات يتغنون بشعارات التغيير والإصلاح
فمثلا محند العنصر ، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء ، قال بمناسبة إنتخابات السابع شتنبر ، أن الحركة الشعبية تدخل هذه الإنتخابات ، برؤية واضحة لمستقبل المغرب ، فبخصوص التشغيل ، قال أن التدابير التي ستتخدها الحركة الشعبية في هذا الميدان تتعلق أساسا بتحسين الطلب والعرض وكذا دعم وسائل الوساطة ، إضافة إلى تخفيض الضغط الضريبي على المقاولات من أجل حثها على الإستثمار والتشغيل
أما على مستوى التعليم ، فهذف الحزب هو النهوض بالتعليم من خلال تحسين الجودة وتعميم التعليم .
أما الحبيب الماكي ، فقد دافع في المؤتمر الصحفي الذي عقد مؤخرا بالدار البيضاء ، على إنجازات وزارته خلال السنوات الأخيرة ، وإعتبر أن الحزب يتوفر على سبع حقائب وزارية في ( التعليم ، التشغيل ، المالية ...) وان من أسباب نجاح الإصلاح هو إسترجاع الثقة بين الوزارة والشركاء الإجتماعيين والتربويين
هذا وقد أوضح التهامي الخياري ، الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية في حديثه لصحيفة الشرق الأوسط ، أن حزبه يهدف إلى إحداث مليوني و400 فرصة شغل خلال السنوات الخمس المفبلة ، موضحا أن هذا الرقم لا يدخل في إطار المزايدات السياسية.
هذه نماذج إستقيناها لنذكر القارئ ببعض الوعود التي تقدمها الأحزاب في ميادين حيوية ، كالتعليم ، التشغيل وبما أننا مقبلين على الدخول المدرسي ، الذي يواكب شهر رمضان الأعظم ، ونحن نعلم القدرة الشرائية لأغلب الأسر المغربية ، هي جد منخفضة، لهذا فمختلف هيئات المجتمع المدني تجمع على أن الإستحقاق الذي يجرى اليوم 7 شتنبر ، سيشكل محطة جديدة لتحقيق مختلف آمال الشعب المغربي ، ومن بينها الخفض من أسعار بعض السلع الإستهلاكية .
ونذكر بان في هذه الإنتخابات يتنافس 33 حزب على 25 مقعد في البرلمان المغربي مقابل 26 حزب فقط في الإنتخابات2002

عبد السلام أديب : يقول للمستقل ، الإنتخابات مضيعة للوقت والمال ، لأن المنتخبون لا يملكون السلطة لتنفيد برامجهم الإنتخابية

سؤال: ماهي وجهة نظرك في المنجازات التي حققتها الحكومة الحالية في مجال التشغيل والتعليم والرفع من ميزانية صندوق المقاصة:
جواب: الحكومة لا تحقق منجزات، لأنها لا تملك السلطة لذلك، ففاقد الشيء لا يعطيه، وتنطلق هذه الحقيقة من أن النظام السياسي المغربي يضع كل السلط بيد الملك، أما الحكومة والبرلمان وحتى السلطة القضائية فهي مجرد منفذة للبرنامج الذي يعتمدها الملك خلال انعقاد مجلس الوزراء، كما أن مشاريع القوانين والسياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تعمل الحكومة على اعدادها في الدواليب الوزارية قبل عرضها على مجلس الحكومة ومجلس الوزراء فنجدها تخضع لتوصيات وتعاليم المؤسسات المالية الدولية ولبنود اتفاقيات التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية لذلك يمكن القول أن هذه السياسات هي من جهة أولى مملاة من طرف الإمبريالية ومن جهة أخرى في خدمة الطبقة الحاكمة. تلك إذن هي حقيقة النظام السياسي والاقتصادي المغربي ولا يوجد من يستطيع نفي هذه الحقيقة. لذلك فالحكومة ليس بيدها أن تحقق أية منجزات سواء في مجال التشغيل أو التعليم، أما صندوق المقاصة الذي لا يقوم بالدور الذي من المفروض أن يقوم به ورغم ذلك فهناك نية مبيتة لإعدام هذا الصندوق خضوعا لتوصيات المؤسسات المالية الدولية وليس الرفع من ميزانيته، وهذا الاجراء بحد ذاته سيزيد من حدة ارتفاع الأسعار المتفاقمة أصلا.


سؤال: هل الانتخابات ستغير الخريطة الاقتصادية في المغرب من حيث معالجة أزمة البطالة وارتفاع الأسعار؟
جواب: في نظام سياسي واقتصادي مغلق مثل النظام المغربي تصبح الانتخابات مضيعة للوقت والمال، لأن المنتخبون لا يملكون السلطة لتنفيذ البرامج التي يتقدمون بها أمام ناخبيهم، وهم يعون جيدا هذه الحقيقة، كما يعلمون بأنهم يتنافسون فيما بينهم فيمن سيخدم أكثر السياسات الطبقية المملاة من طرف الامبريالية، وبطبيعة الحال سيخدمون بالأولوية مصالحهم الخاصة والتموقع الجيد داخل بنية المافيا المخزنية.

سؤال: رمضان على الأبواب وسيصادف الدخول المدرسي، الشيء الذي سيتعب ميزانية الأسر، في ظل ارتفاع الأسعار و الكتب وحتى الحاجيات الغذائية كيف يمكن للدولة أن تحقق انتعاشا اقتصاديا وفي نفس الوقت تكفل للأسر المحدودة الدخل، القدرة على مواكبة هذا التغيير؟
جواب: من الخطأ أن نعتقد بأن الدولة تقوم بوظيفة الدولة الراعية، فالسياسات الليبرالية المملاة من طرف الامبريالية تعتبر بأن على الدولة أن تلتزم الحياد اتجاه الحياة الاقتصادية والاجتماعية وأن هذا الدور الأخير هو من اختصاص الرأسماليين والشركات متعددة الاستيطان، وأن دور الدول هو دور أمني بامتياز حيث أنه كلما حدث اختلال في الموازين الاقتصادية والاجتماعية وبدأت تحدث ردات فعل اجتماعية عنيفة فحينذاك تتدخل أجهزة الدولة القمعية لإخراس المحتجين.
وأعود لسؤالك وهو أن الأيام المقبلة ستعرف اشتعالا للأسعار في الأسواق المغربية والطبقة الحاكمة تعلم جيد أن المواطن المغربي سيقبل على الاستدانة وتحمل ارتفاع الأسعار لأنه لا يستطيع حرمان أبنائه من التعليم أو عدم الاستجابة لإلحاح الزوجة والأبناء من أجل الاستعداد لشهر رمضان، علما أن الجميع لا يستطيع الاستدانة وأن العطالة متفاحشة مما يعقد من الأزمة الاجتماعية فيتفشى التسول وجرائم السرقة بل وحتى ردود الفعل السياسية المتطرفة، من هنا تنتعش الآلة القمعية للدولة للحفاظ على أمن هش.

سؤال: هل الإصلاح الجامعي الحالي قد حقق الضمانات التي تحمي طلبتنا من السقوط في البطالة؟
جواب: إن التعليم بصفة عامة والتعليم الجامعي بصفة خاصة يخضعان للسياسات المملاة من طرف الامبريالية والتي تسعى إلى تكييف مصائر الشعوب مع شروط التراكم الرأسمالي سواء في الدول الأطراف أو لدي المتربول الرأسمالي. فهذه السياسات تسعى إلى إقصاء أبناء الشعب من التعليم العمومي عبر إفراغه من محتواه وتحابي التعليم الخاص الذي أصبح طبقيا. والدليل على ذلك هو أن الآلاف من العاطلين من حملة الشهادات الذين يحتجون يوميا أمام البرلمان هم من أبناء العمال والفلاحين والطبقات المسحوقة، ولن تجد من بينهم أبناء الطبقة الحاكمة، لأنهم يتوجهون للمدارس الخاصة أو يدرسون بالخارج وبعد ذلك يأتون لاحتلال نفس المقاعد التي احتلها آبائهم من قبلهم.
إذن فما يسمى بالإصلاح هو عبارة عن املاءات طبقية لا علاقة لها بحاجيات الشعب ومتطلباته.

سؤال: بصفتك مواطن مغربي ما هي إنتظاراتك من الانتخابات السابع شتنبر؟
جواب: لا أنتظر من انتخابات السابع من شتنبر شيئا، بل أتحسر على ما تنتجه من إهدار في الأموال سواء أثناء الحملة الانتخابية أو كأجور وتعويضات للبرلمانيين ما دام كل ذلك بدون جدوى سياسية أو اقتصادية وما دامت السلطات الحقيقية للحكم ليست بأيديهم، وما دامت أن أوضاع الطبقات المسحوقة ستزداد تدهورا نتيجة الإمعان في نفس السياسات الاقتصادية والاجتماعية المعتمدة منذ ع
قود.